أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - رؤية مستقبلية: كيف يمكن تحقيق مشروع عربي نهضوي متكامل؟














المزيد.....

رؤية مستقبلية: كيف يمكن تحقيق مشروع عربي نهضوي متكامل؟


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 12:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود

لطالما كانت الأمة العربية تملك مقومات النهضة والحضارة، ولكنها لم تستطع حتى الآن تفعيل طاقاتها الكامنة لتأخذ موقعها الطبيعي في مقدمة الأمم. وفي ظل عالم متغير سريع التطور، لم يعد هناك متسع للفرقة والتشرذم، إذ باتت القوة هي القانون الحاكم في النظام الدولي، وأصبحت الدول التي تمتلك رؤية استراتيجية ومقدرات اقتصادية وعسكرية وعلمية هي القادرة على فرض إرادتها.

وفي الوقت الذي نجحت فيه أوروبا في توحيد نفسها داخل منظومة الاتحاد الأوروبي، وتمكنت الصين من إحداث نهضة علمية واقتصادية شاملة، واستطاعت دول كتركيا وإيران أن تؤسس لنفوذ إقليمي قوي رغم التحديات، لا تزال الدول العربية تعاني من الانقسامات السياسية والاقتصادية وضعف التكامل الداخلي. إن استمرار هذا الواقع لا يخدم إلا القوى المتربصة بالعالم العربي، التي تعمل منذ عقود على تفكيك وحدته وإبقائه في حالة تبعية.

لقد آن الأوان لإطلاق مشروع عربي نهضوي شامل يقوم على توحيد الصف العربي، وإنشاء جيش عربي موحد، وتفعيل السوق العربية المشتركة، وتوحيد المناهج الدراسية، وتطوير البحث العلمي، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، بهدف تحويل الأمة العربية إلى قوة فاعلة على الساحة الدولية. إن هذه الأهداف ليست مجرد أحلام، بل هي ضرورات تاريخية واستراتيجية تفرضها طبيعة العصر، ولتحقيقها لا بد من إرادة سياسية قوية، وخطط واضحة، وعمل دؤوب.

توحيد الصف العربي: ضرورة ملحة أم خيار مستبعد؟

لطالما شكلت الانقسامات السياسية بين الدول العربية العائق الأكبر أمام تحقيق الوحدة، لكن التجربة أثبتت أن الدول التي تسير في تكتلات قوية قادرة على تحقيق إنجازات عظيمة. إن توحيد الصف العربي لا يعني إلغاء سيادة الدول، بل تأسيس منظومة تعاون قوية على غرار الاتحاد الأوروبي، تتعامل مع القضايا المصيرية بروح الشراكة والتكامل.

يمكن تحقيق ذلك عبر:

تفعيل مجلس الأمن والدفاع العربي المشترك لتحقيق تنسيق أمني واستخباراتي فاعل.
إنشاء منظومة عربية موحدة لمواجهة التحديات الاقتصادية والعسكرية.
تعزيز الدبلوماسية العربية المشتركة واتخاذ مواقف موحدة تجاه القضايا الدولية.

الجيش العربي الموحد: حلم قابل للتحقيق

تعاني الدول العربية من ضعف التنسيق العسكري، رغم أن معظمها يخصص ميزانيات ضخمة للدفاع. إن إنشاء جيش عربي موحد لا يعني دمج الجيوش، بل تأسيس قيادة مركزية مشتركة، تعمل على توحيد الاستراتيجيات الدفاعية، والتنسيق العسكري، وإنشاء قوة تدخل سريعة لحماية الأمن القومي العربي.

الخطوات العملية لذلك تشمل:
وضع استراتيجية دفاعية عربية موحدة.
تأسيس مجمع صناعي عسكري عربي لإنتاج الأسلحة محليًا.
إنشاء قوات ردع مشتركة لمواجهة أي تهديدات إقليمية أو دولية.

السوق العربية المشتركة: مفتاح الاستقلال الاقتصادي

رغم أن الدول العربية تمتلك ثروات ضخمة، إلا أن اقتصادها لا يزال تابعًا للخارج، وتعاني العديد من الدول من ضعف التصنيع والاعتماد المفرط على الاستيراد. إن تفعيل مشروع السوق العربية المشتركة من شأنه أن يحوّل العالم العربي إلى قوة اقتصادية عظمى عبر:
إزالة الحواجز الجمركية بين الدول العربية.
إنشاء بنية تحتية تربط الاقتصادات العربية ببعضها البعض.
دعم الصناعات المحلية وتعزيز الاستثمار المشترك بين الدول العربية.

توحيد المناهج الدراسية وتحديث التعليم الجامعي

التعليم هو الأساس الذي تُبنى عليه النهضة. ولكن المناهج الدراسية في العالم العربي تعاني من التفاوت الكبير وغياب الرؤية الموحدة. إن توحيد المناهج، وتطوير التعليم الجامعي، وزيادة الإنفاق على البحث العلمي من شأنه أن يخلق جيلاً عربيًا قادرًا على مواجهة تحديات العصر.

البحث العلمي وتوطين التكنولوجيا

العالم يتجه نحو اقتصاد المعرفة، بينما لا تزال الدول العربية تخصص نسبًا ضئيلة من ميزانياتها للبحث العلمي. لا بد من وضع خطة عربية شاملة لدعم البحث العلمي، وتحفيز الابتكار، وتوطين التكنولوجيا الحديثة عبر:

إنشاء صناديق دعم للبحث العلمي العربي المشترك.
تشجيع الابتكار وريادة الأعمال عبر الحاضنات التكنولوجية.
توطين الصناعات التكنولوجية المتقدمة بدلاً من استيرادها.

حلول مبدعة لأزمة البطالة والفقر ومكافحة المخدرات

تشكل البطالة والفقر تهديدًا مباشرًا للاستقرار الاجتماعي، وتساهم في تفشي الجريمة وتعاطي المخدرات. لا بد من إيجاد حلول شاملة، مثل:

دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع ريادة الأعمال.
تحسين أنظمة التعليم والتدريب المهني بما يتلاءم مع سوق العمل.
تطوير برامج مكافحة المخدرات عبر التوعية والتشريعات الصارمة.

الإعلام والثقافة ودورهما في تشكيل وعي عربي وحدوي

الإعلام العربي اليوم في معظمه يعزز الانقسامات بدلاً من توحيد الصف. لا بد من إعادة صياغة الرسالة الإعلامية بما يخدم المصالح العربية المشتركة عبر:
إنشاء قنوات عربية مشتركة تركز على الهوية والوحدة العربية.
دعم الإنتاج الثقافي والفني الذي يعزز القيم الوحدوية.
تعزيز دور المثقفين والمفكرين في تشكيل خطاب وحدوي واعٍ.

إن الواقع العربي اليوم ليس قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة تراكمات تاريخية وسياسية واقتصادية يمكن تجاوزها عبر الإرادة والعمل المشترك. إن تحقيق نهضة عربية شاملة ليس بالمستحيل، لكنه يتطلب قرارات جريئة، واستراتيجيات واضحة، وإيمانًا بأن هذه الأمة تمتلك كل المقومات لتكون قوة عالمية.

لقد أثبت التاريخ أن الأمم القوية هي التي تتجاوز خلافاتها، وتعمل على تحقيق أهدافها الكبرى. فهل سنظل ننتظر المعجزات، أم سنبدأ في بناء مستقبل يليق بتاريخنا وإمكاناتنا؟ إن التغيير يبدأ من هنا، من الوعي، ومن الإيمان بأننا قادرون على تحقيق النهضة إذا توحدت الرؤية، وصدق العزم.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية والأخلاق: هل يمكن تحقيق توازن بين الربح والقيم ال ...
- الإسلام وأزمة القيم في العالم المعاصر: رؤية حضارية بديلة
- الوعي والعقل: جدلية الإدراك والوجود في الفكر الفلسفي
- النظرة الاستعلائية في الحضارة الغربية: الجذور التاريخية والت ...
- من التطور إلى التفكيك: كيف تؤثر علمنة الدين على المجتمعات ال ...
- الأخلاق السياسية وحقوق الإنسان في فكر ديتريش بونهوفر
- الفيزياء الحتمية والمعادلة الكبرى هل يستطيع العلم فك شفرة ال ...
- السياسات العامة: رؤية شاملة لإدارة الدولة والمجتمع
- الدولة في الاشتراكية رؤية روزا لوكسمبورغ نحو التحرر والديمقر ...
- الدفاع الفلسفي عن وجود الله: رؤية وليام كريج في مواجهة الإلح ...
- إسرائيل كأداة للهيمنة الأمريكية: قراءة في الأدوار والوظائف ا ...
- الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل ...
- الأمن القومي العربي بين الواقعية السياسية والتحديات غير التق ...
- حق العودة الفلسطيني: جوهر القضية أم عقبة أمام التسويات السيا ...
- الوجود الإسلامي في أوربا: بين العزلة والاندماج
- الموت في الفكر الفلسفي: بين الوجود والعدم
- الدارك ويب: الوجه المظلم للإنترنت بين الحرية والجريمة
- الولايات المتحدة والسياسة الخارجية: من الهيمنة إلى التراجع؟ ...
- التغير المناخي: التحدي الأكبر في تاريخ البشرية وآفاق المواجه ...
- أحمد الشرع من ميادين القتال إلى ساحات الحكم: تحول استثنائي ف ...


المزيد.....




- لحظة نادرة.. الزعيم الصيني يُحيي الرئيس الروسي بحماسة
- بعبارات ترامب.. هكذا هنأت سفارة واشنطن في الرياض ولي العهد ا ...
- ميرتس يدق ناقوس الخطر ـ انتهاء الدولة الاجتماعية في ألمانيا! ...
- مقتل المئات وإصابة ما لا يقل عن ألف شخص إثر زلزال قوي ضرب شر ...
- كيف تشتعل الحرب الأوروبية في أفريقيا؟
- هل يتمكن الباحثون من ابتكار أول مضاد فيروسات واسع الطيف؟
- قمة منظمة شنغهاي: الرئيس الصيني يدين -عقلية الحرب الباردة- و ...
- بريطانيا تغلق سفارتها في القاهرة -مؤقتاً- بعد إزالة السلطات ...
- إدانات لقصف استهدف مستشفى شهداء الأقصى، وانطلاق أسطول كسر ال ...
- مؤسسة هند رجب تكشف تسلسل المجزرة الإسرائيلية بمستشفى ناصر


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - رؤية مستقبلية: كيف يمكن تحقيق مشروع عربي نهضوي متكامل؟