غموض اقتراح نتنياهو للصفقة وموقفه الفعلي منها

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 8047 - 2024 / 7 / 23 - 20:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

غموض اقتراح نتنياهو للصفقة وموقفه الفعلي منها
الصفقة المعروضة على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ما زالت محاطة بكثير من الغموض والالتباس بشأن خطوطها العريضة وتفاصيلها، زاد عليها غموضا وتعقيدا شروط نتنياهو التي يراها كثير من الإسرائيليين مصطنعة ومفتعلة ولا ضرورة لها، فالصفقة التي تحدث عنها الرئيس الأميركي جو بايدن، والمستندة كما هو معروف إلى قرار مجلس الحرب الإسرائيلي. هي بالأساس اقتراح منسوب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو نفسه ولا أحد غيره كان وما يزال العقبة الرئيسية أمام إقرار الصفقة نهائيا. من الواضح أن نتنياهو يرغب في أن ياتي الرفض من جانب المقاومة الفلسطينية، وإزاء انكشاف مراوغاته عمد إلى إضافة شروط جديدة كل يوم.
ردود فعل نتنياهو وتأكيداته لشريكيه بن جفير وسموتريتش توحي أن كلا من الرجلين، بايدن ونتنياهو، يتحدث عن شيء مختلف، بل إن نتنياهو قالها صراحة : العرض الذي قدمه الرئيس بايدن غير دقيق، وأن العرض لا يشكل أساسا للانطلاق نحو اتفاق. وكلمة الدقة ذكرت ايضا في الرد الأولي لديوان رئيس الوزراء حين قال بيان صادر عنه أن الاقتراح "الدقيق" يشمل التمسك بأهداف الحرب بما فيها الإفراج عن المخطوفين والقضاء على حماس. وفي المقابل يؤكد مستشار نتنياهو أوفير فليك أن إسرائيل وافقت على الصفقة رغم كونها غير مجزية.
ثمة إقرار رسمي بهذا الغموض، وهو ما يؤكد أن لدى نتنياهو ما يخفيه عن شركائه المتطرفين، حيث لم تعرض الخطة التي صاغها فريق التفاوض على الكابينيت الأمني المصغر ولا على الحكومة، وقد يكون الغموض مقصودا لذاته من نوع "الغموص البناء" من اجل حشد التأييد للاقتراح وتلافي الاعتراضات التي تجهضه في مهده. ومن الغريب أن يعرض الاقتراح الإسرائيلي على حماس بواسطة القطريين ولا يعرض على الحكومة الإسرائيلية، والأغرب أن يجهد بايدن ووزير خارجيته بلينكين في إقناع الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين بالاقتراح الإسرائيلي. يمكن تفسير ذلك بواحد من الاحتمالات التالية:
- أن نتنياهو اضطر لقبول اقتراح لا يوافق عليه تماما، وهو يخشى فعلا من عرض التفاصيل خشية تفكك ائتلافه الحكومي. وأنه في الوقت نفسه يريد الاحتفاظ بفرصة لنقض الاتفاق متى شاء إذا تطلبت مصلحته ذلك.
- أن الرئيس بايدن أضاف للاقتراح، أو على الأقل قدم تفسيرات، وأبرز نقاطا وأخفى أخرى، بما يلائم مصالحه وحملته الانتخابية.
- أو أن الاقتراح صيغ بطريقة فضفاضة تحتمل تفاسير عدة، وخاصة ما يرتبط بالفترة بعد المرحلة الأولى (42 يوما) والتي تتحدث عن استمرار الهدنة طالما استمرت المفاوضات، وهي صيغة تعني حرية واضحة لإسرائيل في نقض التهدئة، وقد أشار الناطق باسم الخارجية الأميركية ماتيو ميلر صراحة إلى هذه النقطة حين قال أن الرهان يقع على حسن نية إسرائيل تجاه استمر المفاوضات، وهو رهان ليس له أي أساس واقعي.
حتى الصحافة الإسرائيلية المعروفة بتنافسيتها في ميادين السبق الصحفي والخبطات، لم تنشر ما يشبع نهم المتابعين عن تفاصيل الصفقة التي غابت كذلك عن نقاشات استوديوهات التحليل اليومية، مع أن كل شيء في إسرائيل يتسرب خلال ساعات أو أيام من وقوعه بما في ذلك تفاصيل اجتماعات مجلس الحرب وهيئة رئاسة الأركان، وربما يكون ذلك عائدا لقرارات الرقابة العسكرية وليس لنقص المعلومات.
لا يأخد كثير من المراقبين تهديدات بن جفير وسموتريتش على محمل الجد، فهما دائما كانا قوة رديفة لنتنياهو الذي يستخدمها ويُفعّلها دائما لموازنة الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها، كما أنهما يفيدانه في تصويره وكأنه رجل دولة معتدل، ومواقفه تمثل الموقف الوسطي والمركزي في إسرائيل، كما أنه ليس لدى هذين المتطرفين أي مصلحة في تفكيك الحكومة التي لن يحظيا بأفضل منها على الإطلاق، علاوة على أنه من المستبعد أن يتغلب البعد الأيديلوجي والمبدئي لديهما عن عوامل المصلحة، وما يجمعهما بنتنياهو بالطبع أكبر بكثير مما يفرقهما، ولا بد من الإشارة كذلك إلى أن عددا من نواب الليكود ووزرائه يعارضون الصفقة ويتبنون مواقف جد متطرفة هي أقرب إلى بن جفير ونتنياهو ومن هؤلاء كل من يوآف كيش، داني ايلوز، ماي غولان، بل إن المزاودة على الخط الرسمي للحكومة تصبح مادة دعاوية يستخدمها هؤلاء في تعزيز شعبيتهم لدى قواعد الليكود.
سبق للوسطاء الأميركي والمصري والقطري أن راهنوا على أن التوقف المؤقت للحرب سوف يتحول تلقائيا إلى وقف دائم، لأن من الصعب إراحة الجيش لعدة اسابيع ثم استئناف القتال قبل المرور بعمليات تهيئة وانعاش وتقييم ومراجعات موسعة. وثمة اصوات كثيرة في إسرائيل تدعو لوقف الحرب من أجل هذه الغاية بالتحديد أي استراحة محاربين من أجل إعادة إصلاح الجيش وترميمه.

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل