أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - روني علي - الرأي الآخر في أحضان ثقافة الأنا















المزيد.....

الرأي الآخر في أحضان ثقافة الأنا


روني علي

الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 10:31
المحور: ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
    


من خلال الوقوف على التطورات التاريخية في المنطقة، وخاصةً في الجانبين السياسي والفكري، والتي لها مساس بآليات تكوين الرأي الآخر، وتشكيل مرتكزات الحراك الديمقراطي وحرية الرأي، بدءً بتشكل الدولة الإسلامية الدينية، والثقافة التي أنتجتها، ومروراً بتفشي ظاهرةً الإيديولوجيات والتوازنات التي رافقتها، والمعسكرات التي أفرزتها، إلى حيث الدولة القومية، أو الدولة التي تستند في قيامها إلى بذور الفكر القوموي وثقافة العنصر، كان لنا أن نحاور المنطق وفق سياقات التطور، ونخوض في عملية مقارنة بين ما تتطلبه حرية الرأي من أسس ومرتكزات، وما تم تجسيده من وقائع على الأرض، وفق ذهنية أسست عبر صيرورتها لنزعة فوقية واستعلائية، من خلال التعامل والتفاعل مع الآخر، والتي بمجملها تصب في خندق ثقافة الأنا، ومهدت بشكل أو بآخر، في عملية التأسيس لنموذج الدولة (الحديثة)، تلك التي قامت على أساس الاستناد على، والتواصل والتفاعل مع تلك الثقافة، التي ساهمت في إقصاء الآخر، واحتكار الفعل والقرار في أيدي حفنة معينة ممن استلموا زمام الأمور وسدة الحكم . بمعنى آخر، أن الحاضر الذي نعيشه ونعايشه، هو وريث، ووثيق الاتصال بالماضي الثقافوي الذي جر على الأفراد والشعوب الدمار والويلات، وذلك بحكم الجنوح إلى منطق القوة وحد السيف ولغة الحديد والنار، بحيث أنه لا مجال ولا مكان فيه للآخر الذي يقف على مسافة معينة، أو مخالفة من أداء وممارسات تلك الثقافة، وهذا ما شكل – بحكم الممارسة - حاضنا ثقافوياً حتى بالنسبة للمجتمعات التي تربت في أحضانها، وأنتجت تشوهاً معرفياً وخللاً وظيفياً في أداء القوى والتيارات التي حاولت التصدي لهذه الظاهرة، كونها هي الأخرى، وعلى اختلاف مشاربها ومنابعها، كانت وما تزال، مصابة بفيروسات تلك الثقافة، المحمية من مراكز السلطة والقوة من جهة، والمؤسسة لذهنية مجتمعية من جهة أخرى ...
وإذا كنا نؤمن بأن الرؤية إلى الآخر تتطلب بالضرورة احترامه والإقرار بوجوده وماهيته، وأن هذا الاحترام لا يمكن أن يجسد ذاته، إلا في ظل ثقافة تؤسس لعميلة التواصل والتفاعل والتلاقح بين المنتوج الفكري والمعرفي، بتشكيلاته وتبايناته واختلافاته، كان علينا أن ندرك بأن الثقافة المتوارثة في مجتمعاتنا، والتي اتخذت الطابع الإيديولوجي أو العقائدي، سواء الروحي أو المادي، لا يمكن لها أن تشكل حاملاً لما نطمح إليه من أداء وممارسة، أو نقطة للعبور إلى حيث الديمقراطية والتعددية وحرية الرأي، وبالتالي فإن الآفة التي تصيبنا في مقتل، هي هذه الثقافة التي تشرعن للدم والقتل والإقصاء، وأنها هي التي تقف في وجه ما يتطلبه العصر من استحقاقات ومستلزمات، سواء الفكرية منها، أو السياسية، لأن الممارسة الديمقراطية وقبول الآخر، هما نتاج تطور حضاري، وحضارتنا – إن جاز التعبير - التي تشكلت في أحضان ثقافة المنطقة، هي حضارة الدم وطمس الآخر أو احتوائه، ولا نغالي إن قلنا بأن مجمل المشهد السياسي والثقافي في محيطنا، يؤكد على ما نذهب إليه، حيث أن مجتمعاتنا ما تزال ترزح تحت وطأة نزعة الأنا على حساب الآخر، وإن تغيرت المفاهيم أو الأنظمة السياسية، وهذا بعكس ما هو موجود وممارس في المجتمعات الأوربية، التي خاضت الحروب والصراعات على مذبحة الديمقراطية، وواجهت عصر الكنيسة ومحاكم التفتيش في سبيل فصل الدين عن الدولة، ومن أجل أن يكون للإنسان حضوره ووجوده وقيمه، التي قد تخالف ما هو مرسوم في ذهنية مراكز القرار والقوة، سواء الدينة منها أو الزمنية ..
وعليه يمكننا القول؛ بأن الركب الثقافي في منطقتنا، هو الذي أنتج الديكتاتورية وأشبعها، وهو الذي أباح مظاهر القتل على الهوية، سواء القومية منها أو المذهبية، وأسس لظاهرة التناحر والتحارب، وهو الذي يشد من أزر الفكر القبلي وترسيخ دعائم المركز، وهو الذي يقف عائقاً في وجه إرساء قواعد التحاور وأسس الحوار، على أساس قبول الآخر والتفاعل معه، كون الجذر الثقافي الذي يحكمنا؛ هو طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه، سواء أكان في مركز ديني أو زمني، ومن هنا فإن الإشكالية التي تخنقنا والأزمة التي تلف خواصرنا، هي احتكامنا إلى مفردات الذهنية التي أنتجتها تلك الثقافة، وكذلك الإيديولوجيات التي جاءت من بعدها، وأفرزت ما يمكن أن نسميه بالعقم الفكري، وذلك استناداً إلى المنطق الذي يؤكد بأنه لا حدود لطاقات الفكر ولا يمكن حصره أو حصاره في زاوية معينة، أو وفق إيديولوجية أو منهجية بعينها، بعكس ما أرادت تلك الثقافة وتلك الإيديولوجيات من أن تضع العقل البشري في مواجهة جدار مسدود، وبالتالي حددت سقف الفكر والتفكير، وفق قواعدها ونماذجها ومذاهبها وضوابطها ..
وإذا كان المشهد السياسي في المنطقة يمر الآن بنوع من مخاضات، قد تنبئ بأن ساعة التغيير قد أزفت، وأن الشعوب في طريقها إلى أن تضع قدمها على سكة التغيير، ذاك التغيير الذي ننشده على أنه سيكون حاملاً لفكر جديد، يجسد في ذاته احترام آدمية الإنسان، بغض النظر عن الجنس والعرق واللون والمذهب، وبغض النظر عن المنابع الفكرية والفلسفية، التي تشكل خصوصيته وتوظف مداركه ومواقفه، فإن ما يجري من تطورات وتجسيدات على الأرض، وحسب ما يتبلور من خيارات سياسية بين أقطاب الفعل السياسي، وما يتم ترسيخه من توازنات، يحيلنا إلى رؤية قد لا توافق مفاهيم التطور، كون التغيير الذي ندعوا إليه وندعيه، ما زال يعيش بعيداً عن ذهنية القوى التي نراهن عليها، وتعتبر نفسها أنها الحامل له، كونها ما زالت هي الأخرى لصيقة تلك الثقافة التي حاورت الآخر عبر الاقصاء والتطهير والإبادة والمقابر الجماعية، وما تزال تنشد التغيير ضمن سياقات الفكر القبلي أو الطائفي أو المذهبي، هذا إن لم نقل عبر مراكز القوة في السلطات التي تحكم وتتحكم بمصير البلاد والعباد، وحتى لو وجدت بعض القوى أو الشرائح التي تنحو صوب توجهات ليبرالية، أو خيارات مفتوحة، أو تحاول التأسيس لنموذج هو على النقيض من ثقافة الواقع، فهي ما تزال بعيدة عن ملامسة الجانب العملي والممارساتي، وذلك لأسباب وعوامل لها مبرراتها، بحكم القمع الذي يكم الأفواه، والاستبداد الذي يخنق الحراك، وعليه فإن مشروع التغيير في المنطقة، لم يخرج بعد من أجندات القوى الدولية إلى حيث الشارع ويتفاعل معه، فهو ما زال يعيش ضمن سياقات الفعل الخارجي دون أن يتبلور في الداخل، وفق رؤى تجسد التغيير حسب مفاهيم العصر وثقافة الانفتاح، والتي من شأنها أن تؤسس لمفاهيم الحرية والتعددية وحقوق الإنسان، والمساواة بين أبناء المجتمع، والنظر إلى المرأة كمون فاعل في البناء الوطني، وفصل الدين عن الدولة، وتجعل من المجتمع ككل، وعبر صناديق الاقتراع، شريكاً مساهماً في صنع القرار . أي لم نلامس بعد البعد المعرفي لفعل مدني ومؤسساتي ..
فالمعضلة الحقيقية في واقعنا هي طغيان ثقافة الاستعلاء والاستلاب والشمولية، هذه الثقافة التي سلخت المجتمعات عن دورها في صنع القرار، إما بتدجينها أو إضعافها، إما ترهيباً أو ترغيباً، وبالتالي فرخت نموذجاً مشوهاً وحالة مرضية في كيان التعبيرات السياسية والاجتماعية، بحيث أضحت المعارضة وفق توازنات الأنظمة الحاكمة والقوى الإقليمية، نموذجاً آخراً عن السلطة في تعاملها وتفاعلها مع الوقائع، وهذا ما يؤكده الحراك الدائر في الشارع، والذي يتحرك في الغالب وفق المنظومات التي تحددها الأنظمة، أو القوى التي تراهن على مفاعيل تلك الأنظمة ومحاورها، وأن مجمل الادعاءات التي تنطق بها غالبية القوى التي تدعي الديمقراطية وحرية الرأي، تخور أمام قوانين الصراع والتصارع، لأن المعارضة التي تهدف التغيير وفق ما تدعيه من خيارات ديمقراطية، تتعامل مع التغيير بمفهوم الانقلاب أو الحلول محل الآخر، كون البذرة الفكرية التي تعتمد عليها كذخيرة معرفية، لا ترتقي بها إلى حيث تفهمها لمضامين التغيير وفق ثقافة العصر ...
إذاً، ومن خلال ما نلمسه مما نعتبرها حقائق على الأرض، فإن المهمة التي ينبغي علينا التصدي لها، تكمن في تغيير أساسيات الثقافة المتحكمة في آليات عملنا، ومن هنا يأتي دور النخب أو المؤسسات التي تشتغل في الحقل الثقافي، وإن كانت هي الأخرى محكومة بالعديد من القيود والممانعات، الفكرية منها أو السياسية والعقائدية، ومع ذلك، ولكوننا محكومون بالأمل، فإن المنابر الحرة - نسبياً - قد تشكل بالنسبة لهذه المهمة بمثابة خيط الأمل وسط دهاليز العتمة في واقعنا المعاش، ومن هنا كان علينا أن نشد على أيدي أولئك الذين يجتهدون في سبيل الارتقاء بالوعي المجتمعي ..
بقي علينا أن نزف إلى العاملين في موقع الحوار المتمدن بطاقات التهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة للانطلاقة، وأن نشد على أيديهم فيما يقون به من فعل ثقافي، يشكل لبنة أساسية في عملية التواصل والتفاعل، مع الأمل في الاستمرارية ونحو الارتقاء..






#روني_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الحزب .. ؟ نحو التأسيس لثقافة حزبية تجسد مبررات وجود ا ...
- لكنة الوداع
- براميل من بارود ..
- ..بين الاقصاء والانفتاح
- على مقربة من خطوط التماس
- كل التضامن مع الأستاذ محمد الغانم .. الإنسان
- إعلان دمشق .. والموقف الكردي
- القضية الكردية في أجندة دعاة الديمقراطية .. - قراءة هادئة في ...
- الديمقراطية .. - ما لها وما عليها
- المرجعية الكردية في سوريا .. بين الرغبة والواقع
- !الحزب ( السياسي ) الكردي بين حكايا الليل وإملاءات النهار .. ...
- « البعض الكردي » .. إلى متى ..؟
- هل من قراءة جديدة للوحة الكردية ..؟
- العراق .. بين الفكر السلفي والرؤية الواقعية
- ماذا تحمل الرياح العاتية من لبنان ..؟؟ المؤتمر القطري خطوة أ ...
- دعاة الديمقراطية .. وحوانيت السياسة
- هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ (3) .. الصراع على ...
- هل سيستمر شهر العسل ( السياسي ) الكردي ..؟ تحية إلى ذكرى آذا ...
- أين تكمن حرية المرأة ..
- خوف الضعفاء من وهج الحقيقة .. - إلى الصديق إبراهيم اليوسف


المزيد.....




- كينيا: إعلان الحداد بعد وفاة قائد الجيش وتسعة من كبار الضباط ...
- حملة شعبية لدعم غزة في زليتن الليبية
- بولندا ترفض تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي -باتريوت-
- إصابة أبو جبل بقطع في الرباط الصليبي
- كيم يعاقب كوريا الجنوبية بأضواء الشوارع والنشيد الوطني
- جريمة قتل بطقوس غريبة تكررت في جميع أنحاء أوروبا لأكثر من 20 ...
- العراق يوقّع مذكرات تفاهم مع شركات أميركية في مجال الكهرباء ...
- اتفاق عراقي إماراتي على إدارة ميناء الفاو بشكل مشترك
- أيمك.. ممر الشرق الأوسط الجديد
- ابتعاد الناخبين الأميركيين عن التصويت.. لماذا؟


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - روني علي - الرأي الآخر في أحضان ثقافة الأنا