أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - الرسم على الجسد... تاريخ و حاضر














المزيد.....

الرسم على الجسد... تاريخ و حاضر


فاطمة الزهراء المرابط

الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بعيدا عن شوارع المدن المتقدمة... بعيدا عن عالم الانترنيت و العولمة... يجلس رجل أمام مرآته في إحدى قرى غينيا الجديدة يلون انفه باللون الأحمر، و خذوذه و ذقنه وجبينه بالأزرق و الأصفر و الأخضر، و هو ليس مهرجا... و إنما يستعد كغيره للمشاركة في احد الأعياد السنوية..

يعتقد الكثيرون أن الماكياج أو تزيين الوجه خاص بالنساء... في حين يرى علماء الانتروبولوجيا أن ذكور إنسان " الاوموسابيش" كانوا أول من استعمل الماكياج في التاريخ، لكن مع تطور الحضارات البشرية واختراع الكتابة وظهور المنشات العمرانية وأشكال العلاقات الاجتماعية. بدا الماكياج تدريجيا ينتقل إلى النساء لانهماك الرجال في العمل. بحيث أن المجتمعات البشرية الكبرى أصبحت أكثر ميلا لتحديد خصوصيتها الاجتماعية والثقافية، مما جعلها تبتعد أكثر فأكثر عن الطبيعة... وقد أظهرت الدراسات الأنتروبولوجية أن الرسم على الجسد ليس عادة بدائية من العصر الحجري، بل هي ثقافة تاريخية جاءت ثمرة تفكير استمر قرونًًا مديدة، ونتاج تجارب أناس واجهوا قوى الطبيعة وجهًا لوجه، وحاولوا ترويضها من خلال حضارة شكَّلتْ عاداتهم و ثقافتهم.
و يعتبرفرويد الرسم على الوجه أو على الجسد هو من باب الإحساس و التباهي..انطلاقا من هذا التفسيرالفرويدي يمكن أن نفهم أن استمرارالوشوم الجسدية في بعض القبائل البدائية ذات الجذور التاريخية بأمريكا الجنوبية و أستراليا. كما يمكن تفسير شيوع هذه الوشوم الجسدية ذاتها في المجتمعات الأخرى الحديثة من باب الميول الفطرية نحو العودة إلى البدائية.
في حين يلاحظ الفيلسوف الفرنسي المعاصر ستراوس أن النساء فقط هن اللواتي حافظن على ما يسميه ستراوس " بالغريزة الوشمية " من خلال الماكياج الموجه لإثارة إعجاب الرجال، الذين يرون فيه استعادة لماكياجهم البدائي المفقود. و في إطار" الغريزة الوشمية " نفسها يفسر ستراوس الظاهرة المدينية المستجدة المتمثلة في الرجال، الذين يضعون أقراطا في أذانهم و الذين من الخطأ كما يقول ستراوس يتشبهون في ذلك بأوائل رجال التاريخ. ورغم تعادل دلالاتها فإن الوشوم الجسدية البدائية تحمل في طياتها رسائل رمزية واضحة، تتراوح إيحاءاتها ما بين المدلولات السحرية و المافوق طبيعة و الغيبية.
و يرى الإركيولوجي البريطاني ريتشارد ايفانز أن هذه النزعات التلوينية البدائية الغريزية، هي التي كان الفنان التشكيلي الفرنسي غوغان يقصد بها جزر الكناري، و هي التي توج بها أجمل روائعه... فقد كان غوغان يعتبر أن الوشوم الجسدية الماقبل التاريخية هي التعبير الأسمى على الغريزة الجمالية لدى النساء.
ففي سومر و على ضفاف النيل كانت الولادة التاريخية للأناقة، حسب قول الباحث الإركيولوجي الأمريكي غوستاف بركسانز. و في النيجر ما يزال الرعاة يحافظون إلى الآن على التقاليد الطقوسية الذكورية المعتمدة على تلاوين الوجه و الجسد. و لأسباب تقنية أكثر مما هي مجتمعية انتقلت المجتمعات الحديثة إلى ممارسات الرسم على اللوحة بدل الجسد، حيث يقول الناقد التشكيلي الفرنسي جاك دي بر يجيد إن طبيعة تضاريس الجسم البشري لا تسمح باستعماله كلوحة.
و إذا كان الرسم على الوجه أو الجسد المستمر لدى بعض القبائل البدائية يعتبر تقليدا و عادة طبيعية، فإن الرسم على الأجساد في المجتمعات المعاصرة ترتفع إلى المستوى الإغوائي و إلى الرغبة في التفرد و لفت الأنظار فقط. و في هذا الإطار يمكن تصنيف تقاليد الرسم على الأجساد التي شاعت لدى التجمعات الشبابية الخاصة لحركة السلام و الحب و اليوت ميزيك... تبقى الإشارة أيضا إلى رسوم الوجه الخاصة بشخصية المهرج، و التي تحمل في دلالاتها المباشرة دعوة تحريضية إلى الإضحاك و برغم فهمها السلبي ضمنيا واضحا بما للرسم الجسدي من قدرات إيحائية.....



#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التلميذ... و آفاق التعليم بالمغرب؟
- كتابة مقال
- أزمة الحركة الطلابية
- صوت امرأة
- صوت امراة
- اصيلا ...في رحا ب التاريخ
- أصيلا...في رحاب التاريخ الجزء الأول
- اصول اضطهاد النساء
- الحركة التجارية في تطوان.. ما بين الماضي و الحاضر الجزء الث ...
- الحركة التجارية في تطوان ....ما بين الماضي و الحاضر الجزء ال ...
- الحركة التجارية في تطوان...ما بين الماضي و الحاضر الجزء الا ...
- المرأﺓ...ﺍﻟﻌمل الجمعوي أية علاقة ...
- الأستاذ التلميذ... أية علاقة ؟!!
- - المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -
- اصيلا ذات مساء


المزيد.....




- حركة من ماكرون مع رئيسة وزراء إيطاليا تلتقطها الكاميرا ورد ف ...
- -حماقة-.. أسلوب رد إيران على تهديد ترامب بـ-قتل- خامنئي يشعل ...
- روسيا.. اكتشاف فريد من نوعه لآثار أسنان ثدييات قديمة على عظا ...
- القهوة والسكر.. كيف تؤثر إضافاتك على فوائد مشروبك المفضل؟
- تأثير كبت البكاء على صحة الرجال
- نتنياهو حصل على موافقة ترامب الضمنية قبل الهجوم على إيران
- علماء: انبعاثات البلازما من أقوى توهجين شمسيين في يونيو لن ت ...
- مقتل شخص وإصابة 17 آخرين في هجوم روسي على مدينة أوديسا جنوب ...
- وزير مصري سابق يكشف عن خطوات استباقية اتخذتها مصر لتفادي تدا ...
- الجيش الإسرائيلي يهاجم مواقع عسكرية -حساسة- تابعة للحرس الثو ...


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - الرسم على الجسد... تاريخ و حاضر