أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - دوامة الحياة














المزيد.....

دوامة الحياة


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8265 - 2025 / 2 / 26 - 20:37
المحور: الادب والفن
    


مدينةٍ لا تُرى إلا عبر زجاجات مموهة ، حيث الوقت وزنمنه يمضي ويتعرَّج كأنه خيطٌ لعنكبوت مقطوعٌ من نسيجٍ قده الزمن ، كان "رافد" يعيشُ حياةً لا تُعاش. رافد، الذي لم يكن يعرف إن كان اسمه حقيقيًّا أم مجرد صدىً لصوتٍ سمعَه في طفولته، كان يسكنُ في شقةٍ صغيرةٍ على رفات عالم لم يكن متأكدًا من وجوده.
كان البيت الصغير المتواضع مليئ بالكتب التي لم تُكتَب بعد، وبصورٍ لأشخاصٍ لم يولدوا. على الجدار، كانت هناك ساعةٌ بدون بندول فاقدة للعقارب ، لكنها كانت تدقُّ بصوتٍ عالٍ كلَّ ليلةٍ، كأنها تُعلنُ عن شيءٍ لم يحدث. رافد كان يعتقدُ أن الساعةَ تتكلم تتحدثُ إليه، لكنه لم يفهم لغتها. كانت لغتها صماء مثل أحجارٍ تسقطُ في بئرٍ عميقة، تختفي عند النزول قبل أن تصل إلى منتهى البءر إلى القاع.

في إحدى الليالي، بينما كان رافد يجلسُ على ريكة متهرءة ،يحدِّقُ في الساعة، سمعَ صوتًا يأتي من سريره وغرفة نومه . كان الصوتُ يشبهُ صوتَ امرأةٍ تغني، لكن الكلمات كانت غير مفهومة، كأنها لغةٌ من عالمٍ آخر. نهض رافد،وتبع الصوت، لكن عندما وصل إلى الغرفة، لم يجد شيئًا. فقط طبقٌ فارغٌ على الطاولة قراءة وكأن شخصًا ما كان يأكلُ منه.

في اليوم التالي، قرر رافد أن يكتبَ قصةً عن ما حدث. لكن كلَّ ما كتبه كان عبارة عن جملٍ غير متجانسة مقطوعةٍ، كأنها أجزاءٌ من حلمٍ لناءم يقض قد نسيه. حاول أن يربطَ بينها، لكنها كانت تفلتُ من أفكاره ومن بين أصابعه، كأنها كلام لرجل بهذه صابه الخرف أو ماءٌ يندلق من إكوز مهمل.

بعد أيامٍ، بدأ رافد يلاحظُ أن الأشياءَ في بيته تتحركُ عندما لا ينظرُ إليها. الكتبُ تنتقلُ من مكانٍ إلى آخر، والصورُ تتغيرُ، كأنها تعيشُ حياةً خاصةً بها. حتى الساعةُ بدأت تدقُّ في أوقاتٍ عشوائيةٍ، كأنها تريدُ أن تخبره بشيءٍ مهمٍّ.

في يوم آخر وفي ليله ، بينما كان رافد يحاولُ النوم، سمعَ صوتًا يأتي من الغرفة الأخرى من خزانة الملابس. كان الصوتُ يشبهُ صوتَ طفلٍ يبكي. نهضرافد ، وفتح الخزانة، لكنه لم يجد شيئًا. فقط قميص وسروال قديمٌ كان يخصُّ الغاءب أباه، الذي اختفى بغموض في وطأة الصراع المفتعل منذ طفولته دون وداع أو أن يتركَ أثرًا.

بدأ رافد ضن أنه بدأ يفقد و يشعرُ بأنه يفقدُ السيطرةَ على نفسه و الواقع. لم يعد يعرفُ إن كان يعيشُ في عالمٍ حقيقيٍّ كما كان أم في حلمٍ طويلٍ. من أحلامه المعتادة حاول أن يتحدثَ إلى امن حوله من الجيران، لكنهم كانوا ينظرون إليه شخص غريب من عالم آخر كما لو أنه كمية زرع متروكة ، وكانه ضل في وسط غابت عنه الشمس أو غير موجودٍ.

اخيرا بعد كأكبر طويل في النهاية، قرر رافد أن يتركَ البيت ،أن يكون موجود يبحثَ عن عالمٍ آخر. لكن عندما فتح الباب، وجد نفسه في بيت آخر ،تشبهُ بيته تمامًا، لكن كلَّ شيءٍ فيها كان معكوسًا. حتى الساعةُ كانت تدقُّ بشكلٍ عكسيٍّ، كأن الزمنَ يعودُ إلى متوقف ويعود بخطوات إلى الوراء.

وهكذا، بقي رافد عالقًا في لعبة محيرة حلقة مفرغة هذه الحلقةِ المفرغةِ، بين عالمين لا يعرفُ أيهما حقيقيٌّ. ربما كان كلاهما من نسج الخيال كما اعتاد بالسابق أو ربما كان هو الخيال والوهم ذاته .

الحكاية هنا لا تنتهي، لأنها لم تبدأ أصلًا. هي مجرد صدىً لصوتٍ سمعَه نرافد في طفولته، أو ربما هو الصوتُ الذي سيسمعه ويتكرر كلما اشتاق لنوم يكون فيه مستيقض في خضم الحياة وفي المستقبل .



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- *لي روحٌ ملَّت من الجسد**
- **ذكريات في المنفى**
- /نمشيد قدسية
- قهوة بطعم الحنظل
- يسطات واكشاك بصرة
- عيد المسنين
- تراتيل أنسية
- بساتين
- لحن الفصول
- خطوات خطوات
- صور
- هيفاء
- صهيل
- كلمات
- سحاب
- قلم أبيض
- نسيت
- وطن جريح
- سأرحل
- أوراق


المزيد.....




- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - دوامة الحياة