|
مجرد كلمات
روني علي
الحوار المتمدن-العدد: 1767 - 2006 / 12 / 17 - 08:23
المحور:
الادب والفن
منذ أن ودعنا ذلك الجدار وذاك السور الحديدي .. عتمة النهار ، وطول الليل .. والزمن الذي لا محطات للوقوف عنده ، لا نقاط ارتكاز ولا مواقف للذكريات .. اليوم كالأمس والغد كاليوم .. وسنين من هذا العمر الذي لا ندركه إلا من التواريخ المدونة على تذاكر التوقيف وجلسات الاستجواب . كان الشعور الملازم للأنا الباطني هو الخوف من الخفافيش ، بل من كل الطيور الشبيهة لها ، وما على شاكلتها . شعور الخوف من كل ماسورة تشبه تلك المعلقة على ظهور المليشيات ، وكل حلقة حديدية تشبه تلك التي تزين زنار حراس الغابات ، وكل شقوقٍ متصدعة في جدرانٍ مهترئه قد تحوي عدسات أو عيون ، أو قد تحمل في أحشائها طيور الليل ، أو من يهابون النور ، وينتشرون في الظلمات .. قد تحوي أشباه البشر ، ممن يقتنصون الفرص ويهاجمون كل ما هو نبيل ، لا لشيء ، فقط لإرواء عقدة النقص فيهم .. أو لأن هناك من تخلى عن جواز سفره أو فقد سند التمليك .. !! . هو الخوف .. الانفصام .. والحذر من كل قطعة خشب تشبه ذاك البساط .. وكل شريط يشبه ذاك الكبل المجدول .. وكل وجه يشبه تلك الأشباح ، بل كل قامةٍ تحمل في داخلها قذارات الزمن ، والمتسكعين على أبواب مراكز القرارات .. !! منذ أن قٌذف بنا إلى الخارج / الداخل / كنا نهاب المشي في الطرقات الطويلة ، والتحدق في العيون .. كنا نلتفت بين الحين والآخر ، لشعورٍ أن فوهةً ما دخلت ظهورنا، أو أن هناك من يقف على الرصيف ويقرض البذورات .. أو أن هناك من يسن سهامه المهترئة ويتحين الظرف والفرصة ، لينصب من نفسه الحاكم بأمر الله في موقع الظافر بأمر الله .. لينصب من فراغه في الفراغ .. هكذا كنا ، وما زلنا .. وقد نكون .. !! . في بلد مساحته لا تتحمل كلمة ، فقط كلمة .. وفضاؤه لا يتسع لمجرد رأي .. - وما الكلمات التي تأخذ مكانها إلا تلك التي تكون ممهورةً بأكثر من ختم ومن أكثر من جهة . والرأي الذي يقال عنه رأي ، هو الرأي المسلوب - .. تتقـزم القامات بقدر ما تعلو الأبنية ، ويتخرب الإنسان من الداخل ، بقدر ما يشاد من العمران .. وتكثر الواجهات – الواجهات التمثيلية والتنظيمية – ويبقى الإنسان – المحور – هو الذي لا صلة له بكل ما يصله بصلة .. وكل هذا على امتداد هذه المساحة والمساحات الأصغر ، على مساحة الوطن ومساحة الحزب بل ومساحة الفرد .. كل هذا على امتداد الانتماء ، شرقياً كان أو أوسطياً أو من دخل في فلك هذا النموذج ، بغض النظر عن ألوان البشرة ، سامياً كان أم ميتانياً .. بغض النظر عن كل الذي قال ويقال ، ولو أن الطرح – ودائماً – يتجاوز الفعل ، والقرار يتجاوز الإرادة ، والديمقراطية وحرية الرأي صنوان لا ينفصلان مع كل حركة في اللسان . هو القدر – قدرنا – أن نلهو على الحبال ونطير وسط السحاب ونرتل الجمل والمصطلحات ونقفز فوق الزمن ، ولا يهمنا إن كنا في أواخر الخمسينيات أو بداية الألفية الجديدة .. إن كنا في طور التكوين أم في زمن التدوين ، إن كنا نلتحف النسمات الباردة والقادمة من الشمال ، وشمال الشمال .. إن كنا في كماشة البوتوكولات وتحت رحمة الخردل والسيانيد ، أو كنا في قيلولةٍ على سرير حقوق الإنسان وبساط المجتمع المدني ، وتحت سقف الدعوات التي لا تنتهي . هو القدر – قدرنا – أن نحطم ذاكرتنا ونتجاوز ذاتنا - إلا الأنا الذي فيه ، والذي هو باقٍ ولا يتجاوز بقدرة قادر – ونعود من حيث بدأنا مع مزيدٍ المغامرات – المزاودات – في كل محطةٍ من محطات الذكريات . وهنا صدق الشاعر الفرنسي فولتير عندما قال : (( كل العواطف تخمد مع التقدم في السن ، وحده حب الذات لن يموت أبداً )) .
#روني_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرأي الآخر في أحضان ثقافة الأنا
-
لماذا الحزب .. ؟ نحو التأسيس لثقافة حزبية تجسد مبررات وجود ا
...
-
لكنة الوداع
-
براميل من بارود ..
-
..بين الاقصاء والانفتاح
-
على مقربة من خطوط التماس
-
كل التضامن مع الأستاذ محمد الغانم .. الإنسان
-
إعلان دمشق .. والموقف الكردي
-
القضية الكردية في أجندة دعاة الديمقراطية .. - قراءة هادئة في
...
-
الديمقراطية .. - ما لها وما عليها
-
المرجعية الكردية في سوريا .. بين الرغبة والواقع
-
!الحزب ( السياسي ) الكردي بين حكايا الليل وإملاءات النهار ..
...
-
« البعض الكردي » .. إلى متى ..؟
-
هل من قراءة جديدة للوحة الكردية ..؟
-
العراق .. بين الفكر السلفي والرؤية الواقعية
-
ماذا تحمل الرياح العاتية من لبنان ..؟؟ المؤتمر القطري خطوة أ
...
-
دعاة الديمقراطية .. وحوانيت السياسة
-
هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ (3) .. الصراع على
...
-
هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ تحية إلى ذكرى آذا
...
-
أين تكمن حرية المرأة ..
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|