أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام فكري - الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي














المزيد.....

الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي


إكرام فكري

الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستعمار كان مشروعًا استغلاليًا يهدف إلى السيطرة ونهب الموارد، إلا أنه ترك آثارًا جانبية غيّرت حياة الشعوب المستعمَرة. هذه التغييرات، التي قد تبدو إيجابية في الظاهر، لم تكن نابعة من نوايا حسنة بل كانت جزءًا من مشروع استعماري شامل لتحقيق الهيمنة الاقتصادية والسياسية.

قبل الاستعمار، كانت نظم التعليم في المجتمعات المستعمَرة تقليدية أو دينية ومحدودة، وغالبًا ما كانت تركز على تعليم الذكور فقط، بينما استُبعدت الفتيات تمامًا. مع وصول القوى الاستعمارية، أُدخل نظام تعليمي جديد، لكنه لم يكن مصممًا لتحسين حياة السكان المحليين، بل كان يهدف إلى خدمة مصالح المستعمر. تأسست المدارس على أسس طبقية، حيث خُصصت للنخب المحلية وأبناء الأعيان لإعدادهم لخدمة النظام الاستعماري، بينما بقيت الأغلبية محرومة من هذه الفرص. هذه الطبقية التي أُرسيت خلال تلك الفترة لا تزال تلقي بظلالها على المجتمعات المستعمَرة، حيث استمر التفاوت في فرص التعليم والانقسامات الاجتماعية حتى يومنا هذا.

البنية التحتية التي أنشأها المستعمر، مثل شبكات النقل والمستشفيات والمدارس، ساهمت في إدخال بعض التحسينات في حياة السكان المحليين، لكنها كانت موجهة بالأساس لخدمة الأهداف الاستعمارية. على سبيل المثال، صُممت شبكات النقل لتسهيل استغلال الموارد الطبيعية ونقلها إلى الدول المستعمِرة، وليس لتحسين حياة السكان. ورغم أن بعض هذه المشاريع ساعدت في تحسين الرعاية الصحية وتقليل الوفيات، إلا أن الغرض الأساسي منها كان حماية مصالح المستعمر وضمان استمرارية النظام الاستعماري. حتى اليوم، تعكس البنية التحتية التي خلفها الاستعمار أولويات اقتصادية وسياسية لم تكن في صالح السكان الأصليين.

التغييرات الاجتماعية التي فرضها الاستعمار شملت تعزيزًا محدودًا لدور المرأة في التعليم، حيث أُتيحت للفتيات فرص محدودة لدخول المدارس لأول مرة. ورغم أن هذا التطور كان يبدو وكأنه خطوة إيجابية، إلا أنه كان جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل البنى الاجتماعية بما يخدم النظام الاستعماري. هذه التغييرات أدت إلى ظهور انقسامات طبقية جديدة، حيث استفادت النخب المحلية بينما بقيت الأغلبية تعاني من الإقصاء والتهميش. هذه الانقسامات، التي تعززت بفعل السياسات الاستعمارية، لا تزال تؤثر على المجتمعات المستعمَرة حتى اليوم.

على الرغم من رحيل المستعمرين منذ عقود، إلا أن الأنظمة التي أقاموها لاستغلال الموارد والتحكم في السكان المحليين ما زالت مستمرة في التأثير. التعليم، الصحة، والبنية التحتية التي يمكن أن تكون أدوات للتنمية، بقيت تعاني من إرث الماضي، حيث تخدم أحيانًا مصالح فئات معينة على حساب الأغلبية. الانقسامات الطبقية والاجتماعية التي وُلدت خلال الحقبة الاستعمارية أصبحت جزءًا من الواقع الذي يصعب التخلص منه.

الاستعمار، رغم إدخاله لبعض التحسينات، لم يكن مشروعًا حضاريًا بل نظامًا استغلاليًا يخدم مصالح القوى الاستعمارية. الإرث الذي تركه، من نظام تعليمي طبقي وبنية تحتية موجهة وانقسامات اجتماعية عميقة، ما زال يلقي بظلاله على المجتمعات المستعمَرة، مما يجعل مواجهة هذا التاريخ تحديًا مستمرًا لهذه الشعوب.



#إكرام_فكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التع ...
- عندما يصبح الاختيار رحلة لفهم الذات
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- القوة الموازية في الفرد و المجتمع
- المجهول : الرحلة بين الحياة و الموت
- المجهول: الرحلة ما بين الحياة و الموت
- العشرينات
- عالم التسليع
- الرسم بالكلمات
- الخوارزمي
- بين الزنزانة الفردية و خيانة الحقيقة
- احتراق
- حقيقة واقعية
- حالة ضعف
- تجليات المقدس في القوة النفسية
- المقدس و تجلياته النفسية
- كل مواقف الحياة ما هي إلّا رسالة لي ، و ينبغي أن أجيد قراءة ...
- في غياهب الجب
- المليحة و الشياطين


المزيد.....




- سفارة أمريكا في القدس تُجدد تحذير رعاياها بعدم قدرتها على مس ...
- السعودية.. ظهور جديد لسعود القحطاني.. وتركي آل الشيخ يُعلق
- وسائل إعلام إيرانية رسمية: طهران تُسقط مسيرة إسرائيلية بالقر ...
- هذا الموقع تحت الأرض هو جوهر البرنامج النووي الإيراني.. إليك ...
- ترامب يشن هجوما لاذعا على ماكرون بسبب تصريح -وقف إطلاق النار ...
- رفع مستوى التأهب الأمني في منشآت القيادة الأمريكية بمنطقة ال ...
- إلى أين تتجه العملية الإسرائيلية في إيران؟
- DW تتحقق ـ صور وفيديوهات مزيفة عن التصعيد بين إيران وإسرائيل ...
- هل سيخرج الدم الاصطناعي من المختبر قريبا؟
- الدفاع الروسية: إسقاط 147 مسيرة أوكرانية بينها اثنتان فوق مو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام فكري - الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي