أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - زميلتي الكورية الفائزة بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير4














المزيد.....

زميلتي الكورية الفائزة بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير4


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


21
ذهبنا كانغ وأرنديز وأنا لتناول طعام الغداء في مطعم للوجبات السريعة في شارع لنجستون. اعتذر أندرياش عن عدم مرافقتنا.
بعد الغداء، ركبنا المترو واتجهنا إلى أقرب موقع من التمثال. غادرنا المترو، وكان التمثال يبدو واضحاً للعيان من على البعد. في مواجهته تماماً تنتصب ناطحات السحاب على نحو مثير، ثمة خلق كثيرون. ركبنا القارب واقتربنا من التمثال. الطقس منعش، غير أنني كنت مرهقاً من قلة النوم.
أمضينا وقتاً بالقرب من التمثال. لم أشعر بأنني أتفيأ ظلال تمثال للحرية. شعرت بأنني أمام تعبير عن لحظة مضت في التاريخ الأمريكي، ولم يعد ثمة أي تراكم إيجابي يضاف إلى تلك اللحظة، على النحو الذي يعزّز اسم التمثال ويرسخه. دققت في مشاعري، ولم ألحظ خلفها أية حمولات إيديولوجية مسبقة! (أو هذا ما اعتقدته) قلت: ربما كانت سياسة أمريكا المتغطرسة في العالم سبباً رئيساً في ذلك. كان ثمة احتفال هناك: طابور منتظم من رجال الشرطة وفرقة عسكرية تعزف الموسيقى، ولم يعنِ لي هذا الاحتفال شيئاً. كان ثمة انفصال بيني وبين ما يحيط بي هنا، أقصد الثمثال وما حوله.
عدنا إلى القارب وكانت النوارس تطير فوق رؤوسنا على نحو محبّب. إنها كائنات الطبيعة المباركة تمارس عاداتها اليومية. فجأة، رأينا آيتي وهاي على القارب نفسه، تعجّبنا من صغر هذا العالم الذي يجمعنا! تبادلنا التحيات، وكنا نشعر بأننا قريبون من بعضنا بعضاً. قال هاي إنه يعيش مع أخته التي تعمل هنا في نيويورك. قالت آيتي إنها تعيش مع أسرة أمريكية تعرفت إليها في أوغندا.
نزلنا من القارب. دخلنا متحفاً لتاريخ الهجرات إلى الولايات المتحدة. قرأنا أرقاماً مدهشة عن عدد المهاجرين ونسبتهم من كل أمة، ومن كل قارة إلى الولايات المتحدة على مر القرون الثلاثة الماضية حتى الآن.
تفرقنا في اتجاهات شتى، ذهبت كانغ وهاي إلى الحي الصيني في مانهاتن. عدت أنا وأرنديز وآيتي إلى مركز المدينة، ثم افترقنا هناك.
22
في المساء، ذهبنا، كانغ وأندرياش وأنا، إلى مطعم تايلاندي.
جاءت كانغ وانتظرتني عند باب الفندق. كنت عائداً من جولة قصيرة. وجدتها هناك تنتظر، انتظرنا حتى جاء أندرياش، كان قد انتقل إلى فندق آخر يتقاضى أسعاراً أقل من هذا الفندق. رأيناه قادماً من بعيد وهو يتلكأ في مشيته، نادته كانغ بصوت منغّم ممطوط: أندريااااااش!
غذّ خطاه نحونا ثم سرنا معاً. تناولنا طعاماً جيداً: صحن أرز مع قطع من الجمبري، وبندورة وبصلاً وخياراً.
غادرنا المطعم، واتجهنا إلى مقهى تعزف فيه فرقةٌ موسيقى الجاز. قدّمت لنا الخدمة فتاة مهاجرة من براتسلافا، عاصمة سلوفاكيا. جاءت إلى هنا كما يبدو بحثاً عن الثروة، أو العيش الكريم. كانت تخدم زبائنها بتقديم العصير والبيرة والنبيذ والقهوة من دون أن تتوقف لحظة واحدة. (لا تعرف حتى الآن ماذا تخبئ لها هذه المدينة من مفاجآت!) كان الضجيج في المقهى شديداً.
23
غادرناه في الحادية عشرة ليلاً. ركبت كانغ سيارة تاكسي، ذهبت إلى الشقة التي تقيم فيها مع أرنديز، (ستحدثني فيما بعد أن سائق التاكسي لم يلبث أن اعتذر عن عدم توصيلها إلى المنطقة التي تريدها، لأن سيارته غير مسموح لها بالعمل في تلك المنطقة. اضطرت إلى النزول من السيارة، كنّا أنا وأندرياش قد ابتعدنا من دون أن نعرف شيئاً مما وقع لها. قالت إنها ذهبت إلى محطة المترو. شعرت بخوف شديد، وهي ترى المحطة فارغة تقريباً إلا من الزعران والحشاشين، قالت إنها احتملت الموقف حتى جاء المترو وصعدت إليه).
عدت أنا وأندرياش مشياً على الأقدام، ثم افترقنا، أنا إلى الفندق الذي أقيم فيه، وهو إلى الفندق الذي يقيم فيه.

