أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماري تيريز كرياكي - خالتي أم بشار














المزيد.....

خالتي أم بشار


ماري تيريز كرياكي

الحوار المتمدن-العدد: 1801 - 2007 / 1 / 20 - 12:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت خالتي أم بشار امرأة فارعة الطول ، ذات وجه طفولي الملامح ، تبرق فيه عيناها الجميلتان وكأن وجهها كله عيون ، بشرتها بيضاء مشربة بحمرة خفيفة وشعرها أسود . عندما رأيتها للمرة الأولى كانت هي من ناداني من على سطح منزلها قائلة : " يا بنت ، كيفك ، أنا خالتك أم بشار" .

خالتي أم بشار ، أم لسبعة أولاد ، بسيطة ، وساذجة ، تصدق كل ما يقال لها ، ويشاع في الحي أن الحجاب مكشوف عنها، ولها شخصية شفافة لا تعرف الحقد ولا الكره، وهي تحب كل الناس .

صباح كل يوم، كانت نساء الحارة تتجمع في بيت واحدة منهن بشكل دوري ليتناولن الافطار معا (الصبحية)، وكانت خالتي أم بشار زينتهن. بعد الافطار يبدأ العزف على الطبلة ويبدأ الغناء والرقص ، وهي على رأسهن، وتنتهي الجلسة دائماً بقراءة خالتي لفناجين القهوة.

ذات يوم، دعيت أمي لزيارة خالتي على الصبحية وأخذتنا معها أنا وأختي. وتوافدت النساء على التوالي ، مغمسات باللباس الأسود من رأسهن إلى أقدامهن، بالملايات، وكأنهن سقطن في دواة الحبر الأسود. وحين خلعن الملايات السوداء، ظهر تحتها أجمل نساء الأرض بفساتينهن الجميلة الملونة الزاهية التي تبعث على الفرح والبهجة، وتحتها سراويل بيضاء من القطن تصل إلى الركبة، تظهر بعد جلوسهن على الأرائك ، متربعات كاشفات أرجلهن على شكل رقم سبعة (7)، فبدون بالنسبة لي كمنظر الفراشات البيضاء التي تجمعت على ورود الحديقة.

بعد الفطور، قامت خالتي أم بشار بقراءة فناجين القهوة وهي عادة حرصت عليها نساء الحارة ، فخالتي كما أوردت سابقا مكشوف عنها الحجاب ، وهي تعرف ما كان وما هو حاصل وما سيكون ، ولا يمكن لأي امرأة أن تخفي شيئاً عنها.

ولطالما أثارتني شخصية خالتي، فهي قد تزوجت في التاسعة من العمر لرجل يكبرها بثلاثين عاماً، وكان لزاماً عليها أن تبقى في بيته وبين أطفال دار العائلة إلى بلغت الثالثة عشرة من عمرها. لم تفهم ماهية ليلة الدخلة فكانت صدمتها كبيرة، خصوصا حين أغلق الباب عليهما. وكانت تلك ليلة أشبه ما تكون بليلة اغتصاب تحت مسمى الزواج. لا شيء يجمعها بهذا الرجل، سوى أنه الآمر الناهي وعليها الطاعة.

بدأت خالتي تعاني من نوبات صداع تدفعها للانعزال عن أهل الدار. مضت سنتان على دخلتها ولم تحمل. وبدأت الضغوط تتزايد على زوجها من قبل الأهل مطالبين أياه بتطليقها، فهي بحكم العاقر بالنسبة لهم خصوصا أنهم قد أخذوها للفحص عند أشهر الأطباء .

دخلت خالتي في دوامة من الحزن واليأس، وعانت من نوبات الصداع، وبدأت ترى أشخاصا وهميين، وأهمهم الجنيّ الذي أحبها وهو باعتقادها من يعمل على إبعادها عن زوجها لأنه يحبها ويريدها لنفسه. سبع سنوات أخرى مضت ولم تحمل. لجأت خالتي إلى عالمها الخاص، و إلى أوهامها، وإلى الجن الذين يقومون بحمايتها من كل أذى قد يسببه لها المحيطون بها. خلق هروبها لديها إحساساً بالأمان، فالجني الذي يحبها ينتمي إلى عالم الأخيار ولا يؤذي، ولولاه لأصيبت بالجنون، فهي تعيش حالة انفصال كامل عن واقعها، ولا أحد يحس بها أو بما تعانيه، وهم أنقذها من الانهيار، وحماها من واقع فرض عليها.

ازدادت الضغوط على زوجها لتطليقها، وفي اليوم الذي قرر فيه محاباة أهله، أصيبت أم بشار بدوخة ووقعت على الأرض. أتى طبيب العائلة وقام بفحصها، وخرج فرحا مباركا زافا البشرى: "أم بشار حامل" لم تصدقها نساء العائلة بل اعتقدن أنها قامت بهذه الحركة لتمنع زوجها من تطليقها، لكن أبا بشار آثر الانتظار وجاء بشار، وتلاه خمس بنات وصبي آخر.



#ماري_تيريز_كرياكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت العقل
- الاستبداد وثقافة القطيع
- المنطقة الرماديّة
- الضيف الجديد
- الصورة
- نساء لبنانيات
- لماذا لبنان؟
- كلنا في الهم نساء
- عبيد القرن الواحد والعشرين
- الإرهاب الفكري
- نظرة على واقع المرأة العربية المهاجرة في النمسا
- كسر حاجز الصمت


المزيد.....




- “7000 دج تنتظرك!” تعرفي على تفاصيل منحة المرأة الماكثة بالجز ...
- طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر.. سجلي ...
- تأويلات العدالة: قراءة في مآلات التقاضي في قضايا العنف ضد ال ...
- موسيقى كناوة، عندما تكسر النساء القاعدة
- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء سلسلة غارات إسرائيلية على مناطق ...
- تواصل العصابات تجنيد الاطفال رغم الأساليب الجديدة للشرطة
- المرأة التي ترعى 98 طفلا من ذوي الإعاقة
- “رابط فعال” خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 ...
- سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا ...
- أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماري تيريز كرياكي - خالتي أم بشار