|
هل تعدم أمريكا صداما ؟
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1778 - 2006 / 12 / 28 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضحكت بخلدي حين قرأت لرئيس الوزراء في العراق ، نوري المالكي ، تصريحا يقول : إن تنفيذ حكم الإعدام بصدام سيكون قبل نهاية هذه السنة ، أي سنة 2006م ، وها نحن نقترب من نهاية السنة هذه دون أن ينفذ هذا الحكم ، لا بل أن أحد قضاة محكمة التمييز ، تلك المحكمة التي صدقت على حكم الإعدام ذاك ، قال متوقعا : إن تنفيذ الحكم سيتم قبل اليوم السابع والعشرين من الشهر القادم ، الواقع في السنة الجديدة 2007م ، وهو ذات القاضي الذي أعلن احتجاج المحكمة تلك على تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي في العراق ، موفق الربيعي ، أو كريم شهبوري وفقا لاسمه الحقيقي ، تلك التصريحات التي استبق بها محكمة التمييز نفسها ، وأعلن بنفسه خبر تصديق تلك المحكمة لحكم الإعدام الصادر بحق صدام الساقط ومجموعته ، والملفت للانتباه هنا هو لماذا استعجل مستشار الأمن الأمريكي في العراق ، كريم شهبوري ، أمره وأعلن خبر التصديق ؟ هذا في الوقت الذي كان العراقيون وغيرهم ينتظرون تصريحا وعدوا به منه ، يخص العملية العسكرية الأمريكية التي قام بها الجنود الأمريكان في بغداد ، والتي تم على إثرها اعتقال أربعة من عناصر القوات العسكرية الإيرانية العاملة في العراق بعد أن ألقي القبض عليهم في دار عبد العزيز الحكيم ، مثلما ذكرت ذلك بعض المصادر الخبرية ، وكانوا هم قد حضروا الى العراق بدعوة من رئيس الجمهورية في العراق ، جلال الطلباني ، وعلى ذمة تلك المصادر أيضا . مما تقدم يظهر أن مستشار الأمن القومي الأمريكي في العراق ، موفق الربيعي ، والذي يُعد الأكثر خضوعا من بقية الخاضعين من أعضاء الحكومة في العراق للمشيئة الأمريكية ، قد استلم إشارة من الحكومة الأمريكية ، وليس من الحكومة في العراق ، توجب عليه الإعلان عن خبر تصديق حكم الإعدام الصادر بحق صدام الساقط ، وذلك من أجل تحويل أنظار الرأي العام في العراق عن عملية اعتقال العسكريين الإيرانيين الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية في بغداد مثلما أشرت الى ذلك من قبل ، تلك العملية التي رفض هو التعليق عليها قبل يوم واحد من إعلانه عن خبر تصديق حكم الإعدام ذاك ، شأنه في ذلك شأن أكثر من مصدر أمريكي آخر ، كالسفارة الأمريكية في بغداد على سبيل المثال ، حيث أنيط أمر تلك العملية الغامضة بوزارة الدفاع الأمريكية في بادئ الأمر ، ويبدو أن هذا هو الدافع الذي جعل الربيعي أن يسكت عن حديث تلك العملية ، ليعوضه بالحديث عن تصديق حكم إعدام صدام من قبل محكمة التمييز . ويبدو كذلك أن الأمريكان حصلوا على صيد سمين ، ليس فقط باعتقال للعسكريين الإيرانيين أولئك ، وإنما في وضع أيديهم على الوثائق المهمة التي بحوزتهم ، والمعلومات التي سيحصلون عليها منهم لاحقا ، هذا بالإضافة الى أنهم صاروا ورقة يمكن للأمريكان مساومة الحكومة الإيرانية بها ، أو ربما ستدفع أجهزة التحقيق الأمريكية بهؤلاء الى الانشقاق عن حكومة طهران ، مثلما فعلت الأجهزة هذه ذلك مع آخرين غيرهم من قبل . ويظل السؤال : هل تعدم أمريكا صداما ؟ وهل هناك من وقت محدد لهذا الإعدام ؟ وما هي الكيفية التي يتم بها الإعدام ذاك ؟ كان الوقت الملائم لإعدام صدام هو سنة 1962م ، بعد مشاركته في عملية اغتيال الزعيم الوطني ، عبد الكريم قاسم ، وذلك بعد أن جندته المخابرات الأمريكية مع مجموعة مجرمة من بين صفوف حزب البعث وقتها . وهي المخابرات نفسها التي ساعدته على الفرار من العراق بعد فشل محاولة الاغتيال تلك ، ليستقر في مصر زمن عبد الناصر ، ولم تمض إلا سنوات حتى جاءت به الى الحكم في العراق بانقلاب 17 تموز سنة 1968م ، ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية ، أحمد حسن البكر ، وهو مازال طالبا في السنة الثالثة من كلية الحقوق بجامعة بغداد ، لكنه كان شقيا من شقاوات بغداد وقتها ، فقد أوكلت له مهمة إفشال اجتماع طلابي انعقد في كلية الحقوق من تلك الجامعة ضم المئات من طلبتها ، وكان كاتب الحروف هذه واحدا من بينهم ، وذلك حين قام بإطلاق النار على حشود الطلاب بالتنسيق مع شرطة عبد الرحمن عارف ، رئيس الجمهورية