أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاتن ناظر - ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........














المزيد.....

ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........


فاتن ناظر

الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 21:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !  ...............

ديوجين هو ذلك الفيلسوف اليوناني المولود في أثينا ، والمؤسس للمدرسة الكلبية ، والذي تتلمذ على يد انتيثنيس أحد فلاسفة المدارس السقراطية الصغرى  الذي نادى بإعلاء قيمة الفضيلة والتحلي بالمبادئ الروحية التي تعمل على تطهير النفس من الدنس وتطهير الروح من دونية الحياة .

لقد عاش ديوجين حياة بسيطة هادئة بعيدة كل البعد عن الملذات الحسية والضحالة الفكرية ، فمبتغاه هو السعادة الروحية الناتجة عن الطمأنينة والأمان والسلام الروحي ، السعادة التي تتغاير في مضمونها بين الحكيم والكائن المنفذ فقط لمآرب الطبيعة .

تلك المرتبة من الصفاء الروحي التي وصل إليها ديوجين جعلت منه نموذجاً أراد الإسكندر الأكبر الإحتذاء به . فقد وصل الأمر بالأسكندر الأكبر عند حديثه عن ديوجين قوله : " لو لم أكن الإسكندر لوددّت أن أكون ديوجين " . وقد كان ذلك أثناء اللقاء الذي جمع بينه وبين ديوجين ، فعندما سأله الإسكندر عن حاجة يقضيها عنه أو له،  فما كان من ديوجين إلا القول : " أسألك أن تبتعد قليلاً لأنك تحجب ضوء الشمس عني " ، وذلك دون أدنى إكتراث لسلطة الإسكندر وقوته ونفوذه ، بل الإزدراء لأي تملق أو مداهنة ، يكون الهدف منها كسب أي وِدّ للحاكم . وذلك لأنه كان يؤمن أن :
" الغوغاء هم مصدر الأباطرة " .

لقد أراد ديوجين أن يضع منهجاً لحياة إنسانية صحيحة قوامها التفحّص والتدبّر بما يمكّنه من التمتع بالسعادة الحقيقية بها . فقد كان يقول: " ما أهمية أن تعيش ..... دون أن تتعلم كيف تعيش " .
وقد جاء ذلك استشهاداً لقول معلمه سقراط حين قال : " الحياة التي لا تُفحص لا تُعاش " ، وأيضاً قوله أن :
" الفضيلة والمعرفة هي غاية السعادة كما أنها الخير الأسمي " .
إن الفضيلة والمعرفة والوعي لدى ديوجين هي الغنى والإمتلاك الحقيقي  ، فما الفقر والعوز إلا إفتقار لتلك المعاني .

من أجل ذلك كان الشغل الشاغل لديوجين هو البحث عن الإنسان وتولية الفلسفة الوجودية مزيداً من الإهتمام ، حتى أنه وصل به الأمر أنه جاب ذات مرة هائماً بين طرقات المدينة في وضح النهار والشمس ساطعة حاملاً في يده مصباحاً مضيئاً ، وعندما سأله الماره عما يبحث ، فكان جوابه : " إنني أبحث عن الإنسان " .

لقد أراد ديوجين من موقفه الغريب هذا جذب انتباه الجميع وشحث هممهم من أجل البحث عن الإنسان الحقيقي ، فليس كل إنسان يستحق مكانة من التكريم الإلهي ، لذا فأن هذا البحث هو بحث  مضنِّي يحتاج إلى عناء بالغ وأن ضوء النهار الواضح والساطع لا يكفي لرؤيته ، بل إننا نحتاج إلي حكيم يكن لنا هادياً ومرشداً، وقد لَعِب ديوجين ذلك الدور ، كما أننا نحتاج إلى قَبس من نور إلهي فطري بداخلنا يُوقظ إنسانيتنا فينا ويجعل ذلك الإنسان الذي نبحث عنه يتجلى فيه خصال وفضائل تصطبغ بصبغة من الصدق في القول والفعل ، والوفاء في المعاملات ، والإخلاص في العبادات ، ومحبة الآخرين، والتخلي عن كل ما لا نستطيع امتلاكه، والحكمة في تدبر الأمور .

لقد آثر ديوجين وأصطفى الحكمة على الرغم من طعمها المر ، إلا أنه فضلها عن نعيم راحة الجهل . الأمر الذي كان له انعكاساً على شعوره بالإغتراب عن المجتمع الأثيني ، إلا أنه فضّل الشعور بالإغتراب والعيش حياة الغربة عن سلامة العيش وسط قطيع الجموع .
لذا فقد كان مواطن عالمي ، أين ما حلّ مكاناً فهو وطنه.

لقد اختار ديوجين الإنسان دون غيره على ظهرالخليقة،
ويا لها من براعة اختيار . فقد اختار الذي سُخّرَ له الوجود بأكمله ، اختار خليفة الإله على الأرض ، اختار من خُلقت البسيطة من أجله ، اختار من سجدت له الملائكة ، اختار من عُفي واُصفَحَ عنه رغم عِظم وفداحة جُرمَه ، اختار من كَرّمَه الإله دون سائر المخلوقات بالوعي والإدراك ، اختار من إذا كُبحت غرائزه عَلا .....ومن إذا مُسخَت طبيعته تدّنى . اختار من أراد أن يحيا مرتقياً بالعقل والروح مُقيداً لزمام نفسه وهواه .

لهذا كان اختيار ديوجين للإنسان ، فإذا صَلُح الإنسان صَلُح كل شئ في كافة مناحي الحياة .
فما أحوج البشرية إلى العديد من مصابيح ديوجين على كافة أنواع الأصعدة المختلفة سواء علمية  أو سياسية أو أقتصادية أو دينية أو غيرها من مجالات حتى يُرفع ميزان العدل وينصب لواء العدالة  .



#فاتن_ناظر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤى ..............
- متاهة الحياة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاتن ناظر - ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........