أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - في عناق اللحظة... قصة قصيرة جدا














المزيد.....

في عناق اللحظة... قصة قصيرة جدا


نشوان عزيز عمانوئيل
Nashwan Aziz


الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 07:53
المحور: الادب والفن
    


"في عناق اللحظة"

قصة قصيرة

نشوان عزيز

ستوكهولم.. خريف 2024

إهداء :

إلى التي وجدت الحرية في الانسلاخ من الخرائط، ولامست المعنى بين ألوان الغروب وسكون الحقول.
لرحلتكِ الأبدية، بلا وجهة، بلا قيود، وبكل الصفاء الذي تستحقينه.
إلى الشاعرة المبدعة... كولالة نوري
.... صديقتي الأبدية



في مساء خريفي خافت، جلست كولالة في مقهًى صغير قرب محطة قطار مهجورة، كأنها شبح يتأمل انعكاسه على زجاج نافذة عتيقة. بين يديها خريطة مهترئة، تتشابك عليها الخطوط كأوردة مشبّعة بحلم قديم: أن تعبر الولايات المتحدة كمن يفر من ذاته، بحثًا عن غدٍ لا يحمل ظل الأمس. كانت المدن المرسومة على الورق تبدو لها كوعود هاربة، كأبواب مفتوحة على الحرية، أو كأسرار تطل من وراء ستار كثيف.

مع أول خيوط الفجر، انطلقت على الطريق بلا وداع.
وسيارتها تئن تحت وطأة الطريق المفتوح، بينما الهواء يلثم وجهها وكأنه يريد انتزاعها من ماضيها. كل ميل قطعته كان يشبه اقتلاع جذور من أرض أرهقتها. الطريق امتد أمامها كخط أزلي، بلا وجهة سوى تلك اللحظة ذاتها، تلك النشوة التي جعلتها تتوهم أن العالم صار ملكها أخيرًا.

لكن عند أحد المنعطفات الحادة، كأن القدر قرر اختبار يقينها. فقدت السيارة السيطرة، وانزلقت كطائر أصيب بجناحه. الزمن تجمّد، وتحوّلت الضوضاء إلى صمت مطبق، إلا من صوت خافت يشبه ارتعاش الضوء في بركة مظلمة. حين أفاقت، وجدت نفسها ممددة على العشب، تنظر إلى السماء التي بدت شاسعة أكثر من أي وقت مضى، وكأنها ترحب بها.

ابتسمت كولالة؛ لم يكن ذلك الشعور بالخوف أو الألم، بل كان أشبه بانكشاف سرٍّ خفيّ، كأن الكون أخيرًا همس لها بمعناه. أدركت فجأة أن كل المدن التي سعت إليها، وكل الطرق التي رسمتها على الورق، لم تكن إلا وهمًا. السلام الذي حلمت به طويلاً لم يكن في وجهة، بل في لحظة واحدة خالية من كل شيء عدا وجودها.

لامست الأرض بيدها، شعرت بحرارة الحياة تتدفق من خلالها، كأن التراب أراد أن يخبرها أن كل خطوة مشتها قادتها إلى هنا. رفعت عينيها إلى السماء التي انسكبت ألوانها كأغنية صامتة. لم يكن الغروب بالنسبة لها نهاية، بل بداية جديدة لم تطلبها.

وقفت بهدوء، ألقت بالخريطة على العشب، وابتسمت. لم تعد بحاجة إلى خطوط تحدد مسارها. عادت إلى الطريق، لكن هذه المرة بلا عجلة، بلا خوف، بلا أي شيء سوى يقين عميق أن الرحلة ليست في الأماكن التي نصل إليها، بل في تلك اللحظات التي نعانق فيها الحياة بكل تناقضاتها: جمالها وصخبها، ثقلها وخفتها، وفي النهاية، سلامها العميق الذي يتسلل إلينا عندما نتوقف عن الركض.



#نشوان_عزيز_عمانوئيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على حافة اللاشيء
- اغنية النهر
- الإنجاب بين الغريزة والواجب الأخلاقي
- لغة النار
- ثلاث قصص قصيرة
- سمفونية الفراغ
- قصة قصيرة إلينورا
- قصة قصيرة
- أرواح الليل
- مرايا الليل
- همسات مجهولة
- قصائد هايكو
- مسرحية
- وجهة نظر.... الفلسفة
- وقفة نقدية
- الأماكن الفارغه
- نون النسوة
- قصة قصيرة. طائرة ورقية
- لن تهدأ.. قراءة نقدية
- ضوء


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - في عناق اللحظة... قصة قصيرة جدا