أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - المقاومة محاولة للفهم بعيدا عن التصنيم














المزيد.....

المقاومة محاولة للفهم بعيدا عن التصنيم


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 18:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن القول إن المقاومة لغة هي الممانعة وعدم الرضوخ لتغيرات وقوى مفروضة من الخارج. وهي في مفهومها العام، هي ردة فعل مجتمعية واعية، ضد من يصادر حقوقها في الحياة الحرة الكريمة، وفرض واقع يتناقض مع القيم الإنسانية أو ينتقص منها، سواء تمثل ذلك في شكل استبداد، أو استعباد أو ظلم أو تمييز أو احتلال.ولأنها نتاج فعل إنساني فهي ليست مقدسة، فهي تحتمل النقد والمراجعة والتصويب والتطوير، مثل أي فعل بشري.
وفي الواقع الفلسطيني فإن معادل الوجود الكولنيالي الصهيوني العنصري الاحتلالي الذي اختلق مقولة "أرض بلا شعب"، هو أولا تأكيد وجود هذا الشعب، وبالمقاومة، ارتباطا بطبيعة العدو وهو ما يقوم به الشعب الفلسطيني منذ قرن من الزمان. ولأنها كذلك فكان لا بد أن ترتبط المقاومة الفلسطينية بالمعنى الشامل لمفهوم المقاومة، لا حصرها في شكل واحد، ارتباطا بطبيعة العدو الصهيوني كعدو كولنيالي إحلالي يستهدف إضافة إلى سرقة الأرض، الإنسان الفلسطيني في ذاته، أي أن استمرار الوجود الفلسطيني في ذاته، هو مقاومة، سيما في المناطق المحتلة عام 1948 إذ يعتبرهم الكيان الصهيوني قنبلة ديمغرافية.
وبهذا المعني فإن مفهوم المقاومة في الفكر السياسي والثقافة الفلسطينية هو مفهوم واسع وشامل، ارتباطا بطبيعة العدو الذي لا يقف عند حدود نفيه ماديا ، وإنما يحاول أن يلغي وسرقة كل تاريخ الشعب الفلسطيني في أبعاده الثقافية والحضارية ،وكل ما يتعلق بتجربته الإنسانية عبر آلاف السنين في ملبسه ومأكله ومشربه وزراعته وحرفة وأفراحه وعاداته.
ومن ثم فإن مواجهة هذا الإلغاء والنفي والطمس وسرقة تاريخ الشعب الفلسطيني ، تفرض الأخذ ليس بكل أشكال المقاومة في جانبيها السلبي والإيجابي، العنفي وغير العنفي، بل واشتقاق أشكال مقاومة يفرضها شرط تحدي الوجود الصهيوني في المكان والزمان، وربما المثال الأبرز على ذلك هو المقاومة التي يمارسها الأسري في معتقلات الاحتلال، من شرط الحفاظ على الذات، والإرادات الفردية والجمعية، والنضال من أجل انتزاع حق العيش الكريم والإنساني من بين أنياب السجان، وتحويل المعتقلات إلى أكاديميات بالمعني الكفاحي والعلمي، حتى أنها ساهمت في تخريج قادة على مستوى رفيع في الجانب السياسي والأمني والثقافي والجماهيري والإعلامي، بل ومعرفة العدو وكيف يفكر؟ وأنا أعتبر أن إصرار هؤلاء المقاومين على صنع الحياة عبر إبداعهم لشكل من أشكال المقاومة رغم الأسر الطويل بتهريب نطفهم، هو ذروة المقاومة.
وعلى هذا الأساس أقول إن اختزال مفهوم المقاومة وأسلوبها وحواملها في شكل معين وجهات معينة وواقعة معينة ، في ظل هذا الثراء في تجربة الكفاح الفلسطيني والتجربة الإنسانية وتنوع أشكاله وحوامله، إنما يندرج في سياق قصر النظر الذي يعبر عن قصور معرفي معيب في الوعي، وتعدي حتى لو كان بحسن نية على أبداع وحق الشعوب في اشتقاق أساليب مقاومة لها علاقة بواقعها هي، وطبيعة التحدي العدواني الذي تعيشه ارتباطا باللحظة التاريخية، لأن أي حصر لمفهوم المقاومة وأشكالها في لون معين وحوامل محددة، هو مصادرة لمكنة ثراء وغنى التجربة الكفاحية والإبداعية للشعوب.
ولذلك فإن محاولة البعض إضفاء قداسة من نوع ما، على شكل أو واقعة أو جهة باعتبارها كل المقاومة، على حساب تنوع الأشكال والأساليب والأدوات، هو تعسف فكري، وربما هو تعبير عن عسر في فهم ماهية المقاومة وشرطها، وربما التباس في الوعي، نتيجة مقاربة أحادية الجانب تتكئ على الانفعال والعواطف، من شأنها أن تمارس احتجازا قسريا لإبداع الشرائح والفئات الاجتماعية التي تكون محلا للقهر والعدوان ، حتى لمجرد الحفاظ على الذات في ظرف تاريخي وشرط كفاحي معين هو ذروة المقاومة.
وكون البعض جعل شكلا ما من المقاومة حقا حصريا لحامل ما أو لعدة حوامل ، في حين أن المقاومة على تنوع أشكالها هي واجب على كل فلسطيني وعربي، بل وكل إنسان ينتمي إلى قيم الحق والعدل والخير من أحل محاصرة وتفكيك رواية الحركة الصهيونية والصهيونية المسيحية والقوى الإمبريالية والصهاينة غير اليهود من عرب ومسلمين وأي دين آخر في هذا العالم.
ولذلك يصبح مهما من أجل وعي فردي وجمعي أن تعزز الجبهة الثقافية والذاكرة حضورها الطازج المستمر لدحض الرواية الصهيونية وكل الصهاينة الآخرين مهما تنوعت مسمياتهم ، على قاعدة أن الوعي هو وعاء المقاومة بمفهومها الشامل، الأساليب والوسائل والأدوات ، التي يحكمها شرط اللحظة في الزمان والمكان وفي جانبية الذاتي والموضوعي والعامل الخارجي.
وبالتأكيد فإن تجاوز اللحظة الراهنة، وإلقاء نظرة على تجربة المقاومة الفلسطينية الممتدة، كفيلة بأن تقدم درسا بالغ الدلالة على تنوع وثراء التجربة الفلسطينية بكل ما فيها من دروس وعبر. بعيدا عن تصنيم لحظة تاريخية بذاتها، أو واقعة معينه في التجربة الكفاحية الفلسطينية.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هتاف.. هتاف
- أمريكا وأوروبا.. هل تجدي سياسة العصا والجزرة مع خامنئي؟
- طهران.. الرد على اغتيال هنية بين حسابات الربح والخسارة..!
- عرب التطبيع يدافعون عن مرتكبي محرقة غزة..!
- في انتظار رد طهران..واشنطن تحرك قواتها وشويجو بطهران
- رد إيران والحزب.. وكأن الولايات المتحدة هي المستهدفة..!
- -إسرائيل -.. وحديث التغكك
- اغتيال هنية ورسائل نتنياهو للداخل والخارج
- جريمة معتقل سدية تيمان..تقول لنتنياهو..من هم الهمج..؟!
- الوحدة الوطنية.. وثقافة الوطن الغنيمة..!
- غزة.. والتباس مفهوم الصمود
- محمود عباس.. عندما تكون اللغة مفارقة
- مقاربة.. النقد في مواجهة تصنيم الوقائع والوسائل والأدوات
- هل ينجح اتفاق بكين في إحباط مشاريع الوصاية؟
- عندما يزعم الفاشي بتسلئيل سموترتش أنه ديمقراطي..!
- رأي محكمة العدل الدولية.. وخرافة نتنياهو عن -أرض الآباء-*
- أمام وعيد ترامب.. هل تتجاوز حماس وفتح الخيبات السابقة?
- انفجار فقاعة الحريديم.. وهشاشة الكيان الصهيوني
- حماس وشبح ترامب ونهاية فترة استثمار الوقت
- نتنياهو.. مجازر.. تجويع.. مرواغة بانتظار ترامب


المزيد.....




- صدمته شاحنة فانقلب -رأسًا على عقب-.. شاهد ما حدث لعامل أثناء ...
- ترامب يدعي أن إيران -لم تنقل شيئا- من المواقع النووية
- زفاف القرن في فينيسيا.. بيزوس وسانشيز يتوجان بحبّهما بحفل أس ...
- ضحى العريبي تثير الانقسام بتصريحات حول شهادة البكالوريا في ت ...
- الطفلة الليبية سوهان أبو السعود تفر عبر قارب هجرة بحثا عن عل ...
- كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا سياحيًا بعد عقد من الإنشاءات: هل ...
- من صنعاء: احتفاء بـ-انتصار طهران- وتأكيد على استمرار دعم غزة ...
- هل روسيا ضالعة في حرق شاحنات للجيش الألماني؟
- في إطار -توسيع اتفاقيات السلام-... هل يتجه نتانياهو نحو مفهو ...
- بعد ثلاثين عاما من الصراع... الكونغو الديمقراطية ورواندا يوق ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - المقاومة محاولة للفهم بعيدا عن التصنيم