أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - **ذكريات في المنفى**














المزيد.....

**ذكريات في المنفى**


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


كانت الرياح الباردة تعوي خارج النافذة الصغيرة لغرفته المتواضعة في تلك الشقة المتهالكة القديمةبمدينة غريبة. حازم ، الشاب العراقي البصري الذي فر من وطنه قبل سنوات، جلس على كنبة قديمة ، يحدق في صورة بالية كانت بين يديه. الصورة كانت لبيتهم القديم في البصرة، حيث الأشجار الخضراء تحيط بالحديقة الصغيرة، ووالدته تقف بجانب الباب، مبتسمة كما لو كانت تنتظره ليعود من المدرسة.
أغمض حازم عينيه، واستسلم مودعا حاضرة مستذكرا ماضيه بسيل من الذكريات الذي غزته واجتاحت أحاسبه. **
كانت البصرة في ذاكرته مدينة الأدب والنور والرقي والنقاء،حيث الشمس بهاءها تلمع على شط العرب وأنهاره المتفرعةفي ارجاء المدينة، والصوت الحنون لوالدته يملأ البيت. كان يحب الجلوس في الحديقة، يقرأ روايته المفظلة الحب في زمن الكوليرا لماركيز ويحلم بأن يصبح كاتبًا مشهورًا. لكن الأحلام تبددت عندما اندلعت الحرب، وتحولت شوارع البصرة إلى ساحة قتال.
ذات ليلة، سمع دوي انفجار قريب، فهرع إلى غرفته ليجمع بعض الأوراق والكتب. كانت والدته تبكي وتصرخ: "حازم ، يجب أن تذهب! تذهب إلى حيث ما تشاء لا يمكنك بعد بعد الآن لن تكون آمنًا هنا!"
ترك حازم بيته، حاملاً حقيبة مدرسية صغيرة مليئة بالذكريات. عبر الحدود سيرًا على الأقدام، بينما كانت قدماه تتألمان من السير الطويل. في الطريق، قابل آخرين مثله، كل منهم يحمل قصة حزينة.
في إحدى الليالي، بينما كان يعبر صحراء قاحلة، رأى نجمة لامعة في السماء. تذكر قول والده: "النجوم هي دليل المسافرين، لمن يعرف سرها وأفلاكها فهي تذكر بأن هناك أملًا في النهاية." **
وصل حازم أخيرًا إلى احد مدن الجليد ، حيث منحوه حق اللجوء. لكن الغربة كانت ثقيلة. اللغة الجديدة، العادات الغريبة، والنظرات التي يلقيها الناس عليه جعلته يشعر بأنه غريب.
في الليالي الأولى، كان يستيقظ من نومه مذعورًا، يسمع أصوات الانفجارات في أحلامه. لكن مع الوقت، تعلم كيف يعيش مع الألم. بدأ يكتب قصصًا عن وطنه، عن الحرب، وعن الحلم بالعودة. **
عاد حازم إلى الحاضر، حيث كان جالسًا في غرفته الباردة. نظر إلى الصورة مرة أخرى، ثم أمسك بقلمه وبدأ يكتب:
"المنفى ليس مكانًا، بل هو حالة من الوجود. نحمل وطننا في قلوبنا، حيثما ذهبنا. ذكرياتنا هي الجسر الذي يعيدنا إلى الماضي، لكنها أيضًا الأمل الذي يدفعنا نحو المستقبل."
في تلك الليلة، حلم حازم بمدينة ذات الأزقة الضيقة وبيوت الشناشيل. رأى نفسه يمشي في شوارعها القديمة، يشم رائحة الزهور في حديقة بيتهم، ويسمع ضحكات الأطفال. عندما استيقظ، شعر بدمعة تسقط على خده.
لكنه ابتسم. لأنه يعلم أن الذكريات، رغم ألمها، هي التي تجعله إنسانًا. وهي التي تبقيه على قيد الحياة، حتى في المنفى.



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- /نمشيد قدسية
- قهوة بطعم الحنظل
- يسطات واكشاك بصرة
- عيد المسنين
- تراتيل أنسية
- بساتين
- لحن الفصول
- خطوات خطوات
- صور
- هيفاء
- صهيل
- كلمات
- سحاب
- قلم أبيض
- نسيت
- وطن جريح
- سأرحل
- أوراق
- سماء عاشقة
- الرجل الهرم


المزيد.....




- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة
- الأيقونات القبطية: نافذة الأقباط الروحية على حياة المسيح وال ...
- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - **ذكريات في المنفى**