صيام ،،صيام !!

حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 19:50
المحور: الادب والفن
    

إذا حسبنا النسبة التى يمثلها شهر رمضان المبارك إلى إجمالى أيام السنة ، وباعتبار أن إهتمام الناس وإرتباطهم بذلك الشهر الفضيل وتبعاته يمتد لمايقارب ثلاثة أسابيع من شهر شعبان بالإضافة إلى حوالى إسبوع من شهر شوال بالإضافة لايام الشهر الفضيل نفسه بالطبع،سنكتشف ان هذا الشهر يمثل 2 : 10 بالمقارنة ببقية عدد أشهر العام ، بمعنى أبسط أن هذا الشهر الكريم وما يصحبه من تأثير عظيم على الحياة اليومية يمثل مساحة زمنية كبيرة نسبيا من عمر الإنسان المصرى،وبالتالى كان ينبغى ان يكون له حضورا مميزا فى الاعمال الفنية الدرامية التى تعكس صورا متنوعة لحياة المصريين، لكن الغريب أن الدراما المصرية القديمة و الحديثة تجاهلت بشكل فاضح وجود شهر رمضان نهائيا وحضوره فى الواقع المصرى التى تدعى تلك الاعمال إنها تعكسه وتناقش قضاياه ،ولو فتشنا فى محتوى الكثير من الاعمال الدرامية والأفلام السينمائية فلن نجد سوى أعمال تعد على الاصابع أظهرت وجود رمضان فى حياة المصريين خلال سياقها الدرامى، وعلى العموم أنا لا أتذكر إلا فيلمين سينمائيين وحيدين جاء ذكر رمضان بشكل رئيسى خلال أحداثهما ، هما فيلم (فى بيتنا رجل) لعمر الشريف ،كذلك فيلم ( إكس لارج ) لأحمد حلمى ،
أما الدراما التمثيلية (المسلسلات ) وبعيدا عن البرامج الموسمية والتمثيليات الدينية أو السهرات الفكاهية القصيرة التى كانت تناقش بعض العادات الرمضانيةوالتى إختفت هى الاخرى ،لم أجد عملا فنيا جادا تعكس احداثه تلك العلاقة الدرامية بين شهر رمضان الكريم وجوانب حياة الإنسان المصرى ، إلا فى عمل درامى واحد هو مسلسل " صيام صيام " من تأليف الكاتب الكبير صالح مرسي مؤلف رافت الهجان ، وإخراج محمد فاضل، وبطولة يحيى الفخراني وفردوس عبدالحميد وآثار الحكيم وعبدالله فرغلي وحسن مصطفى ومحمود المليجي ونسرين وليلى علوي وفاروق الفيشاوي وصلاح السعدني وأحمد عبد الوارث ، وإنتاج شركة صوت القاهرة عام 1980 وبتكلفة لم تتجاوز 300 ألف جنيه ؟
وتدور أحداث المسلسل حول الصراع النفسى بين الخير والشر داخل الإنسان وهو يؤدى فريضة عظيمة وكبرى كالصيام خاصة عندما تكون لذلك الانسان اخطاءا شخصية، وكذلك عندما تحيط به بيئة فاسدة او نقاط ضعف عاطفية، تحاول جميعها جره جرا إلى الإنحراف المالى والإدارى والعاطفى ، بينما هو يقاوم حرصا على صحة تجربة الصيام الذى يؤمن بأنها فريضة شاملة تمس كل تصرفات الصائم وليست فقط مجرد إمتناع عن الطعام ؟ وقد مثل الفنان يحيى الفخرانى دور الأستاذ صيام المدير المحبوب الشريف المجتهد المنفتح على الحياة الذى يخوض تجربة الصيام للمرة الاولى فى حياته لكنه يخوضها بصدق وحرص، كذلك تعكس حلقات هذا المسلسل اولئك اللصوص الذين ينهبون ويفسدون فى الارض ثم يصومون ويدعون ربهم عند الإفطار، وقام بدور الموظف الشرير ببراعة الفنان عبدالله فرغلى ،
ويتضح من خلال أحداث المسلسل أن التآمر ضد القطاع العام كان مبكرا جدا، وأن هناك تحالفا قويا معقودا منذ زمن بعيد بين الأجانب وفاسدى الداخل وذلك لتخريب الإقتصاد الوطنى ونهب مقدراته ، ويوضح المسلسل كيفية تخريب شركة ناجحة تمهيدا لبيعها لهؤلاء الأجانب ؟
كما يوضح المسلسل تخاذل النخب والقادة وارتدادهم عن المثل العليا فور توليهم المناصب الكبيرة ، بل وتحولهم الى اعداء للتغيير على عكس ما كانوا يروجون ،مثل الأستاذ الجامعى الذى تم تعيينه مديرا لأحد المستشفيات التى تعانى من نقص الامكانات والمستلزمات الطبية بشدة ، وبدلا من قيامه بمواجهة المسئول الأعلى ومطالبته بالدعم المطلوب للمستشفى حفاظا على حياة الناس، إذا به يصطدم بمرؤسيه من الأطباء قليلى الحيلة خاصة الدكتورةفوزية( فردوس عبد الحميد) زوجة الأستاذ (صيام ) التى كتبت تقريرا صريحا تطالب فيه بعلاج أوجه النقص لتوفير العناية الصحيحة للمرضى ، فإذا بالأستاذ الجامعى يحول الدكتورة الصريحة إلى التحقيق ويكلفها بأعمال فوق طاقتها لإسكاتها ؟

ايضا تدور دراما المسلسل حول العلاقات بين ابناء الاسرة الواحدة وتناقضات بعض افرادها وجشع البعض الآخر رغم الصيام ، وكذلك تظهر الحلقات نفوذ رجال الاعمال وتدخلهم فى القرارات التى تمس شئون الاقتصاد، وكذلك كيفية تولى الفاسدين وإستيلائهم على المناصب العليا ،

لكن يعاب على المسلسل نهايته السعيدة الغير واقعية ، حيث نجا يحي الفخرانى ( صيام) من فخ الفاسد عبدالله فرغلى الذى حاول الزج به فى قضية فساد حيث تم الإفراج عنه ، فيما تم إنصاف زوجته الدكتورة فوزية ( فردوس عبد الحميد) بعد تحويلها للتحقيق وتعمد تهميشها بسبب مواقفها المهنية المحترمة ،وذلك بعد ان عاد رئيسها النخبوى أستاذ الجامعة إلى رشده وتبنى ما كتبته فى تقريرها ؟

المسلسل موجود على اليوتيوب بحلقاته ال30 لكن يمكن الاستمتاع بآخر ثلاث حلقات فى حال عدم توافر الوقت أو المقدرة ،،،

#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل