|
رحلة ذهن من العاشات الى التأثيل
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 8006 - 2024 / 6 / 12 - 22:14
المحور:
سيرة ذاتية
هذا عرض مختصر لأهم معالم رحلة شملت أربعة هتافات (عاش) ثم بلغت حال أو حالة نظر وتمحيص تاريخي طبقي لمعاني أو لإستعمال بعض الإصطلاحات المتداولة في الحياة السياسية وقد أسميت هذا النوع من النظر وتقييماته بإسم "التأثيل" وهو اسم مشتق من شجر الأثل القوي واللدن الذي تصنع منه فوائد شتى للبناء والأدوات والأواني. ويختلف هذا "التأثيل" بمستقبليته عن معنى كلمتي التأصيل والتأثيل بمعنى الرجوع لأصل الكلمات وان قابس من فلسفتهما الاهتمام بثقافة المعاني الأولى.
هذا العرض البسيط لمحبي الرحلات الذهنية هدفه إوضاح بعض معالم انتقال قراءاتي من الإبصار إلى النظر ومن الحركة إلى النشاط ومن العشواء إلى الإنتظام ومن التسليم إلى التفكر والتعارف والإنتقاد ومن القلق والغضب والحبور إلى التبين والصراع ومن اللامبالة والتسليم إلى تبين وكسر الأصنام والمطالبة بالحقوق وإوفاء الكيول والموازين وتحقيق السلام.
1- البداية: أهم ما يميز الانسان بعد مروره بمراحل النشوء هو ظرف استقلاله وزواجه ومعاشه ونشاطه الإجتماعي والمواقف الكبرى التي تحيط بمجتمعه ويراها محددة لمستقبله وما يريده لذريته وهو ظرف كبير وكثير التفاصيل لكن كانت له في تاريخ قراءاتي أربعة معالم كبرى لخصتها أربعة هتافات هي:
2- الهتافات الأربعة:
الهتاف الأول هو: عاشت الأممية ووحدة قضايا الكادحين ونضالاتهم في مختلف دول العالم الليبرالية الإقتصاد والسياسة ضد صنوف النير و الاستغلال الرأسمالي و لزيادة ترابط ونضال الأحزاب الشيوعية ضد الإمبريالية وضد كل أشكال التحكم والهيمنة الدولية.
الهتاف ثاني هو: عاش نضال الحزب الشيوعي وكفاح الجباه والتنظيمات الديمقراطية الفئوية والجماهيرية ولجان المقاومة الثورية. فهم في نضالهم المنظوم المشترك يقومون بدور المنظار والمسبار الشمولي الضروري لكل عمل عام وككل يمثلون في مجتمعاتهم وفي المجتمع العام دور جهاز البناء والعمل الديمقراطي المتنوع الفوائد ذو البنية المعرفية المتجددة لانتظام وانعتاق وحرية الشعب من الانانية ومن الاستغلال.
الهتاف الثالث: عاش نضال التغيير القاعدي الجذري الشامل المواشج لكفاح وترابط وسيطرة المنظمات الفئوية والمنظمات الجماهيرية والجمعيات التعاونية وهيئات الحكم الشعبي المحلي ونضالات الكادحين للتحكم في أمور المعيشة والسيادة الوطنية والمبتعدة عن ثقافة وأمور النخب ذات الأنانية والمحسوبية وصراعات الإنفراد وأساليب التلتيق والتخمين والبراغماتية والكسب العاجل الرخيص.
أي عاش النضال الشعبي الذي بسيطرته المتكاملة على موارد محليته وعلى مجال عمله ينقض أسس و أساليب الإنتاج والتوزيع الليبرالية الإقتصاد وكل سياسات التنظيم النخبوي للموارد. انه نضال التغيير الجذري المقرر من وفى كل مجال عمل وفي كل محلية والمشرعن بمجلس شعب غالبيته لممثلي فئات الطبقة الكادحة (= الزراع والرعاة والعمال والحرفيين والمهنيين ثم ممثلي مجتمعات العمل العام (= مجتمع الأكاديميين ومجتمع المعاشيين ومجتمع الجمعيات التعاونية ومجتمع تنظيمات النساء والمجتمع النقابي والمجتمع التقني والمجتمع العسكري والأمني والمجتمع العدلي والمجتمع التجاري والرأسمالي والمجتمع المدني ومجتمع الإعلاميين ومجتمع الديبلوماسيين ومجتمع النازحين ومجتمع المغتربين والمهاجرين) ثم ممثلين لكتل الأحزاب، وما يشبه هذا التمثيل لمجلس الأقاليم.
إنه نضال النقابات والجمعيات والإتحادات في ترتيب أمور أعضاءها ومعيشتهم وفي نظافة وتنمية هيئات عملها وفي فرز المواقف التي حولها سواء كان الفرز بكشف وإنتقاد ضعفها وأخطاءها أو باتهام ومحاسبة أي معرقل أو منتهك لأنشطة النقابات أو لحقوق الشعب أو لجزء من أعمال التغيير الجذري و تحسين المعيشة لأنها عرقلة مفسدة لوجود وتقدم المجتمع ولبيئة عمل وطبيعة نشاط أعضاء الإتحادات والمنظمات النقابية والإجتماعية.
الهتاف الرابع: عاش النضال الآيديولوجي والثقافي والجمالي ضد ثقافة وآيديولوجيات الأنا والحلول الجزئية وضد عموم الصور الرجعية والصور الحداثوية لثقافة ليبرالية/حرية السوق والتملك الإنفرادي لموارد معيشة المجتمع.
انه نضال مضاد لقيم الطفيلية والتربح الأناني سواء كان حضور هذه القيم السلبية بشكل مقالات وآداب وكتب ومنشورة بالوسائط والصحف والتلفزيون والإذاعة أو كانت مجسدة بممارسات أنانية لأفراد أو جماعات في شكل دجل أو هيمنة طائفية أو مناطقية أو إثنية أو قبيلية وعشائرية، أو بأي شكل مهين لكرامة و حقوق الإنسان.
"الثقافة الجديدة" هي راية أو شراع هذا النضال وهي ثقافة جديدة بكونها ذات تأسيس منظوم واع وتفكير وعمل ونماء وكسب وتكاثر جمعي وهي ثقافة مزدهرة بكثرة وتداخل الفنون والتعليم والجمعيات التعاونية ورديفة للتنمية والتراث الموجب لهم المناهض للحلول الإنفرادية والتملك الفردي الأناني لموارد المجتمع وممارسة التجارة الهبتلي. انها ثقافة مكافحة جذور وأشكال الطفيلية والتعصب والتحلل والإزدواجية المتناقضة. ثقافة تنمية المعرفة والعدالة الإجتماعية بالفهم العلمي لأمور المعيشة و المجتمع والشعور الإنساني وفق أسس ومحاور إشتراكية علمية لأهداف وأنشطة الفئات الكادحة.
هذه هي العاشات الأربعة التي أحببتها وأريد حياتها وتحققها. وقد تعلمت هذه الهتافات ولم أزل أتعلمها مع بعض قيم وأفكار أجدادي وجداتي وأمي وأبي بفضل صراعات الحياة والمعيشة وبفضل بعض أساليب نضال الرفاق وهي:
(أ) النوع النمطي الدراسي ذو الرصد والتقييم والتنظيم والإعداد،
(ب) النوع الصدامي في التصدي للمظالم ومقاومة العنف الإرهابي، (ج) النوع الجمالي الأدبي والفني.
(هـ) النوع الثقافي المدموك بجدليات هندسة التفكير والتعبير.
فشكراً ألف شكر لهذه الحياة ولهذا التعليم وشكراً جزيلاًَ لبذل وتضحيات رواده وأهلهم ولتعب ونضال معلمينهم وأهلهم.
إضافة إلى هذه الدروس القيمة العامرة بتضحيات مقدميها فإن أجزاء متنوعة من حقيقة الهتافات الأربعة قد تبينت لي نوعاً ما نتيجة من بعض صراعات الحياة ثم زدت في تبينها والتثقف بها من خلال ما تحتاج إليه قراءاتي وأنشطتي وكتاباتي البسيطة من قراءات متجددة للمعلومات وللحياة والذات.
3- جدليات بداية فكرة "التأثيل":
بدأت كتاباتي بعموميات قم مثنويات أمور مختلفة (حوالي عام 1982) ثم تثقفت بموضوعات شتى ذات جدليات شتى ضعيفة الضبط طبقية وسياسية وعالمية وفكرية خلاصتها إعتراضات وآمال بالامكان تحديدها في أربعة سياقات، هي:
(أ) موضوعات وموازين وأنواع الحقوق والإقتصاد والديموقراطية والسيادة الوطنية (ب) مجالات البناء والتنظيم الثوري وقضايا محاربة ظاهرتي التكلس والانتهازية وكشف الطبيعة الإستعمارية الكامنة في خلايا أمور اصطلاحات تخفي عموميتها خصوصها الرأسمالي مثل "العولمة والخصخصة" و "التكنولوجيا" و"الطبقة الوسطى" وفي الكلام عن "جميع القوى السياسية" إلخ . (ج) مناهضة الدعاوي والشعارات البراقة أو الفضفاضة المبتعدة عن الأمور الطبقية مثل شعار "الوسطية" لأنه جامع تناقضات طبقية مختلفة. وكذا شعاري "السودانوية" و"دولة المواطنة" بحكم ما في هذين الشعارين الجميلي الهدف من حواكير قبيلية تجعل بعض المواطنين في مقام حقوقي أعلى من بعضهم وفقاً لأصلهم أو عائلتهم أو حسب منطقة مولده وتنشئته! أيضاً استعمال تعبير "المجتمع الدولي" لتبرير الخضوع لإرادة الإمبريالية في السياسة أو الإقتصاد أو الإعلام أو التعليم أو في شؤون القانون أو الشؤون العسكرية. ، (د) دعمت هدف "الحركات" في أولها منبهراً بنضالها لتحقيق المساواة ضد التهميش ثم بدات تمحيص جدية سياساتها عندما صارت مهادنة ثم حليفة للجبروت.
6- تأثير ىبعض القراءات على تكون فكرة "التأثيل": بتأثير بعض كتب ومقالات عن جذور وأسس ومنابت بعض الأفكار والظواهر تبينت ان الإصطلاحات الليبرالية الإقتصاد والتجارة والمعيشة بشكليها (الشكل الرجعي والشكل الحداثوي) ليست نتيجة ذاتها أو لدن صائغ ما بل هي نسل أوضاع مصالح وأفكار تحكم مبثوثة كتاريخ وثقافة، وهي متغذية بميثيولوجبات وآيديولوجيات "الأنا" و"السوق" وبأنساق من الفلسفة المثالية الباحثة عن حقيقة مطلقة أو تحاول تخليد معاملة نسبية. من ثم تعلمت ان تبين كل إصطلاح لا يتحقق فقط بمعرفة شنئآنه أو بمناظرة ضده بل أيضاً يحتاج إلى معرفة أطواره وجذوره وتربته ومعالم البيئة الثقافية الإقتصادية الإجتماعية والسياسية التي نما فيها.
ضد أمور الإنفراد والإستغلال والتهميش لازم جزء من قراءاتي المكتوبة موضوعات شتى عن أمور الديموقراطية الشعبية المتكاملة في مجالات الإقتصاد المجتمع والثقافة والسياسة وفي مختلف التعاملات الدولية، ونجحت في المحافظة على هذا التلازم والالتزام وتجديده كبنية عامة لتفكيري.
نشأت قراءاتي لمتون هذه الموضوعات الديموقراطية وكتابة بعض تصوراتي بشأنها وشبت على مناهضة صور النخبوية والرأسمالية والجبروت ومواجهتها بإوضاح بعض فروقاتها ومظالمها وإزكاء بدائلها في البناء القاعدي والحكم الشعبي .
كقراءة عامة لم تكن آرائي هدية من هادي أو نتيجة ميكانيكية لحساباتي، بل كان -ولم يزل- رفضي مظاهر وموضوعات النخبوية والرأسمالية والجبروت سليل قضايا معيشية ووطنية محيطة بحياتي استوعبتها أولاً بصورة طفولية ثم رهقية عاطفية ثم نقلت تفكيري بشأنها من حالة الإدراك والمعرفة الخام والعاطفية إلى حال التبين والإسهام في التغيير.
7- جزء من تاريخ الكتابات اليسارية: كانت قضايا المعيشة تهم صبح وليالي الكادحين المساكين والفقراء ثم مع تفشي الرأسمالية والإستعمار رفعها النظر والنضال الثوري الشيوعي منذ منتصف القرن التاسع عشر من مستوى الهموم الشخصية والعائلية موضحاً انها لب قضايا حرية الكادحين/ حرية الوطن من الاستغلال الرأسمالي.
بدأ جزء مهم من قصة النضال الشيوعي بشكلها الحديث في أوروبا القرن العشرين مع نهايات الحرب العالمية الأولى ثم ازدهر في مجتمعات آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا كتحرر وطني ضد الإستعمار القديم والنظم الليبرالية الإقتصاد (الحزبية أو العسكرية الرئاسة) منذ أربعينيات ما قبل موجة الاستقلال في آسيا وإفريقيا وإلى ثمانينيات عنفوان تحرر جنوب افريقيا، ثم بعد فترة شباب وازدهار مائة عام انتهت البدايات الحافلة بالعطاء إلى ثلاثة أحداث مهمة متزامنة في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، وهي:
(أ) تسمم النضال الشيوعي في غرب أوروبا ثم شرقها بتراكمات النخبوية وأمور الحصار والخنق،
(ب) بداية فتوة ونضج وازدهار دول الديموقراطية الشعبية والسيادة الوطنية والهدف الإشتراكي في الصين وكوبا وفيتنام بعد إنفاقهم عشرات الأعوام في التحرير والبناء.
(ج) تأزم أو تراجع أو تحلل جميع النظم الليبرالية الإقتصاد في دول العالم و وقوعها بمختلف مستوياتها وبقيادة نخبها الحزبية أو العسكرية أو المختلطة وقوعاً متكرراً في تناقضات سامة إزاء أسسها أو قواها أو أهدافها، خاصة النظم الزاعمة نخبها انها تلتزم مساراً وسطاً بين الرأسمالية والاشتراكية ! أي النظم الزاعمة انها في وقت واحد تحقق أسلوبين نقيضين في المعيشة والإقتصاد والسياسة ! النظم التي توكد في مناسبات شتى انها حيادية وعقلانية لكنها في آن واحد تسير في جهتين مختلفتين غرب و شرق !
8- مساران للتقدم: اتخذ جزء من قراءاتي وكتاباتي البسيطة مسارين متلازمين ضد صور مختلفة للدعاوى والنظم الليبرالية الإقتصاد والتجارة:
(أ) مسار ضد صور الشكل الرجعي المستغل لبعض أمور اللغة والإثنية والقبيلة والدين والطائفة.
(ب) مسار ضد صور الشكل الحداثوي لليبرالية وحرية تماسيح السوق أي الشكل المموه بتعبيرات الحداثة والعلمانية لشرعنة حرية التملك والاستوراد والتجارة الهبتلي والخضوع للتمويل الأجنبي وحماية احتكارات البيوت الطائفية المالية الكبرى والإرتباط بسياسة المؤسسات الامبريالية والقنوع بأسلوب التلتيق والتغييرات الجزئية السطحية لبعض الشخصيات والنظم
9- ملامح تشكل فكرة "التأثيل": أدى الصدام المتنوع المجالات والأساليب و الشخوص بين أسس وأهداف الأفكار الشيوعية والأفكار النخبوية المختلفة إلى بداية شروق فكرة جديدة تمثلت أشعتها الأولى في:
(أ) انتقادات الشيوعيين المتنوعة للشكلين العامين للأفكار والنظم الليبرالية الإقتصاد والتجارة وهما الشكل الرجعي والشكل الحداثوي،
(ب) إوضاح تناقض تبريرات نوعي رئاسة النظم السياسية/الحكومية الليبرالية الإقتصاد وهما نوع الرئاسة الحزبي ونوع الرئاسة العسكري، وهما النوعان المموهان لتحكم كبراء السوق وتناغمهم ومواليهم من أشباه الإقطاعيين القديمين والتكنولوجيين وأقطاب المخابرات والعلاقات الإمبريالية والاقتصاد العسكري.
(ج) كشف نخبوية وإستغلالية إستعمال قوى وأحزاب التجارة الليبرالية لشعارات دينية أو علمانية،
(د) تمحيص السياسات العامة والسياسات الإقتصادية الإجتماعية لنظم ليبرالية التجارة وهو السياسات المزعوم انها الأفضل لحل أزمات الإنتاج والتوزيع ألمزعوم انها تخفف التأثير السلبي لأزمات الاقتصاد الرأسمالي على حقوق ومستقبل غالبية الكادحين.
أيضاً تغذت أوليات فكرة "التأثيل" من صراع طويل بين نظامي الأوتوقراطية والببلوقراطية، وصراع آخر بين الأساليب التكنوقراطية والديموقراطية والبيروقراطية والأداقراطية وايضاً تغذت بالصراع بين نظم الإختيار والترقي في العمل المريتوقراطية والكاكيقراطية، وكذلك بالتناقض بين ثقافتي الحكم الثيوقراطية والإثنوقراطية، وزاد تبلور فكرة "التأثيل" ببعض ما واشج هذه الأساليب وصراعاتها من معارف وثقافات.
بدأت جذور فكرة "التأثيل" في حقول الصراع ضد مظالم الرأسمالية وما إليها من معارف وثقافات تعززها أو تعارضها، وهو صراع مسقي بمخاطر وتضحيات نضالات الشيوعيين وكفاح الحزب الشيوعي السوداني لتجديد الحياة السياسية المعيشية وما يحتاجه هذا التجديد من تجديدات سياسية وفكرية في مقاربة أساليب الخطاب واللغة وما تحتاجه امور اللغة والاعلام من نظر تاريخي سياسي حديد.
كان نبات "التأثيل" ضمن رؤية دفاعية تناهض سياسات وإصطلاحات وفلسفة الحملة الليبرالية ضد الشيوعية، وهي حملة قديمة متجددة لن تنتهي الا بنهاية الأنانية، ولهدم أهداف الشيوعية حاربت هذه الحملة وتحارب بعض معالم الوطنية والعقلانية الإجتماعية وكثير من الأفكار والرؤى الأممية والإنسانية كما انها باشكال نسبية أو بأشكال مباشرة تدعم القوى والنظم المحافظة والرجعية وحتى الجماعات الإرهابية والإتجاهات العنفية النهاية.
10- تاريخ الحملة ضد الشيوعية وما إليها: من معالم الوطنية والعقلانية الإجتماعية واتجاهات أممية وإنسانية حملة طويلة عريضة تمثل نصف الكلام السياسي الذي تمت طباعته منذ أول القرن العشرين وتبدو بعض معالمها في النقاط الآتية:
(أ) بدأت حملة تضليل الشعوب وإثارة الكراهية ضد الشيوعية في فترة نهاية الحرب العالمية الأولى وانتظمت منذ عشرينيات وثلاثينيات التذمرات والانتفاضات الوطنية والعمالية الباسلة في آسيا وإفريقيا وأوروبا وفي انجلترا (الثورة ضد الفشل الرأسمالي التي تنبأ بها ماركس).
(ب) بعد فترة عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين خمدت حملة التضليل وإثارة الكراهية ضد الشيوعية وما إليها من معالم وطنية وعقلانية إجتماعية ثم إتقدت منذ خمسينيات الرئيس الأمريكي الجنرال الجرار إيزنهاور ثم خارت في الستينيات مع ظاهرة نهاية الاستعمار القديم وإستقلال الدول.
(ج) تصدت القوى الامبريالية لظاهرة الإستقلال بزيادة أسعار النفط وما تصدره من بضائع لغالبية دول العالم التي كانت مستعمرة وتخفيض أما كمية أو أسعار بعض ما تستورده منها من خامات وهو ما أدى إلى ضعف إقتصاد وسياسات غالبية دول العالم وإبتعاد نخبها عن الخط الوطني والإشتراكي الذي قاربته في الستينيات، من ثم بهذا الابتعاد إنتهت النخب الليبرالية ودولها وحقوق شعوبها إلى الوقوع في فخ الديون والخصخصة والعولمة.
(د) في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين في مناخ تفليس وديون العالم الثالث ومراكمة أموال الفساد والبترودولار في البنوك الغربية وكثرة الحديث عن طمع السوفييت للسيطرة على العالم ! وعن الحواسيب كنهاية لأقانيم الصناعة والسياسة (ونهاية التاريخ !) بدأت في غرب أوروبا وفي أمريكا حالة صعود سياسة محافظة/ليبرالية (جديدة) مؤججة نزعة إستعمارية لتمدد أعمال الشركات والبنوك العظمى ومخابراتها وقواتها العسكرية وقواتها الأكاديمية والإعلامية وتأججت معها كتابات وبرامج وخطب إثارة الكراهية ضد معالم الشيوعية وما إليها من أفكار وأمور الوطنية والعقلانية الإجتماعية.
(هـ) بعد تأججها في الربع الأخير من القرن العشرين ذوت حملة اثارة الكراهية ضد الشيوعية بهزيمة "مشروع القرن الأمريكي" وإثخان قواته الإمبريالية في العراق بداية من عام 2004 ثم انخمدت في عام 2008 بإصابة الاقتصاد الليبرالي العالمي بنتيجة حماقاته وإنخمدت معها حملة تبرير سياسات صندوق النقد ودعم الاستعمار الحديث تحت شعار "العولمة". وقد زامن ذواء غالبية أعمال الحملتين المشتركتين السياسية والاقتصادية بكل تنوعاتهم الإعلامية فشل الثورات المزوفة في تحسين المعيشة وانكشاف طبيعة تأسيس وأداء وتمويل وصرف أنواع منظماتها المختلفة.
11- وضوح فكرة "التأثيل": كانت بداية فكرة "التأثيل" محاولة بسيطة لتمحيص بعض الإصطلاحات والرؤى في الحملة العالمية ضد الشيوعية والوطنية والعقلانية الإجتماعية والديموقراطية الشعبية (1953-2003) حيث كانت ولم تزل وسائط التضليل (الإعلام) مزدحمة بأرباع وأنصاف الحقائق مع تحليلات مغرضة.
بطبيعة تناقض المنطق الانفرادي الأناني الخطي للحملة المضادة للشيوعية والعقلانية الاجتماعية والوطنية والديموقراطية الشعبية مع المنطق الجمعي الاشتراكي الشمولي المتعدد الخطوط نشأت سهولة دحض بعض جزئيات تلك الحملة الهوجاء، لكن منع تفاقم ضرر الحملة الكبير إحتاج ويحتاج إلى رد واسع شامل وعميق ومتجدد.
كان التفكير في كيفية بناء هذا الرد مقدمة لوضوح فكرة "التأثيل" واهتمامها بتمحيص متجدد أو مستدام لطبيعة أسس وصور بعض التعبيرات والاصطلاحات العامة وتأثرها بتاريخ الصراع الطبقي بين الكادحين والنخبة في محيطها وكذلك تمحيص بعض تحولات التاريخ الاقتصادي الاجتماعي وسياساته عبر رصد حدوث أو تغير إستعمال بعض التعبيرات والاصطلاحات.
12- تاريخان أسهما في تشكيل فكرة "التاثيل": في عمومها أثارت الحملة العالمية ضد معالم الشيوعية والعقلانية الإجتماعية والوطنية والديموقراطية الشعبية تاريخان في تلافيف الذاكرة تاريخ قديم و تاريخ حديث أسهما معاً في بلورة فكرة "التأثيل":
من ما شمله التاريخ الأول: تاريخ السفسطة (المحاججات) ونهايتها في آثينا القديمة بمحاكمة سقراط ضمن صراع تحرر الديموقراط الوطنيين ضد نظامية التكنوقراط ذوي الأصول والثقافات الاسيوية والافريقية. كذلك قصص نبذ بعض الجبابرة واضطهادهم للفلاسفة والمؤمنين ثم نبذ بعض المؤمنين والجبابرة للفلاسفة والعلماء، أيضاً نبذ كبراء قريش للأحناف والصعاليك وبدايات الاسلام. كذلك تاريخ أمور وحجج فقه الدولة والثورة في مختلف فترات الخلافة الإسلامية ثم تناظر فقه الإمام (ع) ومطالب الأمويين ثم الخوارج. أيضاً تناظر فقه الأمويين العنصري والوطنيين/الشعوبيين. كذلك تاريخ التضاد بين فقه المعتزلة النخبوي ذو الفلسفة وتصورات الإمام أحمد الشعبوية. كذلك تأثير انتقادات الحلاج فالغزالي وابن ميمون وابن رشد فرسائل إخوان الصفا، وبعدهم وعلى رسلهم قيام كل من ابن خلدون وفيكو بتناول التاريخ كسياق منظوم وكسرهما في تلك العهود التناول المألوف للتاريخ كمسلسل شخصيات ومعارك. كذا خيال كتاب "يوتوبيا" لتوماس مور والبناء المنهجي لسبينوزا وديكارت وآدم سميث ولوك وهيوم ودون ستيوارت ميل وروسو وفولتير وروبيسبير صولاً إلى واقعية سيكون دي بوليفاؤ وألبرت بايك في كتابه عن الدوغما والأخلاق، وانشطة جوزيف ماتزيني وأشياء من تاريخ الحركة الإعمارية/الماسونية وما إليها من كلام عن بعض التصورات الفلسفية القديمة سواء في بلاد خمت (السودان) أو في بلاد الصين والهند وفارس وأمور رفض هذه التصورات أو توكيدها بعض أسس ومفاعيل ظهور أو خفاء أو تعدد أو وحدة فهم بعض أمور الطبيعة والكون وطبيعة التعبير الحكومي أو المجتمعي عن تباين هذا النظر/الفهم.
أما التاريخ الأقرب فشمل تناغم بعض طوائف الحرفيين والمزارعين الموالي ضد الخلافات الاسلامية الأموية ثم العباسية ثم ضد بعض أسس أو صور جبروت الخلافة الإسلامية العثمانية كذلك تناغم الفلاحين والحرفيين البروتستانت واليهود في غرب أوروبا وقيامهم بكسر أقانيم الاقطاع والانفراد الكاثوليكي، وبعد ذلك قيام فلاسفة الإنارة بالاستفادة من معارف وعلوم الشرق والأساليب المنطقية في تجميعها واستعمالها في كسر أقانيم اللاهوت والفلسفة المثالية، أيضاً قيام العمال والحرفيين الثوريين في غرب أوروبا بتوجيه أفكار وجهود العلماء المناضلين كارل ماركس وفردريك انجلز ورفاقهم إلى كسر كل أقانيم وصور واتجاهات الفلسفة و الآيديولوجيا التي نسقت كل التصورات المعرفية القديمة وكذلك توجيههما إلى كسر كل أقانيم الإقتصاد الليبرالي التى كانت تشكل جوهرة التاج والفكر الاستغلالي الليبرالي الانجليزي وكسر التصورات التي شكلت علم الإجتماع البرجوازي وكسر أقانيم التنظيرين السياسيين البرجوازيين -الجديدين آنذاك- وهما التنظير السياسي الليبرالي والتنظير الاشتراكي، وكذلك كشف زيف شعارات الحرية والإخاء والمساواة ضمن التنظيم الرأسمالي لأمور الحياة. كذلك قيام لينين ثم جورجي لوكاش بكسر كثرة من التصورات الليبرالية والاشتراكية والفوضوية كاشفين نقضها الهادئي للعقلانية.
تتواصل معالم تغذي جنين التأثيل من التاريخ القريب بقيام أكاديميين ثقاة مثل أدورنو وهورخماير وألتوسير وبولازنتاس ومهدي عامل بتفكيك سلطوية وطبقية خطاب الثقافة المتنطع وزعوم الحياد الكامنة في النصوص البرجوازية ويتسق هذا ما أضافه ماو زيدونغ ثم رولان بارت لخواء التعبيرات الضخمة وما بينه هربرت ماركوز من نظر ثاقب لمشتركات البنى السلطوية والأكاديميين فوكو ودريدا حول مخاتلة النصوص وما كشفه البروفسور إدوارد سعيد من أمور فكرة وحملة غربية صليبية وصهيونية وليبرالية ضد الإسلام وكذلك ما بينه الشيخ/ خليل عبدالكريم حول الأصول الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لفهوم الشريعة الإسلامية وما وضحه نصر حامد أبوزيد حول فلسفة التأويل وما تناوله عبدالله بولا من التعبيرات الاشكالية وما اشار اليه محمد محمود في ميثولوجيات صناعة النبوة وكذا حذر الشاعر سيد أحمد بلال من الاصطلاحات التحديدية التي يطلقها متكلم وتبدأ بحرفي التحديد والتعيين حرف (الألف) وحرف (اللام) التي تعتقل معنى الإصطلاح وفهمه وتحتكره لصالح قوة معينة. ثم موضوعات في علم العلامات والنصوص وعلم اللغة السياسي وسيمياء الثقافة من وإلى مجالات "مدرسة تارتو-موسكو" والنابه يوري لوتمان ما إليها، وأيضاً ما كشفته كثرة آراء في عدد من وسائط الإعلام الغربية حول مدى صدقية/حياد ما تنشره هذه الوسائط إزاء قضايا وصراعات فلسطين والعراق والعالم الثالث في وقت معين وبأسلوب وشكل معين.
نعم بزيادة في القراءة والأسئلة تطورت بدايات فكرة "التأثيل" من مجرد سبر لشنائع الليبرالية إلى محاولة لكشف جانب من تأثير العلاقات الإجتماعية-الفكرية في حركة وتدوين التاريخ وتوكيد أو نفي عناصر من الثقافة وشيء من طبيعة تداخل بنيات ومصالح نخب المجتمعات ونخب المعارف ونخب الناشرين ونخب القراء الانفعاليين المروجين.
خلاصة هذه البداية التي أنفقت فبها اكثر من عشرة سنوات كانت فحصان بسيطان لبعض تحولات تعدين وصياغة كلمة "الاشتراكية" وتحولها الوئيد إلى ما يشبه المفردة وكذلك محصت استعمالات لكلمة " العلم" ثم أستوت بعد ذلك فكرة "التأثيل" وارتقت إلى محاولة تقنية متواضعة لتبين بعض معالم كل مرحلة من مراحل المعرفة والثقافة وصورهم السياسية التي بينها التاريخ عبر آلاف السنين. 13- مراحل المعرفة والثقافة: تحققت بداية "التأثيل" بتمحيص أمور الطبيعة التاريخية الإجتماعية المؤثرة على تكون واستعمال وقراءة بعض الإصطلاحات السياسية والبنى الثقافية للمعارف والبنى المعرفية للثقافات، ومعالم المعيشة والسياسة المحيطة بهم. ثم كبر خيال الفكرة الأولية وأصبحت تصوراً لأسلوب وسياق ومعالم مرحلة ثقافة "ما بعد مرحلة الوعي" في المستقبل وواحدة من الآفاق الجديدة البعيدة لإنتصار الأسلوب الديالكتيكي لقراءة التواريخ الطبقية والثقافية لجوانب من طبيعة التداخل أو التمايز بين تنظيم بعض الأشياء والأفعال وتنظيم بعض الرؤى والأفكار والتعبير عنها. وبقليل من الجهد وجدت ان المرحلة التي تظهر وتنتشر فيها معالم التأثيل ترتبط بثلاثة أمور هي:
(أ) تأزم وموات معالم الكلام/ التفلسف/ الخطاب والتفكير النمطي السائد كأسلوب ذهني لحركة المعلومات وتجميعها في خط واحد مسيطر.
(ب) تكاثر إشراقات أسلوب جديد للقراءة الانتقادية، وللفهم والتفسير والضبط، قراءة محيطة بوحدة وتفارق الظواهر والبواطن في كافة الخطابات، و وحدة وتنوع النظر إلى والتعبير عن العناصر والعلاقات والبنى الأفقية والرأسية، نظر من زوايا كثيرة. قراءة أكثر خطوطاً وبنيوية وعلمية وفعالية اجتماعية.
(ج) وضوح سياق وأسلوب ثوري بروليتاري ينقح طبيعة الإنحيازات السياسية والطبقية للرؤى والإصطلاحات ويتبين أشكال التعبير المستعملة في صراعات المجتمعات في مختلف الحقب والعصور منذ فترة مراحل المعرفة الصوفية والمعرفة الدينية القديمة وإلى مراحل الثقافة العقلانية وثقافة العلم وثقافة الوعي.
أهتم التأثيل بتمحيص الرؤى والاصطلاحات التي تبدو أو تقدم في صور موجبة مفتتحة لمستقبل مشرق بعضها مقدسة وبعضها موضوعية بينما أطرها وتفسيراتها الطبقية تسمم الحياة العامة لحقوق وكرامة غالبية الناس.
من هذا العرض لأوليات ومستقبل نموء فكرة "التأثيل" يتبين إن بعض معالمه ستوفر بعضاً من وقت واشكال وجهود التفكير السياسي النمطي اللاإنتقادي القائم على تلقى وتكرار إستعمال صور سطحية عن أمور الحياة، أو على نقل وتبديل هذه الصور وكثير منها صور تبدأ وتنتهي بتعزيز تجهيل واستغلال كثير من الناس ضمن حالة من السيطرة المتنوعة على طبيعة معيشتهم وعملهم ومستقبلهم.
14- جزء من طبيعة فكرة "التاثيل": "التأثيل" ليس رسالة حكمة بل مجرد محاولة لتصور أسلوب ثقافي في انتقاد المعرفة وأسلوب معرفي في انتقاد الثقافة، أسلوب لتفكير الثوريين في تمحيصهما وإنتقادهما معاً، ميتافيزيقا تفكر ثوري في انتقاد وضع واستعمال جزء سياسي من اللغة في الصراع الطبقي وجزء من الصراع الطبقي في مجالات اللغة.
وهو مجرد أسلوب قراءة وتفكر عابر تنطبق عليه قوانين الموت ولكنه إبان حياته ينشط وينمو كما نشطت ونمت أساليب المعرفة وصور الثقافة قديماً وهيمنت على الأذهان ثم ماتت وكما طرأت بعض موضات الفلسفة بين الخمسينيات و الألفينات من فرنسا أو أمريكا تعيش سنوات قبل ان تقتلها سلطات التحكم في أمور المعرفة والتضليل وسلطات النشر بموضة فلسفية جديدة.
تتمثل بعض معالم "التأثيل" في قراءة حالات تحديب أو تقعير بعض النصوص أو بعض التعبيرات السياسية أو قراءة حالات تعمق أو تسطيح بعض المعاني أو الفقرات في خطابات السياسة المباشرة وما إليها في خطابات المعارف أو العلوم ذات الموضوعات الحقوقية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية وحتى في الآداب.
تواشج القراءة التأثيلية أنواعاً من الفحص منها الفحص الطبقي لتاريخ الإصطلاحات والرؤى السياسية واستعمالها، والفحص التاريخي لاستعمال الطبقات وممثلي الطبقات لإصطلاحات العلوم الإجتماعية و ما إليها. قراءة انتقادية تفيد نضال الكادحين للسيطرة على معيشتهم وعلى الأطر النظرية المواشجة لها تعزز كسرهم أكبر الأطر النظرية التي نشأت قديماً لتبرير ودعم ممارسات مرحلتي الإقطاع والرأسمالية.
بعض جذور فكرة "التأثيل" ظاهرة في تاريخ مراحل المعرفة، ونموءه كفكرة قد يسهم في تشكيل مرحلة جديدة في المستقبل. وهو نموء طبيعي ضمن عمليات تقادم وتجدد أجزاء من المراحل المعرفية والثقافية وتشكل اخرى جديدة في عملية التطور الفكري للنشاط البشري.
في كل مرحلة معرفة/ثقافة معينة هيمن أسلوب تفكير ونظام رؤية معينة على عملية التفكير وتنظيم المعلومات في الذهن. وتواشج هذا مع هيمنة مجموعة أفكار على ثقافة المجتمع وكذلك هيمنة أقانيم في ثقافة المجتمع على طبيعة تفكير أفراد المجتمع. ورغم اختلاف طبيعة كل مرحلة في تاريخ المعرفة/الثقافة فإن حالة التوافق الذهني بين بعض التقديرات المعرفية أو القرارات مع أساليب التفكير والثقافة السائدة كانت ولم تزل حالة تطمر طبيعة المرحلة وخصائصها تحت وصف إجمالي أو جزافي بإسم "العقل" وهو تسمية تلغي تفاصيل الفكر وتشبه تاج المعارف وصفوة الحِكم التليدة.
الواقع ان أمور التفكير والقرارات الكبرى التي يسمونها "العقل" هي شكل لحظي لبنية تفكير معين في المجتمع وخلاصة ثقافة ومعارف محددة سائدة في نفس المجتمع يحسب الناس وكبراءهم الخروج عليها نوعاً من الهرطقة أو الجنون أو الشطح ويسمون تقديرات وقرارات الشخصيات المبجلة بسمة العقل وفق هيبة أصحابها بينما بعضها نقيض بعضها أو نقيض قوانين التاريخ.
كما أن تقديرات وقرارات العقول المعقودة بشبه الكمال تنتقد بعضها وايضاً يتبين قصورها عند تمحيص أو تأثيل مراحل معرفية لها علاقتها بالأوضاع الطبقية المكونة أو الحاضنة لبيئتها فلو كانت مزية العقل انه أحسن التقديرات والقرارات لوقف تطور المعارف والثقافات في مرحلة ما قبل الأديان أيام الحضارات القديمة ولما نشأت أفكار ومعارف جديدة فما يسمى ب"العقل" هو مجرد تصور ناقص تتعاقب أطواره وتختلف حياة تفاصيله وإجمال ثقافته في كل مرحلة وهي حتى الآن ستة مراحل:
1-مرحلة "البداية" ذات الوحشية والبدائية المضطربة و المتصارعة في تسمية وتصنيف كل شيء،
2- مرحلة "الصوفية" وسبر وتكنه العناصر والخصائص والعلاقات الباطنية في الأشياء وبينها، وضبط التسميات الأولى وترتيباتها كما باتجاه علمي ذو تصانيف وحسابا متصوفة حكمة وادي النيل وأشهرهم "أمونحوتب" ومتصوفة حكمة اليونان وأشهرهم "فيثاغورث" الذي درس في مدارس خمت وهي بلاد شمال السودان جنوب مصر. وقد ولدت حكم ذلك العصر من التصورات والحسابات الأولى وأمور التكنه والسحر وزعوم إمكان معرفة طبيعة الأشياء وأصلها و تغيراتها ونتائجها عبر قدرات و أعمال شخصيات معينة.
كانت خلاصة تلك المعرفة التقديرية وأختها السحرية التنبوء بحدوث خير أو شر شخصي أو مجتمعي وإرتباط مكان أو زمان أو انسان أو حيوان أو مجتمع أو فعل معين بحدث ما أو بتجنبه وكذلك بامكان تفسير و تصوير شيء او أمر على حقيقته أو نفيها وإمكان التحكم المعنوي أو بمواد في طبيعة إدراك بعض الناس له بتصويره لهم كدالة على أمر معين.
كان إتجاه المعرفتين العلمية والسحرية في تلك الأزمان قائم على استكناه و سبر طبيعة وعلاقات عناصر الأشياء وإمكانات النفع بها أو تجنب أضرارها ضمن علاقة بين التقدير المباشر لطبيعتها وطبيعة تغيرات مواقع الشمس والقمر والنجوم والطقس، وهو ما يفسره الكهنة كتعبير عن شيء من إرادة أو من مشاعر آلهة في الشمس والقمر أو آلهة مسيطرة عليهما. آنذاك إختلفت معرفة الناس على وجود وعدد وأمكنة الآلهة وصفاتها وطبيعتها وتواضعت بعض الأفكار على الإهتمام بالعلاقة بين عناصر وخصائص الأشياء وبين الوجودين الأرضي والسماوي.
بعد كشف قدر من خصائص الأشياء وإمكانات الانتفاع بها سعي الخبراء في مجتمعات ذلك التصوف إلى تلخيص خبرات مجتمعهم في قصص وأقوال مأثورة (ميثولوجيات) وفي السعي إلى معرفة أو تحقيق تكامل شمولي بين الفعل البشري والتقدير السماوي واهتموا بإستكناه النظام الشمولي لوجود وتغيرات الطبيعة. خيرها وشرها. وفي هذا التوافق والسعي إختلف الناس على قصص قديمة عن بداية الطبيعة و المجتمعات وقصص أخرى عن طبيعة أمور انتظامها وتناقضاتها وعلى أصل ومعاني وجود البشر والحيوان والطيور والحشرات، إلخ وكذلك أختلف الناس على قصص متنوعة عن طبيعة ومعاني بداية و نهاية الطبيعة، قصص سماها العرب "أساطير الأولين".
3- المرحلة الثالثة لتطور الثقافة والمعرفة في العالم القديم (إفريقيا وآسيا وأوروبا) كانت مرحلة الرسالات والدول "الدينية". وقد ارتبطت هذه المرحلة الدينية بمعرفة وجود تنظيم سماوي لعالمين ظاهر وباطن وكل بدايات وحركة وأنساق فعل وردود فعل الأشياء والبشر، و لزوم تلخيص أفضلها ووضعها في ممارسات معينة في مواقيت معينة شخصية ومجتمعية وإجتماعية وسياسية محلية وعالمية تحقق في الدنيا أو في الآخرة سلام و سعادة البشر الملتزمين بها، ومثلت هذه الرسالات الدينية المقدسة التصور الجمعي الأكبر لوجود نظام شامل لوجود وحركة عناصر طبيعة والحياة وانتقالها ككل بأشكال متنوعة من الازدهار إلى الموت ثم إلى ما بعد الموت.
4- بعد مرحلة المعرفة والتصورات الدينية نبتت مرحلة الترتيبات "العقلانية" للأمور المعيشية والسياسية و الفردية حسب التقدير البشري والمجتمعي لمصلحة البقاء والتكاثر والمال والسيطرة، وهي مرحلة تنيزت بحساب ووزن عدد من العوامل وتقدير آثارها على صلاحية موقف أو عمل معين ثم ربط صلاحيته -وفق مصلحة أصحابه- بمعنى أو تقليد أو اعتقاد قديم، يبرره لعامة الناس ويسوقهم إلى دعمه والدفاع عنه،
5- مرحلة "العلم" وهي المرحلة التي يعيشها العالم منذ قرون إلى اليوم ومستقبل قريب وقد اجتمعت فيها امور اكتشاف وتحقيق المنافع عبر الرصد المنظوم والسجلات والمناظير والافتراضات والكشوف والتجارب والنتائج والبراهين والاستعمال المفيد. وكل قراراتها محسوبة التأسيس ومنظومة القياس. ومن أهم معالمها الإصرار على معرفة الخصائص والفوائد المادية للأشياء والأفعال بدقة رصد وتقييم المادة/الفكرة/المنفعة. وقد بدأت أوليات ثم نهايات هذه المرحلة بحدوث ثورات فنية وأدبية وسياسية وعلمية وتكنولوجية متنوعة كسرت الإعتقادات المقدسة للمعارف المبجلة في زمانها بتسميات مثل "العقل" و"الموضوعية" و"العقلانية" و"العلمية".
مع استواء مرحلة الرؤى والخطط والأنشطة العلمية ذات االظواهر والرصود والملحوظات و الافتراضات والتجارب والاستخلاصات والتقييمات والتحقق بحسابات وقياسات وباختبارات واستعمالات ذبلت مرحلة قديمة وبدأت مرحلة جديدة. فبتقدم الأنشطة العلمية التأسيس والنتائج ذبلت معالم مرحلة العقلانية التي سبقتها كانت معالماً مرتبطة بالنظر والوزن والحساب والتقييم والقرار الفردي لتحقيق مصلحة مفردة معينة جاءت بها المصادفات، وفي نفس الفترة تبلورت أوليات مرحلة أخرى جديدة في أمور المعرفة والثقافة النظرية والربط المحسوب لمختلف العوامل السياسية والإجتماعية والثقافية والأوضاع المعيشية والإقتصادية المحيطة بها.
6- مرحلة الوعي: طلعت بوادر هذه المرحلة الجديدة التي بالامكان تسميتها "مرحلة الوعي" في منتصف القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين. وقد نبتت بوادر مرحلة الوعي هذه من مختلف صراعات أنساق المعرفة وصراعات الطبيعة الإجتماعية والفردية المحيطة وحتميات زوال القديم وولادة الجديد والنماء وإدراك فروق المعرفة بين ما تدركه الذات وفق ظروفها وخبراتها وثقافتها ومعرفة الموضوع محل المعرفة أو الملاحظة أو النقاش كما هو أي بشكل أكثر تركيزاً على رصد طبيعة وتغير وتأثير عناصر الشيء وعلاقاته ومبانيه وزيادة منافعه، وإدراك الفروق المستدامة بين الطبيعة المادية للشيء والطبيعة المتخيلة له في قبل أو أثناء بحث خصائصه و كيفية تعديلها للنفع بها في مجال معين.
من معالم مرحلة الوعي ركوزها على حسابات موضوعية/علمية ذات جذور وأبعاد متكاملة إجتماعية سياسية و ثقافية مواشجة لظروف المعيشة والاقتصاد المحيطة والمواشجة لمعرفتها. وتهتم الثقافة والمعرفة ذات الوعي يجدلية ومادية عناصر الطبيعة والمجتمعات والمعرفة وصراعاتهم المفضية إلى ظهور الجديد وتقدم الحياة.
يمثل وعي المعرفة ومعرفة الوعي بهذا التحقق التاريخي المادي لمعالم صراعات المجتمعات ومعيشتها ومعارفها كينونة ذهنية وعملية مقاومة ومضادة لمظالم وتأثيرات الإستغلال الرأسمالي لموارد وجهود الكادحين و لقيم وانجازات المعرفة. وهي ناقضة لطبيعة المعارف العامة المواشجة لهذا الاستغلال، بعمليات تمحيص وهدم وبناء ثوري بروليتاري، داخل وخارج البحوث النظرية باشكال ثورية متنوعة تنتهي لبداية جديدة إشتراكية علمية للتأريخ والتنظيم الإجتماعي وما إليه.
من ثم تتوفر في مرحلة الوعي إمكانات أكثر لحياد و موضوعية البحث والنشاط العلمي إذ تبعده عن الإنحيازات التي هيمنت على كل أطوار المعرفة منذ اقدم العصور الى الزمان الحاضر زمان خواتيم "مرحلة العلم" وبدايات "مرحلة الوعي".
فمنذ أقدم العصور إتسمت كثرة من أمور المعرفة والثقافة بتناقضات الطبيعة السياسية لبيئتها، كما اتسم نموء بعضها بشكل طفيلي أو بشكل مستغل أو بشكل هامشي يعزز في المجتمعات وفي أشكاله ومنتجاته العلمية حالات منافرة لأوليات المنطق تتراوح بين حالة إحتكار وحالة إنفجار وحالة إنبهام وحالة ظلامية.
رفض انحيازات المعرفة والعلوم والثقافة ليس رفضاً من من باب التنطع فقد ظهرت في التاريخ القريب اتجاهات في العلوم الإجتماعية للتخلص من النزعة الإقطاعية والكاثوليكية في أمور الملكية والربا والأجور والأسعار وبالتالي في الإقتصاد وكذلك حدثت انحيازات في دوائر المعرفة الانجليزية مع تداخل ثورات القرن السابع عشر مع الأوضاع والاتجاهات والأنشطة الأكاديمية وما تعرض له نيوتن من اضطهاد، كذلك في فرنسا التنوير والثورة ونابليون حدث ان اتجهت بعض أنشطة المعرفة إلى التخلص من بعض أجزاء الآيديولوجيا الثورية في العلوم الإجتماعية، وأيضاً حدثت في الدائرة العلمية لموضوع الجينات بحوث مواشجة للكلام عن تفوق الجنس الآري كذلك في التاريخ القريب جدا ً نمت محاولات أسلمة العلوم الحقوقية والإجتماعية، أو نزعة تحريرها من المركزية الأوروبية وربطها بمركزيات أخرى وكذا ما يحدث حاضراً ياتجاهات ربط البحوث التقنية وكل منظومة التعليم العالي والعلوم الإجتماعية بمصالح استثمارات البنوك والشركات العظمي وسيطرة دولهم وجيوشهم الإمبريالية على العالم وعلى أهم ظروف ومناهج التعليم والمعرفة في غالبية دول العالم.
. من ثم نشأت إزاء تناقض الأوضاع العامة علاقة موضوعية بين تحرير غالبية المجتمع/المجتمعات وتحرير المعرفة من مختلف الفروق والقيود السياسية الإقتصادية وثقافتهم وآيديولوجيتهم التي تزعم "الحرية" و"السلام" و"الموضوعية" و"الإخاء" و"المساواة" في جامعات غالبية مقاعدها للأثرياء وداعمي التنظيم النخبوي للمجتمع والمبادرة الإنفرادية والحل الفردي المالي المنجي صاحبه من المشكلات الإجتماعية.
7- إشراق فكرة التأثيل: عموماً بعد تتبع أجزاء من طبيعة نشوء وازدهار وموات كل مرحلة من مراحل المعرفة والثقافة المجتمعية والسياسية افترضت إمكان إشراق أسلوب "التأثيل" في المستقبل أي بعد تحقق وإزدهار مرحلة الوعي وتحول المجتمعات بالوعي المتكامل من مرحلة صراع البقاء وانتقالها إلى مرحلة الاختلاف اللطيف على تفضيل بعض كماليات الحياة وترجيح بعض جمالياتها على بعضها الآخر.
15- شكل الرحلة من العاشات إلى التأثيل: في كل الأحوال ابتعدت عن الزلنطحية وعن الفلسفة المألوفة وذلك في رأي بعض من إهتموا بذلك سببه أو شكله أني لم أكن منظراً جيداً وهذه حقيقة فلم أسعى إلى أستاذية في السفسطة أو في الفلسفة بل لماماً انتقد بعض عناصر واستعمالات فكرة استغلالية أو أوضح فكرة مفيدة لحرية الكادحين، وكلاهما الانتقاد أو الإوضاح أقرأه وأكتبه في سياق جزء بروليتاري من الصراع الطبقي في مجال المعرفة أو جزء معرفي من الصراع الطبقي.
الجزءان هامش في صراعات السودان وفي صراعات العالم لذا بمقاومة الزلنطحية والسفسطة والفلسفة كنت ولم أزل قارئاً انتقادياً أحاول الابتعاد بمعالم رأيي البسيط عن أقانيم ومراكز التحكم المعرفي المدموكة بليبرالية الإقتصاد والتجارة والحكم، وكذلك نأيت عن مراكز العبث السياسي والكلام الدائري والثرثرة متبيناً أو مقترباً بشيء من هذا الابتعاد إلى بعض أهداف ومعالم نضال الكادحين اقتراب بعض المتصوفة بالسكوت إلى الكلام..
16- اضطراب وقلق في كتاباتي: كان كثير من التعثر في بلورتي لعدد من الأهداف وتعبيري عنها تعثراً يرجع إلى تناقضي الشخصي بين تفضيلي لأسلوب معين ورفضي لغيره ودخولي في ما أرفض: ففي جهة معينة أفضل الآراء الفئوية التي بأشكال تعبيرها المختلفة تلخص رأي كل فئة كادحة في الأمور العامة وكيفية حلها كرأي اتحاد المزارعين في الوضع الاقتصادي أو في خطة التنمية، الخ، ولذلك في جهة ضد أرفض حل القضايا العامة بمبادرات واراء وكتابة الأفراد سواء كانوا من قلة محتكرة للمعرفة أو ضمن كثرة تقود للعشواء.
كثرة الآراء الفردية في عصر الانترنت وشيوع المعلومات كثرة لها محاسن انتشار المعرفة ولها سيئة افساد الكينونة الفئوية والطبقية لقضايا الكادحين وتحولها إلى مجال مفتوح للغادي والماشي من النخب التي تستطيع دفع تكلفة الانترنت وتتحول بها مناقشة اصحاب الشأن العملي واهل الحرفة لمباريات شخصية بين برجوازيين صغار تؤدي بتأثير كثرتها وتشتتها وشخصانياتها إلى ثلم قضايا الفئة وتحولها إلى كلام ناشط في محاباة أو مناقضة الشخصيات أكثر من إسهامها في تكريس حل فئوي لقضية عامة.
في مجادلات وسجالات البرجوازيين الصغار كثيراً ما تأفل طبيعة الآراء المبذولة لحل القضايا العامة من التاريخ الجدلي لأمور معيشة وترتيب أمور المجتمعات وحكمها وتأخذ شكل اختلاف على التسميات أو الاختلاف على موقع في دائرة مغلقة، كذلك تضيع القضايا العملية العامة في حسابات نظرية خاصة أو تحترق بحرب حسابات وآراء مدارس نظرية متخصصة وتضيع بأمور الربح الفردي المواشجة لها إمكانات تجميعها في قضايا عامة كبيرة. بحكم هذا التناقض الذاتي بين محبة الكتابة الفئوية والنفور من الكتابة الفردية وتورطي فيها ولدت كثير من أخطائي في تنظيم وترتيب زمن وشؤون بعض الفقرات، وعدم اكمال كتب مهمة أنجزت أكثر من 90% منها. ولو مد الله في العمر سأركز على إكمالها. وانا أبذل هذا الكلام للافادة بتقدير صحتي وتقدير أخطائي في تحسين بغض الموضوعات التي شغلت حياتي.
بسبب كثرة من الظروف الموجبة وملاجظة الأخطاء لم أكن في مستوى يمين النخبة أو يسارها رغم نزغات إليها أحياناً لكني إخترت الجانب الأكثر صحة من جانبي الصراع التاريخي والعالمي بين الطبقتين الكادحة والمالكة المسيطرة وهو جانب الطبقة الكادحة ومواقفها النظرية والعملية الناشطة لإنهاء أسس وصور وآثار الاستغلال الرأسمالي وما إليه.
إضافة إلى النتائج الكبيرة المعلومة في تاريخ الصراع العالمي والصراع السوداني بين النخب وجماهير الكادحين وهي نتائج ماثلة في هزائم وإنتصارات قضايا و أساليب وقرارات معينة فان صحة هذا الإختيار ونشاطي المتنوع فيه تأكدت لي -مع فضل كثير من الأمور الموضوعية- وترسخت بتحمل معاناة وببعد عن مغريات وهو تحمل ونشاط وكدته بضعة إشادات رفاقية وبضعة حالات غضب اما من رافضي تكامل المعرفة ومهماتها الثورية أعداء الكادحين والشعوب أو من بعض الليبراليين داخل التنظيمات الثورية.
17- خاتمة هذه الرحلة: أكرر تحياتي لنضال الحزب الشيوعي ومقاومته خارج وداخل صفوفه لصنوف الأنشطة والأفكار الليبرالية الإقتصاد وثباته مع المرونة ضد التكلس وركوزه على المبادئي ضد الانتهازية ونشاط عضويته الفعالة الجم في عموم أمور الدولة والمجتمع وخصوص جدليات المعرفة الثقافة وكفاح مناضليه ضد النزعة الزعامية في التنظيم وضد نزعات النوادي الثقافية أو المجتمعية أو التجارية واجتهادهم ضد نزعة الوحدة أو التفرقة الإثنية أو الطائفية أو القبيلية أو الجندرية وميلهم العقلاني الرزين ضد النزعة العنفية اضافة إلى رفضهم نزعة الصنوت الساكت عن الحق ونزعة الثرثار والمتكلم الأوحد الأبدي.
كذلك أكرر تحياتي وإجلالي إلى الرفاق عامة وإلى تضحيات أهلهم ومعلميهم أحي فيهم ادراك ومعرفة ووعي كثرة من أمور الواقعية وأمور الرومانسية وصور الجمال وكذلك تحياتي إلى كل الذين شاءت الأقدار أن يكونوا في معونتي أو معونة من أعرفهم في مختلف تحولات السراء و الضراء وبعض الأيام الرتيبة.
انتهى النص
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معالم فهم النخبة لوقف الحرب والسلام
-
الخراب زاد ضرورة التغيير الجذري في العمل السياسي
-
نقطة من الصراع الطبقي في الأحزاب الثورية
-
الزراعة، أزمة في أوروبا وإزدهار في الصين
-
ضد الماركسية الغربية
-
جزء من تأثيل الآيديولوجيا
-
النخب والليبرالية أساس للأنانية ونزاعاتها
-
إضرار بعض الكلام القومي بالكلام الاشتراكي
-
لمحات من تاريخ الإدارة الأهلية
-
لمحات من تاريخ الإدارة الأهلية
-
تأثيل في جدل القبيلة والدولة والعمال
-
تأثيل الكلام عن تلازم إصلاح الدين وإصلاح الدولة
-
كمال الجزولي .. غياب ثلاث شموس
-
بعض معالم الشيوعية في السودان
-
ضرورة الثورتين الإجتماعية والتكنولوجية في إفريقيا
-
من فيزياء تاريخ محمد سليمان
-
الرفيق محمد سليمان (أبوالعافية)
-
مهمات في الحرب وما بعدها
-
الفجر الكاذب بصيغ ليبرالية للديموقراطية
-
ليبرالية الحكم العسكري والحزبي في دولتي الحداثة والإسلام
المزيد.....
-
بينهم منتسبون للداخلية وهيئة الزكاة وشركة الكهرباء.. كشف شبك
...
-
مراسلتنا: غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبي
...
-
الرئاسة السورية: الأسد يبحث مع علي لاريجاني التصعيد الإسرائي
...
-
-هآرتس-: أكثر من 10 آلاف إسرائيلي هاجروا إلى كندا منذ بداية
...
-
مباراة فرنسا وإسرائيل وسط إجراءات أمنية مشددة
-
إسبانيا في عين العاصفة مجددًا.. اضطرابات في حركة القطارات وإ
...
-
الجيش الإسرائيلي: قصفنا مباني عسكرية ومقرات قيادة لـ-حركة ال
...
-
إعلام إسرائيلي يتحدث عن محاولة تصفية شخصية إيرانية رفيعة في
...
-
إعلام عبري يتحدث عن -هدية كبرى- ستقدمها إسرائيل لترامب.. ما
...
-
الجيش الأوكراني يستخدم ألغاما عنقودية إسرائيلية الصنع (فيديو
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|