أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - سابع أخر في تموز جديد، لا تَمُتْ قبلَ الموت؟














المزيد.....

سابع أخر في تموز جديد، لا تَمُتْ قبلَ الموت؟


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 8031 - 2024 / 7 / 7 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


كتب سمير محمد ايوب
سابع أخر في تموز جديد،
لا تَمُتْ قبلَ الموت؟
وإيَّاها، كنت اجلس على احد المقاعد الخشبية، المبعثرة عشوائيا في ظلال جُزُرٍ من شجر السرو والصنوبر والكينا، موزعة عشوائيا في الباحة الغربية لجامعة عمان الاهلية، بمشاعر مختلطة نجتر ثرثرات قديمة حول فشل اختياراتنا وخيبات املنا، من بعض الذين حملناهم تَطوُّعا على ظهورنا، حين نبهتني لبصمات الزمن الذي بات يُذكِّرُني بأن غدا هو سابع من تموز جديد يذكرني مرة اخرى بمولدي في وادي النسناس في حيفا المحتلة، وانني غدا سارتقي عتبة اخرى في سلم العودة، وتابَعَتْ وابتسامة غامضة تجتاح تضاريس وجهها، وسُبَّابَتُها تشيرُ وكأنها تققول لي: تأهب!!!
رغم اني لا افتش وراء ما يقال عادة، إلا أنني أملك شيئا يشبه الحدس ، شيئا جعل ما تقصده جليا أمامي. فإنتصبتُ واقفا بمواجهتها وانا أضاحكها: قبالة السابع الجديد من تموز، سأخبرك بما كانت تقوله لي امي خيرية وهي توصيني بالاستعداد للرحيل في اي لحظة: تأهب يا فتى، وإن لم يُذكِّرُكَ أحدٌ بما مضى من عمرك. فالأمر ليس وهْما. وعندما لا تكون قادرًا على تقديم ما يشفع لك بالبقاء في الحياة، غادِرْ بِحِرصٍ ، ولا تقف متفرجا على نفسك. مارس عناقيدا من مهارات التخلي دون ابتعاد أو انطواء. لا تفقد الاهتمام، بل انتقِ واحذف، شذِّبْ وهذِّبْ، وارمِ الكثير من كراكيبِكَ في مَجامِرِك، قبل ان تستبدل المكان.
وعندما لا يكون بحرُك صاخبا، لا تتواطئ مع حَزَنِك، بل اصنع من قعرِ كفِّكَ القويِّ بحرا لك، أمواجُه مُتلاطمة. وستكسب الرهان مع الله، إن تذكَّرْت أن بمقدوره خلقَ سفينةٍ، دون أنْ يأمرَ نوحًا بالبناء، وأن يشقَّ البحرَ دون أن يضرب موسى بعصاه. لكنها محطات تُعلِّمُنا أن الضرورات لا تستبيح إثما، أي إثم. فالأهداف الانيقة لا تتحقق إلا بعمل دؤوب نبيل.
ثم عاوَدْتُ الجلوسَ إلى جانبها وأنا أواصل القول: أظنني يا سيدتي، أنني الآن في المنتصف الأروع من العمر. أعيش حذافير طُمَأنينتي بشغف، ولكن بلا مبالغة. لا تقلقي كثيرا، فإني أعِدُ كلَّ مَنْ يَتكئُ عليَّ أن لا أميل مهما بلغت هشاشتي. فأنا لا أشكو من اضطرابات النوم، مُهتمٌّ بكل ما أحب، لست مريضا ولا حزينا ولا مكتئبا، لأهْرَم مبكرا، ولا أخاف موتا يحملني يوما ما عاجلا ام آجلا. ولكني أعد أن لا أتَحَرْكَش بِخِقَّةٍ به، وأن لا أناديه ولا استعجله قبل اوانه. فأنا مُصِرٌّعلى أن لا أموت قبل الموت ابدا.
سأحرص على أن أبقى شابا مع من أحب. أحاول عيش الحياة بمهارة حتى آخر قطرة لي فيها نصيب. أحب في معارجها وفي مدارجها الأطفال وابتسامات الغرباء. وإن عجِزتُ عن التَّنَعم بحب الناس، سأحرص على احترامهم. وسأعبر كل صالون لي بحيوية مقبلة لا مدبرة، مبتسمة لا متجهمة، وممسكا برواية واقعية سحرية، أكثر مما اعتدت أن أفعل.
سأعيش حياتي بالطريقة التي أراها أنا مُناسبة، كلما نهش أو تطفل الشيبُ رأسي، او غيَّرْتُ عدساتَ نظاراتي، أوسرق الرحيل حبيبا من حياتي، أو تساقط من حولي عزيز، أو كلما أشرقت شمس أو غابت، دون ان أجد من أشاركه شيئا من تفاصيلي، أو حين تستغيث أذناي طلبا لكلمة دافئة شغوفة، تُشاركني أرقَ الليل، يستيقظ الزمنُ ساعتَها، أحسُّ بِسبابَتِه تشيرُ إلى يوم ميلادي البعيد.
حينها لن أقاوم عاديات الزمان. ولكني ساقاوم تعبي، ولا اهدر وقتي في التَّشَكّي. فالعمر كما أفهم، مجرد ومضة سرعان ما تُطوى في طرفة عين، لنبقى مجرد سطر في ذاكرة من بصدق أحبونا، فالموت لا يهرب إلا من السعداء، ومن المقبلين بحماسة غير مشوشة على الحياة.
إطمئني يا سيدتي، لان العمرَ عُمري أنا، أعرف حجمي وزمني الحقيقي، وطالما لا زال في العمر بقية، ستبقى ذاكرتي مُصانة كي لا تخذلني. وسيطفو دائما إرثيَ العقلي النقدي، دون أن يسمح لقلبي المُشاغب أن يشيخ. فعرّافة المعبد،كثيرا ما تهمس لي: تذكَّر أيُّها الشاهينُ وأنت تَمنحُ نفْسَكَ فُسَحاً مِنَ الأحلام، أن الشيخوخة في الروح لا في الجسد، تفانى في تهذيب ضَجَرك وعُزْلَتك، وباتقانٍ شَذِّب ريشَ أجنحتك كيلا تطيرَ بعيدا.
الاردن – 6/7/2024



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحجية اليوم التالي ... إضاءة على المشاهد غزة العزة
- غطرسة الفقر نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر - الثانية
- نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر النافذة الاولى
- الندية والدونية في الصراع الوجودي إضاءة على المشهد في فلسطين ...
- بوح على بيادر الوطن ... الوطن
- الجدل العربي – الايراني الى اين ؟! أضاءة على المشاهد في فلسط ...
- صدِّقوا الصواريخ، حتى وإن همَست - فهي الاصدق إنباءً!!! إضاءة ...
- أهناك ردٌّ إيراني؟ أم المزيد من الصبرٌ الاستراتيجي؟! إضاءة ع ...
- اللعنة على كل من خذل اهلنا في فلسطين ولو بكلمة إضاءة على الم ...
- الدم والسيف إضاءة على المشهد في فلسطيننا
- الوالدية والتغيير الظالم
- تحية حب واحترام لكل أمرأة عربية في الثامن من كل آذار
- فلسطين بين التطويع والتطبيع قراءة في المشاهد الفلسطينية
- حذار، فإن السيف وحده هو الأصدق إنباءً وأنباءً، إضاءة على بوا ...
- لمن القول الفصل اليوم؟! إضاءة على ملحمة العز في غزة
- إضاءة على المشهد في فلسطين عرفات الرمز، مفتري أم مفترى عليه؟ ...
- بدمها تكتب فلسطين: أمريكا هي الطاعون إضاءة على ملحمة العز في ...
- فلسطين يقين كثيف الوجود والدلالات إضاءة على ملحمة العز في غز ...
- الفزاعة الايرانية، إضاءة على ملحمة العز في غزة
- هذا هو دورالعملاء، وليس حمرنة منهم !! إضاءة على ملحمة العز ف ...


المزيد.....




- تكريم الأديبة سناء الشّعلان في عجلون، وافتتاحها لمعرض تشكيلي ...
- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - سابع أخر في تموز جديد، لا تَمُتْ قبلَ الموت؟