أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بهجت العبيدي البيبة - قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل جديد














المزيد.....

قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل جديد


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 20:59
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إن القرارات التي أصدرتها القيادة العامة السورية مؤخرًا تحمل إشارات واضحة إلى رغبة في التغيير الجذري، وربما يمكن وصفها بأنها محاولة لوضع حجر الأساس لسوريا الجديدة. جاءت القرارات لتشمل قضايا جوهرية تتعلق بالثأر، وحرية المرأة، وإدارة الموارد، وحماية الإعلام، ما يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة.

إن أبرز ما لفت انتباهي في هذه القرارات هو الشمولية التي حاولت القيادة من خلالها معالجة أزمات عميقة الجذور. فمثلاً، الإعلان عن عقوبات صارمة بحق أي محاولة لتصفية الحسابات أو إثارة الخلافات بين المواطنين، يمثل خطوة شجاعة في مواجهة ثقافة الثأر التي لطالما كانت عائقًا أمام التعايش السلمي في المجتمع السوري. وفي الوقت ذاته، فإن قرار منع المطالبة بدماء الشهداء أو استخدام ذكراهم لتحقيق مكاسب شخصية يعيد توجيه البوصلة نحو الهدف الأسمى، وهو أن تضحيات الشهداء كانت من أجل الوطن لا لتكريس أحقاد شخصية.

هذه القرارات، إذا تم تطبيقها بحزم وعدالة، يمكن أن تسهم في تخفيف حدة التوترات بين أفراد المجتمع، لكنها تتطلب توعية مكثفة للمواطنين لتغيير هذه الثقافة الراسخة منذ عقود.

إن ما يجعل هذه الحزمة من القرارات جديرة بالتوقف عندها هو تضمينها قرارًا بمنع التدخل في لباس النساء أو فرض أي قيود على مظهرهن، وهو ما يعد تحولاً كبيرًا في خطاب الجهات الحاكمة. احترام الحرية الشخصية، وخاصة فيما يتعلق بحرية المرأة، يمثل مؤشرًا على وعي القيادة بأهمية الانفتاح على مفاهيم حقوق الإنسان الحديثة. لطالما كانت هذه القضية محط جدل واسع في المجتمعات الشرقية، لكن هذا القرار يؤكد أن احترام خيارات الأفراد يجب أن يكون قاعدة ثابتة في أي مجتمع يسعى للتقدم.

وفيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية، فإن تحديد كمية الخبز المسموح بشرائها لكل شخص بأربع ربطات يوميًا قد يبدو للبعض قيدًا جديدًا، لكنه في الواقع يعكس محاولة لضمان التوزيع العادل للموارد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. إن العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد الحيوية هي أساس أي نظام يحترم حقوق مواطنيه، لكن هذا القرار بحاجة إلى رقابة صارمة لضمان عدم التلاعب به أو استغلاله لتحقيق مكاسب خاصة.

من جهة أخرى، جاء الإعلان عن فرض حظر تجوال في مدن رئيسية مثل دمشق وريفها واللاذقية وطرطوس ليشير إلى أن الملف الأمني ما زال حاضرًا بقوة. رغم أن مثل هذه الإجراءات قد تكون ضرورية في بعض الأحيان لضمان الاستقرار، إلا أن تطبيقها يجب أن يتم بحذر، مع مراعاة احتياجات المواطنين وضمان عدم انتهاك حقوقهم الأساسية أثناء تنفيذها.

وأكثر ما لفت الانتباه في هذه القرارات هو التشديد على حماية الإعلاميين ومنع التعرض لهم بأي شكل من الأشكال، سواء كانوا يعملون في المؤسسات الرسمية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذا القرار، إذا تم تنفيذه بجدية، يعكس التزامًا بحماية حرية التعبير وضمان دور الإعلام كركيزة أساسية في بناء الوطن. إن الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأحداث، بل هو شريك رئيسي في التغيير والإصلاح، وحمايته تعني حماية صوت الشعب وحقه في المعرفة.

