أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روني علي - ..بين الاقصاء والانفتاح















المزيد.....

..بين الاقصاء والانفتاح


روني علي

الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 04:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حسب قراءة معطيات الحالة الراهنة، وما يجري في المنطقة من إعادة ترتيب، أو إعادة صياغة البنى السياسية والفكرية والثقافية، استناداً إلى جملة من المفاهيم، التي تبحث لذاتها عن أرضية تؤهلها لأن تأخذ طريقها إلى الحياة، يبدو أن إنساننا الشرقي – إن جاز التعبير – مازال يعيش وسط تناقضات لا حيلة له بها، أو لم يمتلك بعد الإرادة التي تنقله من حيث لا يرضى، إلى واقع يستطيع من خلاله أن يمارس ذاته كما يدعي، أو كما يطمح إليه، ولو نظرياً، كونه نتاج التشوه الذي سيطر على ذهنية المجتمع جراء التداخل التراكمي بين منابع الإيديولوجيات الشمولية، وكذلك الثقافات المعشعشة في أحضان الفكر السلفي والقبلي، وأيضاً المذهبي والطائفي، والتي بمجملها، تجد لذاتها مرتعاً خصباً كي تفرخ وتنتج المزيد من التشوه، كونها – وعلى مر العقود – محمية بأدوات سلطوية تشكل حاملها، وتتفاعل معها في مواجهة ما قد يفرزه التطور من ردود أفعال أو مواجهات تجاه سلطة القرار ومركز أولي الأمر .. وبالتالي فإن السمة البارزة للحراك المجتمعي في واقعنا، هي الركون إلى ما هو أمر واقع بفعل السلطة والسلطان، وبالتالي الابتعاد عن ملامسة الحقيقة درءً للتهلكة، أو خشية من البطش أو الاستبداد ...
وإذا ما حاولنا ملامسة الجانب الحقيقي في معادلة النضال السياسي في المنطقة، وفي ظل قوة السلطة المتحكمة بمقاليد الأمور، لوجدنا أن هناك عملية استنساخ بين ممارسات السلطة وآليات التعامل في الوسط السياسي المعارض، فهي الأخرى حاملة لفيروس العقلية السلطوية في التعامل مع استحقاقات ما قد يستجد في الوضع من إرهاصات أو إفرازات، بمعنى آخر، هي واقعة في مأزق التناقض بين الادعاء والممارسة، كون الذهنية التي ترتكز إليها هي ذاتها ذهنية سلطتها من حيث الاقصاء أو النسف أو الاحتواء ...
هذه المعادلة – حسب رؤيتي للواقع – متحكمة بكل مفاصل الحياة في واقعنا المعاش، سواء في الوسط السياسي والاجتماعي، أو في الوسط الثقافي والمعرفي، ولا نبالغ إن قلنا بأن هذه المعادلة تشكل الغذاء الرئيسي لاستمرارية (الحزب السياسي) أو المنهجية السياسية في إدارة الأزمات الداخلية، سواء داخل الحزب كإطار ينبغي أن يكون إحدى تجسيدات الفعل المدني، أو داخل الوطن كحاضن ينبغي أن يتسع للكل .. وإذا أردنا أن نعالج قضيتي الاقصاء والانفتاح سكولوجياً، وأن نقوم بعملية تشريح مخبري في الذهنية التي ينبغي أن تتفاعل مع التطور، من حيث هدم البائد وبناء المتفاعل، لوجدنا أن هذه الذهنية مأزومة بحكم الموروثات التاريخية، ومتأزمة بفعل التراكمات التي لحقت بها، وبالتالي نجدها غير مستقرة في صياغاتها وادعاءاتها وإرادة الفعل لديها ..
ولو حاولنا رصد جانب من الحراك المجتمعي على أرض الواقع، واستندنا في ذلك إلى تجربتين، تجربة القوى الوطنية الديمقراطية، وتجربة الحزب السياسي الكردي في سوريا، وبما لهما من اتصال مباشر مع حركة المجتمع وما يجب أن يحققه، لكانت النتائج بعكس ما نشتهيه أو ندعيه ..
فالسمة العامة للخطاب الذي تتداوله قطاعات واسعة من أبناء مجتمعنا هو التغيير، بما يحمله من دعوة إلى الحوار والانفتاح على الآخر، والقبول بما هو من نتاج العقل الجمعي، ذلك العقل الذي ينبغي أن يفكر ويقرر بذاته واستناداً إلى ذاته، وإن اختلفت مضامين وأدوات هذا التغيير بين رأي وآخر.. ولكن حين نمعن في مفردات هذا الخطاب، ونبحث عن آلياته وتجسيداته، نكون أمام واقع آخر، مناقض تماماً لما هو ظاهر منه ..
فالانفتاح الذي نطبل له ونسوق بشأنه الجمل والمصطلحات، ما هو إلا شكل آخر من أشكال الاقصاء، أو يمر – بالضرورة - عبر نفق الاقصاء.. ومجمل أشكال التعامل من قبل القوى والأحزاب السياسية تبرهن على ما نذهب إليه، وكل بحسب خياراته أو المنابع والإيديولوجيات التي تتحكم به ..
فالمعارضة السورية المنقسمة على ذاتها بين الداخل والداخل، وبين الداخل والخارج.. بين من يغازل السلطة ومن يجادلها ومن يطرح نفسه بديلاً لها، أو يوحي بأنه يقف على الرصيف الآخر، وأنه قد قطع كافة أشكال التواصل معها، منهمكة في طرح تصوراتها، ومرتبكة في توظيف أدواتها، وإن كان الكل يدعي التغيير، ذاك التغيير المنقسم بين الولاءات، وبحسب مشيئة دعاته.. فهناك من يغلق الباب في وجه العامل الخارجي، وهناك من يستغيث طالباً نجدته.. هناك من يقفز فوق الحقائق التاريخية أو يتجاهلها، وهناك من يوظف الوطن والمجتمع وفق خيارات لا علاقة لها لا بالوطن ولا بالمجتمع..إلخ . حتى يبدو وكأننا أمام مباراة في طرح الشعارات وإطلاق الهتافات. وبموازاة كل ذلك، هناك تجميع لقوى وكيانات وأطر سياسية وحزبية ومدنية، منها ما هي منسية في زوايا الزمن، ومنها ما هي بعيدة كل البعد عن حركة المجتمع، والهدف من وراء كل ذلك هو الوصول إلى صياغة جبهات في مواجهة الجبهات، بغية الدخول في معارك سياسية، ومحاولة إضفاء نوع من الشرعية على كل جبهة.. ومع كل ذلك، لا يغيب عن بال أحد بأن يدعو إلى الحوار، وأن باب جبهته مفتوح أمام الكل كي يعبر من خلالها عن إرادته ورؤيته، دون أن يعيد قراءة خطابه المطروح، وأجنداته السياسية، ليرى أنه قد أغلق الباب أمام الكل، حين استند إلى مفاهيم أو ارتكز إلى منهجية، تسد المنافذ أمام الآخر المدعو للانخراط .. فقضايا الوطن والديمقراطية والحرية والدين والدولة والمرأة، وكذلك قضية التركيبة القومية والجغرافية في البلد، لم يتم التعامل معها من قبل دعاة التغيير إلا من منطلق اقصائي، وإن كان بفروقات نسبية بين هذا وذاك، وكذلك فإن الحامل نفسه –التغيير– موزع ومشتت بين أجندات مختلفة،دون أن يكون هناك وضوح في الرؤية حين تبني خياراته.. هذه الأسباب وغيرها كانت وراء بروز أكثر من إعلان ومشاريع سياسية، وكانت وراء انقسام المعارضة على نفسها، مع أن الشعار المطروح من قبل الجميع، ينبغي له أن يردم الهوة، ويؤسس لحالة الوحدة الوطنية إذا كان هناك انسجام حقيقي بين الطرح والممارسة، بين الدعوة إلى الانفتاح وتجنب الاقصاء..
ولكن يبدو أن الذهنية هي التي تفعل فعلها في كل واقعة سياسية وحتى ثقافية، حيث إما الدخول تحت عباءة معينة، وإما فلا مجال للحوار والتوافق ..
أما في تجربة الحركة الكردية، فإن الانفتاح لا بد أن يبدأ من نقطة البداية، والتي تتجسد في انفتاح الحزب على الشارع قبل أي شيء آخر .. وإذا ما تعاملنا مع الأرقام المطروحة بمسميات (الحزب السياسي) في الشارع الكردي أو في الخارج الكردي، والتي أدخلت الرعب والقلق في أية محاولة من شأنها أن تعيد صياغة البنية السياسية الكردية، كان لنا أن نعالج قضية الانفتاح من منظور معرفي، ثم نقوم بعملية مقاربة بين ما ندعيه من انفتاح وما نمارسه من اقصاء ..
فالحزب السياسي، وكما هو متعارف عليه، يجب أن يستمد الشرعية من الشارع الذي ينبغي أن يتحرك فيه، ومن مقوماته، أن يتفاعل مع الجماهير عبر برامجه السياسية وأدواته النضالية، فأي رقم بمسميات الحزب السياسي الكردي كان من نتاج الشارع ..؟ أو من استحقاقات الفعل النضالي الكردي ..؟ ثم أي رقم استمد شرعية وجوده من إرادة الشارع ..؟
أعتقد أن الحالة الحزبية الكردية إذا ما أريد لها أن تكون منسجمة مع ادعاءاتها في الانفتاح، فينبغي لها أن تعيد النظر في ذاتها، كون ما هو سائد ومتعامل في بناء الحزب أو في تصميمه وإطلاقه، هو نسف لمقوماته، واقصاء لدور الشارع، والكل يدرك ويقرأ استغاثة الشارع من وطأة هذه الأرقام، بل استيائه من الحالة القائمة.. فالانفتاح الذي ندعيه هو اقصاء لما نريد الوصول إليه، والمشاريع التي تطرح بهدف لملمة التشتت ومداواة الجراح، هو اقصاء للوعي في الجانبين السياسي والمعرفي، لأن الأزمة التي نجتاحها ليست أزمة مشاريع بقدر ما هي أزمة توظيف المشاريع، وأزمة التوافق مع الذات وما يتم الدعوة إليه، وكذلك أزمة الخروج من عباءة السكون والنمطية، حيث أن كل الذي يقال يقف حائراً أمام ما يمارس، حين تكون المعادلة مبينة على أساس الإقرار بالأمر الواقع، تحت وطأة الحاجة والموضوعية والانفتاح، دون أن نمعن في اللوحة بأن هذه المصطلحات نفسها هي التي تجسد الاقصاء لا أكثر.. لأنه لو امتلكنا الجرأة والوعي والمنطق، لكان الفيصل بين كل ما يطرح هو الشارع، ومقومات الحزب السياسي، بدل إدارة الأزمات والتخفي خلف شعارات أكل عليها الدهر وشرب ..
ولا نبالغ إن قلنا بأن النموذج نفسه هو الممارس حتى داخل الحزب الواحد تحت ستار الديمقراطية، والتي تستخدم كسلاح للمواجهة وأداة تمهد للهدم بدل البناء، لأن الانفتاح وحاضنتها الديمقراطية، كلها بحاجة إلى وعي وممارسة وآليات، أما ونحن نعيش في ظل هكذا ظروف وهكذا أرضية سياسية ومعرفية، فإن المطلوب هو ردم القاع وإعادة تأهيله، بمعنى آخر، هو إعادة بناء المجتمع – الإنسان، وإلا فإن ما نقوم به ليس سوى بعض من عملية الركوب على ظهر الزمن بهدف الانتظار ..



#روني_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مقربة من خطوط التماس
- كل التضامن مع الأستاذ محمد الغانم .. الإنسان
- إعلان دمشق .. والموقف الكردي
- القضية الكردية في أجندة دعاة الديمقراطية .. - قراءة هادئة في ...
- الديمقراطية .. - ما لها وما عليها
- المرجعية الكردية في سوريا .. بين الرغبة والواقع
- !الحزب ( السياسي ) الكردي بين حكايا الليل وإملاءات النهار .. ...
- « البعض الكردي » .. إلى متى ..؟
- هل من قراءة جديدة للوحة الكردية ..؟
- العراق .. بين الفكر السلفي والرؤية الواقعية
- ماذا تحمل الرياح العاتية من لبنان ..؟؟ المؤتمر القطري خطوة أ ...
- دعاة الديمقراطية .. وحوانيت السياسة
- هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ (3) .. الصراع على ...
- هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ تحية إلى ذكرى آذا ...
- أين تكمن حرية المرأة ..
- خوف الضعفاء من وهج الحقيقة .. - إلى الصديق إبراهيم اليوسف
- ها قد عاد شباط … زغردي يا هولير
- نحن (الكل) .. إلى أين ..؟.
- فوق أراجيح الوطن
- وللارتزاق مسمياتها


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روني علي - ..بين الاقصاء والانفتاح