وقتها ، وقد أدى هذا الهجوم الغادر الى فشل الاجتماع ذاك ، وهذا ما أدى بدوره الى إنهاء إضراب طلبة الجامعة المذكور ، ذلك الإضراب الذي تواصل على مدى أشهر بقيادة جبهة طلابية تزعمها الشيوعيون ، وقد عكس الإضراب ذاك تنامي نفوذ قوى اليسار العراقي ليس في صفوف الطلبة وحسب ، وإنما في صفوف شرائح اجتماعية كثيرة ، عبرت عنه التظاهرات التي كانت تسير بين فترة وأخرى في شوارع بغداد ، خاصة في شارع الرشيد ، وهذا ما استدعى الدوائر الغربية ، وخاصة الأمريكية ، الى التعجيل بإسقاط النظام العارفي الضعيف ، ليحل محله نظام قمعي ، شرس ، عرض العراق الى الكثير من الويلات والمحن وعلى مدى سنوات طويلة رأت فيها الناس في العراق سيلا من الموت والقتل والدمار لازال متواصلا للساعة ، وكل هذا بسبب من المخططات الأمريكية الجهنمية التي أبقت قاتلا مثل صدام في الحكم ليسدي لها خدماته الجلى ، وعلى هذا فمن الإنصاف أن نقول : إن كل ما لاقته الناس في عهد المجرم صدام حسين يقع وزره في أعناق الإدارات الأمريكية المختلفة ، فما صدام إلا صنيعة أمريكية مثله مثل الصنائع الأمريكية المتربعة على كراسي الحكم في العراق اليوم ، تلك الصنائع التي لا تملك لنفسها وللآخرين ضرا ولا نفعا ، هؤلاء الحكام الذين ستزيحهم أمريكا عن تلك الكراسي بذات الطريقة التي أزاحت بها صدام الساقط من قبل ، صدام هذا الذي أذاعت أمريكا خبر تصديق محكمة التمييز في العراق عن إعدامه ، وعلى لسان عميل جديد ، هو كريم شهبوري ، قبل ساعات من الآن ، ومع ذلك سيظل التصديق الأول والأخير على الإعدام ذاك للإدارة الأمريكية ، فهي صاحبة القول الفصل في هذه القضية ، وما عداها سوى قبضة ريح ، وإذا كان الحال هكذا فمن المشكوك فيه أن تلك الإدارة ستقوم بإعدام صدام ، فتاريخ هذه الإدارة يقول لنا : إن أمريكا ما عاقبت عميلا لها بالإعدام شنقا بحبل ، أو رميا برصاص ، وما حددت وقتا معينا لهذا الإعدام أبدا ، ولكن يمكن لأمريكا أن تتبع وسائل أخرى لقتل عملائها ، وذلك عن طريق حادث مدبر ، أو عن طريق زرقه بإبرة قاتلة مثلما فعلت ذلك مع شاه إيران ، أو رميه بسجن مثل رئيس جمهورية بنما ، نوريقا ، وقد يتكرر مثل هذا مع صدام . أما تاريخ السابع والعشرين من الشهر القادم الذي حدده القاضي منير حداد ، أحد قضاة محكمة التمييز في العراق ، فأغلب العراقيون يتشوفون نحو ذاك التاريخ ، ولكن إذا ما تجاوز صدام ذلك التاريخ حيا فما على السيد منير الحداد إلا أن يبادر الى تقديم استقالته حفظا لماء وجهه ، ووجه القضاء العراقي الذي يتحدث باسمه تحت فوهة المدفع الأمريكي المشرع بوجه الجميع .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد . 8
-
7عرب الأهوار ، الضيف والشاهد
-
( الغزال ( 1
-
تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
-
(عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(4)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(3 )ه
-
( عرب الأهوار ، الضيف والشاهد ( 2
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد*
-
أطلال الديمقراطية في العراق !
-
اقرؤوا هذه المقالة ثانية !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا : 4
-
الفيدرالية تصعد من وتائر الموت في العراق !
-
وأخيرا بصق بوش عليهم !
-
الفيدرالية شرذمت الكتل قبل أن تشرذم الوطن !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا:3
-
العشائر العراقية ترفض الفدرالية الإيرانية !
-
*في الطريق الى الشماعية
-
المشهداني : سلاحنا القنادر
المزيد.....
-
هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا
...
-
مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
-
رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
-
الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
-
-على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
-
شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد
...
-
ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا
...
-
مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
-
مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
-
تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|