24
أجلس في صالة مطار لاجارديا في نيويورك.
الساعة الآن العاشرة صباحاً. في الثانية عشرة تقلع الطائرة إلى شيكاغو، ومن ثم إلى سيدار رابيدس، حيث أصل إلى السكن الجامعي في مدينة أيوا في الرابعة والنصف مساء. أصل مبكراً إلى المطار لتجنب المفاجآت غير السارة، أجلس في مقهى بالمطار وأشرب الشاي.
بقيتْ ساعة واحدة لإقلاع الطائرة. أشعر بارتياح لأنني هنا في المطار. بعد اثني عشر يوماً من التجوال في بعض المدن الأمريكية، أعود إلى أيوا، حيث الهدوء والبساطة، حيث الرحلة توشك على الانقضاء. لم يبق سوى اثنين وعشرين يوماً للعودة إلى الوطن.
أغادر المقهى إلى البوابة المفضية إلى الطائرة. الطقس دافئ مع بعض نسمات باردة تهب بين الحين والآخر.
25
انقضت بضعة أيام.
عاد الزملاء والزميلات إلى أيوا. عادت الحياة إلى الطابق الثامن في ماي فلور. فيما كنت قادماً من الخارج، غادرت المصعد متجهاً إلى غرفتي. فجأة، سمعت صوتاً يناديني من جهة غرفة الغسيل في طرف الممر. انتبهت، إنها كانغ بعد عودتها إلى أيوا. ركضت نحوي، وسلّمت عليّ بحرارة. سلمت عليها بالمثل، وكنت مسروراً لرؤيتها. تبادلنا كلمات سريعة حول هذا التجوال، ثم افترقنا. (بعد نيويورك ذهبتْ إلى واشنطن) عادت هي إلى مواصلة غسل ملابسها، ودخلت أنا إلى غرفتي.
ولم نجتمع كلنا مرة أخرى، إلا حينما ذهبنا لتناول طعام الغداء في بيت أحد المزارعين. سارت بنا السيارات خارج المدينة، دخلنا شارعاً يفضي إلى حقول فسيحة. كان الثلج يغطي الحقول، إنما من دون كثافة ملموسة، إذ تساقط الليلة قبل الماضية، وهو آخذ في الذوبان.
في المساء، انعقدت الندوة التي يشرف عليها بيتر نازاريث. قرأت يوراتا اللتوانيّة قصتين من تأليفها، ولم تشدّني قراءتها. (وفي الأثناء، أخذت كانغ مفتاح غرفتي، وغادرت الندوة لكي تشاهد شريطاً خاصاً بها، على جهاز الفيديو الموجود لديّ) قرأ بيتر قصتين من تأليفه، فيهما تصوير ساخر لشخصيتين تشتملان على طرافة واضحة.
يتبع...5



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زميلتي الكورية التي فازت بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير3
- زميلتي الكورية القائزة يجائزة نوبل للآداب2024 / محمود شقير/2
- زميلتي الكورية هان كانغ الفائزة بجائزة نوبل للآداب/1
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير16
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير15
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير14
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير13
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير12
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير11
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير10
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير9
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير8
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير7
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير6
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير5
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير4
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير3
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير2
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير1
- محمود شقير في ابنة خالتي كوندوليزا: تزامن ما لا يتزامن/ د. ا ...


المزيد.....




- اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
- تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب ...
- ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل ...
- الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و ...
- بفستان أبيض فخم .. الفنانة اصيل هميم تحتفل بزفافها من رجل أع ...
- السوداني يوجه بنقل جثمان المخرج قيس الزبيدي إلى العراق
- رسالة باللغة الروسية تحذر من هجوم تفجيري على بنك الاحتياطي ا ...
- بفيلم لجوني ديب وتكريم فيولا ديفيس.. مهرجان البحر الأحمر الس ...
- اقتراح بترجمة قوائم الطعام في مطاعم موسكو إلى اللغة العربية ...
- -بيروت-.. فيلم يروي أحداث اختطاف دبلوماسيين سوفييت عام 1985 ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - زميلتي الكورية الفائزة بجائزة نوبل للآداب2024/محمود شقير4