المستعمر العنصري إستئصالي !

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 8095 - 2024 / 9 / 9 - 17:56
المحور: القضية الفلسطينية
    

أعادت الحرب على قطاع غزة التي تناهز عامها الأول ، إلى الأذهان معطيات ليست جديدة ، كان مفروضا أن تكون حاضرة لدى الفعاليات الرسمية والحركات الوطنية المنخرطة في مشروع إقامة الدولة في البلدان السورية و العراقية ، و لكنها يا للأسف ، لم تكن بالقطع هكذا إذا ارتجعنا أمام الذاكرة الأحداث التي طبعت تاريخ القضية الفلسطينية بين سقوط الدولة العثمانية و الكشف عن اتفاقية سايكس بيكو( 1916) ثم انتداب بريطانيا على فلسطين و الأردن و العراق و انتداب فرنسا على لبنان و سورية ، و بين حرب حزيران 1967 و ما تلاها من وساطات و مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية تجسدت بمحاولات متكررة للقضاء على الحركة الوطنية بلغت ذروتها في الأردن ( أيلول 1970) و في لبنان (1975 ـ 1982) و في فلسطين ( محاصرة عرفات في رام الله حيث دس السم له ، توفي مسموما سنة 2004 ) .
لسنا في سياق استعراض لمحات من تاريخ القضية الفلسطينية ، فما نود التوكيد عليه هو أن الأساليب و الوسائل التي استخدمتها الحركة الصهيونية التي سمحت لها سلطات الانتداب البريطاني في سنوات 1920 ، تماشيا مع وعد بلفور ، بإنشاء مؤسسات " الوطن القومي اليهودي " ، الإدارية و الأمنية ، تسمح لنا باستخلاص الذهنية التي تقود هذه الحركة وأن نتبين الأهداف التي تسعى اليها . و بأنها استفادت بشكل غير محدود من مساعدة القوات البريطانية . و لعل أكبر دلالة على هذا كله نجده في أساليب القمع التي اتبعتها سلطات الاحتلال البريطاني ضد الانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي نهضت في سنوات 1937 ـ1939 . ، ففي هذا العام ، على سبيل المثال أعدم 110 فلسطيني و أعتقل 6000 آخر. تحسن الإشارة في هذا الصدد إلى أن المنظمات الإرهابية الصهيونية هي السباقة في استخدام المركبات المفخخة بالمتفجرات في الأماكن العامة ، و ارتكاب المجازر ضد السكان كوسيلة للترحيل ، هكذا اقتلعوا 700 ألف في سنة 1948 ، و دمروا حوالي 500 قرية و بلدة ، بحسب مؤرخين إسرائيل ، كذبوا و فندوا السردية الصهيونية عن النزوح الاختياري .
مجمل القول ، ان ما يجري في قطاع غزة و الضفة الغربية في الراهن لا يختلف جوهريا عما جرى في سنوات 1930 ـ 1940 ، انعكاسا لسيرورة استعمارية غربية |، استيطانية استئصالية في المشرق العربي و مصر و شمال إفريقيا ، الغاية منها أنشاء دولة أو دول تكون امتدادا لدول أوروبا و الولايات المتحدة الأميركية . تجدر الملاحظة في هذا السياق أن وسائل التطهير العرقي ، إلغاء لوجود جماعة من الناس في البقعة المذكورة لا توقظ على الأرجح ضمائر رجال السلطة في الدول المنخرطة في هذه السيرورة ، مهما بلغت فداحتها ، و هي لا تختلف من و جهة نظرنا عن الجرائم العنصرية التي ارتكبها النظام النازي الألماني ، إلا بإحلال عنصر مكان آخر و بقعة جغرافية مكان أخرى .
في الختام يتساءل المرء استنادا إلى هذا كله عن الجدوى من التفاوض مع أنسان كاسر ينوي استئصالك تدريجيا ، إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ، و لا يبتغي غير ذلك ، لا سيما أن خطة إلغاء الوجود الفلسطيني حاضرة منذ احتلال القوات البريطانية فلسطين .كانت حاضرة في سنة 1948 و أخرجت في سنة 1956 عندما فكروا بترحيل سكان قرى المثلث إلى شرق الأردن في سياق الحرب على مصر ، فلم يستطيعوا سوى ارتكاب مجزرة كفرقاسم ، ومن المعروف أنها أخرجت أيضا خلال حرب حزيران 1967 حيث تمكنوا من ترحيل 250 الفا من سكان الضفة الغربية ، و من نافلة القول أنها مطروحة مرة أخرى منذ السابع من أكتوبر 2023 ، على طاولة المفاوضات في القاهرة و الدوحة وبيروت !

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل