أنواع طبقات الشراكات المجتمعية /بقلم ميشال فوكو -- ت: من الفرنسية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 00:34
المحور: الادب والفن
    

ختيار وإعداد شعوب الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري
"إن هدف الحبس لم يكن العقاب فقط، بل فرض نموذج معين من السلوك بالقوة، بالإضافة إلى القبولات: قيم المجتمع وقبوله". . (ميشال فوكو)

النص التالي للفيلسوف والأكاديمي الفرنسي ميشيل فوكو (1926 - 1984). هو جزء من مقابلة أجرتها معه جينيفيف أرمليدر عام 1971.

النص؛
س: ميشيل فوكو، لقد طلبت مني ألا أسألك أسئلة تتعلق بالأدب واللغويات والعلامات. على أية حال، أود منك أن تقوم سريعًا بتأسيس علاقة بين اهتماماتك الماضية والإجراء الذي تقوم به حاليًا.

- لقد وجدت أن أغلب المنظرين الذين يسعون إلى الهروب من الميتافيزيقا أو الأدب أو المثالية أو المجتمع البرجوازي لا ينجحون، وأنه لا يوجد شيء أكثر ميتافيزيقيا أو أدبيا أو مثاليا أو برجوازيا من الطريقة التي يحاولون بها تحرير أنفسهم من النظريات.

أما أنا، فقد كرّست نفسي، في أوقات أخرى، لمواضيع مجردة وبعيدة عنا مثل تاريخ العلم. اليوم أريد حقًا أن أبتعد عن ذلك. وبسبب ظروف وأحداث خاصة تحول اهتمامي نحو مشكلة السجون، وقد عرض علي هذا الاهتمام الجديد كحل حقيقي للتغلب على التعب الذي شعرت به فيما يتصل بالمسألة الأدبية. ومع ذلك، أجد هناك استمرارية كنت أرغب في كسرها. لقد حاولت في الماضي تحليل نظام الاحتجاز المطبق في مجتمعنا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.

ومن وجهة نظر عامة، يمكننا أن نستمتع بتصنيف المجتمعات إلى أنواع مختلفة. هناك مجتمعات طاردة: عندما لا تستطيع مجموعة أو هيئة اجتماعية أن تتسامح مع فرد ما، فإنها ترفضه، كما كان جزئياً الحل اليوناني؛ في العصور القديمة، كان اليونانيون يفضلون المنفى على أي عقاب آخر. وهناك أيضًا مجتمعات قاتلة أو معذبة أو تطهيرية، حيث تُخضع المتهم لنوع من الطقوس العقابية أو التطهيرية، وأخيرًا هناك مجتمعات سجنية، مثل مجتمعنا منذ القرنين السادس عشر والسابع عشر.

في تلك الفترة، فرض تطور جهاز الدولة والاقتصاد معايير اجتماعية واقتصادية على السكان. لقد بدأ مجتمعنا بتطبيق نظام الإقصاء والإدماج -الحبس أو السجن- ضد أي فرد لا يتوافق مع تلك المعايير. ومنذ ذلك الحين، تم استبعاد بعض الرجال من دائرة السكان وفي الوقت نفسه تم إدراجهم في السجون، تلك الأماكن المميزة التي تمثل إلى حد ما اليوتوبيا الحقيقية للمجتمع. لم يكن هدف الاحتجاز هو العقاب فحسب، بل كان أيضًا فرض نموذج معين من السلوك بالقوة، بالإضافة إلى القبولات: قيم المجتمع وقبوله.

س: ألا تعتقد أن التقليد أيضًا يولد ظاهرة "التبرئة"؟

- نعم، ومن المرجح أن هذه الحقيقة مرتبطة بشكل معين من أشكال نزع المسيحية أو إضعاف الضمير المسيحي. فالعالم كله مشارك في خطيئة رجل واحد. لكن بما أن عالم السجون موجود، فيجب أن يكون من هم خارجه عادلين أو يُنظر إليهم على هذا النحو؛ والمذنبون هم الذين في السجن، وهم وحدهم. وهذا في الواقع يخلق نوعاً من الانقسام بين الاثنين، ويبدو لأولئك الذين في الخارج أنهم لم يعودوا مسؤولين عن أولئك الذين في الداخل.

س: مع جيل دولوز، وجان ماري دوميناتش، وبيير فيدال ناكيه، أنت الآن على رأس مجموعة معلومات السجون. ما هي الأحداث التي أدت إلى ذلك؟

- في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قام عدد من السجناء السياسيين اليساريين والماويين بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على الظروف العامة للاحتجاز، سواء السياسي أو العادي. بدأت هذه الحركة في السجون وتطورت خارجها. منذ تلك اللحظة بدأت أتعامل مع هذه القضية.

س: ما هو هدف مجموعة معلومات السجون؟

- نود أن نعطي الكلمة للمعتقلين حرفيًا. ليس من نيتنا القيام بعمل علماء الاجتماع أو المصلحين. لا يتعلق الأمر باقتراح سجن مثالي. أعتقد أن السجن هو بطبيعته أداة للقمع. وقد تم تحديد طريقة عملها من خلال القانون النابليوني، منذ حوالي مائة وسبعين عامًا، ولم تتطور نسبيًا منذ ذلك الحين.

س: إذن ما هي الوسائل التي تستخدمها؟

- لقد قمنا، على سبيل المثال، بإعداد استبيان دقيق إلى حد ما حول ظروف الاحتجاز. وننقلها إلى المعتقلين ونطلب منهم أن يخبرونا عن حياتهم كسجناء بأكبر قدر ممكن من التفاصيل. وبذلك أقمنا العديد من الاتصالات؛ بهذه الطريقة نتلقى السير الذاتية والمذكرات الشخصية وقطع القصص. لقد تم كتابة بعض هذه المقالات من قبل أشخاص لا يستطيعون حمل القلم. هناك بعض الأشياء المذهلة. لا أود أن أقول إن هذه النصوص ذات جمال عظيم، لأن ذلك من شأنه أن يندرج ضمن رعب المؤسسة الأدبية. على أية حال، سنحاول نشر تلك المادة الخام أدناه.

س: ما هو برأيكم موقف السلطات من هذا التحرك السياسي؟

- أحد أمرين: إما أن إدارة السجن ووزير العدل لا يقولان شيئا ويعترفان بشرعية هذا الإجراء، وإما أن ينقلبا علينا. وبعد ذلك، ها هو ذا: جان ماري دوميناتش، وجيل دولوز، وبيير فيدال ناكيه، وفوكو سوف يذهبون إلى السجن!

س: ما هي وجهة نظرك الشخصية بشأن المشكلة التي تولدها وجود السجون؟

- ليس لدي رأي. أقتصر على جمع الوثائق ونشرها وتشجيعها إذا لزم الأمر. أنا ببساطة أرى ما لا يطاق. إن طعم الحساء الباهت أو برد الشتاء يمكن تحمله نسبيًا. ومع ذلك، فإن سجن شخص ما فقط بسبب وجود خلاف مع القانون هو أمر غير مقبول!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 12/29/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل