أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - غزة.. والتباس مفهوم الصمود














المزيد.....

غزة.. والتباس مفهوم الصمود


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 23:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يخلو تصريح أو حديث أو مقال أو رأي لفرسان الفصائل، يتعلق بالمحرقة التي ما تزال تستهدف أهل غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى الآن، إلا ويشيدون بما يسمونه الصمود الأسطوري لشعب غزة في مواجهة ما يتعرضون له من مذابح وتنكيل وحصار وتجويع واحتضانهم المقاومة.
هذا الحديث عن الصمود يقرر واقعا موضوعيا يتعلق بمقدار صبر وتحمل أهل غزة كل هذا التوحش من قبل الكيان الصهيوني ،لكنه توصيف فيه تجويف مخل لمفهوم وشرط الصمود كون الصمود يجب أن يكون قرارا واعيا في حضور خيارات أخرى للنجاة، ولأن ذلك لم يكن قائما مطلقا، لذاك كان من الطبيعي ارتباطا بشرط الحياة ومواجهة استمرار هذا النزيف الذي يطالهم ويجعل من فكرة بقائهم على قيد الحياة بالمعنى الفردي والجمعي في قطاع غزة الذي لم يبقى فيه مكانا أمنا على الإطلاق أمام تحول القطاع إلى ميدان رماية لكل صنوف آلة العدو العسكرية، التي جعلت من قطاع غزة حسب الخبراء مكانا لا يصلح للعيش، مسألة تستحق المحاولة.
ومن ثم فإن بقاء أهل القطاع في نزوحهم المستمر بين مناطقه محدودة المساحة بحثا عن الأمان النسبي في مكان تحول إلى كتلة من النار هو نوع العبث، ولكنه أمر يستحق السعي من أجله لاستمرار الحياة دون تفاؤل كبير بطولها، في ظل أنه ما من مكان آمن على الإطلاق في كل ال 365 كيلو متر مربع، التي هي كل مساحة قطاع غزة، وربما هذا هو ما جعل أطفال غزة يكتبون أسماءهم على أجسادهم حتى يمكن التعرف عليهم عند استشهادهم الذي يمكن أن يداهم أي شخص في غزة في أي لحظة.
هذا التسليم بمواجهة الفلسطيني في غزة قدره بهذا الشكل كونه لا توجد أي خيارات أخري تحقق ثنائية الصمود الواعي والتمسك بالحياة، التي تعني الانتصار على فكر النفي المادي والمعنوي الذي يمارسه الكيان الصهيوني انتقاما من أهل غزة، لكنه في الجوهر يعكس عجز وربما تخلي السلطة الحاكمة في القطاع عن واجبها في حماية الناس وتركهم لمصيرهم المجهول الذي جعل من غزة مدينة منكوبة بعد تدمير بنيتها التحتية وعشرات آلاف الوحدات السكنية وما يقارب ال140 ألف بين شهيد ومفقود ومصاب، أي ما يعادل 6 % من سكان القطاع.
وإنه لعسر فكري أن يجري الحديث بعد ذلك عن الصمود الذي هو خيار واعي تماما، في حين أن توصيف أي فعل على أنه صمود لابد أن يرتبط بوجود خيارات أخرى متاحة أمام هذا الغزي . أي أن تكون هناك طرق متعددة لمغادرة جحيم القطاع سواء كانت بحرية أو جوية أو برية، وربما خيارات أخرى شرعية كانت أو غير شرعية، كان من الممكن أن تفتح نوافذ لخيارات إضافية للحياة، عوض الخيار الوحيد وهو الحصار داخل هذا السجن الكبير قطاع غزة، وخيار واحد هو للموت وإن تعددت وسائله، أي إما الموت عبر قناص أو طائرة أو دبابة أو مدفعية أو الموت تحت أنقاض بيتك أو جوعا، ليكون الحديث بعد ذلك، عن الصمود كمفهوم واعي، وتعبير عن إرادة حرة في غياب معطياته هو عبث وتضليل.
ذلك أن البقاء القسري في ظل المحرقة هي بمثابة إكراه مباشر وغير مباشر من قبل العدو لسكان القطاع الذين أجبروا على التحايل على المحرقة بدوافع غريزية إنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة، وهو البقاء الذي يعتبر في ذاته صمودا ذاتيا كتعبير عن إرادة الحياة في مواجهة آلة القتل الصهيونية اليهودية.
ومع ذلك نجد أن هناك من يتاجر بهذه المعاناة الإنسانية ولتعويض التقصير وغياب روح المسؤولية في جانبيها الوطني والإنساني بتخليه عن دوره كمسؤول، بل إنه لا يتوانى عن تسويق ما يعيشه أبناء غزة من ظلم وقهر وموت على أنه صمود، يسجل لصالح مشروعه السياسي ومقاربته الأيديولوجية، في حين أن بقاء أهل غزة بمدنه المختلفة ونزوحهم من مكان إلى آخر على مدار تسعة أشهر كان خيارا إجباريا بفعل سياسة القهر التي يمارسها الاحتلال، وفي كل مرات نزوحة كان الصمود بالنسبة له أن يفشل مخطط العدو في مصادرة حياته وحياة عائلته بأن يبقى حيا.
فيما هتاف البعض وضجيج إعلامهم يمارس هذا الاستثمار الرخيص لمستوى الدمار والموت والخراب الذي لم يسبق له مثيل بسبب المقاربات الخطأ التي دفع سكان غزة ثمنها الباهظ على مساحة عدة أجيال قادمة..
إن تشبث سكان غزة بالحياة مع. كل ما جرى من قتل ممنهج واقتلاع لأحياء بكاملها، هو انتصار لقيم الحياة لدى سكان غزة في مواجهة حرب عدوانية كانت بامتياز تستهدفهم في ذاتهم وأنهم رغم الخذلان والثمن غير المسبوق الذي دفعوه وحدهم في مواجهة النازية الصهيونية الجديدة يواجهون قدرهم وحدهم بشجاعة وصبر منقطع النظير كي تنتصر الحياة على الموت.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود عباس.. عندما تكون اللغة مفارقة
- مقاربة.. النقد في مواجهة تصنيم الوقائع والوسائل والأدوات
- هل ينجح اتفاق بكين في إحباط مشاريع الوصاية؟
- عندما يزعم الفاشي بتسلئيل سموترتش أنه ديمقراطي..!
- رأي محكمة العدل الدولية.. وخرافة نتنياهو عن -أرض الآباء-*
- أمام وعيد ترامب.. هل تتجاوز حماس وفتح الخيبات السابقة?
- انفجار فقاعة الحريديم.. وهشاشة الكيان الصهيوني
- حماس وشبح ترامب ونهاية فترة استثمار الوقت
- نتنياهو.. مجازر.. تجويع.. مرواغة بانتظار ترامب
- المصالحة التركية السورية..بين إرادتي الطرفين وألغام المتضرري ...
- درس اليسار الفرنسي.. ودور اليسار الفلسطيني
- توافق حمساوي- إسرائيلي على إطار الصفقة.. ولكن!
- الضفة.. كانت وما زالت هي المستهدفة
- انفجار فقاعة الحريديم لن تكون آخر متاعب نتنياهو
- اليوم التالي.. وفخ الوصايةالأجنبية
- طوفان حماس.. مقاربات مفصولة عن الواقغ
- طوفان الأقصى.. قراءة مشاكسة
- لتطويق تقرير نافي بيلاي.. حتى لا يوصم النضال الفلسطيني بالإر ...
- ضحايا محرقة عزة.. كثمن لوقف الحرب وليس التحرير!
- الاجتماع العسكري العربي الصهيوني في المنامة.. أي دور؟


المزيد.....




- باريس في الصدارة.. ما هي أفضل 10 مدن للعيش في العالم؟
- أول وسيلة إعلامية غربية في حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة.. إل ...
- الجيش الروسي يطوّق قوات كييف في مدينة كوراخوفو بجمهورية دوني ...
- اقتراب انعقاد مؤتمر مارينتك للابتكار في الصين.. يبحث هذا الع ...
- دراسة: الصحة النفسية لليافعين تتأثر بالأزمات العالمية!
- الطائرة -الجهنمية- تضرب من دون قنابل أو صواريخ!
- كوريا الجنوبية.. النيابة تحقق مع رئيس البلاد والحزب الحاكم ي ...
- بيربوك ترتكب خطأ فادحا أثناء محاولتها انتقاد لافروف
- الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمة معابر بين لبنان وسوريا (فيديو) ...
- -سي إن إن- تكشف المبلغ الذي أنفقه ماسك على حملة ترامب الرئاس ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - غزة.. والتباس مفهوم الصمود