أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب السعد - حروف سوداء فوق صفحات بيض: أدب سكان استراليا الأصليون















المزيد.....



حروف سوداء فوق صفحات بيض: أدب سكان استراليا الأصليون


محمد نجيب السعد

الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


يساهم أدب السكان الأصليين ، كما يقول آدم شوميكر في كتابه "كلمات سوداء فوق صفحات بيض" ، بشكل مركزي في الحفاظ على ثقة السكان الأصليين وشعورهم بتقدير الذات. تتحد ثلاثة عناصر رئيسية في الأدب الأسترالي الأسود* - القومية الثقافية والمواهب الأدبية وكبرياء للسكان الأصليين
يقع الكتاب في تسعة فصول مسبوقاة بمقدمة وتلتها خاتمة .يتناول المؤلف بالتفصيل كلاً من طبيعة وكمية المؤلفات التي أنتجها السكان الأصليين باللغة الأنجليزية منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى نهاية الثمانينيات من القرن نفسه ، الذكرى المئوية الثانية لتأسيس أستراليا 1988.في فصول الكتاب التسعة يتطرق الكتاب الى جملة من الموضوعات ، مثلاً الطريقة التي يمثل بها هذا الأدب العالم الاجتماعي من حوله ؛ الدور الذي يلعبه في التعبير عن ماضي السكان الأصليين وهويتهم المعاصرة ؛ والعلاقة بين هذه الكتابات وغيرها من أشكال الأدب الأسترالي. يثبت المؤلف أن مؤلفي السكان الأصليين أنتجوا أعمالاً أدبية تستحق الاهتمام الجاد والتحليل والاعتراف. يتضمن هذا وصف وتقييم الأدب الأسترالي الأسود ضمن السياقات الأدبية والاجتماعية السياسية. كما يؤكد الكتاب على وظيفة الرواية الأسترالية السوداء باعتبارها شكلاً ذا مغزى وحماسي للتواصل الثقافي . يصل المؤلف في ختام الكتاب الى نتيجة مفادها إن أدب السكان الأصليين يتعامل قبل كل شيء مع الهوية : مع مجموعة معقدة من المواقف والمعتقدات والأعراف التي تشكل ما يعرف بالسكان الأصليين
يغطي التعدين حوالي خمسة بالمائة من إجمالي مساحة قارة أستراليا ، ويعتمد عليه في قوت يومهم حوالي أربعة عشر مليون شخص. يقول لانغ هانوك " لا شيء مقدس وكل الأراضي مباحة للتعدين، سواء كانت أرضك،أرضي، أرض السود أو أرض أي كان. لذا فإن مسألة حقوق الأرض لسكان أستراليا الأصليين وأشياء من هذا النوع لا ينبغي أن تكون موجودة."
"لم أكن أعرف أن التافهين يمكنهم الكتابة!" هذا ما قاله مدير احد المصارف في كانبيرا
قد تبدو الفجوة بين شركات التعدين متعددة الجنسيات وشعر سكان أستراليا الأصليين شاسعة ، ولكن كلا النشاطين مهم للغاية بالنسبة إلى سكان أستراليا الأصليين اليوم. فالأول يجعلهم على اتصال مباشر بالتكنولوجيا الأوروبية والسياسة والتقاليد في المناطق النائية في شمال أستراليا. والثاني يجعلهم على اتصال مع المنجز الكتابي الذي يخلق الكبرياء و الثقة لدى آولئك السكان.علاوة على ذلك كثيراً ما يعالج سكان أستراليا الأصليون في أشعارهم القضايا الاجتماعية والسياسية - مثل التعدين. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك قصيدة جيري بوستوك الساخرة ، "عامل منجم أسترالي":
عامل منجم أسترالي شاب
جلس في صالة طعام شركته
يحتسي القهوة مع الكيك الأصفر ؛
بدا مسروراً جداً
لإنه أساء إستخدام أرض السكان الأصليين
من أجل المصلحة الوطنية.

