أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوكاري - الأدب في عصر العلم والتكنولوجيا














المزيد.....

الأدب في عصر العلم والتكنولوجيا


فتحي البوكاري
كاتب

(Boukari Fethi)


الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 14:24
المحور: الادب والفن
    


إذا كان سؤالك يدور حول دور الأدب في عصر العلم والتكنولوجيا، والتحديات الحديثة التي تواجهه، لغاية الوصول إلى فهم كيفية بقاء الأدب مؤثرًا في ظل التقدم العلمي السريع، فهو سؤال وجيه ومشروع، لأنّه يوصلنا، عند الإجابة عنه، إلى تحليل التفاعل بين الأدب والعلم والتكنولوجيا، وتطور الأدب عبر العصور، بالإضافة إلى تعزيز دور الأدب في المجتمعات الحديثة. فالأدب بالفعل يواجه العديد من التحديات الحديثة، متأثرا بالتحولات في التكنولوجيا والثقافة والمجتمع، أهمّها التقليص في فترات الانتباه بسبب التشتيت الرقمي، وسائط رقمية وشبكات اجتماعيّة، فقد ساهم تنافس وسائل الإعلام على الوقت والانتباه في صعوبة انخراط القراء في أعمال أدبية أطول وأكثر تعقيدًا. كما ساهمت عادة القراءة المجزأة في التأثير على القراءة العميقة والمستدامة، والتي غالبًا ما تكون ضرورية للانخراط في الأدب. وهكذا فإنّ الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية قد غيّرت عادات القراءة وكيفية تفاعل الأشخاص مع النصوص، مما يؤثر بشكل محتمل على التجربة التقليدية لقراءة الكتب المطبوعة.
أمّا إذا كان المقصود من طرح السؤال هو أدب العلم باستعمال الذكاء الاصطناعي، وتأثير التكنولوجيا على الكتابة والقراءة، فهو أمر آخر، لا يسعني إلّا تثمينه لأنّه يعالج بالأساس قضيّة حادّة وليدة هذا العصر، ويثير تساؤلات حول أصالة الأعمال الأدبية وحقوق التأليف. في تقديري الخاصّ، يجب أن لا يثير التوليد الآلي للمحتوى باستعمال الذكاء الاصطناعي قلقا مبالغا فيه. فعلى القرّاء والكتّاب التكيّف مع الابتكارات في التكنولوجيا كما تكيّفت في السابق مع الحواسيب والنشر الالكتروني، ومن قبل ذلك تمكّنت من التحوّل من استعمال الريشة والحبر إلى الأقلام الجافّة، ومن الورق البردي إلى لوحة الكمبيوتر. بإمكاننا اعتبار القصص التفاعليّة والنصوص المتعددة الوسائط شكلا أدبيا جديدا يعاضد ولا يتحدّى المفاهيم القديمة للأشكال الأدبية، أمّا النصوص المولّدة آليا بإمكاننا أن نجعل منها عنصرا مساندا تعمل كمسودّات قبل المعالجة، تطوّر الأدب لضمان بقائه جزءًا حيويًا وذا صلة بالثقافة الإنسانية، وبذلك ننهي هذا القلق ونحصره في قضيّة وحيده وهي الخشية من تكرار المواضيع وتناسخها. فإذا توافقنا على هذا الأمر، يمكننا عندها وبكل يسر معالجة المشكل المطروح معالجة قانونية خاصة بحقوق الملكية الأدبية يُعطى فيه الحقّ القانوني لمن سبق...
لكن، ردّي على سؤالك المحدّد: "هل العلم سوف يقصي الأدب؟"، لن يكون سوى الشكّ في حدوث ذلك، إذ أنّ للعلم والأدب طريقتين مختلفتين لفهم العالم وتجربته، وهما تخدمان أغراضًا مختلفة، ففي حين يكون تركيز العلم على الأدلة التجريبية والتحليل المنطقي لفهم الظواهر الطبيعية، وصياغة النصوص العلمية بأسلوب مباشر وصريح وجاف تعبر عن أشياء وأحداث في العالم الحقيقي، وتستهدف جمهورًا ضئيلًا للغاية من الأكاديميين في مجال التخصص، يعمل الأدب كجسر بين المجتمع العلمي والجمهور من خلال جعل المفاهيم العلمية جذابة في متناول الجميع، ويستكشف التجربة الإنسانية والعواطف والأفكار من خلال التعبير الإبداعي والسرد، ويتعامل أيضا مع الآثار والعواقب المدمّرة للتجريب العلمي والتقدم التكنولوجي، ويدعو القراء إلى التأمل في تأثير الوسائط الرقمية في العلاقات الإنسانية والتفكير في تعقيدات العيش في عالم التكنولوجيا.
ومن أجمل هذه التشابكات الرائعة بين الأدب والعلم ما نجده في أدب الخيال العلمي من رؤى ووجهات نظر تكمل المعرفة العلمية، غالبًا ما يتكهن الخيال العلمي بالتقنيات المستقبلية وتأثيرها على المجتمع، واستكشاف العواقب المحتملة للتكنولوجيات الناشئة وتوفير مساحة لمناقشة المستقبل المحتمل، تلك المساحة التي تمكّن العلماء في مجال التكنولوجيا من إعادة صياغة الخيال بطريقة ما من أجل تحقيقها على أرض الواقع.
وباختصار، غالبًا ما يتعمق الأدب في تعقيدات المشاعر الإنسانية والجوانب الذاتية والعاطفية والخيالية للحياة ويطرح الأسئلة الوجودية بطرق لا يستطيع البحث العلمي معالجتها بالكامل، إنه يوفر نظرة ثاقبة للتجارب الذاتية والقيم الثقافية والمعضلات الأخلاقية، ويهدف إلى استحضار الاستجابات العاطفية والتعاطف. في حين يساهم العلم في فهمنا للعالم المادي.
ومع استمرار التقدم العلمي والتكنولوجي يظل للأدب دور فعال في المجتمع في مواجهة التحديات الحديثة والتغيرات السريعة. على الرغم من أن الأدب يبدو في الوقت الحاضر أنه يفقد قيمته تدريجيًا داخل المجتمع الحديث، إلا أنه يظل جزءًا أساسيًا منه. لا يمكن تجاهل المساهمات التي يستمر الأدب في تقديمها، حتى عندما يتم إهمالها.
إن التقاطع بين الأدب والعلم يثري كل منهما التجربة الإنسانية بطريقته الخاصة، يمكن للعلم أن يلهم الأعمال الأدبية، ويمكن للأدب أن يوفر سياقًا عاطفيًا وأخلاقيًا أعمق للقضايا العلمية. ليس هناك تنافس بينهما ولا يجعلهما أبدا في تصادم، لأنهما يتعايشان في مجالين مختلفين، ويكملان بعضهما البعض حتّى يعززا فهمنا للعالم ولأنفسنا.



#فتحي_البوكاري (هاشتاغ)       Boukari_Fethi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة المثقّف بالسّلطة السياسية: رواية الكاتب البوهيمي المتع ...
- غربة
- تأثير أفكار ابن خلدون في الحضارة العربية والغربية
- طوفان العصر(*)
- إنعكاس الخطاب السياسي في رواية -المغتصبون- لسمير ساسي (2)
- انعكاس الخطاب السياسي في رواية -المغتصبون-(1) لسمير ساسي(2)
- غزّة، يا كبدي!
- خبزة البصّيلة
- علاقة الذات بالمكان في رواية: رقصة أوديسا، مكابدات أيّوب الر ...
- حوار مع أبي يعرب المرزوقي
- الممثل
- يا جابر الحال
- خنساء لمحمد عز الدّين الجّميل، رواية أوجاع الذاكرة
- الزحف
- فصول نحوية
- لا توجد في البيت امرأة
- حوار مع أيقونة القصّة التونسيّة نافلة ذهب
- سَرَقَةُ الدّم
- سترة أبيكم
- البحث عن الحياة المثلى في رواية أحمد طايل، -متتالية حياة-


المزيد.....




- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة عل ...
- لماذا انتظر محافظون على -تيك توك- تحقق نبوءة -الاختطاف- قبل ...
- فاضل العزاوي: ستون عامًا من الإبداع في الشعر والرواية
- موسم أصيلة الثقافي 46 يقدم شهادات للتاريخ ووفاء لـ -رجل الدو ...
- وزير الاقتصاد السعودي: كل دولار يستثمر في الثقافة يحقق عائدا ...
- بالفيديو.. قلعة حلب تستقبل الزوار مجددا بعد الترميم
- -ليس بعيدا عن رأس الرجل- لسمير درويش.. رواية ما بعد حداثية ف ...
- -فالذكر للإنسان عمر ثانٍ-.. فلسفة الموت لدى الشعراء في الجاه ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوكاري - الأدب في عصر العلم والتكنولوجيا