أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاتن ناظر - موعد القيامة والبعث ! ........ في السادس عشر من ذي الحجة














المزيد.....

موعد القيامة والبعث ! ........ في السادس عشر من ذي الحجة


فاتن ناظر

الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 14:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قد يبدو العنوان غريباً وصادماً ، ولكنه رغم غرابته وضعف مصداقيته إلا أنه واقعياً حيث أنه حدث بالفعل في حِقبة من حِقب التاريخ المصري.

لقد جاء جمال بدوي في كتابه :  " مصر من نافذة التاريخ" أن الجبرتي ذكر في كتابه : " عجائب الآثار في التراجم والأخبار " في الفصل المعنون : " من الحوادث الغريبة ":  أنه في الرابع عشر من ذي الحجة عام ١١٤٧ هجرياً في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي انتشرت شائعة أن يوم القيامة والبعث سوف يكون في السادس عشر من ذي الحجة ؛ أي بعد يومين من انتشار الشائعة. وقد انتشرت تلك الشائعة انتشار النار في الهشيم وكأنها مرض سرطاني زحف دون مجابهة أو عائق من محافظة إلى أخرى بلا هوادة أو تروي .

لقد انقسم الشعب المصري إلى ثلاث فئات : فئة منكرة داحضة ؛ فئة عابدة ، وفئة ماجنة . فالفئة المنكرة سعت جاهدة إلى إعمال العقل وإحكام النقل الذي يدعم صحة موقفهم ، إلا أن محاولاتهم كانت ضعيفة أمام تلك الهجمة الشرسة المتشحة بلباس الدين والناطقة بلسان مريدية من أهل التصوف والمكذوبين  .
أما الفئة العابدة فقد حرصت على إقامة الشرائع الدينية على أكمل وجه من حيث إقامة الصلوات والصيام والدعاء والتذلل إلى الله والتوبة والإبتهال إليه من أجل نيل حُسن خاتمتهم وحصولهم على جزاء النعيم والتمتع في الآخرة .
وأخيراً أصحاب المجون فقد باتوا يتسامرون فيما بينهم باللهو والملذات والإغراق في المسكرات من أجل الحصول على ما فاتهم من عم حياتهم الدنيا قبل مغادرتهم إياهم ، فإذا كان ختام جزائهم النار لذا فقد نالوا بإيديهم نصيبهم من نعيم الحياة التي كانوا يبغونها لهواً ولعباً وملذةً .

لقد كان العامل المشترك بين كلتا الفئتين هو توديع الشعب لبعضه البعض والاغتسال والتحلي بأحسن الثياب ، وكذلك حزنهم على انقضاء أجلهم عن علم به دون حجب معرفته عنهم .

في اليوم المشهود خرجت فئات الشعب المصري ينتظرون ذلك الزعم الذي ينتعونه بالوعد الحق ، إلا أن شيئاً لم يحدث وذهب انتظارهم سُدى بلا طائل ، كأن ضيفاً ثقيلاً غير مُرحباً به لم يحضر والذي لطالما تمنوا ورجوا ذلك ،فجاءت النتيجة غير مخيبة لآمالهم .
إلا أن المؤمنين بتلك الشائعة حتي يبرروا لأنفسهم صحة زعمهم وصدق دعواهم ، فقد ادعوا أن الشيخ أحمد البدوي والإمام الشافعي والشيخ محمود الكردي قد توسلوا إلى الله وأخلصوا في دعواهم وتشفعوا لله نيابة عن شعب مصر من أجل إزاحة تلك الغُمة ، وقد قبل الله شفاعتهم وعفي عن شعب مصر .
وبالطبع لم يكن انتقاء تلك الأسماء بمحض اعتباطي عشوائي ، ولكن بدواعي دينية تسلطية تؤكد فرض قدرة وهيمنة وسيطرة رجال الدين وأولياء الله الصالحين على مقاليد الأمور والتدخل من أجل منع قدوم يوم القيامة والتحكم في تبديل الأحوال من حال إلى حال .

إن تلك الواقعة لابد وأنها كانت نتاجاً عن انتشار الجهل والتخلف وفقدان الأمل وضياع الحلم واليأس من نجاح التغيير ومحاولات الإصلاح ، وكذلك تفشي السحر والتنجيم في البلاد ، مما جعل الشعب المصري وجبة سائغة ليّنة طائعة في يد المنجمين والمشعوذين ، ويا حبذا لو اصبغنا تلك الشائعة برداءٍ من القداسة الدينية حتى نُيسّر لها جسراً ممهداً بلا معوقات أو حواجز تُشكل مانعاً وحائلاً دون انتشارها.
وتلك الشائعات التي تتسم بالجهل والتخلف والعبث واللغو إنما يلزمها بيئة خصبة تحتضنها قوامها واقع سياسي خَرِب مليئ بالصراعات والنزاعات ،  ومناخ إجتماعي يحمل بين جنباته التفاوت والإختلاف ، وركود أقتصادي سائد يفت في عضد كاهل الإنسان ، ونضوب فكري وغياب للوعي إلا ما رحم ربي من محاولات حثيثة من الممكن أن تتشكل معها نواة للتنوير والإدراك الصحيح .
كل ذلك كان مؤداه أن يطمح الشعب المصري إلى الرغبة في إسدال الستار على حياته ، واعتناقه فكرة الخلاص وسيطرتها عليه من أجل الحصول على النهاية التي يبغيها ، سواء ما كانت سعيدة أو تعيسة ، فقد بات المشهد كمن وجد نفسه بين الظلم والإستبداد والقهر من خلفه وعذاب الآخرة أو نعيمها من أمامه ، فالأمر بالنسبة له سواء وسيان وهو! ......التلاشي والفناء ، لعله يحصد مبتغاه .



#فاتن_ناظر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولاية المرأة ...... ملكة سبأ نموذجاً
- وثنيّة الأفكار الجائرة ضد المرأة.......
- حواء أسكنها ربها الجنة وأدم أخرجها منها ........
- ثورة النساء ضد قانون أوبيا.........
- بديهيات مرفوضة...........
- الإله ..... أُنثى !
- وللرجال عليهن درجة..... تشريف أم تكليف؟!
- رُجُولة النساء .....
- أُنثى وافتخر ..........
- تأمُّلات ............
- قراءة في كتاب الفلسفة طريقة حياة......... للكاتب بيير هادو
- ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........
- رؤى ..............
- متاهة الحياة


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية تفرض عقوبات على مسؤول أوروبي سابق وتوضح ا ...
- ليبيا.. ماذا نعلم للآن عن مقتل رئيس الأركان محمد علي الحداد ...
- انضمام بلجيكا إلى القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل ...
- انسحاب الجيش الأوكراني من سيفيرسك شرقي البلاد وسط تصعيد روسي ...
- فيديو.. مقتل طفل في حادث تحطم طائرة كانت تنقله للعلاج
- ماذا حدث لجيفري إبستين خلال أيامه الأخيرة في السجن؟.. وثائق ...
- خطة ترامب الجديدة للسفن الحربية.. كيف يمكن أن تغير البحرية ا ...
- سابقة بعالم الطيران.. طائرة تقرر الهبوط بنفسها بعد ظرف طارئ ...
- فيديو.. قتيلان ومفقودون في انفجار دار مسنين بولاية أميركية
- أول تعليق للرئاسة التركية على سقوط طائرة رئيس الأركان الليبي ...


المزيد.....

- معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د ... / صباح علي السليمان
- ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W ... / صباح علي السليمان
- السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020) / صباح علي السليمان
- أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح / ... / صباح علي السليمان
- الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017) / صباح علي السليمان
- الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ ... / صباح علي السليمان
- جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط ... / صباح علي السليمان
- اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط ... / صباح علي السليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاتن ناظر - موعد القيامة والبعث ! ........ في السادس عشر من ذي الحجة