|
أجهزةُ الاِتصالِ المُفَخخةُ فَصلٌ جديدٌ
حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 18:13
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أصبَحت شبكةُ النداءِ التابعةُ لحزبِ الله، والتي كانت تُظَنُ درعًا ضد القرصنةِ، سلاحًا للدمارِ الواسعِ لما تسَبَبَت التفجيراتُ التي تمَ إشعالُها بها عن بعدٍ في عشرات القتلى وآلاف المصابين. ما بَدى في يومٍ من الأيامِ خيالًا أصبح حقيقةً مُرعبةً. كشفَت الاِنفجاراتُ عن سيناريوهاتٍ جديدةٍ في الحربِ الحديثةِ، بعد أن تحولَت أجهزةُ الإتصالِ أو النداءِ Pagers إلى سلسلةٍ من القنابلِ المَوقوتةِ التي استهدفَت حامِليها.
كشَفَ هذا الهجومُ السيبراني عن نقاطِ ضَعفٍ خطيرةٍ عند حزبِ الله، فقد أصبحَ نظامُ الاِتصالاتِ، وهو ضروريٌ لتنسيقِ الهجماتِ وتعبئةِ المقاتلين، نقطةَ ضَعفِه الجديدةَ. إمكانيةُ التلاعبِ بالأنظمةِ أينما وُجِدَت وتفخيخُها تُعيدُ تعريفَ قواعدِ الصراعاتِ. إذ يُمكنُ خَوضُ الحروبِ المُستقبليةِ باِستخدامِ البياناتِ والخوارزمياتِ والهجْماتِ السيبرانية.
اعتمَدَ حزبُ الله، منذ فترةٍ طويلةٍ على نظامِ الاِتصالاتِ بأجهزةِ النداءِ علي الرغمِ من قِدَمِه، باِعتبارِه الاِختيارُ الآمنُ لحمايةِ المعلوماتِ الحساسةِ من تقنياتِ القرصنةِ الحديثةِ. ومع ذلك، حُطِمَ هذا الأمنُ المُتصَورُ عندما أصبحَت هذه الأجهزةُ أسلحةَ دمارٍ. تمَ اِختراقُ الآلافِ من أجهزةِ النداءِ تلك عن بعدٍ وتفجيرِها في حامليها، ما أدى إلى خسائرٍ مأساويةٍ ليسَ في الأرواحِ فقط ولكن فيما تبقى من أمانٍ وثقةٍ في تشغيلِ أيةِ أنظمةٍ.
البيجر Pager هو جهازٌ صغيرٌ يُستخدم للاِتصال اللاسلكي اِخترَعه المهندسُ الكندي ألفريد غروس عام 1949، وكان شائعا في العقودِ الماضيةِ، خاصةً قبلَ الاِنتشارِ الواسعِ للهواتفِ المحمولةِ والذكيةِ. كانَ يُنظرُ لتلك الأجهزةِ على أنها آمنةٌ. بسيطةٌ ومَوثوقَةٌ للاِتصالِ، خاصةً للمهنيين مثلَ الأطباءِ وعمالِ الطوارئ وغيرِهم. الرسالةُ الواضحةُ الآن أنه ما من نظامٍ، بغضِ النَظرِ عن قِدَمِه أو تَصَوُرِ أنه آمنٌ، مُحصَنٍ ضد التلاعُبِ السيبراني.
يُمثلُ هذا الهجومُ لحظةً محوريةً في كيف هي الحروبُ في القرن الحادي والعشرين. ذلك أنه مع دمجِ التكنولوجيا بشكلٍ مُتزايدٍ في الحياةِ اليوميةِ، فإن اِحتمالَ حدوثِ هَجْماتٍ إلكترونيةٍ لشلِ الخِدْماتِ الأساسيةِ ينمو بشدةٍ. غالبًا ما تكونُ الهَجْماتُ الإلكترونيةُ غيرُ مرئيةٍ وبلا مقدِماتٍ، ولا تَتركُ أثرٍ لسلاحٍ متروكٍ أو وسيلةِ اِنتقالٍ. الأنظمةُ الأساسيةُ المُستهدفةُ تُعتبَرُ أهدافًا سهلةً، مثلَ شبكاتِ الاِتصالاتِ وشبكاتِ الطاقةِ ووسائل النقلِ والتَنقلِ والمؤسساتِ الماليةِ، ما يمكنُ أن يضَعَ دولًا بأكملها على ركبتيها دونَ نشرِ سلاحٍ تقليدي وحيدٍ أو إطلاقِ رصاصةٍ.
التأثيراتُ العالميةُ لهذه الهجماتِ عميقةٌ. إذ أن الاستراتيجياتِ العسكريةِ الآن تَعتبِرُ الفضاءَ الإلكتروني ساحةَ معركةٍ رئيسيةٍ وهو ما تشهَدَه الحربُ الروسية الأوكرانية. العواقِبُ على الأمنِ العالمي مُخيفةٌ خاصةً على الدولِ المغلوبةِ على أمرِها تكنولوجيًا.
الحربُ الإلكترونيةُ لم تَعدْ تهديدًا مستقبليًا ولكنها حقيقةٌ حاليةٌ. من خلالِ مُهاجمةِ البنيةِ التحتيةِ أو جزءٍ منها، يُمكنُ شَلُ أجزاءٍ كبيرةٍ من القدراتِ العسكريةِ والاِقتصادِ والاِتصالاتِ والمواصلاتِ. تحَوُلُ ميادينِ الحربِ، من البرِ والبحرِ والجو إلى الفضاءِ الإلكتروني، له آثارٌ عميقةٌ على القواتِ العسكريةِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ. ذلك انه عندما تُصبِحُ الهَجْماتُ الإلكترونيةُ أكثرَ اِنتشارًا وتطورًا، فإن الدرسَ واضحٌ، العدو كامنٌ في أي مكانٍ، والأسلحةُ غيرُ مرئيةٍ، لكن الضررَ حقيقيٌ ومدمرٌ.
التكنولوجيا الحديثةُ في مواجهةِ الجعجعةِ والطنطنةِ والمنظرة الفاضية، اِكتساحٌ واضحٌ جدًا في كلِ المجالاتِ …
"يُؤتى الحَذِرُ من مأمَنِه"، قالَتها العربُ قديمًا ونتذكرُها دائمًا، وأيضًا "شيلوه من فوفي وإلا مَوَته" ...
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوليمبياد باريس .. كلام قديم
-
تَخفيفٌ أم تَسطيحٌ أم … ؟
-
جامعات حكوميةٌ وخاصةٌ وأهليةٌ ثم معاهد
-
الاِنقطاعُ الإلكتروني ومُصطلحاتُه
-
بعد ثلاثين عامًا من الإنترنت
-
وسائلُ التواصُلِ في الدقهلية وسوهاج
-
فيزياء الثانوية العامة
-
المِساحةُ الشَخصيةُ
-
الجريمةُ بين الشَبَكةِ العَميقةِ والشَبَكةِ المُظلِمةِ
-
الجِبالُ …
-
شط الإسْكَنْدَرِيَّة
-
في أوبر وسائقيها
-
الحَوسَبةُ السَحابيةُ
-
الكبار يلزموا بيوتهم
-
شفايف منفوخة
-
هات م الأخر
-
تطويرُ التعليمِ بالقَصقَصة
-
الجودةُ الأخلاقية
-
طبطبة ودلع وتواكُل ... في الجامعات؟!
-
لماذا نكتبُ؟
المزيد.....
-
عام على الحرب في غزة.. ماذا تقول الأرقام عن البشر والحجر؟
-
فيديو طائرة دون طيار يظهر الدمار بجنوب لبنان جراء الغارات ال
...
-
-خلال ساعة واحدة-..الجيش الإسرائيلي يعلن إطلاق أكثر من 100 ص
...
-
بيروت ست الدنيا نعم.. أما صور الجنوبية فلها طعمٌ آخر
-
توصية باستخدام الوسائط الرقمية للأطفال خلال القراءة، ما أهمي
...
-
جونسون يصف شقة داونينغ ستريت بـ-وكر لتعاطي المخدرات-
-
لافروف يستفسر هل توجد في أرمينيا ظاهرة Quadrobers
-
بريطانيا تفرض عقوبات على قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي وال
...
-
السيسي يتحدث عن 3 أهداف لمصر منذ 7 أكتوبر 2023
-
قادة بلدان رابطة الدول المستقلة يلتقون في الكرملين تمهيدا لل
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|