أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-16















المزيد.....


نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-16


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 00:52
المحور: كتابات ساخرة
    


ملاك وإيمان، صعب جدا أن يقبل العقل ذلك، لكنه إن تنازل، فحتما سيقول أن وفاء فوضى! وتسيب! وذكورية! وهوس ومرض! لكن الأمر لم يكن كذلك أبدا! كنتُ أرى نفسي مخطئا، لكني لم أستطع! قاومتُ وقاومتُ... واللعنة!! قاومتُ وبكل قوتي! لكني لم أستطع! وفاء كانت لعنة... أو لم تكن كذلك! كانت حلما تمنيتُ ألا أستيقظ منه! بل كابوسا أرعبني ولم أستطع الخلاص منه!!
لم تكن القصة، شابا قارب على العشرين، وجميلات كثيرات من حوله، وهو الملك يختار من يريد! بل كنتُ كما رأيتُ نفسي دائما مجرد كرة تتقاذفها الـ... ملكات! مجرد قائد جيش قد يموت من أجل الأولى وقد يفعل الأمر نفسه من أجل الثانية... و... اللعنة! الثالثة! والثالثة لأُلعن أكثر لم تختلف عمن قبلها في شيء! كانت مقوماتها كثيرة، وصدقها لم يكن مشكوكا فيه! حتى عندما تخيّلتها تتلاعب وتريد فقط تدمير مملكتي لم أجد أي دليل على ذلك يُمكن أن يقبله العقل! لا أحد سيدخل حقل ألغام ويُخاطر بحياته دون سبب وجيه ومنطقي يُقبل للحاكم من بعيد! لا أحد سيقترب من مملكة يستحيل أن تُغيَّر ملكتها ما لم يكن إما مجنونا وإما... وفاء!!
لكن قبل ذلك السبت، الأسبوع الذي سبقه تركتُ وفاء واقفة ورائي وواصلتُ سيري إلى منزلي يوم الإثنين، وفي الأمس، الأحد انتظرتْ وفاء اتصال إيمان فلم تتصل، وإيمان ما إن رأت رقم منزل وفاء و "أنتظر اتصالكِ" حتى مزقتْ الورقة وألقتْ كل شيء في... الحاوية.
يوم الأربعاء، خرجتْ إيمان، ومشتْ... فكّرتْ في أشياء، لكنها لم تُعرها اهتماما، وواصلتْ سيرها، لكنها تفطنتْ أنه لم يكن طريق منزلها... فواصلتْ سيرها حتى وجدتْ نفسها تدخل كلية الصيدلة، مباشرة بعد المدخل الرئيسي يوجد ما رأته إدارة... ربما، وبعده ساحة فسيحة تُحيط بها بناءات من كل جهة، فجالتْ بنظرها ثم جلستْ على بنك وبقتْ تنظر أمامها... قرابة الخمس دقائق جلستْ ثم قامتْ وقصدتْ باب الخروج ومشتْ بسرعة، حتى تجاوزته، وحينها سمعتْ صوتا يُنادي باسمها، فتوقفتْ دون أن تلتفت... لحظة ثم عادتْ إلى سيرها... لكن الصوت غلبها والتحق بها وأوقفها...
- لم أصدّق عندما رأيتكِ... رفض أن يسمح لي بالخروج... لكني قلتُ أني يجب أن أذهب للحمام... وخرجتُ... ماذا تفعلين هنا؟ ولماذا خرجتِ هكذا؟
- لا شيء... أتعرّف على الكلية... كنتُ أفكّر في إعادة التوجيه إلى هنا... وغيّرتُ رأيي...
- أول مرة تأتي إلى هنا أليس كذلك؟
- لا عندي صديقات... جئتُ عدة مرات...
- لكنكِ قلتِ... تتعرفين على الكلية...
- سأذهب... لديّ ما أفعل...
- جئتِ تبحثين عني، أليس كذلك؟
- ليس كذلك! ولماذا أبحث عنكِ؟!
- لا أعلم، منذ... منذ... لم نلتق... نمتِ بسرعة... وخرجتُ بعد ذلك
- ...
- ظننتُ أنكِ ستتصلين بي... كنتُ مخطئة
- لم أر بدا لذلك...
- أنا رأيتُ... لا يهم الآن... سأعاقب لأني خرجتُ من الحصة دون إذن... هل... هل لا يستحق ذلك منكِ أن تبقي قليلا على الأقل؟
- ولماذا سأفعل؟
- لا أعلم... أعرفكِ على كليتي... نشرب أو نأكل شيئا... نتكلم... ككل الناس
- لا رغبة عندي في ذلك
- طيب... نفعل الذي ترغبين فيه... و... الذي لا... أعلمه!
- أحبه...
- جميل ومبروك عليكِ... لكن لا أظنكِ جئتِ هنا من أجله...
- لماذا إذن؟
- لا أعلم... ربما أنّبكِ ضميركِ فيما قمتِ به معي... أقول... ربما...
- أنتِ مخطئة إذن! ولم أقم بشيء!
- لستُ ألومكِ... لم أقصد ذلك... فقط أردتُ أن أقول أني سعيدة برؤيتكِ... أما هنا! فذلك...
- ماذا؟
- لم أتصوّر حدوثه ولو لحظة واحدة...
- ...
- طيب، لا ندخل الكلية... نمشي إلى أي مكان... ما رأيكِ؟
- قلتُ لكِ عليّ الذهاب، وعندي
- لا شيء إيمان... لا يوجد عندكِ أي شيء... أرى ذلك في عينيكِ
- عدتِ للعينين!
- قولي لي ما المشكلة في أن نتكلم؟ أن نذهب معا إلى أي مكان؟ أن نتعرّف؟ قلتِ تُحبينه؟ وأجبتكِ مجرّد شخص تكلمتُ معه قرابة الساعة ولا يعنيني في شيء! مبروك عليكِ!
- لا أصدق ذلك
- بل صدقي عزيزتي... لو كنتُ أريده ما كنتُ تركته... يستحيل أن أتركَ من أُريد! أحاول، أحارب ولا أتنازل أبدا!
- وماذا تريدين؟
- جلسة بنات لا يُذكر فيها ليس فقط حبيب قلبكَ بل كل رجال الأرض... طلب بسيط مثلما ترين...
- ربما مرة أخرى، لكن ليس الآن...
- تقدمنا قليلا... يكفيني ذلك... أشكركِ
- ولماذا تشكرينني؟
- انظري في وجهي، ألا ترين أني سعيدة؟ ألا يستحق ذلك أن أشكركِ؟
- كلامكِ غريب و
- وماذا؟
- ومحرج!!
- محرج! ما المحرج فيه؟
- أشعر كأن رجلا يكلمني وليس امرأة! ويغازلني!
- تعرفين... عندما نمتِ تحرشتُ بكِ دون أن تتفطني... ما هذا الكلام إيمان؟!!
- حتى نظراتكِ لي غريبة... عليّ أن أذهب...
- غير معقول أن تكوني هكذا! ألا تعين ما تقولين؟ قلتُ أحببتكِ وأريد أن نكون صديقتين، لم أقل شيئا مما قلتِ!
- سأذهب...
- جيد، اذهبي... لا تعتذري عما قلتِ! إياكِ أن تفعلي! واصلي مثلما أنتِ! لكن المعزة لا تطير إيمان!
- أه... المعيز! أنتِ أيضا!
- ماذا؟
- لا شيء... سأذهب...
- فقط سؤال... لنفرض أني مثلما قلتِ وتأففتِ... هل تعلمين أن ذلك يعني أنكِ
- ماذا؟
- تحتقرين بشرا فقط من أجل شيء خُلقوا عليه ولم يختاروه!
- لستُ كذلك!!
- بل أنتِ كذلك! صدمتني... حقيقة صدمتني! ثم عزيزتي قلتُ لكِ أن أحب الرجال فقط، دائما وأبدا! والرجال ليس منهم روميو! بلغي له سلامي بالمناسبة!
- ...
- ماذا تنتظرين؟!
- لم أقصد ذلك! ولستُ مثلما قلتِ! لا أحكم على الناس هكذا!
- أظنكِ سترفضين قبولهم ونجدتهم عندما تتخرجين! يا للعار!
- قولي ما تريدين! لكني لستُ كذلك!!
- أكيد... أنا كذلك... حتى حبة أسبرين لن يرونها مني أولئك الـ
- أعتذر إذا جرحتكِ بكلام لم أقصده وفهمته خطأ... سأذهب...
- نعم، اذهبي، ولا تهتمي، أنا لا شيء بالنسبة لكِ، ورأيي لا يعن لكِ شيئا... الحياة جميلة وتستمرّ! مجرد طالبة صيدلة تكلمتِ معها عدة دقائق...
- قبل ذلك... أمران: لستُ مثلما قلتِ عني، وطريقة كلامكِ ليست عادية! نظراتكِ أيضا! ملاك أحب الناس إلى قلبي لا تنظر لي مثلما تفعلين أنتِ! أعرف جيدا تمييز ما أرى وأسمع! لستُ هوموفوبك لكني لستُ غبية!
- إيمان... انتظري!
- كلامي انتهى! لا تتبعيني رجاء...
- غير معقول! أنتِ لا تُصدَّقين!!
نعم... نعم... "كليشاي"! لا شك في ذلك! في قمة حيرتها مع ملاك، اصطدمتْ إيمان بوفاء وألقتْ عليها ما كان فيها! يظهر الأمر كذلك... إيمان لم تكن مخطئة، في ملاحظاتها... نظرات وفاء لم تكن عادية لكن لم يكن فيها ما رأته هي... قالت وفاء عن نظراتها وشرحتْ سببها لإيمان سابقا، لكنها سخرتْ منها ولم تقتنع، برغم أنها كانت الأقرب إلى فهم كل ما قالته، لكنها لم تكن لتستطيع ذلك وقتها...
ذلك اليوم، الثامنة ليلا، طُرق باب إيمان، فظنتها صاحبة المنزل... أحيانا، كانت تحمل إليها العشاء وتُصرّ على أن تأخذه برغم محاولة إيمان الرفض، أحيانا أخرى تُرسل لها مع ابنتها الصغيرة...
- أنتِ؟ كيف دخلتِ...كيف وصلتِ إلى هنا؟
- صادف وصولي أمام الباب خروج الرجل، فسألني... هل أنا صديقتكِ فقلتُ نعم... فسمح لي...
- ماذا تريدين؟
- فكرتُ كثيرا فيما حصل اليوم، و... وجدتُ أن عندكِ حق، فجئتُ أعتذر...
- أوضحي قصدكِ
- عندما أحب، أقفز دون أن أفكر أين سأقع... أفعل ذلك دائما لأني أرى من أحببتُ مثلي... سيتصرفون مثلي... وللأسف أحيانا كثيرة أكون مخطئة في تقديري
- لم أفهم!
- تعرفين استعمالي لكلمة أحب... ليس فقط الحب الذي قد يُفهم... لكن مع كل الناس... المعارف، العائلة، زملاء الدراسة، الأساتذة، في الكافتيريا، في نادي الجمباز...
- يعني؟
- نعم نظراتي لكِ لم تكن عادية... لأني كنتُ سعيدة... سعيدة جدا... لكن ليس مثلما فهمتِ... نفس نظراتي لأحد المعينين السنة الماضية فظنني متيمة به... وربما غدا سيظنني حريف قد غازلته وأنا لم أقصد بل فقط رأيتُ فيه شيئا آخر أعجبني وليس ما فهمه... أنا الملامة...
- تريدين الدخول؟
- لا... فقط أردتكِ أن تعرفي أن كل ما قلته لكِ عندما تركتني في كليتكِ... صحيح... أو ذلك ما قصدته وإن رأيته كلاما فارغا... فقط أردتُ أن نكون صديقتين... برغم الذي حصل مع... والذي...
- الذي؟
- لا أدري هل حقا تجاوزته أم لا...
- أفسدتِ كل شيء بآخر ما قلتِ!
- لم أقل أني أريده، لو كنتُ كذلك لبحثتُ عنه الآن لا عنكِ...
- أنتِ حقا غريبة الأطوار ولا أستطيع تصديقكِ! ألم تقولي اليوم أنكِ لا تريدينه أصلا ولا يعني لكِ شيئا؟!!
- نعم قلتُ
- وكذبتِ!
- هناك فرق بين أن نريد أحدا وبين أن نسعى إليه! حتى لو كنتُ أريده فذلك لا يهم لأني لم أسع إليه... وأنا الآن هنا... معكِ... ولستُ معه...
- هل ترين الكلام الذي قلته الآن عاديا؟
- نعم
- اعلمي إذن أنه ليس كذلك!
- أحيانا الصديقة تكون أهم من الحبيب... لما لا يكون ذلك ما أسعى إليه الآن؟
- لا أحد يستطيع أن يكون أهم من الحبيب، وإن وُجد فالحبيب أكيد ليس كذلك...
- ربما... لكني الآن لا أرى ذلك... صداقتكِ أهم عندي من... وعلى كل حال لم يحصل بيننا شيء... إن هي إلا ساعة من زمن... لا أرى أي غرابة فيما أقول... وأنتِ؟
- ادخلي
- لا أريد أن أفرض نفسي عليكِ
- ادخلي ولا تواصلي هذه النغمة وإلا شعرتُ وكأنكِ رجل... أغلقي الباب...
ثم انطلقتْ رحلة بحث إيمان عن حقيقة ملاك، عبر وفاء، منذ تلك الليلة... ما كانت إيمان قبلتْ، لو كانت وفاء رغبتْ في التقرب من ملاك، لكنها قبلتْ لأني لم أكن الأهم عندها، ولم يكن شيء في علاقتها بي يثير الريبة والتشويش، بل كل الارتباك كان من جهة ملاك... دون أن تدري، اقترفت إيمان محظورا، فيه عوملتْ وفاء كمجرد حقل تجربة أو ككيس ملاكمة للتمرن قبل المواجهة الحقيقية... لم تكن وفاء تعني شيئا لإيمان في البدء، لأن مكان ملاك لم يكن لتأخذه أخرى عندها. لكن تلك الليلة مع ملاك، لم تزل في عقلها مُربكة، تلك القبلة على شفتيها، ثم تلك الرغبة التي شعرت بها... هل كانتا مجرد فيل مثلما قالت ملاك أم حقيقة مرعبة يجب اكتشافها ومواجهتها؟ وفاء جميلة، وعندما نظرت إيمان في وجهها، لم تشعر بشيء، لكنها قالت لِمَ لا... بما أنها تُريديني؟ طبعا، لم تُصدق إيمان فلسفة وفاء، ولم يكن يعنيها البحث عن صديقات جدد، هناك مكان وحيد عندها ولم يكن شاغرا... لكن لم يفتها أن وفاء ليست جامبو أو غيرها ممن تعرف، بل جديدة تطلب الكثير لا أن تُعامل معاملة الجميع... رغبتها وإصرارها قالا عنها كل شيء، وإيمان لن تستطيع إعطاءها ما تريد، أو كذلك ظنتْ... لنقل أن إيمان، بدأت تلك العلاقة الجديدة، بحقيقة تقول أن ملاك كانت الأهم عندها، وكانت الرغبة التي شعرتْ بها نحوها هي ما سيُحدد بقائي... وبقاء الرجل بصفة عامة في عالمها، لا شك أنها تحب ملاك أكثر، لكن، لو احتوى ذلك الحب في طياته على جنس يُصبح وجودي عدما وتطفلا على عالمها، بل سيسهّل ذلك الأمر وسيمنع الألم الذي تشعر به ملاك كلما كنتُ مع إيمان... منطق أعرج، أحول، يقول أني لم أكن إلا مجرد وسيلة من أجل غاية، مثل وفاء، وذلك كان محظور إيمان الثاني... ولسوء حظ إيمان، لم تكن وفاء، كيس ملاكمة... بل حقيقة ستصطدم بها وستزيد من حيرتها...
دخلت إيمان المطبخ، وبقتْ وفاء واقفة أمام الباب بعد أن دخلتْ وأغلقته... من مكانها رأتْ إيمان واقفة، تنظر إلى أسفل، وتُحرك ساقها...
- تعالي...
- ...
- نعم... لنقم بهذا... أنا مستعدة
- نقوم بماذا؟
- تعشيتِ؟ أريد أن آكل شيئا...
- ... نعم... شكرا لكِ...
- اجلسي... الكرسي... ذاك
- ...
فتحتْ إيمان الثلاجة، وأخرجتْ شطائر لحم، وضعتها في إناء فيه ماء...
- غريب... أليس كذلك؟
- ... ما الغريب؟
- الذي يحصل؟
- لا أعلم... ماذا تقصدين؟
- كلميني عن نفسكِ
- ماذا تريدين أن تعرفي؟
- أكثر أمر تخجلين منه، ولا يعرفه أحد عنكِ؟
- لا أعلم... ليس عندي أشياء أخجل منها وأُخفيها... ربما علاقتي بماما
- ما بها؟
- الجميع يرونها قصّرتْ في تربيتي، ولم تعتني بي مثلما يجب
- وأنتِ ماذا ترين؟
- أحيانا أرى ذلك، لكني لا ألومها... أراها قامتْ بما استطاعتْ...
- ...
- وأنتِ؟
- سأحضّر اللحم... هناك سلطة في الثلاجة، أخرجيها...
- تُحبين الطبخ؟
- لا... شر لازم
- نعم... أحيانا أرغب في ذلك، لكنه يبقى مثلما قلتِ... شر لازم
- كغيره من الشرور اللازمة...
- نعم... لماذا تسكنين وحدكِ؟
- ملاك أرادتْ ذلك
- آه... ملاك
- ...
- تعرفينها منذ
- أن كنتُ صغيرة... الخبز هناك... وراءكِ...
- أكيد تسكن قريبة
- نعم... اجلسي...
- ... لذيذ... لحمُ؟
- طفلة صغيرة، فخذها...
- دكتورة Lecter؟
- ربما... عندكِ أخوة؟
- أخت... أنا الأولى
- وأمكِ؟ لم تتزوج؟
- تزوجتْ بابا
- قلتِ أنه توفى؟
- نعم... لم تتزوج بعده...
- وفاء؟
- نعم
- لا... أقصد... بقتْ وفية له؟
- لا أعلم... ربما... لا أتذكر الكثير عن كيف كان... عن علاقتهما... كنتُ صغيرة...
- ماذا تعمل؟
- خياطة
- تمزحين؟
- لا... ولماذا أكون أمزح؟
- الأمور كانت صعبة إذن...
- إذا قصدتٍ الجانب المادي، لم تكن كذلك... خالتي اعتنتْ بي
- جيد بالنسبة لكِ...
- نعم... كنتُ محظوظة بوجودها... لم تُنجب إلا الذكور
- أرى... لا تأكلين، لم يُعجبكِ؟ عندي من فخذ طفل صغير إذا أردتِ
- لا... لا داعي... لذيذ... وأكلتُ... أنا آكل
- تركتِ بيتزا وبوب كورن
- وورقة صغيرة
- وجدتها في الغد
- ...
- وقطّعتها وألقيتها في الحاوية
- ظننتكِ ستتصلين...
- عذرا... لم أفعل... أكملتِ؟
- نعم... شكرا... السلطة جيدة أيضا... سأغسل
- لا... لن تفعلي
- لا بأس بذلك... سأفعل
- قلتُ: لن تفعلي!
- طيب... طيب... مثلما أردتِ...
- الحمام هناك... تستطيعين غسل يديكِ
- سأفعل هنا
- لا يوجد صابون
- سأفعل بـ
- هذا لغسل الأواني وليس لليدين
- من قال ذلك؟ رائحته تُعجبني
- مثلما تُريدين...
- ... لا تزالين ترتدين ملابسكِ... هل كنتِ ستخرجين؟
- ربما
- هل تريدين؟
- ماذا؟
- أن نخرج...
- لا أريد...
- عندكِ دراسة؟
- نعم...
- أغسل يديّ وأترككِ إذن...
