أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - على حافة العاصفة














المزيد.....

على حافة العاصفة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8209 - 2025 / 1 / 1 - 15:27
المحور: الادب والفن
    


كان البحرُ يبتلعُ ضوءه،

يمحو أفقهُ بخطوطٍ حادةٍ من الرمادِ والملح.

كنتُ هناك، أراقبُ الموجَ وهو يُفكِّرُ.

نعم، الموجُ يُفكِّرُ،

يستديرُ نحو نفسه كعجوزٍ غاضبة،

يبحثُ عن أسماءٍ غارقةٍ

لم تعد تعني شيئًا إلا للغريق.

الغيمُ يُطرِّزُ سماءً عرجاء،

ريحٌ تتحدثُ لغةً لا يفهمها إلا الجنون.

وأنا؟

مُمسكٌ بيديَّ الاثنتين على مجدافٍ مكسور،

أدرك أن التيار ليس عدواً،

بل امتحان يفتح أبواباً نحو اللامعقول.

قال لي البحرُ:

"مَن يُبحرُ بلا وجهةٍ

يجد في الضياع وطناً."

فابتسمتُ، كأن شفتيَّ قد خُلقَتا للردِّ على الأقدار

بابتسامةٍ من نار.

السباحة ضد التيار ليست خياراً،

بل رقصةٌ،

إيقاعها صمتُ الأحلام،

وسقفها ذاكرةُ الشمس المكسورة.

أصابع الموج تلوّحُ كأنها تقول:

"ارحلْ نحو الداخل،

حيثُ التيار ليس سوى انعكاسٍ لأفكارك الهاربة."

في أعماقي كنت أرى نفسي:

جسدٌ يَتقدّمُ ببطء،

لكنه ممتلئٌ بالأسئلة.

لماذا يعشق الماءُ افتراسَ الجسد؟

هل العاصفةُ هي الشاعر الذي فقدَ قافيتهُ،

أم أنها القصيدة التي لا تريد أن تُكتب؟

حين وصلتُ إلى الهدوء الذي يسبقُ الهزيمة،

وجدتُني محاطاً بصمتٍ أزرق.

لا زمنَ هنا،

فقط ارتعاشةُ أصابعٍ تبحث عن حبلٍ يربط الوجود
بالعدم.


سمعتُ صوتاً داخلياً يصرخ:

"البحرُ ليس عدوك،

التيار ليس سجّانك.

أنت الماء،

أنت العاصفة،

أنت الاتجاه الذي لم يُرسم بعد."

في لحظةٍ،

عانقتني العاصفةُ كعاشقٍ لم يعد يخاف الفقد.

غاصت أصابعها في صدري،

ونبشت أسراراً كنتُ أخفيها حتى عن نفسي.


قالت لي الريح:

"أنتَ لستَ مسافراً،

أنتَ فكرةٌ هاربةٌ من ذاكرة الخلق،

أنتَ الخطأ الجميل الذي رسم الكونَ على وجه الماء."

بدأتُ أفهم:

التيار ليس عدواً،

بل مرآةٌ مكسورة،

تُعيد تشكيل وجهي في صورٍ لم أكن أعرفها.

وفي تلك الصور رأيتني طائراً من ملح،

ينقضُّ على الريح ليعانقها،

ثم يتحطم ليصبح أغنية.

الموجُ الآن يضحكُ،

ضحكةً ليست سخرية،

بل احتفاءٌ بالكائن الذي يُحارب نفسه ليصير شيئاً
أعظم.


كنتُ هناك،

غريقاً يصنع من غرقه وطناً جديداً،

يُعيد تسمية الجغرافيا،

ويحفرُ مجراه الخاص بين الأمواج.

أردتُ الصراخ،

لكن الصوت في البحر لا يسافر،

فكتبتُ على الماء بيديَّ:

"لستُ منكم، ولستم مني.

أنا من صُنع الرياح،

ومن ضياع الطريق،

ومن التيار الذي علّمني أن أكون ماءً في وجه النار."



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم على عتبة 2025: أفق مشتعل أم انطلاقة جديدة؟
- نقد الموقف من النماذج الاجتماعية وضرورة الموقف ضد الإرهاب ال ...
- اليمن: مركز جيوسياسي ومحور استراتيجي في المنطقة
- حكايات الخيانة في كومباوند س
- مرآة الحلم المنسي
- أنتِ أفقٌ لا يغيب
- ‎يا لصخب البرد، كسر خاطري

- تحول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني): من إرهابي إلى رجل دولة
- حينما ينبت الحلم من الرماد
- حرب الروبوتات التي تشنها إسرائيل في شمال قطاع غزة وكيفية تعا ...
- الحدود المفتعلة بين الأخلاق والسياسة: فصلٌ أم تداخلٌ محتوم؟
- يوميات طبيب نفسي (نوفيلا-رواية قصيرة)
- الشعب السوري بين أفق الجولاني والتحدي الإسرائيلي
- أنشودة للمهاجر الغريب
- مراثي النسيان
- اليمن: مقاومة المبدأ في وجه العالم
- حين يصبح القلب باباً
- خيبة الضوء ووشوشة الظلال
- عودة المجد
- في طيات الأنفاس


المزيد.....




- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - على حافة العاصفة