أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن أحراث - من دهاليز ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو)














المزيد.....

من دهاليز ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو)


حسن أحراث

الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 00:41
المحور: سيرة ذاتية
    


بطولة "بّا محمد"..

أبريل ليس شهرَ الكذب كما يدّعون توارثاً بليداً. أبريل كباقي شهور السنة شهر الحقيقة والبطولة. أذكر شهر أبريل بفخرٍ واعتزاز، لأنه يشهد على بطولة رجل/إنسان (با محمد) وعناق أم لابنها بعد مصير مجهول لحوالي سنة من الغياب القسري بدهاليز نظام دموي لا يرحم. وأستبق الأحداث، أليس شهر أبريل شاهدا على استشهاد المناضل المغربي/الفلسطيني محمد كرينة (24 أبريل 1979)؟!!
لا أرغب في "قلب المواجع" أو ذرف الدموع؛ فقط لتوضيح المعنى الراقي للتاريخ المنسي في ثنايا الراهن البئيس، أتقاسم والقلوب النابضة بالحياة الجميلة هذا النصٌّ، بعنوان "من دهاليز ابن رشد (موريزكو)" في شهر أبريل:
"في أحد الصّباحات الربيعية الجميلة من شهر أبريل سنة 1986؛ وأنا، كالعادة، مقيّد الى سريرٍ يكاد يلامس الأرض، أرض الزنزانة/الغرفة بدهاليز ابن رشد (موريزكو)، ومقتنع بمصير مجهول كان من المحتمل أن يطول حتى سنة 1999، تاريخ انتهاء المدة التي حُكم عليّ بها بتهمة "المؤامرة الغاية منها قلب النظام" (15 سنة سجنا نافذا) وإذا "خرْجت العاقبة بخير". لقد حدث ما يصعب تصديقه في شهر أبريل، طارئ جميل حمل كل معاني المفاجأة السارة؛ عناقٌ حار ودموعٌ وفرحٌ ودفء...
عانقت أمي وأختي مينة، دون أن أصدق عيني. أخذت أمي تتلمّس جسدي النحيف لكي تتأكد أني أنا ولست أحدا آخرا غير أنا. إنه عناق "أسطوري" بعد حوالي سنة من العزلة القسرية، بعد انقطاع الأخبار كليا عن العائلة، وبعد مأساة استشهاد الرفيقين الغاليين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري.
كانت أمي تردد: "واش أنت حسن حقا؟ ولدي؟"
"حرام عليهم"...
ماذا حصل بالضبط؟
رغم وجودنا بجناح فوق مقاطعة المستشفى الجامعي ابن رشد (موريزكو) بالدار البيضاء، حيث لا يمكن أن تصعد إليه دون أن تلتقطك أعين "المخازنية" والأعين الجاحظة لعناصر البوليس السري المبثوثة باستمرار بكل أرجاء المستشفى، وخاصة حول الجناح، ورغم الحراسة الرسمية المكثفة داخل الجناح، ورغم طاقم التمريض "غير المنسجم" والذي قد تخونه شجاعته أو أنانيته أو إغراؤه، استطاع، بل نجح "بّا محمد"، "البركادي" (BRIGADIER) المسؤول عن طاقم الحراسة، ودون معرفة مسبَقة بيننا، أن يرتِّب تسلُّل عائلتي لتحظى ببعض دقائقٍ الى جانبي بأدرج الجناح، وأنا في وضعية إضرابٍ عن الطعام قارب السنة (كمْ أردِّد أني محظوظ!!).
بعد ذلك اليوم، الصباح الجميل، غاب "بّا محمد" عن جناحنا، وكأنه أتى "من السماء" لإنجاز تلك العملية البطولية فقط. سألت عنه بعض عناصر الحراسة فيما بعد، فتأكد لي أن الرجل/الإنسان الشهم "بخير وعلى خير".
مرت حوالي ثلاث (03) سنوات على المفاجأة السارة، وفي أحد صباحات 1989، مرة أخرى، رأيت "با محمد" "بقده وقديده" (ليس شبحا أو هلوسة) يقطع الممر الفاصل بين الغرف/الزنازين "طالع نازل". وفي لحظة خاطفة، وكأنه قطع الشك باليقين، اقتحم غرفتي، نفس غرفة 1986، وسألني باندفاع وتردُّد "هل تذكُرني؟"
"بالتأكيد بّا محمد" ("ملَك" الزيارات الممنوعة)..
لا أعرف عن شهر أبريل غير الحقيقة والبطولة. ذاكرتي قوية وقلبي كبير، وقضيّتي أكبر...
ابتسم الرجل/الإنسان البطل، وسألني عن أحوالي وغادر الغرفة منتشئا.
استمر هذه المرة تردُّده على جناحنا لمدة حوالي شهر.
تصوروا، وفي شهر أبريل، شهر الحقيقة وليس الكذب، كان "بّا محمد" يمُدّني بجريدة كل فترات حراسته!!
وكان يحرص على أن أقرأها في سرية تامة، وأحيانا تحت مراقبة بعض عناصر الحراسة التي كان يشرف عليها ويثق فيها بدون شك (كمْ أردِّد أني محظوظ!!)...
لماذا أنا؟
لم تُتح لي الفرصة لأسأل "بّا محمد" .. إنه حقا أب "من السماء"، ونِعم الأب..
إضافة:
- كنا في وضعية إضراب لا محدود عن الطعام مقيدين الى الأسِرّة، وتحت وطأة التخدير من حين الى آخر والتأكيل القسري المستمر بواسطة المسبار (SONDES GASTRIQUES)؛
- النصّ منشور بكتاب حسن أحراث بعنوان "مجموعة مراكش.. تجربة اعتقال قاسية" (2012) بتصرف؛
- سأعود الى نص قصير بعنوان "عندما خدعت "بّا محمد"...



#حسن_أحراث (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على -نداء لفعل موحد لقوى اليسار من أجل التغيير الديمقر ...
- ماذا بعد الحفلة التنكرية، أي -الإضراب العام-؟!
- عن أي منتدى يتحدثون..؟!!
- فلسطين: من مؤامرة الى مؤامرة..!!
- تخلُّف/انحدار العمل النقابي، مسؤولية من؟!!
- خيط نار (حلم) أم خيط دخان (وهم)؟!!
- السكوت عن الجريمة جريمة، جريمة حضور صهاينة في ضيافة حزب الات ...
- حزب الاتحاد الاشتراكي يَتَصَهْيَنُ من -وراء ظهرنا-..!!
- -وزارتنا- لا تستحيي.. !!
- عندما يحتج العمال على النقابة..!!
- المسكوت عنه بسوريا..
- سوريا: المأساة التي تفضحنا..
- القوى الظلامية بالمغرب تُناصر العصابات المُتصهْيِنة بسوريا..
- الحق في الإضراب: حاميها، حراميها..!!
- وزارة التربية الوطنية: فضيحة وسرقة موصوفة!!
- المحكمة الجنائية الدولية: أي مصداقية؟!
- الأحلام من داخل السجن مريحة..
- هل الأطفال الفلسطينيون معنيون بيوم 20 نونبر؟!!
- -الاتجار بالمناضلين-
- الى الرفيق المناضل جورج عبد الله الصامد بالسجون الفرنسية


المزيد.....




- ترامب يكشف سبب توقيع اتفاقية المعادن النادرة مع أوكرانيا
- تقرير: مجلس إدارة تسلا يبدأ إجراءات استبدال إيلون ماسك كرئيس ...
- مصادر لـCNN: إدارة ترامب تدرس إرسال مهاجرين إلى دولة عربية و ...
- تحليل لـCNN: إيران تغازل ترامب بفرصة الـ-تريليون دولار-.. لك ...
- وزير الدفاع الأمريكي يهدد إيران بسبب الحوثيين
- الكركمين.. -حارس أمين- للكبد و-مهندس ماهر- للقلب
- ZTE تطلق هاتفها المتطور لهواة التصوير
- -ظاهرة علمية فريدة-.. أشجار تتنبأ بكسوف الشمس قبل حدوثه!
- اكتشاف مصدر جديد للذهب في الكون المبكر!
- الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط يضاعفان الإنفاق على التسلّح


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن أحراث - من دهاليز ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو)