أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 18:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الملاحظ إن التدين الذي نراه في واقعنا ، هو تدين على نوعين : تدين شكلي (ظاهري) ، وهو تدين بلا روح يختصر رؤيته بالممارسة الشكلية ، وغالباً ما تكون موسمية ، وهناك تدين يتسم بالروح والحياة ، وهو تدين يشمل باطن وظاهر الإنسان ويملء عليه كل حركاته وسكناته ، الحركة الجسدية وما ينطوي عليه الضمير من قيم وأخلاقيات ، وما تضمر النفس من أهداف ، والعقل من تطلعات ، وهو تدين يستحضره صاحبه في كل لحظة ، وفي كل مكان ، في حركته وسكونه ، في ظاهره ، وفي باطنه ، وللأسف النوع الأول واسع الأنتشار ، وهو المهيمن في الصورة العامة لحركة التدين عند الناس ، وصوته أصدح ، ورنينه أعلى ، وبريقه ألمع ، وبسبب ذلك ما جعل للدين معناً ومحتوى ، غير دين الحق الخلاق ، الذي يدفع بحالة من الحركة الدافعية بأتجاه تكاملي ، وبصيرورة أيجابية . حين بدأ الأفتراق ما بين الشكل والمضمون حدثت الفاجعة التي عانت بالأمس وتعاني الإنسانية اليوم معاناة هذا الأفتراق ، بسبب البون الشاسع بينهما ، وهكذا ترى وراء كل ظاهرة علة تنتهي أليها أسباب ظهورها . النوع الأول هو بالحقيقة تفريغ مروع لمعنى الدين ، وانحراف لوظيفته الحقيقة في تقويم أخلاق الإنسان ، وتشكيل ضميره الإنساني ، وبالتالي ترشيد حركته ، وذلك بجعلها حركة بنائية، ذات توجه أرتقائي ، تضفي على الوجود الإنساني معناً متقدماً يستحق عليه لقب خليفة الله في أرضه، أما أنزواء المعني الثاني وتقهقره أمام المعنى الأول ، فهو بالحقيقة أطفاء لأنواع التدين التي عمل الأنبياء على أشعاله، لتنور على البشرية بأنوارها الساطعة ، ولذلك يكون التدين الشكلي هو حركة مضادة لحركة كل الأنبياء ، واتجاه معاكس لجهودهم الحثيثة طوال الزمن ، وتشتيت لمنجزاتهم العظيمة . اليوم هناك قوى دولية ، وبحركة دؤوبة تُستعمل بها كل الأسلحة ، الخشنة والناعمة بالوصول لهذا الانحراف لنهايته ، والمجيء بدين جديد تضع هذه المراكز الدولية أبجديته ليصنعوا عالماً يقبضون عليه من تلابيبه، ويقودونه حيث شاءوا هم ، وعلى أيديهم ينهي التاريخ فصوله الأخيرة ، عند مخطط نهاية التاريخ الذي تُهيمن بها حضارتهم الليبرالية في ظاهرها ، واليهودية - الصهيونية في باطنها.
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