أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر














المزيد.....

اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


في اليوم العالمي للغة العربية، نقف أمام إرث ثقافي ولغوي يعد واحدًا من أعظم ما عرفته البشرية. إن الحديث عن اللغة العربية لا يمكن أن يُختزل في كونها مجرد وسيلة للتواصل، فهي لغة حملت في طياتها حضارة عظيمة وتراثًا فكريًا وأدبيًا لا يزال يلهم العالم حتى يومنا هذا. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكن أن نصف لغة بأنها أبلغ أو أفصح من لغة أخرى؟

الحقيقة أنه لا توجد لغة أكثر بلاغة أو فصاحة بطبيعتها. فاللغة، أي لغة، ليست سوى أداة يعبر بها الإنسان عن أفكاره ومشاعره. وبالتالي، فإن البلاغة والفصاحة ليستا صفتين للغة بحد ذاتها، بل هما انعكاس لقدرة مستخدميها على التعبير الإبداعي والتواصل الفعّال. فقد نجد إنسانًا يتحدث العربية ولكنه عاجز عن الإقناع، ونجد آخر يتحدث لغة أقل انتشارًا ولكنه يبهر مستمعيه بعمق معانيه ووضوح أفكاره.

مكانة اللغة العربية وخلودها عبر القرون
ما يميز اللغة العربية ويجعلها فريدة بين اللغات العالمية هو قدرتها على البقاء صامدة عبر القرون دون أن تفقد هويتها. فمنذ أكثر من ألف وستمائة عام، ما زال الشعر الجاهلي والنصوص القديمة مفهومة لمن يقرأها اليوم، وهو أمر نادر الحدوث بين اللغات. ولعل السبب الأبرز لهذا الخلود هو ارتباط العربية بالقرآن الكريم، الذي ضمن للغة العربية الحفاظ على هيكلها النحوي والصرفي وصيانة مفرداتها من الضياع أو التحريف.

وللمقارنة، نجد أن اللغة الإنجليزية التي كتب بها وليم شكسبير، وهو أحد أعظم شعراء وكتّاب الأدب الإنجليزي، قد تطورت بشكل جعل قراء النصوص الأصلية لأعماله يحتاجون إلى شروحات ومعاجم لفهمها بشكل كامل. أما العربية، فبفضل قوتها الداخلية وثرائها التعبيري، تظل مفرداتها ومعانيها قادرة على نقل الأفكار عبر الزمن دون أن تفقد الكثير من بريقها.

الجمود الفكري وأثره على اللغة العربية
لكن، وعلى الرغم من هذا الإرث العظيم، فإن اللغة العربية تعاني من مظاهر الجمود التي انعكست على المجتمعات العربية لعصور طويلة. فقد توقفت العقول عن الإبداع والابتكار لفترات ممتدة، مما أثر سلبًا على اللغة ذاتها، حيث تراجعت مساهمتها في إثراء الفكر الإنساني وإنتاج المعرفة العلمية والتكنولوجية.

وفي عالم اليوم، الذي تُقاس فيه قوة اللغات بقدرتها على استيعاب المصطلحات العلمية والتكنولوجية، تواجه اللغة العربية تحديًا كبيرًا نتيجة لعدم مشاركة أبنائها بفاعلية في إنتاج العلوم الحديثة. ولأن المنجزات العلمية والتكنولوجية تأتي في أغلبها من أصحاب لغات أخرى، أصبحت العربية في بعض الأحيان غير قادرة على مواكبة التطور السريع.

شهادات عالمية في حق العربية
ورغم كل التحديات، لا تزال اللغة العربية تحظى باعتراف عالمي بمكانتها الفريدة. فقد تحدث عنها الأديب الألماني الكبير جوته بإعجاب، مشيرًا إلى أنها لغة الشعر والبيان، ومؤكدًا على عمقها وروعتها. كما أثنى العديد من الفلاسفة والمفكرين الغربيين على دورها في نقل العلوم والفنون عبر العصور، مما يؤكد أنها لغة قادرة على الإبداع متى ما أُتيحت لها الفرصة.

دعوة للحفاظ على اللغة والارتقاء بها
في ظل ما تواجهه اللغة العربية من تحديات، أصبح من الضروري أن يتحمل أبناء العالم العربي مسؤولية الحفاظ عليها والارتقاء بها. فلا يكفي أن نفتخر بتاريخها، بل يجب أن نجعلها قادرة على التفاعل مع العصر من خلال تحديث مناهج تعليمها، وتشجيع الإبداع الأدبي والعلمي بها، والمساهمة الفاعلة في الحضارة الإنسانية.

إن اللغة العربية ليست مجرد لغة للحديث أو الكتابة، بل هي هوية ووجدان. ومتى ما استعدنا ثقتنا بأنفسنا وعملنا بجد، ستظل العربية كما كانت دائمًا، لغة البيان والإبداع والتواصل الإنساني العابر للزمان والمكان.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في خريطة الصراعات العالمية والإقليمية: مستقبل العرب وم ...
- العقل النقدي بين “حرية العقل” وتحقيق “دويتشه فيله”: معركة ال ...
- الذكاء الاصطناعي: شريك الإنسانية في غزو المستقبل واستكشاف عو ...
- الفوضى الخلاقة: معارك عربية بين الانهيار والصمود
- في الوفاء نكتب: قيمة إنسانية لا تموت
- التاريخ بين الحقيقة والتحريف: دعوة لدراسته بمنهج علمي موضوعي
- الحب.. بوابة العروج إلى السماء
- حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى
- قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل ج ...
- سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...
- وهم هاتف تسلا الرخيص ومعاناة الفقراء
- اهتمامات الشعوب بين العالم العربي والغرب: قراءة في أولويات ث ...
- في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات ا ...
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...
- إنترنت الأشياء: عصر جديد من الترابط الذكي في حياتنا اليومية
- ابن خلدون: أعجوبة مازال تأثيرها حاضرا
- المطبعة التي لم تصل: انغلاق رجال الدين يعيق تقدم المجتمع
- في الحب نكتب: سر الحياة وملاذ القلوب


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر