أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ماري تيريز كرياكي - الإرهاب الفكري














المزيد.....

الإرهاب الفكري


ماري تيريز كرياكي

الحوار المتمدن-العدد: 1603 - 2006 / 7 / 6 - 09:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قد يظن البعض منا أنه قد تأثر بأفكار البلد المضيف، وأنه وبشكل تلقائي قد بدأ يمارس حريته بوعي كامل، وغاب عنا أننا نحمل كل بذور التخلف والتردي تحت طيات الجلد وفي الجينات. فقد جاء معظمنا من بلاد لا تتمتع بالحرية ولا بالوعي وينتشر فيها الظلم والاستبداد، حيث لا تتاح لنا فرص التعبير عن أفكارنا دون خوف أو قلق، مما يجعل التربة خصبة لنشوء كل أنواع الإرهاب من إرهاب الدولة إلى الإرهاب الاقتصادي والاجتماعي والفكري. وهذا الأخير يقوي من سلطة الرقيب، مما يحد من عملية الإبداع الفكري. وخوفاً من هذه السلطة يلجأ المفكرون إلى استعمال اللغة الرمزية لتحاشي الوقوع في مطبات تؤخذ عليهم ويعاقبون عليها، مما يولد لديهم حالة من التقوقع والنزوع إلى الباطنية وبالتالي إلى التخلف الثقافي والحضاري.

والإرهاب الفكري موجود في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. وهو ظاهرة عالمية ولكنه ينتشر في المجتمعات المنغلقة وذات الثقافة المؤدلجة والشمولية، ويتجسد في ممارسة الضغط أو العنف أو الاضطهاد ضد أصحاب الرأي المغاير أفراداً كانوا أم جماعات، وذلك بدعم من تنظيمات سياسية أو تنظيمات دينية تحرض عليه وتؤججه، والهدف هو إسكات الأشخاص وإخراسهم ليتسنى لهذه التنظيمات نشر أفكارها دون أي معارضة من التيارات الأخرى، والويل لمن تسول له نفسه الخروج عن الخط المرسوم له.

وأخطر أنواع الإرهاب هو الإرهاب الفكري المُمارس علينا والذي حوّل واقعنا العربي إلى يباب، وهو بطش بالوعي وبالفكر، وبالذاكرة، وبالحلم، كما أن الإرهاب الدموي الممارس يومياً هو بطش بالجسد وتخريب البيئة وقطع العلاقة مع الأرض والتاريخ والذاكرة. وبالإمكان القول إن هذا النوع من الإرهاب الفكري هو استخفاف بعقولنا. فمشاهد القتل والاغتيال والإبادة والتّفجير والتّخريب والتّدمير والاعتقال والإذلال والظّلم تفضي إلى حالة من الخوف والهلع والشّعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار في النّفس.

ومن الغرابة ملاحقتنا ونحن في دول الاغتراب ومحاولة كم أفواهنا باستخدام كل الطرق اللا أخلاقية ليصل التهديد في أقصاه إلى استعمال العنف، وهذا ليس بغريب علينا فنحن كما أوردنا سابقا نحمل العنف في الجينات ولا نعرف أسلوبا آخر للحوار، فمن ليس معنا فهو ضدنا. هذا العنف الذي يمارس بدأ من المنزل الكبير على الصغير والرجل على المرأة والحكومة على الشعب الخ.
وتلتقي مصالح التنظيمات السياسية والدينية على أرضية واحدة، رغم وجود كل منهما على طرف نقيض للأخر، وذلك في إتباع النهج الفكري والأسلوب ذاته عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الفكري، والفروق بين الجهتين شكلية إذ أنهما يلتقيان في أسلوب ممارسة التهميش والطغيان، مهما اختلفا عقائديا وفكريا.

وفي حال عدم القدرة على تدجين صاحب الرأي الآخر وتحويله إلى ببغاء يردد ما يقال له من كلام تافه فإن التهمة جاهزة: إما بعميل لأمريكا أو لأوروبا أو لإسرائيل، وإما كافر، وفي كلا الحالتين يصفى هذا الإنسان من كل مضامينه وقد يضطر في معظم الأوقات إلى التراجع دفاعاً عن وطنيته وعقائده وإيمانه والإنضمام إلى القطيع، فهو فرد في مواجهة تنين يملك المال والبوق الإعلامي، والويل لمن يتجرأ ليصرخ كالطفل ليقول عاليا: "ولكن الملك عار"*.

ويمكن للجميع أن يتهامسوا سراً فيما بينهم عن كل القضايا ولكن لا يُسمح لهم البحث فيها علانية، وفي حال حدوثها يكونوا قد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء، وعلينا كلنا أن نتعلم سياسة الكيل بمكيالين، علماً بأننا ننتقد الغرب والشرق لنفس السياسة.

إن معالجة الإرهاب والذي يهيئ بدوره البيئة المناسبة للإرهاب لا يمكن أن تتم دون إشاعة الديمقراطية الحقيقية وصيانة الحقوق والحريات العامة واحترام الرأي الآخر، والحيلولة دون أي انتهاك لهذه الحريات من قبل الحكام أو التنظيمات أو رجالات المال.

إنَّ العلاقة بين الآثار النّفسيّة للإرهاب وأشكاله المختلفة متلازمة، بمعنى أنَّ زوال تلك الآثار من حياة الإنسان مرتبطٌ جوهريّاً بزوال الإرهاب نفسه، الأمر الّذي يستدعي تضافر كافة الجهود للتّخلّص منه.

وبالتأكيد إن الإرهاب الفكري، الذي يأخذ أشكالا عدة، هو واحد من أهم البنى التحتية للإرهاب المتجسد في العنف، ويجب تفكيك تلك البنية التحتية وذلك الفكر بإظهارها للسطح ومناقشتها عبر الحوار الموضوعي لكي تستطيع المجتمعات والدول معالجة الظواهر السلبية السائدة فيها وإيجاد الحلول لها بدلا من توخي أسلوب النعامة وإنكار هذه الظواهر.

* وهي قصة الملك الذي تصفق له الرعية وتعجب بأدائه مهما كان هذا الأداء، إلى أن جاء يوم وأراد أن يرتدي فيه ثوب مميز، فكان أن أقنعه خياطه الخاص بأن جسده عارياً هو أفضل ثوب له. ونزل الملك من عربته وتلقته الرعية بصرخات الإعجاب، لكن الطفل البرئ صرخ واصفاً حال الملك "بأنه عار"، ولا يغطيه أي ثوب.



#ماري_تيريز_كرياكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على واقع المرأة العربية المهاجرة في النمسا
- كسر حاجز الصمت


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ماري تيريز كرياكي - الإرهاب الفكري