سلط هذا الكتاب الضوء على حقيقة أن أدب السكان الأصليين جزء لا يتجزأ من حركة السكان الأصليين السياسية. مرارًا وتكرارًا ، يؤكد الكتاب من السكان الأصليين على هذا الجانب من أعمالهم . يقول بروس مكغينيس :
" أعتقد أن كل نضالاتنا تهدف إلى تحقيق هذا الهدف ، أستعادة الأرض في النهاية حتى نتمكن من أن نصبح مستقلين اقتصاديًا حقًا ، حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا الخاصة ، حتى نحقق تلك الأشياء التي نريد تحقيقها. يتحمل كتاب السكان الأصليين مسؤولية هنا ، وهي مسؤولية مهمة للغاية ، لنقل هذه الرسالة ليس فقط للبيض ، بل للسكان الأصليين أيضًا ، حتى نتمكن من تعزيز مفهوم مهم للغاية داخل مجتمعاتنا. هذا المفهوم هو أنه إذا كنا سنبقى على قيد الحياة ، فسيتعين علينا القيام بذلك كمجتمع ، وسيتعين علينا القيام بذلك كأمة وليس كأفراد."
متحدثًا بشكل عام ، يؤكد كولن جونسون على الدور الهام للكتاب من السكان الأصليين في مواصلة وتعزيز ثقافة السكان الأصليين:
" نحن نكتب بالفعل عن الحاضر بتفاصيل كثيرة ونجعل ذلك الحاضر جزء من التاريخ في اللحظة التي ننهي فيها ما نفعل ، لكن المستقبل لا يزال لغزاً. الكتٌاب مشاعل تضيء هذا اللغز. يمكنهم أن يوضحوا لنا المسار أو المسارات التي نسير فيها مثلما رسمت أغاني أجدادنا خرائط المياه. يجعلنا الكتٌاب ، من خلال كتاباتهم ، ندرك الماضي والحاضر والمستقبل."
ليس فقط المحتوى ولكن أيضاً حقيقة إن أدب السكان الأصليين هو جانب مهم لكبرياءهم .إن مؤلفين مثل نونوكال وجيلبرت وديفيس أصبحوا إنموذج نجاح لقبائلهم .يقول ميك ميلر:
" إنهم يأخذون مكانهم بين العظماء في هذا البلد وكلما تمر السنوات سيبرز هؤلاء ليراهم الجميع – يراهم السكان الأصليون - أن لدينا شخص ما هناك جيد مثل أي شخص آخر في البلاد. "
تفاؤل ميلر الإيجابي يجد له صدى عند جاك ديفيس :
" سيأتي يوماً يقول فيه الناس.أيها المسيح! انظر إلى ما يوجد في مكتبتي! أنت تعرف ، أعتقد ذلك حقًا. . . أنا أتحدث عن عقود من الزمان – عن عشر سنوات - كل ما أفكر به حول عشر سنوات. وأرى التغييرات في حياتي. وسأرى ذلك في السنوات العشر القادمة - وأعتقد أنني سأعيش لأرى ذلك - سيكون لدى الناس ، ليس نصف دزينة ؛ سيكون لديهم ثلاثون أو أربعون كتابًا على أرفف مكتباتهم كتبها كتاب من السكان الأصليين. وأعتقد أنهم سيغطون الحقل بأكمله."
يمكن القول أن غالبية مؤلفي السكان الأصليين مهتمون بنشر وتمجيد فضائل كتابات الأدب الأسترالي الأسود . لكن هؤلاء ، مثل ميك ميلر ، كانوا ناشطين سياسيين ، وليسوا كتاباً مبدعين ، وإن حماسه المتفائل يتطابق مع حماس المؤلفين أنفسهم. ومع ذلك ، إن بعض ممثلي السكان الأصليين ينظرون إلى العلاقة الوثيقة بين أدبهم والإهتمامات الإجتماعية والسياسية كمرحلة ضرورية ولكنها مؤقتة ، والتي سيتم تجاوزها في المستقبل. يؤكد تشارلز بيركنز المنفعة السياسية المعاصرة وتأثير أدب السكان الأصليين لكنه يضيف:
"في النهاية ، لا يجب أن نقضي وقتًا طويلاً في مشاكل سياسية واضحة ... لأنه في غضون ثلاث أو أربع سنوات ، لن تكون هذه المشاكل معنا. وما ينبغي أن نهدف إليه من خلال الفن والمسرح والكتابة هو خلق مجتمع من الناس يستطيعون تطوير فكرهم إلى أعلى مستوى ممكن ، حيث يمكنهم أن يقدّروا بعضهم البعض ، وبيئتهم ، والأشياء الأكثر أهمية من تلك التي نظنها نحن في الوقت الحاضر مهمة. أعني أنه يمكنك العثور على ... ارتياح كبير والحصول على تقدير جيد لما نقوم به في الوقت الحالي ، لكنه فقط الحلقة الأولى من السٌلم."
ما قاله بيركنز يتضمن الثقة في أن أدب السكان الأصليين سيستمر في التوسع في الحجم والشعبية ، وكذلك في مجموعة من الموضوعات والتركيز ، وسوف يجني المزيد من الاعتراف المحلي والدولي.
بدأ الناس يتعرفون بشكل جدي على أدب السكان الأصليين كما يظهر من مسوحات سوق الكتاب . على سبيل المثال ، نفذت جميع نسخ رواية "يوم الكلب" لأرتشي ويلر (2000 نسخة) في أقل من عشرة أشهر ، وجاء رابعاً في قائمة أفضل الكتب مبيعًا وبيع ما يزيد على ثلاثين الف نسخة من الرواية بحلول منتصف عام 1984 ، والأهم من ذلك أن الرواية تحظى بشعبية كبيرة بين السكان الأصليين ويعتبرونها إنموذجاً لإنجازاتهم .يقول بروس مكغينيس :
" إن رواية "يوم الكلب " The Day of the Dog هي وصف ممتاز للحياة الحضرية للسكان الأصليين وثقافتنا كما تم تطويرها داخل مدينة بيرث ، وهو يشبه إلى حد كبير ما يحدث في فيتزروي في فيكتوريا ، ومتحف موسغريف في كوينزلاند وريدفيرن في نيو ساوث ويلز ... وأعتقد أن المؤلف أرتشي ويلير Archie Weller أستطاع إطلاعنا على الأشكال الثقافية المتميزة للغاية الموجودة في المدن."
يتفق معه جاك ديفيس على ذلك ، وأشاد بالكتاب بشكل مباشر وبسيط: "بالنسبة لي كمواطن من السكان الأصليين ، تتمتع الرواية بقوة الواقع القاسي".
أن شعبية الرواية هي مؤشر على الوعي المتزايد بين الأستراليين البيض بقيمة كتابة السكان الأصليين . هناك الكثير غيرها. في عامي 1987 و 1988 ، حظيت رواية سالي مورغانز المعنونة " موطني" ورواية جلينيز وارد المعنونة "فتاة متجولة" بردود أفعال جيدة من النقاد الأستراليين والقراء على حد سواء. وعرضت دور نشر معروفة مثل Virago Press نشر هاتين الروايتين في أوروبا وأمريكا الشمالية. في الخارج ، انضم جاك ديفيس إلى الصفوة من كتاب المسرحية الأستراليين الذين حظوا بتقدير متميز عند عرض أعمالهم في لندن . في يونيو ويوليو 1988 ، حظيت مسرحية "بلا سكر" No Sugar بموسم ناجح للغاية في استوديوهات Riverside في العاصمة البريطانية.

في مجال التعليم ، بدأ أول مقررلأدب سكان أستراليا الأصليين على مستوى الجامعة في جامعة مردوخ في عام 1983 وكان كولين جونسون من أوجد المقرر ودرسه ، بعد أن كان يعمل كاتباً مقيماً في الجامعة في عام 1982. في عام 1984 ، تم تعيين آرتشي ويلر ككاتب مقيم في الجامعة الوطنية الأسترالية ، وتم التعاقد مع جاك ديفيس من قبل مؤسسة المسرح الليزابيثي الأسترالي لكتابة مسرحيتين جديدتين ، هما Honeyspot و No Sugar. و أنتشرت مراكز دراسات أدب السكان الأصليين في جميع أنحاء أستراليا . على سبيل المثال ، تقدم جامعة مردوخ وجامعة كوينزلاند الآن شهادة البكالوريوس في أدب السكان الأصليين . توفر هذه العملية فرصة لعرض أدب السكان الأصليين ، كما أنها توفر فرصًا للمحاضرين من السكان الأصليين في نفس المجالات. منذ عام 1984 ، وبسبب الجهد الذي قدمه المخرج السابق غاري فولي ، اتخذ مجلس فنون السكان الأصليين موقفًا قويًا بشكل خاص لتشجيع نشر وتوزيع كتابات السكان الأصليين. كل هذه الاتجاهات تشير إلى الوعي المتزايد والإيجابي بين المجتمع الأسترالي بمواهب كتاب السكان الأصليين وأهمية أعمالهم. هناك أيضا إدراك متزايد بأن الإحتجاج غالباً ما يكون عنصراً أساسياً - لا مفر منه - في تجربة الكاتب من السكان الأصليين.
وقد زاد هذا الإدراك خلال عام 1988 بسبب إحتجاجات سكان أستراليا الأصليين ضد الذكرى المئوية الثانية لقيام أستراليا. وكان أوضح مثال على ذلك هو مشاركة الكاتب كيفن جيلبرت ،التي حظيت بدعاية واسعة ، في مظاهرة للسكان الأصليين خلال الافتتاح الرسمي لمبنى البرلمان الجديد في كانبيرا. احتل جيلبرت عناوين الصحف في جميع أنحاء أستراليا عندما زعم أن البرلمان الجديد "لُعن" من فسيفساء السكان الأصليين التي وضعت في مقدمة المبنى. على الرغم من أن ادعاء جيلبرت كان مجرد خدعة ، إلا أنه عرض بالفعل مظالم السكان الأصليين وبشكل أكثر فاعلية مما لو كان قد شارك في احتجاج "تقليدي". في نفس الشهر ، صدرت مجموعة "داخل أستراليا السوداء" التي حررها جيلبرت .لقد كان التوقيت ذكياً جداً . لقد تزامن نشر أول مجموعة لشعر السكان الأصليين على المستوى الوطني مع أكثر نشاط أحتجاجي دعاية للسكان الأصليين في أستراليا. على الرغم من أن الأحتفال بمرور مئتي سنه على قيام أستراليا قد عارضه وبشدة معظم السكان الأصليين ،إلا أنه وفر الفرصة كي يسمع صوت آولئك السكان بقوة وخقق نوعاً من الأهتمام الأجتماعي بقضايا سكان أستراليا الأصليين.
في المختارات نفسها ، قام جيلبرت بتجميع وتحرير قصائد أكثر من أربعين شاعرًا أستراليًا من السكان الاصليين في مجموعة ستكون أداة لا تقدر بثمن لأي طالب متخصص في أدب الشعوب الأصلية. ما يثير الإعجاب بشكل خاص هو نطاق شعر السكان الأصليين الذي يقدمه جيلبرت. من قصيدة شعر حر بسيطة إلى هجاء ذكي ، من محاكاة ساخرة إلى رثاء حزين . هناك شعور حقيقي بالاكتشاف في تلك المجموعة . على سبيل المثال ، في محاكاة ساخرة للسير Joh Bjelke-Petersen ، يظهر W. Les Russell أنه يمكن تحويل مهارة التمثيل الصامت Mime لدى السكان الأصليين الى قصيدة باللغة الإنجليزية:

لكن هنا في كوينزلاند لا نسمح للحكومة الفيدرالية
هناك في كانبيرا ، أن تخبرنا ماذا نفعل
- ولماذا علينا فعل ذلك؟
إذا جاءوا إلى هنا سنمنحهم معاملة سيئة سريعة وتغييراً سريعاً .
نرسلهم يركضون إلى الجنوب مع ذيولهم
بين أرجلهم
وقبعاتهم خلف ظهورهم مثل تلاميذ المدرسة الصغار.
هذه هي الطريقة للقيام بذلك - عليك أن تريهم من هو الرئيس.
ولذا أقول للسيد كاين ألا يقلق بشأن هؤلاء
المحافظين ،
تجاوزهم فقط :
أخترق الكثير منهم كما لو أنهم لم يكونوا هناك.
جولي ، هذه هي الطريقة التي نقوم بها في كوينزلاند.

مورين واتسون تتعامل دائمًا مع القضايا المثيرة للجدل بشجاعة وصريحة. إنها تفعل ذلك في "مذكرة إلى ج. س." بمشاعر المرارة:
لكنهم لا يسموننا متدينين، أيها الصديق
بالرغم من إن لدينا نفس القيم الأساسية التي عشت بها أنت،
نتشارك و نهتم ببعضنا الآخر ،
والخبز والنبيذ الذي كنت توزعه ،
حسنًا ، ما زلنا نفعل ذلك يا أخي.
نعم ، نحن نتشارك بطعامنا وشرابنا والمأوى ،
حزننا وسعادتنا وآمالنا وخططنا
لكنهم لا يسموننا "أتباع يسوع" ،
يسموننا السود ، يا رجل.

لكن النداء الأكثر حماسة للفهم والتغيير في المجموعة يأتي من روبرت ووكر ، الذي توفي في العام 1984متأثراً بجراحه بعد تعرضه للضرب المبرح على يد شرطة سجن فريمنتل :
هل سمعت صرخات في منتصف الليل ،
أو تنهدات سجين قلق ،
تتصدى مرارا وتكرارا في الظلام -
تهددك بالجنون ؟
هل سبق لك أن أصبحت كرة بشرية
تصلي من أجل أن يأتيك النوم؟
هل سبق لك أن جافاك النوم ساعات طويلة
منتظراً الصباح للاحتفال بيوم آخر من الوحدة ؟

إذا كنت قد واجهت واحدة من تلك ،
أحن رأسك وأشِكر لله.
لأنه أمر غريب حقًا -
نظام إعادة التأهيل هذا .
تمثل بعض القصائد البسيطة الثقل الأكبر في المجموعة. يمكن اعتبار أحدى رباعيات Ernie Dingo رمزاً لمواهب سكان أستراليا الأصليين ولإحباطاتهم في جميع أنحاء البلاد:
منجزات السكان الأصليين
تشبه الجانب المظلم من القمر ،
أنها هناك
لكن القليل معروف عنها .
وبفضل جيلبرت أصبحت منجزات السكان الأصليين الشعرية موضع تقدير متزايد. في يوليو 1988 ، أصبحت مجموعة Inside Black Australia واحدة من أكثر الكتب مبيعًا في البلاد ، مما ولد تفاؤل بأن أصوات السكان الأصليين سوف تسمع بشكل أكثر وضوحًا في المستقبل.
ومع ذلك لا يبدو التفاؤل سيد الموقف دائماً . في السنوات الأخيرة ، ظهرت دلائل متزايدة على ردة الفعل الأسترالية البيضاء ضد الأقليات والتي قد أثرت بشكل خطير على حركة السكان الأصليين في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. أدت الزيادة في الهجرة الآسيوية ومنح الأراضي في أجزاء من البلاد إلى ردود أفعال شديدة من بعض مجموعات الأقليات الأسترالية . على سبيل المثال ، يسرد جيف ماكدونالد بعض تلك الأسباب في كتابه ، "Red Over Black: Behind the Aboriginal Land Rights :
"في الجدل المفتعل حول "حقوق الأرض للسكان الأصليين " ، يتم التغاضي عمومًا عن أنه بغض النظر عما حدث في الماضي ، فلن يكون هناك أي نقاش على الإطلاق لولا الشباب الأسترالي البيض الذين سقطوا على طريق كاكودا وأجزاء أخرى من جنوب شرق آسيا لوقف الهجوم الياباني خلال حرب المحيط الهادئ. النصر الياباني كان من شأنه القضاء على أي مشكلة من السكان الأصليين- من خلال عملية بسيطة لتصفية السكان الأصليين! "

لا يتجاهل ماكدونالد فقط مساهمة السكان الأصليين في المجهود الحربي ، ولكنه يجادل أيضًا بأن التضحية بالأرواح في الدفاع عن الأمة تمنح الأستراليين البيض الحق في ملكية البلاد. إذا وافقنا طروحات ماكدونالد ، فسيكون من حق السكان الأصليين الذين ماتوا دفاعًا عن وطنهم بين عامي 1788 و 1929 ، الحصول على أراضي أكثر بكثير مما ينص عليه قانون الأراضي.
يعتبر كتاب ماكدونالدز متحيزاً للغاية ويخلو من المنطق ، لولا إنه طبع ست مرات واستقبل بحماس من قبل شخصيات بارزة مثل رئيس وزراء كوينزلاند السابق ، السير جوه بيلكه-بيترسن ، فإنه لا يستحق المناقشة. ولكن الحقيقة المؤسفة هي أن وجهة النظر المتعصبة الوقحة التي يقدمها ماكدونالد لا تزال يتبناها العديد من الأستراليين. يتناول ماكدونالد سياسة التعددية الثقافية ومفهوم حقوق الأرض بنفس الأسلوب المتحيز:
"لو كانوا (الجنود العائدون من الحرب العالمية الأولى) موجودين اليوم ، كان آل جراسبي* قد تم إقالته منذ فترة طويلة ولن يكون هناك أي هراء حول التعددية الثقافية وتدمير أستراليا من خلال إقامة دولة منفصلة ، بزعم إنها لصالح السكان الأصليين. "
مثل هذه المواقف تهدد بالعودة إلى التعصب العنصري الذي ساد في الماضي . لسوء الحظ ، كما أشار زعيم المعارضة الفيدرالية جون هوارد في عام 1988 ، فإن النقاش حول السياسات القائمة على أساس العرق مثل الهجرة لا يزال على جدول أعمال السياسيين. يبدو أن العديد من الأستراليين ما زالوا يحملون سخطاً عميقاً تجاه حقوق الأقليات ، سواء كانوا صينيين أو فيتناميين أو من السكان الأصليين. المهم في هذا الصدد هو أن قضية حقوق الأراضي هي قضية عاطفية ومثيرة للجدل وهي مؤشر رئيسي على التسامح أو التعصب العنصري في الأمة. ليس هناك شك في أنه قد يتطور الى شكل من أشكال التشهير الهستيري . في عام 1984 ، هيو مورغان ، المدير التنفيذي لشركة Western Mining Corporation سخر من حقوق الراضي وحماية المواقع المقدسة :
" إنها خطوة رمزية للخلف إلى عالم الوثنية والخرافات والخوف والظلام ... على أي أساس يمكن للوزير أو البرلمان أن يقول من ناحية نحترم ونعترف ونقدم الدعم القانوني للمطالب الروحية لكم أيها السكان الأصليين فوق مساحة كبيرة من البلاد ، ولكن من ناحية أخرى لا يمكننا معاقبة قتلة الأطفال وأكلي لحوم البشر وطقوس البلوغ القاسية التي نعتبرها إما تقاليد أو مسألة التزام ديني ."
لا يمكن تجاهل مثل هذه التصريحات ، خاصة عندما تخرج من مسؤول تنفيذي لشركة تعدين واستكشاف أسترالية رئيسية وعندما يتم اعتمادها بشكل عام من قبل وزير الطاقة والموارد الفيدرالي آنذاك. هذه حجج فاضحة وعاطفية بقدر ما هي غير دقيقة وغير منطقية. وفقًا للسيناريو الذي رسمه مورجان ، لم يتمكن مواطنو سالم في ماساتشوستس من امتلاك منازل معنوية أو قانونية في بلدتهم في القرن العشرين لأنهم مارسوا طرد الأرواح الشريرة وحرق الساحرات قبل مائتي عام.
يبقى السؤال: "كيف ترتبط هذه القضايا بأدب السكان الأصليين؟" العلاقة مهمة جدًا: كتابات السكان الأصليين وعلاقات السكان الأصليين بالسكان البيض مترابطة بشكل وثيق لدرجة أن تشويه ثقافة السكان الأصليين يحط من إنتاج تلك الثقافة ، في حين أنه من المحتمل أيضًا أن يهدد الانسجام الاسترالي بين الثقافات. إن الكثير من أدب السكان الأصليين هو اجتماعي وسياسي . الكثير منه يدرس الصراع بين الشعوب الأصلية / الأوروبية ؛ يعتمد الكثير على مراقبة وتحليل الأحداث الفعلية. ليس كل كتاب السكان الأصليين نشطاء ومتحدثين ويتجنب البعض هذا الدور. لكن كتاباتهم هي ذات اجتماعي سياسي لا مفر منه ، لسببين رئيسيين. الأول هو أنها تعبر عن ثقافة بقيت موجودة على الرغم من ما يقرب من قرنين من القمع. لذلك فهي في كثير من الأحيان ذاتية . السبب الثاني هو أنها نتاج واع للتعبير عن والتحقق من العلاقات مع المجتمع الأسترالي الأبيض المهيمن . باختصار ، هي كتابة للسكان الأصليين عن أنفسهم وعن البيض وهي كتابات أجتماعية وسياسية .
أن بعضًا من هذه الكتابة شخصية للغاية ، بينما تصل أمثلة أخرى منها إلى إطار قومي شامل. على حد تعبير تشارلز بيركنز:
" أعتقد ، على سبيل المثال ، أن مسرحية The Cake Man لها طابع وطني. يمكن تطبيق بعض الأشياء التي قالها كيفن جيلبرت على الساحة الوطنية ... و ... مسرحية جاك ديفيس: أعتقد أن هذا له تعبير وطني أيضًا ... أعتقد أننا نصل إلى هناك."

هذا يقود الى نقطة مهمة. يعبر العديد من الناطقين باسم السكان الأصليين الآن عن مظالمهم ومطالبهم على أساس أن شعبهم هم أول مواطني البلد ؛ أن المجتمع الأصلي يمثل أول دولة أسترالية. قدم العديد من كتاب السكان الأصليين دعمهم الإبداعي لهذه الفكرة. على سبيل المثال ، نراها في مفهوم كيفن جيلبرت لوطنيي السكان الأصليين:

"الأمة من السكان الأصليين ، كأمة للروح ... أمة بلا أرض أو أمل ، أمة من الفقراء، وجدت ، من المحتمل ، من حوالي جيل بعد وصول الكابتن كوك. في بعض الأحيان تقابل أحدًا من وطنييها ، بغض النظر عن ولاءاتهم ، يمكنك أن تقول إنه يميل في عواطفه ومشاعره النهائية مع تلك الأمة من السكان الأصليين ... إن المرء لا يلتقي بالعديد من وطنيي السكان الأصليين لأنه أن تكون وطنياً يتطلب رؤية خاصة . وهذا يتطلب الشجاعة. "

وبالمثل ، فإن الكثير من شعر جيري بوستوك وليونيل فوغارتي ومورين واتسون مشبع بمعان ترتبط بأمة من السكان الأصليين. من الواضح أنه مفهوم موجود في رواياتي كولين جونسون ، سانداوارا ووريدي. إن حقيقة أن جونسون - بصفته من السكان الأصليين لغرب أستراليا - قد كتب بطريقة مذهلة عن تاريخ السكان الأصليين في تسمانيا ، هو في حد ذاته دليل على تطور شعور السكان الأصليين بالأمة. لقد عبر السياسيون من السكان الأصليين أيضًا عن تطلعاتهم باستخدام مصطلحات مستمدة من مناقشات الأمة / الدولة. على سبيل المثال ، قال نيفيل بونر:
" آمل أن أرى عرق السكان الأصليين راسخًا كأمة ، كأمة مستقلة ، بصوت قوي سيكون قوة الحكومة ، الذي سيقيم العدالة الاجتماعية والمساواة لنا جميعًا ، سواء أكان قبليًا أم شبه قبلي أم حضري ، من خلال برامج معقولة وجيدة التخطيط."

هذا حلمي في تسعينيات القرن الماضي ، أن أرى عرقنا يحتل مكانه الصحيح داخل المجتمع الأسترالي ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على ثراء ثقافتنا وعاداتنا العظيمة .
الاختيار المتعمد لهذه المصطلحات جدير بالملاحظة. أولاً ، إنها تحاكي الخطاب الغربي للدولة القومية ، الذي يعرف عادةً بأنه كيان جغرافي سياسي وعسكري. وبالتالي ، فليس من المستغرب أن استخدام "الأستراليين الأصليين لمصطلح "أمة" يثير مخاوف من التمرد في أذهان العديد من الأستراليين الذين ينظرون إلى هذا المفهوم باعتباره تهديدًا مباشرًا لأمن وبقاء البلد. . لأولئك الذين صاغوا شعارات مثل "أمة واحدة ، مستقبل واحد" لاستخدامها في الدعاية ليوم أستراليا و"احتفال أمة" في الذكرى المئوية الثانية ، ومطالبات الناطقين الرسميين والكتاب من السكان الأصليين بالمواطنة في أمة سابقة أو منفصلة تعتبر بدعة. فلا عجب إذن أن يكون ماكدونالد قد انتهز فكرة "أمة منفصلة" من أجل إثارة السخط في القارئ الأسترالي الأبيض وبقيامه بذلك ، وتشويه سمعة حركة حقوق الأرض. والنقطة الثانية ذات الصلة هي أن المصطلح قد تم تناوله في أعقاب المطالبات بحقوق السكان الأصليين في القطاعات الأخرى من العالم. أكد هنود أمريكا الشمالية أنهم أعضاء في "الأمم الأولى" بشكل مستمر وفعال على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. في الولايات المتحدة ، الإشارة إلى وجود ، على سبيل المثال ،أمة شيروكي كانت متداولة لسنوات عديدة ؛ لذلك لا يثير المصطلح رد فعل صاخب وسخطي بين الأمريكيين البيض عندما يستخدم لدعم مطالبات الأراضي المحلية.
هذا يقدم نقطة رئيسية ثالثة. هو أن رد الفعل السلبي من الأستراليين البيض لأصوات السكان الأصليين المطالبة بالأمة لا مبرر لها ومفرطة. أن أمة السكان الأصليين هي أمة رمزية ولكن من غير المرجح أن تعني على الإطلاق الناحية الجغرافية السياسية التقليدية. من المهم أن ندرك ، مع ذلك ، أن هذا لا يقلل من أهمية المفهوم من حيث تعزيز التضامن للسكان الأصليين . تقديرا لهذه الحقيقة ، فإن عالم الرموز يحظى بأهتمام جاد من قبل علماء السياسة. كما لاحظ هيو كولينز:
" لا يمكن لأي حساب للأبعاد الداخلية للسكان الأصليين والسياسة الخارجية الأسترالية أن يلاحظ أن أهم ثلاثة رموز لسياسات السكان الأصليين تستعير مباشرة من رموز السياسة الدولية وسيادة الدولة: علم السكان الأصليين وسفارة السكان الأصليين ومعاهدة السكان الأصليين (أو ماكاراتا). "
ومن المفارقات أن ترويج السكان الأصليين لمفهوم القومية - الذي يتمتع بجاذبية موحدة محتملة للسكان الأصليين - سيضمن بالتأكيد أنهم سيكونون أبدًا مواطنين لدولة جغرافية سياسية منفصلة في القارة الأسترالية. إلى الحد الذي يتم فيه أخذ أي تهديد بالانفصال على محمل الجد من قبل الأستراليين البيض ، وستتكثف الدعاية ضد حقوق السكان الأصليين. حتى أولئك المتعاطفين مع قضية السكان الأصليين قد يتفاعلون بقوة ضد تفسيرهم لما تعنيه أمة الشعوب الأصلية. على سبيل المثال ، يلاحظ برنارد سميث:

