|
لا شيء خارج الإرادة الفلسطينية
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 8266 - 2025 / 2 / 27 - 20:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحقيقة التي يعرفها الجميع ويتهرب منها الجميع ويتشدق بها الجميع في كل مناسبة فرضت التفوه بتلك الحماقة، وهي أن إسرائيل الصهيونية من باب رابع المستحيلات أن يكون لها أن تخطو أي خطوة جدية في مسار تطبيق قرارات ما يُسمى الشرعية الدولية. لا يمكن لأي شعب أن يرضى الانسحاب من أراضي دفع فيها دماء وأرقا وتضحيات وتهاليل فرحة الانتصار والتمتع بوهج ذاك الإحساس الرائع وهو الإحساس بالقوة. كيف بربكم كيف أن تعيدوا وتعيدوا طرح حماقة حل الدولتين وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 باسم الشرعية الدولية، برغم أن الشرعية الدولية هي التي شرعت احتلال فلسطين وهي التي شرعت ولادة إسرائيل عام 1947. الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تخول لها التفكير الجدي في الانسحاب من أراضي احتلتها بالقوة العسكرية هو مقاومتها بالقوة العسكرية. انسحبت من سيناء نتيجة حرب 1973. انسحبت من جنوب لبنان عام 2000 نتيجة المقاومة العسكرية اللبنانية. انسحبت من غزة عام 2005 نتيجة المقاومة الفلسطينية المسلحة، ولم تنسحب من الضفة الغربية نتيجة الانتفاضة عام 2001 بل بنت مستوطنات جديدة و أحدثت نقاط تـفـتيش جديدة مذلة للفلسطينيين. حتى وإن فرضت أمريكا تطبيق الشرعية الدولية فإسرائيل لن تـنسحب إلا بالقوة. من الممكن أن نشهد ساعتئذ في حال اليأس الكامل عملية انتحار جماعية مثلما حدث عام 73 ميلادي حين حاصر الرومان قلعة اليهود في فلسطين. لكن رب أمريكا هو المال والدولار والصهيونية لها وزن ثـقيل جدا عالميا في السيطرة على أكبر بيوتات المال. من الممكن الاستيلاء على الأموال بتـشريعات معينة. اختصارا من الممكن أن تـنـقـلب الولايات المتحدة على إسرائيل لكن في حالة واحدة وهي تحول إسرائيل إلى عبء ومشكلة سياسية واقتصادية وأخلاقية وأمنية حين تـتـقدم وتـتطور حركة المساندة الشعبية لفلسطين حرة.. ولكن حين تكون الولايات المتحدة هي من يفرض حل الدولتين فذلك لن يكون دون ثمن على حساب الحرية الفعلية للفلسطينيين في تحديد برامجهم التعليمية ونظامهم الاقتصادي الذي لن يعبر عن تضحيات الشعب بأكمله إلا إذا كان نظاما عادلا اجتماعيا وقائم على مبدأ المساواة والملكية الجماعية للأرض والثروات والبناء الجماعي للثروة. أي منطومة اشتراكية عادلة في روحها بحيث لا تكون الاشتراكية بناء مداجن بشرية وبناء نطام سلطوي استبدادي وبيروقراطية فاسدة... طبعا هذا افتراض يبدو خياليا ولكن في ضل الظروف الراهنة من الضعف السيكولوجي العربي الذي يحاول فرض تـنويعات متعددة للاستسلام. ولكن منطقيا فهذا الأمر ممكن فقد بدأت فعليا شروط إمكانه بفعل طوفان الأقصى، والمرعوبين من الطوفان يتـقافزون اليوم كالفئران على الشاشات والصفحات والدردشات الديبلوماسية. ماذا يعني طوفان الأقصى سوى كونه طوفان الأعماق العربية الإسلامية المقتدرة القوية المشبعة بالاعتزاز والايمان بكونها تحمل رسالة كونية للعالمين وتجاهد في سبيل الله. هو التـناقض مع عقلية العمل من أجل المال والملكية و الإشباعات الغرائزية. إنه لأمر جلل وإنه لأمر خطير جدا على المتعبدين للمال والملكية.. و الآن، هناك خطاب يسيطر على الأجواء الفلسطينية حول ما يسمونه مستـقبل غزة بعد الحرب. إسرائيل تريد إزاحة حركة المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها بل رفض حتى السلطة الفلسطينية النعاماتية في مقاومتها. ومبادرة عربية في الانتظار. ومرة أخرى محاولات حثيثة لوءد فكرة الانتصار الفلسطيني وواقع المقاومة المسلحة ورهنها خارج الإرادة الفلسطينية. في المقابل صمت للمقاومة وترك المجال لتلك الخطابات التي تستهدفها في النهاية، وعدم تقديم خطاب سياسي قوي بمستوى ما شهدناه من تضحيات وقتال وقتل وانهاك للعدو الصهيوني. لماذا لا تقدم المقاومة خطابا سياسيا مقاوما ويطرح نفسه كحركة تحرير شعبية؟ على ذاك الأساس تطرح رؤيتها وحلفائها الفعليين والممكنين وتدعو على ذاك الأساس المساندة والتمسك بتمثيلها للشعب الفلسطيني الحر. ان الخطاب السياسي الضعيف والتكتيكات السياسية الغير منسجمة مع الهدف الجوهري وعدم إيضاح حقيقة الكينونة الفكرية والسياسية بكل وضوح من شأنه أن يربك العمل ويذهب بالتضحيات أدراج الرياح. وعودا إلى خرافة الدولتين فمن باب أولى أن تشترك المقاومة كفعل سياسي في تلك الجوقة ولكن في مسار يربك العدو. ومثلما قال الزعيم حبيب بورقيبة سابقا فالمسار التفاوضي يجب أن يكون مستندا على أرضية مشتركة وليس على الرياح، فقول إسرائيل انها تدخل المفاوضات دون شروط مسبقة لا يعني سوى الرياح والتلاعب. لماذا لا تطرح المقاومة الفلسطينية كحركة تحرير فلسطينية مبادرة الحل السلمي وفق قرارات الأمم المتحدة ولكن بشرط أن تقبل إسرائيل بالتفاوض وفق نفس المبدأ. وإسرائيل اليوم من المستحيل أن تخطو في هذا الاتجاه ولكن من شأن المقاومة أن تسحب البساط مما يسمى مبادرة عربية للحل الذي لن يكون سوى وءدا للمقاومة وللحق الفلسطيني في الحرية. ومن شأن مبادرة كتلك أن تغطي على الخطاب الإسرائيلي حول غزة ما بعد الحرب، ومن شأنها أن تكبل إسرائيل في أي عمل عسكري اجرامي تجاه الفلسطينيين، ومن شأن مبادرة كتلك أن تحرج أمريكا ومن شأنها أن تجد داعمين دوليين كثر ووسط تلك المعمعة تمرر المقاومة الفلسطينية المسلحة أحقية وجودها وعملها دوليا، لأن أي تهدئة حقيقية وفعلية لا يمكن أن تكون في النهاية إلا بواسطة الفلسطينيين. لقد قال بورقيبة في ندوة المنظمة العالمية للشغل بجنيف في جوان 1973: " فيما يتعلق بنزاع الشرق الأوسط، فكل حل لا يُعتبر فيه الشعب الفلسطيني عنصرا أساسيا إنما مآله الفشل.. إن أشياء كثيرة متوقفة على الفلسطينيين، وليس من شيء يُستطاع من دونهم، فضلا عما يكون ضدهم، وهؤلاء الفلسطينيون ليسوا لاجئين تتكالب عليهم قوى الشر لتصفيتهم.. بل هم وطنيون يكافحون لاسترجاع حقوقهم السليبة"...
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نافذة في غزة
-
عودة الفلسطيني
-
بين لوس انجلس وغزة
-
معضلة الحكم
-
أفق تجاوز الصراع الحضاري
-
سقوط الأسد
-
النشوة الحارقة للذاتية المتعالية
-
بين الغربين
-
طوفان الأقصى
-
خرافية - اسحاق نيوتن-
-
المُثقف المقيت
-
جمالية القوة السياسية
-
لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
-
الإنسان المتحول صرصارا
-
في الثورة الإيرانية
-
مشروع دسترة الثورة التونسية
-
في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
-
في تأصيل فكرة الإشتراكية
-
أي اشتراكية نريد؟
-
الشمس
المزيد.....
-
ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
-
الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا
...
-
ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
-
الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
-
هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
-
لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
-
تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟
...
-
سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
-
بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال
...
-
تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|