- سأذهب إلى الصالة
عندما بقتْ وفاء وحدها في المطبخ، نظرتْ أمامها، من خلال نافذة... كانتْ تبتسم، وشعرتْ بسعادة... لم تتفطن للوقت الذي بقته حتى سمعتْ صوتَ إيمان تقف عند الباب
- ملايين البشر يموتون عطشا، وأنتِ
- آه... سرحتُ
- لو كنتِ تقودين لتشببتِ في كارثة
- نعم... لذلك لا أقود
- عندكِ رخصة؟
- لا... لم أفكر في ذلك... لكن... أكيد سأفعل في الأعوام القادمة
- تعالي... لنذهب إلى الصالة
عندما التحقتْ وفاء بها، وجدتها تجلس وأمامها على الطاولة كتب وملفات وأقلام
- أترككِ تدرسين الآن... أشكركِ على
- ستُغادرين؟
- نعم
- جيد
- لكن
- ماذا؟
- غريب...
- ماذا؟
- لا أعلم هل سنتكلم مرة أخرى أو لا؟
- ...
- أستطيع... أستطيع أن أدون لكِ مرة أخرى الرقم... و... إن أردتِ... اتصلي
- نعم... تستطيعين
- سأفعل إذن
- لكن لا داعي لذلك
- ماذا؟
- لن أتصل
- آه... فهمتُ... طيب... مثلما تريدين... لا داعي لذلك... لن أفعل
- ...
- سأخرج الآن... شكرا لكِ... مرة أخرى
- لماذا
- ...
- لماذا... رقم الاتصال... و... لماذا... لماذا تُصرين على أن نبقى على اتصال؟
- ما الغرابة في ذلك؟
- عندكِ العشرات في كليتكِ... لماذا أنا بالذات؟
- الصدفة جمعتنا... وأحببتكِ مثلما قلتُ...
- لا تعرفين أي شيء عني
- لذلك يتعارف الناس... ليعرفوا بعضهم
- ثم؟
- ثم؟ لا شيء... يعيشون... يتشاركون... يفرحون...
- لا أرغب في معرفة أصدقاء جدد
- لا تفعلي إذن ما دمتِ لا ترغبين في ذلك
- ...
- ربما... تكونين مرتبكة لأني عرفتُ حبيبكِ قبل... قبل... لكني وضحتُ الأمر... ولا أرى أن ما حصل معه يُمكن أن يكون عائقا
- وفي المستقبل، نلتقي ثلاثتنا ولا بأس بذلك؟
- لا أعلم... لكن... من ناحيتي... لا بأس
- وماذا لو وقع الذي حصل معكِ... مع أخرى... لا بأس أيضا؟ نلتقي أربعتنا؟
- لا أتصور أن الصدف ستعمل مرة أخرى
- ربما تكون عملتْ قبلكِ!
- لم أفهم
- صدفة حصلتْ مرة... لا مانع من حصولها مرة أخرى
- الصدف إذا كثرتْ لم تعد كذلك... بل تُصبح بفعل فاعل
- ربما
- سأذهب الآن... ربما تجمعنا صدفة... مرة أخرى... سأكون سعيدة بذلك
- ربما... تُصبحين على خير
- وأنتِ أيضا.

عندما يمر بنا الزمن، أحيانا نتعجب من أيام المراهقة، ونقول... كيف تصرّفنا بتلك الطريقة، وكيف شغلتْ كل تفكيرنا مسائل "تافهة" كتلك... لكن الكثيرين منا، في الحقيقة... يهربون، ويواصلون الهرب. اليوم أقول، أني لو عدتُ للوراء، وكان الأمر بيدي، ما غيّرتُ شيئا مما كان... حتى وفاء! كل ذلك الذي حصل، لو لم يكن، ما كنا اليوم على ما نحن عليه... والذي نحن اليوم عليه "جنة"، ومن حين لآخر "جحيم"... يُعيدنا مباشرة إلى أكثر من عشرين سنة خلتْ... إلى إيمان... التي لا تزال لم تغبْ، وكل شيء، يُعيدنا إليها... حتى لايتيسيا!

مر الخميس، ثم الجمعة، ثم... صباح السبت. في مكتب أبيها، رفضت إيمان اقتراحه العودة معه إلى المنزل العائلي، وقالت أن عندها دراسة... لكنها، لم تدرس، وقرابة الرابعة قصدت مكان محلات كراء الأفلام... عندما دخلت أمضت وقتا طويلا تتصفح الكاتالوج حتى انتبه إليها المسؤول فسألها هل يستطيع إعانتها في الاختيار فشكرت اقتراحه ورفضته... بعد وقت قصير من ذلك...
- سأكون صادقة... لم آت هنا لأعينه، بل بحثا عنكِ... فرصي كانت ضئيلة لكني حاولتُ... وكما ترين نجحتُ... وأنا سعيدة بذلك...
- ...
- تستطيعين القول أنكِ لم تأت لكراء أفلام... لا عيب في ذلك...
- ممـ... ممـ... ماذا تفعلين هنا؟
- أنا قلتُ ماذا أفعل... أنتِ لم تفعلي...
- أبحث عن أفلام كما ترين!
- أرى أنكِ جئتِ بحثا عني
- عليكِ عيادة طبيب عيون إذن...
- أفعل وبسرور... مادام ليس طبيب أسنان!
- هل رأيتِ فيلم
- لا... ولن أفعل! قلتُ لكِ أكره أطباء الأسنان!
- ...
- عندي اقتراح
- ماذا؟
- نمشي قليلا... الكورنيش... البحر... ثم... نأكل... ثم نمضي الليلة معا نتسامر حتى الصباح... ما رأيكِ؟
- عليّ أن أدرس...
- أنا أيضا عندي دراسة... لستِ وحدكِ مَنْ... ثم
- قفي بجانبي رجاء
- أنا مرتاحة هكذا، وأضمن أكثر ألا تهربي...
- رجاء...
- لماذا؟
- لا شيء... لكن... رجاء
- لن تهربي؟
- ... رجاء
- طيب طيب... ماذا كنا نقول؟
- ...
- أنتِ محرجة! يظهر ذلك من وجهكِ! إذن أنا محقة! أنتِ هنا من أجلي!
- سأخرج
- والأفلام؟
- ...
وقوف وفاء وراء إيمان، التصاقها بها، وضع ذقنها على كتفها قبل أن تُكلمها... كان غريبا، ومفاجئا، لكنها لم ترفضه... بعد خروجها من نادي الفيديو، التحقتْ بها وفاء... فكانت البداية... بداية المواجهة الحقيقية مع... ملاك...



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-15
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-14
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-13
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-12
- الهولوهوكس: إلى كل التيارات الفكرية... دعوة وتحذير
- الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب ( ...
- الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب ( ...
- الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب ( ...
- الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب ( ...
- الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب ( ...
- الحجاب بين ليبيا وأمستردام!
- فيلة
- وهم الدعوة إلى الإلحاد
- الإلحاد والملحد والحرية (جزء سابع)
- خرافة الهولوكوست وحقوق الإنسان... اليهودي!
- الإلحاد والملحد والحرية (جزء سادس)
- هل أنتَ منافق؟ (2)
- هل أنتَ منافق؟
- الإلحاد والملحد والحرية (جزء خامس)
- شيزوفرينيا اليسار بين الإمبريالية والصهيونية والعروبة والفار ...


المزيد.....




- أفلام رعب وخيال 24 ساعة من الدهشة “تردد قناة فوكس موفيز 2025 ...
- كيف رسم الفنانون الأشجار عبر التاريخ؟ .. دراسة تكشف
- الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المردكلة للإب ...
- المعروك.. هل صار أكل الملوك فعلا في سوريا؟!
- إيفانكا ترامب تتفوق في فنون الدفاع عن النفس! (فيديو)
- تحطيم نجمة الممثلة الإسرائيلية غال غادوت في هوليوود
- فعاليات ثقافية:نادى أدب القبارى بستضيف الشعراء فى مسرح ثقافة ...
- سلاف فواخرجي: بشار الأسد ليس طاغية ونتوسم خيرا بأحمد الشرع
- تغريدة مثيرة عن الدراما المصرية في القنوات السعودية.. هل تصل ...
- مصر.. إعلامي شهير ينتقد قرار رئيس الوزراء عقب إعلان تشكيل لج ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-16