أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 15:06
المحور:
الطب , والعلوم
، يعتقد العلماء - اجماعا - بأن العبقرية تمثل أعلى قياس التفوق في النشاط الدماغ عند الفرد المقصود به بصفته عبقريا وذلك وعلى مبدأ تمييز الفروق بين الأفراد :
البيولوجيا النظرية كأسس قاعدية معرفية – في جانبها العضيي ، الحيواني – لم تضع منطلقات مفهومية أو حتى إشارات لظاهرة استثنائية قائمة بذاتها – المسماة بالعبقرية – المعجزة – وهو ما ترتب فقداً لوجود أية معارف (خاصة) بمثل هذه الظاهرة في كافة المجالات المتعلقة بدراسة الكائنات الحية العضوية العضيية كعلوم الفسيولوجيا ، التشريح ، الهسيتولوجيا ... ألخ – وذات الأمر أنعكس على كافة المجالات التجريبية المعاصرة الدقيقة إلى الآن ، حيث أن المسار التطوري للحقول التجريبية الناشئة تحدداً ، تظل معتمدة على الأصل المعرفة – النظري الأول ، الذي المتسمر في دراسة الكائنات الحية – العضوية على أساسين (شبه ثابتين) ، الأساس الأستاتيكي في التكشف المعرفي لبنائية جسم الحيوان والانسان – بما فيه الدماغ – والذي هو ذاته في دراسة المقارنات (الشكل التركيبي النسيجي ، الجانب الوراثي ، التشريحي ... ألخ) بين الأنواع (الحية من المملكة الحيوانية ، وما أكتشفت من محاثات لأسلاف منقرضة) ، وأيظاً بين التراكيب الداخلية ومؤلفاتها الكيميائية للكائن الحي الواحد ذاته – أما الأساس الثاني ، تمحور على الأساس الوظيفي – أما المقارنة الأستاتيكية الوظيفية بين الأنواع ، أو التتبع الأكتشافي للوظائف الحية والحيوية داخل الكائن الحي – أي وفق نهج ميكانيكي تتبعي لمعرفة الآليات والأنظمة والتفاعلات الداخلية العاملة لأعطاء الكائن الحي مظاهره وسماته المعبرة عنها بالحياة .
أن هذا الانحصار – الممثل عيب قصور جوهري غير مدرك وسم فيه تاريخ تطور العلوم البيولوجية التجريبية الدقيقة الحديثه حتى الآن – حصر جملة التطورات الهائلة في أكتشاف تسلسلي لما هو لم يكن معروفاً من قبل من الأنواع ، والبنائية الكيميائية والنسيجية – استاتيكية التصوير أو التخيل – وأيظاً ما لم يكن معروفاً من آليات أو وظائف أو تفاعلات حيوية ، أو التي من خلالها مُيزت معرفياً الحالات السوية من الأضطرابية والمرضية ، فأعتمدت عشوائية التجريب كالتلاعب بالجينات أو التدخل الجراحي أو العقاري على نظامية نسيجية مختلفة – لمواضع في الدماغ أو في أعضاء أو أجهزة أو خلايا غدية مختلفة بحثاً معتمدة توهمات تخمينية تقف وراء محاولات البحث الفجائي لتخليق حيوات أو آليات وظيفية مغايرة للمألوف الطبيعي ، كما وتنشق أتجاهات تجريبية (نظامية موجهة الهدف) لإكتشاف طرق العلاج للحالات المرضية – غير السوية – أو تخفيف الآثار السلبية للأمراض المختلفة على المصابين – وهو ذات النهج الميكانيكي في التجربة – هذا غير الوصول لمعارف أستاتيكية (أساسية) للوقاية ...
فعلى صعيد موضوعنا (العبقرية – المعجزة) ، أن النهجين سابقا الذكر فرضا جموداً على ذهن علماء التجريب ، بحيث لا تتحرر عقولهم العلمية – حتى في التخيل – خارج استاتيكية وميكانيكية ما هو قائم أو حادث – في الأنسان أو الحيوان الحي – أو ما هو حادث متغير ميكانيكي عائد لتدخل الأنسان – من هنا فالبنائية النظامية الطبيعية (نسيجياً ووظيفياً) لدماغ الأنسان أصبح معروفاً , ولأن الأنسان موسوم بوجود الفوارق بين الأفراد – رغم واحدية النظامية البيولوجية لهم جميعاً – بعائد لأثر جيني مورث أو عائد لمرجعية اكتسابيه لبيئة اجتماعية أو أسرية ، أو عائد لأمور متعلقة بالموهبة أو الاستعدادات الأولية للشخصية ، أو الميول أو الاهتمام ، والذي على أساسه دمغ تاريخ تطور العلوم (الحية) – التجريبية والتطبيقية ، بدراسة تلك السوية غير المرضية – لفروق درجات النشاط الوظيفي للدماغ ، وتعقد بنهائيته التركيبية والنسيجية (المنتجة لتلك الفروق بين الأفراد) – كتمييز فروق الذكاء بين الأفراد ، وفروق نشاط الدماغ وعمله ، بل وفارق التعقيد البنائي الهيكلي والوظيفي لأجزاء أو مواضع بعينها من الدماغ ، وفق اتجاهات وزوايا البحث لدراسة ظاهرة بعينها من هذا إلى ذلك ، وهو ما فرض عدم وجود مفهوم خاصاً لمسمى (العبقرية – المعجزة) كظاهرة استثنائية مستقلة بذاتها ، وهو ما أرجع ويرجع حكم العلماء كحكم العامة ، بإطلاق مسمى العبقرية لكل أنسان عالي الذكاء أو المعرفة أو الخبرة المهاراتية المهنية الدقيقة أو المبدع أو المخترع أو النبيه أو البليغ أو القائد أو المفكر ... الخ ، وهو حكم لما هو ملموس الأثر كعائد منتج من ذهنية متفوقة عن تلك لدى الآخرين ، وهو ما تصل إليه القياسات الاستقرائية لفارق الذكاء ، أو الأجهزة التصويرية للتعقد البنائية الوظيفية لنشاط الدماغ ، أو ما تصل إليه التشريحية لمح أو دماغ الفرد المعلم بالتميز (التفوقي) بعد موته .
وحسب ما نعتقد ، أن العلماء التجريبيين سيظلون رغم دراساتهم الراهنة والمستقبلية حول مبحث العبقرية – المعجزة لن يصلوا إلى ناتج سوى متكرر ما وصلوا إليه قبلاً – وأن كانت بقراءات جديدة – فجميعها تظل منحصرة في خانة دراسة الفوارق بين الأفراد ، لن يعرفوا من أين أتى الاستثناء (الدماغي) ، ولن يعرفوا – إلاّ تخميناً أو صدفةً – إذا كان أصل الدماغ ذاته عند هذا الفرد (النوعي) كان استثنائياً منذ طفولته أم أنه قد وُسم بتحول (بنيوي) لاحق عن أصل اعتيادي سابق ، ولن يعرفوا إن كان ممكناً التدخل العلمي لصناعة أو تخليق أفراد عباقرة بعينهم ... أم لا – وهو ما كانت تتحنط فيه النازية الهتلرية هماً ، لأشاعه وهم التفوق العرقي الألماني النازي عن بقية أنسان الشعوب الأخرى – وللأسف ما لم يعلن في مراكز الابحاث السرية لبلدان التفوق العالمي ، في أن جميعها تستغل في كيفية خلف الأنسان (السوبرمان) ، ليس على أسس لتثبيت السيطرة المستقبلية على العالم ، وهو ما يفرض – وفق هذه النزعة الأخيرة إلى جانب جموديه العقل في منحصر نهج المعرفة النظرية – يقود على الدوام نحو تخليق مختبري (تعديلي) لجزئيات وظيفة يجري أنماءها قدراتي ، تكون على حساب جزئيات وظيفية أخرى ينتج تضررها – لا يهتم بها – طالما أن تلك الأنمائية الوظيفية من الجزئيات تحقق تطوراً لفرض واقع التفوق لامتلاك المنفعة مقارنة بغيرها من البلدان – بينما حقيقة العبقرية –المعجزة (طبيعياً) ، تكون أنسانية عامة العطاء والموقف لا يمكن امتلاك حامل ذلك العقل أو توجيهه أو تحيزه ، ولا يمكن لذات الدماغ أبداً أن يعكس نفسه سلباً أو ضرراً عل المجتمع ، حتى في أشد حالات غرابة الانسان الفرد العبقري ، حتى في أهوائه وتقلباته على صعيد الشخصية الحاملة لهذا الدماغ ، عند الدراسة الفاحصة المحايدة موضوعياً ، نجد أن ما تظهره غرابة السلوك والطباع والأمزجة (عند هذا النموذج) ، والتي يعتقد ظاهراً (بسطحية) أنها تؤثر في الأخرين سلباً كأخطاء مرتكبة بسبب (غرائبية الشخصية) ، سنجد أنها لم تكن مضرة أو مؤثرة سلباً على الآخرين ، بقدر أن الآخرين غير مستوعبين (استثنائية طبيعية هذه الشخصية) ، فيسلكون دون دراية بموقف مسبق عدائي أو استهجاني بخروجها عن القواعد والنظم والأعراف والمنطق الذي يحكم السلوك والتعامل والمسلك ، وهو ما يقاس من خلاله أن غرابة الشخصية تخلق ضرراً أو أثراً سلبياً على الآخرين – كحكم ظالم جاهل بذاته (اجتماعياً) أو في نظر متخصصي مجالات علم النفس .
كما ونجد هناك ضرورة لطرح شاردة أخرى من (الخواء) في الأساس النظري لعلوم البيولوجيا – حتى التجريبية المعاصرة .. في حدود عالمنا ، والذي نحتسبه طرحاً نوعياً جديداً (مضافاً لعلم البيولوجيا النظرية) – بأن فروق الفردية لا توجد سوى بين أفراد (نوع الأنسان) فقط دون ع سواه من حيوات المملكة الحيوانية حتى الرئيسيات ، من حيث أنها مرجعة للوعي الانساني – المفكر الغائي- عند الأفراد ، والتي هي وظيفة دماغية مُعلمة فقط لنوع الانسان – وكما نراه اعتقادا خطاءً جسيماً وقع ويقع فيه العلماء دوماً بجمودهم الرؤيوي – النظري هذا كقاعدة تعميمية بافتراض أنها الحقيقة المطلقة – بينما الحقيقة (وفقاً لما نعتقد) أن الفروق الفردية قائمة بين أفراد النوع الواحد من المملكة الحيوانية – أي أنها ليست خاصة استثناءاً بالإنسان لوحده كنوع – حيث أن الحقائق البيولوجية المكتشفة – وغير المستوعبة عند العلماء ، بأن النوع البيولوجي البشري لما قبل مسمى الانسان (بوعيه الانساني) ، كان يغلب عليه بشبه أطلاق بطبيعة (الوعي البيولوجي) – أي الحيواني بعملها الدماغي – ومع تكشف استثنائية الوظيفة الدماغية عند الانسان بقدرته على التنظيمية الاستدعائية للمعرفة المخزنة بصورة مدركة ، والتخطيطية الهادفة بالاتكاء على تلك المعرفة المكتسبة سابقاً لبناء ممارسة أكثر تطوراً ونفعية مما كانت تحققه ممارسته السابقة – نشاُ وعياً دماغياً – نوعياً - جديداً يتحكم تدريجياً بالسيطرة على نوع الوعي البيولوجي (الحيواني) .. تهذيباً ، فنشأت عنها القيم الأخلاقية والمفاهيم الممثلة قواعد معرفية تنظم حياة الأنسان مجتمعياً وتوجه نزعاته ومسالكه وقياسها ، لتصبح قيماً عليا للتمثل ، أما مقابلها الإنقاصي أو المضاد ، فتعد قياساً بالحيوانية .
مما سبق ، يمكننا الطرح بكل ثقة أن الفوارق الفردية بين أفراد النوع الواحد ، هي مسألة قائمة حقيقة في الأنواع الحيوانية المختلفة (المتطورة منها) ، والتي أصبحت موسومة بامتلاكها دماغاً مركزياً – وبالتحديد وفق ما نراه بدءاً من الفقاريات – وكلما ذهبنا في اتجاه التطور الدماغي (وظيفياً) بين الأنواع ، تزداد الفروق الفردية بين أفراد النوع الواحد ، وصولاً الى نوع الانسان بيولوجياً ، تزداد الفروق الفردية بين الأفراد ، ومع تقدم وعي الانسان ، ينعكس ذلك في تزايد الفروق بين الأفراد – بمسمى الشخصية – على صعيدي بنائية الدماغ أو معبرات ما تسمى بالسمات أو الأبعاد النفسية أو الطباع – وهنا تحديداً لم يلتفت العلماء لمسألة حقيقة وجود الفروق الفردية في كل نوع من أنواع المملكة الحيوانية ، وتم حصرها في الانسان فقط ، كون أن دماغه الاستثنائي وظيفياً – طابع التفكير الحر الإرادي الهادف – بقدر ما مثل نوعاً جديداً في هرم المملكة الحيوانية ، ومعكوساً وراثياً ، إلاّ أنه ما خلق السمات النفسية ومسألة الشخصية ، والراجع إليهما مسألة وجود الفروق بين الأفراد لنوع الانسان أو محددة به .. فقط .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