أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - شذرات في الحقيقة الدينية














المزيد.....

شذرات في الحقيقة الدينية


عقيل عيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1798 - 2007 / 1 / 17 - 12:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(1)
طالما قرأنا دفاعاً عن هذا الدين أو ذاك، تحمل عنوان كالآتي: ((لماذا أنا مسلم؟))، ((لماذا أنا مسيحي؟))، حيث لا يكتفي هذا المفكر الديني "التقليدي"، أو هذا اللاهوتي المدافع تبرير إيمانه هو، بل يذهب أبعد كثيراً إلى القول بأن دينه وحده هو الإيمان الصحيح الذي يجب أن يعتنقه كل الناس. إلاّ أن مَن ولد في بيئة بوذية أو هندوسية لا يطرح هذا السؤال، بل يسأل: ((لماذا أنا بوذي؟))، أو ((لماذا أنا هندوسي؟)). الجواب الطبيعي الأول هو أني مسلم أو مسيحي أو بوذي أو هندوسي لأني ولدت هكذا، وليس لأن هذا الدين الذي صدف أن وجدت نفسي فيه هو أفضل الأديان أو الدين الوحيد الصحيح أو الدين الأكمل. بعد ذلك تأتي التبريرات. بعبارة أخرى إذا كانت العربية لغتي الأم، فهذا ليس برهاناً على أنها أفضل من الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو الصينية أو الروسية ..الخ. إنها تؤدي، لي، الأغراض نفسها التي تؤديها اللغات الأخرى لأصحابها.
(2)
ينبغي التأكيد بدءاً أن الدين الذي أعتنقه أنا والأديان التي يعتنقها غيري ليست وليدة يومها، بل إن كلاًّ منها يشكِّل تراثاً طويلاً ومتراكماً ومستمراً. هذا التراث يصبح جزءاً من تقاليد المرء وعاداته. وهو لا يعمد إلى تركه أو التخلي عنه أو رفضه إلاّ في ظروف غير عادية. ومن التقاليد الدينية ما يسمى بالطقوس، أي ما يحصل في مناسبات كالعبادة الجماعية والاحتفال بالأعياد وغيرها. هذه تختلف من دين إلى آخر. وهي نوع من التعبير الرمزي الذي ابتكره المؤمنون من أجل إقامة جسور بين إنسانيتهم المحدودة والألوهية المطلقة. والطقوس جزء لا يتجزأ من الدين. ولو اقتصر الدين على العقائد وافتقر إلى الطقوس لما أمكن تمييزه عن الفلسفة. لكن اختلاف الطقوس من دين إلى آخر ى ينفي كون غرضها واحداً في كل الأديان، وهو إضافة بُعد شعوري إلى البُعد الفكري.
(3)
الدين ظاهرة هامة جداً في حياة الأفراد والحضارات. ولعله الدافع الأكبر للسلوك والعمل. لكنه يبقى معرَّضاً لأن يكتنفه مقدار كبير من سوء الفهم والتفاهم، الأمر الذي يؤدي على الدوام إلى نتائج غير مستحبة فردياً وجماعياً.
مما تعلمنا إياه الفلسفة أن نتساءل، قبل الدخول في تفاصيل موضوع معين، عن ماهية هذا الموضوع. ومن هذه الأسئلة الملحّة السؤال الكبير، ما هو الدين؟ وهل يمكن الاستغناء عنه؟
نحن، ظاهرياً، وبمعنى من المعاني، نستطيع أن نحيا من غير دين، أو من غير شعْر، أو من غير فن، لكن لا نستطيع أن نحيا من غير طعام وشراب. وإذا كان مبرّر الدين لا يظهر لنا على نحو مباشر، فكيف يمكننا تبريره؟
من هنا، في تقديري، كان لا بد من البحث عن هذا المبرّر الهام جداً عن طريق الفلسفة، التي تعد من وظائفها الأساسية تقديم التبرير وتعزيز الدفاع.
كيف تستطيع النظرة الدينية أن تدافع عن نفسها، مثلاً، في وجه العلم، لأن بعض العلماء وأتباعهم يرون أنه لا مكان للدين مع العلم، وأن العلوم تُغنينا عن كل ما عداها؟ كما نجد بين أصحاب وجهات النظر العلمية من ينظر إلى المؤمنين باستخفاف ويصوّر انفصالاً لا لقاء معه بين العلم والدين.
يقولون إن عصرنا الذي نعيشه عصر العلم، والأفكار الصحيحة لا تأتي إلاّ من مختبرات العلم. إن من وظائف فلسفة الدين أن تتساءل عما إذا كان التناقض أو التعارض بين الدين والعلم حقيقياً أم لفظياً. أهم ما في حياتنا الإنسانية المعنى والقيمة اللذان نضفيهما على الوجود. والمعنى والقيمة يأتيان من الدين ومما هو مثل الدين، لا من العلم. لذلك كان لابد، حيال "الصراع" بين العلم والدين، من تحديد أرض المعركة وطبيعتها قبل تسديد الضربات الدفاعية أو الهجومية كي لا تأتي هذه الضربات، من كلا الجانبين، عشوائية. وهذا عمل فلسفة الدين. إلاّ أن الفلسفة تختلف عن بقية النشاطات التي نمارسها في حياتنا اليومية والاجتماعية والثقافية والفنية والعلمية. ((واو)) العطف بين الفلسفة والنشاطات المذكورة لا تشير إلى تساوٍ منطقيٍ بين الفلسفة وأي نشاط آخر. هذا يعني أن فلسفة الفن، مثلاً، لا تُضاعف عمل الفن. وعندما نكتب في فلسفة الشعر أو فلسفة الموسيقى، فما نكتبه لا يكون شعراً ولا موسيقى، بل يكون كلاماً توضيحياً ينطوي على أسئلة من نوع: ما هو الشعر؟ لماذا الشعر؟ ما العلاقة بين الشعر والفنون الأخرى، أو بينه وبين النشاطات الأخرى كالعلم أو الدين؟ ما الحاجة إلى الشعر، وهل يُستغنى عنه؟
بالمنطق نفسه ما يكتب فلسفياً عن الدين ليس ديناً ولا يضاعف عمل الدين أو يتعارض معه، لا بل هو ضروري من أجل فهم الدين وممارسته على وجه أفضل. فالفلسفة نشاط لاحق، يأتي بعد نشاطاتنا الأولية ليحلّلها ويُظهر مبرّر وجودها. إنها نشاط إيضاحي ودفاعي، يربط نشاطاتنا المختلفة بعضها ببعض ويحاول الكشف عن مبرراتها.



#عقيل_عيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى بدر شاكر السياب
- المهمة المزدوجة للديموقراطية
- بوصلة التسامح
- لماذا العقل؟
- ابن رشد والمرأة
- الرقابة حاجز في طريق الحياة !
- أخلاق القيم
- ما هي الديموقراطية؟
- استعادة لذاكرة الإنسان
- يقظة اللغة العربية
- الكواكبي في مصر
- المرأة الجديدة
- خواطر من أخبار المرأة العربية في التاريخ
- الخوف يصنع التاريخ
- الحدس أو عين العقل
- ما هي الدولة ؟
- أن تكون ديوجين
- الباحثون عن التنوير
- العقيدة في حياة الإنسان
- الثقافة أو الدور المتبقي لنا


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - شذرات في الحقيقة الدينية