" هل أستراليا دولتان: أغلبية بيضاء دخيلة وأقلية سوداء؟ قد يكون هذا ملخصًا عادلًا ، باختصار ، لماضينا. ولكن ستكون مأساوية أية محاولة لإقامة سياسة ثقافية عليها. لأننا إذا أخذنا فكرة الدولتين على محمل الجد ، فهذا يفترض انقسامًا في القانون وفي الإرض وفي التمثيل الدبلوماسي ، وأكثر من ذلك بكثير. يبدو لي مثل الفصل العنصري بالنسبة لي. "
يمكن القول أن سميث غير مدرك للتعريفات المحتملة الأخرى للأمة - والتي تشمل مفاهيم مثل السيادة المتزامنة والطارئة - والتي لا تعني مثل هذه الانقسامات التعسفية والبعيدة المدى. علاوة على ذلك ، من المنطقي ألا ينوي الناطقون بلسان السكان الأصليين أن يفسر خطاب الأمة بالطريقة السياسية والدبلوماسية التقليدية التي حددها سميث. أخيرًا ، فإن إشارته إلى الفصل العنصري مثيرة للقلق وغير دقيقة على حد سواء ، على حد تعبير روبي هاموند ، "الفصل العنصري يمارس من قبل الجماعات المهيمنة ؛ ليس من قبل الأقليات المضطهدة. "
ومن المفارقات ، قد يكسب السكان الأصليون المزيد من خلال التقليل من مطالبهم بالأمة عند تقديم مطالب عامة. من المحتمل أن يحققوا المزيد من النجاح من خلال تسليط الضوء على الالتزامات الأخلاقية والقانونية التي يمكن أن تحفز الأستراليين البيض على منح التعويض وحقوق الأرض. لكن هذا لا ينفي حقيقة أن إيمانهم بالوجود الرمزي لأمة منفصلة يمكن أن يكون له تأثير اجتماعي - ثقافي كبير على مواقف السكان الأصليين. على سبيل المثال ، يلاحظ كولينز كيف يمكن أن يكون غموض علم السكان الأصليين مصدر قوة:
" هل هي هوية مميزة داخل الأمة الأسترالية؟ أم أنها أمة أولية لشعوب أصلية؟ يعكس هذا الغموض توتراً داخل سياسات السكان الأصليين ، لكن فعالية الرمز مستمدة إلى حد كبير من قدرتها على تمثيل أي من المفاهيم وبالتالي على توحيد الاثنين معا. "
ينتمي أدب السكان الأصليين إلى حد كبير إلى عالم السياسة الرمزية. ومع ذلك ، فهو أكثر تعقيدًا بكثير من العلم أو الخيمة على مروج البرلمان. على الرغم من أن الرمزية واضحة وصريحة ، إلا أن كتابة السكان الأصليين عادةً ما تكون أكثر دقة وسرية. يمكن للمؤلفين من السكان الأصليين إقناع القارئ وتعليمه دون الحاجة لمسيرة أو مظاهرة ، على الرغم من أن أهداف كليهما قد تكون متطابقة. بهذا المعنى ، قد يكون لأدب السكان الأصليين ، على المدى الطويل ، دور أكثر أهمية في النهوض بقضية السكان الأصليين من عروض التظلمات ، والتي يمكن أن يساء فهمها من قبل الأسترالي الأبيض العادي على أنها تلميحات لما يسمى القوة السوداء .
لقد أكد الكتاب حقيقة أن أصوات السكان الاصليين المميزة والموهوبة قد بدأت تسمع في هذا البلد ، وسوف تستمر في تقديم مساهمة جديرة بالملاحظة إلى الأستراليين وإلى الأدب العالمي. يتفق المؤلفون من السكان الاصليين على أنه لا يمكن لأي كاتب أبيض أن يقدر تقديراً كاملاً ماذا يعني أن تكون "الأسترالي الأول" وأن عمل الأوروبيين في هذا المجال محدود ، وغالبًا ما يكون مشوهاً. يضع كولين جونسون الأمر بإيجاز عندما يقول "لا يمكن إلا لسكان الأصليين الكتابة عن السكان الأصليين". على نحو مشابه ، يشعر أودغيرو نونوكال بأن "السكان الأصليين فقط هم الذين يستطيعون فهم ما يحدث لأنفسهم في هذه اللحظة" ويضيف جيري بوستوك ، "الكتاب البيض لديهم أختصاصاتهم ". النقطة المهمة هي أن كتاب السكان الأصليين يشعرون بأنهم مؤهلون بشكل فريد لشرح تجربة عنصرية فريدة لزملائهم الأستراليين.
والنتيجة الطبيعية لوجهة النظر التي عبر عنها جونسون ونونوكال وبوستوك هي أنه لا يمكن لأي أوروبي أن يدعي أن لديه "خبرة" بمعرفة السكان الأصليين الأستراليين. على حد تعبير جيم إيفريت ، "الخبراء الحقيقيون موجودون هناك - نحن الخبراء الحقيقيون في معتقداتنا الثقافية". على الرغم من أن وجهة نظر إيفريت معقولة ، إلا أن غاري فولي يحمل مفهوم التفرد هذا بعيدًا جدًا عندما يقول بشكل قاطع للجماهير البيضاء: "لا أشعر أن أيًا منكم يمكنه الكتابة عن العنصرية أكثر مما أستطيع أنا الكتابة عن التمييز على أساس الجنس ". بينما يمكن للمرء أن يفهم ويتعاطف مع موقف إيفريت ، فإن موقف فولي هو في النهاية موقف لا يمكن الدفاع عنه. كما لاحظ جون سميل بالإشارة إلى تاريخ جنوب شرق آسيا ، عندما امتدت إلى الحد المنطقي ، فإن هذا الرأي يمنع جميع السكان غير الأصليين من التقدم بأنتقادات وملاحظات إيجابية حول أدب السكان الأصليين الأسترالي. وهذا بدوره يعني أن السكان الأصليين لا يمكنهم إصدار أحكام دقيقة ومبررة على الأدب الأسترالي الأبيض ، ناهيك عن المجتمع والسياسة. الأستراليون من السكان الأصليين لديهم رؤى خاصة في المجتمع الأسترالي وفهم فريد لكل من السكان الأصليين والثقافة الأسترالية البيضاء. لدى إيفريت كل الحق في انتقاد "الخبراء" البيض للسكان الأصليين. لكن القول بأن البيض لا يمكنهم الكتابة بأي طريقة صحيحة عن العنصرية وتجربة السكان الأصليين - كما يفعل فولي - تشوه الواقع ، ومن المفارقات أنها تقوض شرعية النقد الاجتماعي-السياسي الذي أدلى به السكان الأصليون الأستراليون.
ليس هناك شك في أن تجربة السكان الأصليين تملي ، إلى حد كبير ، شكل ومضمون إبداع السكان الأصليين. إن الطبيعة المبنية على أساس تجريبي لأدب السكان الأصليين هي التي تعطي الكتابة الكثير من قوتها وتأثيرها. وكما ذكر جونسون ونونوكال وبوستوك ، فإن هذه التجربة غريبة على الغالبية العظمى من الأستراليين. ومع ذلك ، فإن هذه الأنواع من التجارب ليست غريبة على مجموعات الأقليات الأصلية الأخرى. كما لاحظ ديفيد كالاهان: -
" إن ثقافة السكان الأصليين في أستراليا أشبه بثقافة الهنود الأمريكيين ، ورجال قبائل كالاهاري ، وأينو في اليابان ، والإسكيمو ، والعديد من ثقافات الصيادين الجامعين الأخرى ... لقد كانت هذه الثقافات موضوع سوء فهم هائل من قبل هؤلاء الذين تطوقهم الحضارة ، من قبل المستفيدين (وضحايا) مجتمعات التكنولوجيا المتقدمة . "

ولهذا السبب ، وفر ربط العالم الرابع ( عالم المحرومين و المهمشين ) بالسكان الأصليين الأستراليين اختصاصات مهمة قاموا بتنظيمها لدعم حملتهم للحصول على تعويض والاعتراف بالحق في الأرض. تعمل منظمات مثل المجلس العالمي للشعوب الأصلية على تعزيز وتطوير علاقات العالم الرابع بالإضافة إلى إمكانيات الإلهام والدعم المتبادلين. من خلال استكشاف البعد العالمي الرابع لتجربتهم ، يُظهر كتاب السكان الأصليين الأستراليين وعيًا بما يوحدهم مع الأقليات الأصلية المضطهدة الأخرى. هذا الوعي يشجع ، بدلاً من أن يعيق ، الشعور المتنامي بـ "الأمة الأولى" التي يقدمها أدب السكان الأصليين.
يتناول أدب السكان الأصليين ، قبل كل شيء ، الهوية - مع مجموعة المواقف والمعتقدات والأعراف التي تشكل مفهوم السكان الأصليين. ذلك يشمل الطريقة التي ينظر بها السكان الأصليون لأنفسهم وللأستراليين الآخرين بضمنها الانشغال بالتاريخ ونزع الملكية ، والتركيز على الجنس والعنف ، والتحويل المحتمل للأدب إلى دعاية اجتماعية سياسية تسلط الضوء على الحملة من أجل الأرض وغيرها من الحقوق ، واستخدام الفكاهة كشريان الحياة المجازي في خضم الحزن والقمع. هذه هي بعض العناصر الأكثر إثارة للدهشة في التعريف الذاتي للشعوب الأصلية في الأدب ؛ سيتم عزل الآخرين في المستقبل. ما هو مهم هو أنه خلال عملية التقييم الذاتي هذه ، يسير السكان الأصليون في كثير من الأحيان فوق حبل مشدود ، في محاولة لتحقيق التوازن بين إدراكهم الذاتي وتصور المجتمع لهم. انها ليست مهمة سهلة. يتم وضع هويتهم باستمرار تحت الضغط من قبل الثقافة الأوروبية السائدة في أستراليا ، وخاصة في السياق الحضري. يصف بروس مكغينيس هذه المعضلة :

" من المهم أن يفهم الناس أن أنماط حياة السكان الأصليين لا تتغير بدرجة كبيرة عند نقلهم من وضع ريفي إلى وضع حضري. إنهم بحاجة إلى أن لا يرون كثيراً ، لأن السكان الأصليين يكونون مرئيين جدًا في المناطق الحضرية. شخص واحد من السكان الأصليين يسكر ويمشي في الشارع ليقال أن جميع السكان الأصليين في حالة سكر. بينما إذا كان شخصًا أبيض يسكر ويمشي في الطريق ، فهو مجرد رجل أبيض يمشي في الشارع ... لذا بينما على السكان الأصليين أن يكونوا مرئيين فيما يتعلق بالحفاظ على حقوقهم في الوجود كأمة من السكان الأصليين ، يجب عليهم أيضًا أن يظلوا غير مرئيين للهروب من الصور النمطية والوصم الذي يحدث عندما يقوم السكان الأصليون بأشياء يفعلها أشخاص آخرون.
يعكس أدب السكان الأصليين هذه الأنواع من المعضلات ، وبذلك يصور الاختلافات الأساسية بين الأستراليين البيض والسكان الأصليين. لأنه على الرغم من التعاون على العديد من الجبهات ، فهذه الاختلافات موجودة وتستمر. كما علق جاك ديفيس ، فإن سياسة الاستيعاب لم يكن من الممكن أن تنجح أبداً لأنه "ستكون هناك دائمًا خلافات. لا يهمني أين تكون تلك الأختلافات : سيكون هناك دائمًا اختلافات بين الأسود والأبيض. يستكشف أدب السكان الأصليين الجانب الإيجابي لهذه الحقيقة: مرونة وحيوية تجربة السكان الأصليين . ويفحص أيضًا أحد أكثر النتائج إثارة لاستقطاب وجهات النظر العالمية بالأبيض والأسود في أستراليا: تغريب الأفراد من السكان الأصليين الذي يمكن أن ينجم عن كونهم ، بعبارات مجازية ، يتعرضون لهجوم من موجة ثقافية بيضاء ضخمة. ربما لم يعرب أي مؤلف من السكان الأصليين عن هذا الشعور بوضوح أكثر من مورين واتسون. في مقابلة بينت واتسون بالتفصيل محنة كونها طفلة من السكان الأصليين في أستراليا ببلاغة لدرجة أنه سيكون من الظلم عدم اقتباس تعليقاتها برمته:
" الانعكاسات السوداء ليست في المرايا البيضاء ، كما تعلمون. نحن نعيش في أرضنا. نحن ، لدينا من حولنا أناس ليسوا من بيننا. لدينا على أرضنا - هناك أشخاص في جميع أنحاء أرضنا - ليسوا من أرضنا. قد يكون السكان الأصليون في بلد أجنبي ، كما تعلمون؟ من بنى تلك المباني؟ ليس من السكان الأصليين. الخطوط الكهربائية هناك؟ ليس من السكان الأصليين. هذا الشريط المسجل لديك - من تربطه به؟ ... القلم في يدك ، اللوحة التي تحملها؟ الملابس التي ترتديها ، والملابس التي أرتديها - الساعة الموجودة في يدي؟ أنت تعرف ، أشرطة في شعري؟ لم يصنع السكان الأصليون هذه الأشياء. في كل مكان حولنا انعكاسات للجنس الأجنبي. شعب أجنبي. وهم يجعلوننا أجانب في بلدنا.
والطفلة من السكان الأصليين في غرفة المدرسة ...هل يوجد أي شيء يرتبط بها ؟ الآن يجب أن يكون للطفلة الحق في أن تكبر وتشعر بالرضا عن نفسها وعن والديها والطريقة التي تعيش بها. وبالنسبة للسكان الأصليين ، هذا لا يحدث. أين يرون الأنعكاسات كي يستطيعوا رفع رؤوسهم؟ ... يعني ، أين هي انعكاسات الناس السود؟ أنت تحمل المرآة ويبدو أنك غير مرئي. ترى كل شيء آخر غير نفسك ... كيف ينمو في الطفل أي نوع من الثقة بالنفس ، أو الكبرياء ، أو الكرامة ، دون هذه الأشياء؟ وهنا في المدينة ، يجب أن ندرك ذلك. وعلينا وضع هذه الصور لأطفالنا. وهذا يحدث ببطء ، مثل القمصان التي تقول ، "أنا فخور بأن أكون من السكان الأصليين" ، أو "لم أحصل على سمرتي على شاطئ بونداي" ؛ "أمشي على أراضي السكان الأصليين" "أنا طفل من الكوري" ... لذلك تأتي هذه الصور. كما تعلمون ، نحن نحمل المرايا السوداء للانعكاسات السوداء.

+++++++++
*قراءة في كتاب كلمات سود فوق صفحات بيض لآدم شوميكير
*ربما سنعمد الى تقديم تفاصيل أكثر عن الكتاب في حلقات مقبلة
*المؤلف يستخدم مصصطلح الأدب الأسترالي الأسود للحديث عن أدب السكان الأصليين
*وزير الهجرة في حكومة العمال في أستراليا فس سبيعينيات القرن الماضي وبطل التعددية الثقافية في أستراليا



#محمد_نجيب_السعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-5
- قصص همنغواي القصيرة/2
- قصص همنغواي القصيرة /1
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-4
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-3
- وداعاً للسلاح وعناقيد الغضب : تقليلية همنغواي وتكثيرية شتاين ...
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-1
- هل الأكثر يعني أكثر أم الأقل يعني الأكثر : بين التقليلية و ا ...
- رسائل إليوت الى إميلي هيل تكشف عن لوعة حب كبيرة
- لماذا ما زلنا نقرأ إرنست همنغواي؟
- صور الحرب عند همنغواي
- همنغواي : أسلوب اللاأسلوب
- الشمس تشرق أيضا : قراءة في مسودات رواية همنغواي
- شعر الغاوتشو:رعاة البقر الأرجنتينيين
- شعر الأحراش : شعر رعاة البقر الأستراليون
- قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين 2
- و لرعاة البقر أدبهم : قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين 1


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب السعد - حروف سوداء فوق صفحات بيض: أدب سكان استراليا الأصليون