أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهر العامري - ( الغزال ( 1















المزيد.....

( الغزال ( 1


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1760 - 2006 / 12 / 10 - 07:06
المحور: الادب والفن
    


مثل الرحالة ابن فضلان شغل الشاعر ، يحيى بن حكم البكري ، الجياني*، الأندلسي ، المعروف بالغزال ، الكثير من مؤرخي الأدب على مدى سنوات طويلة ، سواء أكان هؤلاء المؤرخون من العرب أم من الأوربيين ، ويعود السبب في ذلك الى اختلافهم المتصل على نقاط مهمة في حياة الشاعر العملية ، وليس في نشاطه الأدبي كشاعر .
وقبل أن أتناول نقاط الخلاف هذه لا بد لي أن أقف قليلا عند حياة الشاعر للتعرف عليه ، وعلى المحيط الذي نشأ وشب فيه ، فهو من حيث المحتد ينتسب الى قبيلة بكر العربية المعروفة ، مثلما ينتسب كذلك الى مدينة جيان الأندلسية لسكن أسرته فيها على ما يبدو ، وليس لأنه ولد فيها ، فالروايات المتوفرة عنه لم تقطع بمكان ولادته ، لكنها أشارت الى أنه نشأ في مدينة قرطبة ، حاضرة الأندلس ، وعاصمتها ، التي قطعت شأوا بعيد في الازدهار والتطور على أيام الشاعر ، وفي زمن الأمير الأموي ، عبد الرحمن الثاني ، الذي امتد حكمه من سنة 206هـ والى سنة 238هـ .
يضاف الى ذلك أن بعض المصادر (1) ذكرت أن الشاعر أدرك خمسة من الأمراء الأمويين في الأندلس ، بدءً بالخليفة عبد الرحمن الداخل الذي استطاع أن يؤسس الدولة الأموية في الأندلس سنة 138هـ ، ذلك بعد فراره من بين يدي العباسيين الذين أسقطوا تلك الدولة سنة 132هـ ، وانتهاءً بالخليفة ، محمد بن عبد الرحمن المتوفي سنة 273هـ ، مثلما ذكر ذلك الشاعر نفسه في بيت له حملته لنا تلك المصادر ، ومن دون أن يذكر أسماء أولئك الملوك ، فيقول :
أدركت بالمصر ملوكا أربعهْ ....... وخامسا هذا الذي نحن معهْ .
وقد أشارت بعض الروايات ، وبشكل لا لبس فيه ، الى أن الشاعر ، الغزال ، ولد سنة 156هـ ، وتوفي في حدود سنة 250هـ ( 2 ) ، وبهذا يكون هو قد عاش أربعا وتسعين سنة رغم أن الشاعر ، مع ذلك ، قد جعل من عمره تسعا وتسعين سنة في قوله :
وما لي لا أبلى لتسعين حجة ....... وسبع أتت من بعدها سنتان .
ولكن هذا البيت وصل لنا على رواية أخرى يصير معها عمر الشاعر تسعا وسبعين سنة :
وما لي لا أبلى لسبعين حجة ....... وسبع أتت من بعدها سنتان .
وعلى هذا فإن رواية ( السبعين سنة ) ، التي جعلت عمر الشاعر تسعا وسبعين سنة ، تتطابق مع كلمة الإدراك التي تعني اللحوق في القاموس ، والتي جاءت في بيت الشاعر : ( أدركت بالمصر .... ) المار الذكر ، وتتطابق مع ما نقله ابن دحية عن مؤرخ عاصر الشاعر ، هو تمام بن علقمة في قوله : ( ومشى الى بلاد المجوس ، وهو قد شارف الخمسين ، وقد خطه الشيب ) (3) ، هذا في الوقت الذي تكاد تجمع أغلب الروايات من أن الشاعر ، الغزال ، قد رحل في سفارة من قبل الأمير عبد الرحمن الثاني الى ملك الدنمارك ** هوريك Hårik سنة 230هـ ، مثلما تجمع على أن وفاته كانت في سنة 250هـ ، وعلى هذا ستكون سنة ولادة الشاعر بعد أن نطرح التسع والسبعين سنة من تاريخ سنة وفاته ، هي 171هـ ، بدلا من سنة 156هـ ، والنتيجة هذه لا تتناقض مع قوله :
أدركت بالمصر ملوكا أربعهْ ....... وخامسا هذا الذي نحن معهْ .
وذلك لأن الأمير عبد الرحمن الداخل قد توفى سنة 172هـ ، أي قبل ولادة الشاعر بسنة ويزيد ، ويبدو أن قصر فترة معاصرته للأمير المذكور هي السبب في استخدام الشاعر للفعل ( أدرك ) بمعني لحق في بيته المار ، بدلا من كلمة أخرى مثل عاصر ، أو عايش ، مثلما ذكرت ذلك من قبل ، كما اننا سنحصل على نتيجة أخرى ، وفقا لتاريخ الولادة في سنة 171هـ ، وهي أن عمر الشاعر كان ، حين رحل في سفارته الى الدنمارك ، تسعا وخمسين سنة ، وذلك لأنه رحل الى تلك الدولة سنة 230هـ بإجماع الكثير من المصادر ، مثلما أسلفت ، وهذا يتطابق مع قول تمام بن علقمة في استخدامه لكلمة ( شارف ) أي زاد على الخمسين سنة ، مثلما نقل ابن دحية عنه ، وأشرت إليه أنا قبل قليل ، والنتيجتان هاتان تجعلان عمر الشاعر في حدود الثمانين سنة ، وطول العمر هذا يؤيده قول جامع ديوان الشاعر وشارحه في عدم ملاحظته لأي نشاط مسجل للشاعر زمن الأمير عبد الرحمن الداخل ، ولا زمن ابنه الأمير هشام ، ولكن هذا النشاط عرف عن الشاعر إبان ولاية الأمير ، الحكم بن هشام ، الذي حكم بلاد الأندلس ما بين 180هـ - 206هـ .( 4 )
وإذا ما أخذنا برواية البيت التي تجعل من عمر الشاعر تسعا وتسعين سنة ( وما لي لا أبلى لتسعين حجة ... ألخ ) لوجدنا أنها تتناقض مع الرواية التي حددت عمره بأربع وتسعين سنة ، أي أنه ولد وعاش ما بين 156هـ - 250هـ ، كما أنها تتناقض مع رواية ابن دحية التي تقول : ( فإنه – عفا الله عنا وعنه – عمر حتى قارب مئة عام ، وقيل : قد أربى عليها )(5) ، تلك الرواية التي تجعل من سنة ولادة الشاعر هي سنة 150هـ ، وذلك لأن سنة وفاة الشاعر المتفق عليها هي 250هـ .
وفوق هذا وذلك فإن رواية الأربع والتسعين أو التسع والتسعين أو المئة تجعل من عمر الشاعر ، حين رحل الى الدنمارك في سفارته تلك ، 74سنة ، 79 سنة ، 80 سنة على التوالي ، وذلك لأن تاريخ الرحيل ذاك ، ومثلما تجمع عليه أكثر الروايات ، كان سنة 230هـ*** أي قبل موته بعشرين سنة ، وعلى أساس ما تقدم فإن هناك قدرا كبيرا من الشكوك يحيط بالروايات الثلاثة تلك ، وتدفع المرء الى عدم الوثوق بها ،لأنها تجعل من رجل شيخ تقدم به العمر سفيرا يكابد أخطار الترحال ، وهول البحار، وفي الوقت نفسه تتعشقه النساء ، ويقول هو فيهن أحلى قصائد الغزل ، مثل تلك القصيدة التي قالها لملكة الدنمارك ، تود ، والتي منها البيت التالي :
إني تعلقت مجوسية..... تأبى لشمس الحسن أن تغربا .
ويبدو لي أن عدم القطع بعدد سنوات عمر الشاعر وقت أن رحل هو الى الدنمارك كان من بين الأسباب التي جعلت بعض الباحثين الأوربيين يشككون بأمر السفارة هذه ، وينكرونها جملة وتفصيلا ، وهذا ما سأأتي عليه في حلقات قادمة تتطلب الوقف مني عليها .
= = = = = = = = = =
* نسبة الى مدينة جَيَّان (Jaen ) الأندلسية التي تقع الى الشرق من مدينة قرطبة ، وقد لقب بالغزال لجماله وحسن صورته ، ووسامته حتى وهو في كهولته .
1- ديوان يحيى بن حكم الغزال ص7.
2- نفسه ص 6.
3- المطرب من أشعار أهل المغرب ص 143.
** لم يكن هناك بلد بهذا الاسم وقت أن رحل الشاعر يحيى بن الحكم في سفارته الى ملك عرف ، فيما بعد ، أنه ملك الدنمارك ، تلك الدولة التي أخذت اسمها من اسم قبيلة جرمانية تدعى دانر ( Daner ) ، هذا الاسم الذي ظهر للمرة الأولى في القرن الخامس الميلادي أي قبل ظهور ما عرف بعصر القراصنة ( Vikingarna ) بحوالي قرنين من الزمان ، أولئك القراصنة الذين حط الشاعر ، يحيى بن حكم الغزال ، رحاله عند ملكهم هوريك ( Hårik ) في أكبر جزر الدنمارك الحالية التي كانت تدعى وقتها بـ ( Jutland ) ثم تحول الاسم الى (Jylland) فيما بعد ، وهي الجزيرة التي ترتبط في حدودها الجنوبية بالأراضي الألمانية ، وهذا الارتباط هو الذي يجمع الدنمارك بالقارة الأوربية .
4- ديوان يحيى بن حكم الغزال ص7.
5- المطرب من أشعار أهل المغرب ص150.
*** تجمع أغلب الروايات على أن رحلة الشاعر في سفارته الى الدنمارك وقعت سنة 230هـ /844م ، وذلك بعيد فشل الهجوم الذي قام به النورمانديون ( القراصنة ) على مدينة اشبيلة الأندلسية سنة 229هـ ، ثم قدم ، بعد ذلك ، وفد منهم على مدينة قرطبة ، يحمل رسالة من ملكهم هوريك ، يطلب فيها من الأمير عبد الرحمن الثاني ( الأوسط ) الصلح وإقامة علاقات صداقة وتعاون ، وقد أجابه الأمير على طلبه هذا بإرسال الشاعر يحيى بن حكم الغزال على رأس سفارة استقرت في بلاد الملك المذكور على مدى عشرين شهرا ، تلك المدة التي وقعت فيها ملكة الدنمارك بغرام الشاعر الغزال ، مثلما ذكر الشاعر ذلك بشعره ، ومثلما نقل خبر قصة الغرام هذه عن بعض مرافقيه ومعاصريه.



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
- (عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(4)ه
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(3 )ه
- ( عرب الأهوار ، الضيف والشاهد ( 2
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد*
- أطلال الديمقراطية في العراق !
- اقرؤوا هذه المقالة ثانية !
- الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا : 4
- الفيدرالية تصعد من وتائر الموت في العراق !
- وأخيرا بصق بوش عليهم !
- الفيدرالية شرذمت الكتل قبل أن تشرذم الوطن !
- الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا:3
- العشائر العراقية ترفض الفدرالية الإيرانية !
- *في الطريق الى الشماعية
- المشهداني : سلاحنا القنادر
- دولة أبو درع
- ( 2 ) József Attila : الشاعر الشيوعي ، يوسف أتيلا
- المظلوم الذي صار ظالما !


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهر العامري - ( الغزال ( 1