ما يجعل هذه القرارات ذات أهمية خاصة هو أنها تأتي في لحظة فارقة من تاريخ سوريا. بعد سنوات من النزاع والانقسام، يبدو أن القيادة تسعى لإطلاق رسالة مفادها أن سوريا الجديدة ستكون مختلفة، لكن يبقى السؤال: هل هذه الخطوات تعكس قناعة حقيقية بأهمية التغيير أم أنها مجرد محاولة لتهدئة الوضع الداخلي أو كسب الوقت؟

إننا ندعم هذه القرارات إذا كانت جزءًا من رؤية شاملة لمستقبل تسوده العدالة والمساواة، ونؤمن أن احترام الحريات الفردية هو أساس بناء أي مجتمع متقدم. لكن في المقابل، إذا اتضح لاحقًا أن هذه الإجراءات ليست سوى تحركات تكتيكية لا تعكس تحولًا جذريًا في الفكر أو الممارسة، فسنكون أول من يواجه هذه السياسات، لأننا نرفض أي محاولة للالتفاف على حقوق المواطنين أو تكريس الممارسات القديمة تحت غطاء جديد.

في النهاية، تبقى الكرة في ملعب القيادة السورية. القرارات وحدها لا تكفي، ما لم تُترجم إلى أفعال واضحة على أرض الواقع، وما لم يشعر المواطن السوري أن هذه التوجهات تهدف بالفعل إلى تحسين حياته وضمان حريته وكرامته. إذا كان هذا البيان هو بداية عهد جديد، فسوريا تستحق الدعم والفرصة لبناء مستقبل أفضل. أما إذا كان مجرد وعود، فإن الشعب السوري يستحق منا جميعًا أن نقف إلى جانبه في مواجهة أي محاولات لفرض قيود جديدة على حرياته تحت شعارات براقة.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...
- وهم هاتف تسلا الرخيص ومعاناة الفقراء
- اهتمامات الشعوب بين العالم العربي والغرب: قراءة في أولويات ث ...
- في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات ا ...
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...
- إنترنت الأشياء: عصر جديد من الترابط الذكي في حياتنا اليومية
- ابن خلدون: أعجوبة مازال تأثيرها حاضرا
- المطبعة التي لم تصل: انغلاق رجال الدين يعيق تقدم المجتمع
- في الحب نكتب: سر الحياة وملاذ القلوب
- التعليم في مصر والعالم العربي: يجب نسف أسلوب التلقين
- كهف أفلاطون ومأساة المستنير في كل العصور
- في الحداثة .. مساهمة شرقية قديمة
- لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي
- العقل المحرر يرفض الأوهام والخرافات!
- على هامش مباراة السوبر.. من شعب مصر: شكرا دولة الإمارات
- عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!
- هل يشهد مطار القاهرة قداس صلاة!؟
- قداس صلاة بمطار القاهرة الدولي!


المزيد.....




- سلطنة عُمان: الشرطة تقبض على 30 شخصا بينهم 21 امرأة وتكشف ما ...
- وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس ...
- دعم نسائي جزائري.. منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بقيمة 8 ...
- وفاة الأمير النائم بعد 20 عاما في الغيبوبة.. مآسي الشباب الر ...
- المرأة بين وعي الواقع ولاوعي السلطة الذكورية
- باكستان: مشروع قانون لإلغاء الإعدام بجرائم الخطف وتعرية النس ...
- ألمانيا تلقي القبض على ليبي متهم باغتصاب وتعذيب معتقلات في س ...
- رصدتهما الكاميرا متعانقين.. امرأة تغطي وجهها والرجل يختبئ في ...
- كاميرا في حفل كولد بلاي تضع رجلا وامرأة في ورطة
- حصان يتسبب بمقتل امرأة اثناء عملها


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بهجت العبيدي البيبة - قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل جديد