أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - أصيلا...في رحاب التاريخ الجزء الأول















المزيد.....

أصيلا...في رحاب التاريخ الجزء الأول


فاطمة الزهراء المرابط

الحوار المتمدن-العدد: 1679 - 2006 / 9 / 20 - 08:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تقع على الساحل الأطلسي في أقصى الشمال الغربي للمغرب... مدينة صغيرة سهلية ذات تلال خصبة و طابع سياحي يقصدها السياح من مختلف أرجاء العالم... مدينة نسيها الزمن رغم أن لها تاريخ عريق جدا و تعتبر من أقدم المدن المغربية.

إن المتبحر في تاريخ أصيلا يصطدم دائما بندرة المراجع التي تؤرخ لفترة من فترات المدينة، و في بعض الحقب التاريخية نلاحظ فراغا تاما بحيث لم يذكر اسم المدينة بتاتا لا في المراجع المغربية أو الأجنبية. و أصيلا مدينة قديمة قدم التاريخ و كغيرها من الحواضر المغربية لعبت أدوارا تاريخية، و كانت متأثرة و مؤثرة في كل التفاعلات التجارية و السياسية و الاجتماعية و العلمية و الثقافية التي عاشتها منطقة الشمال الغربي للمغرب عبر تاريخها القديم و الوسيط ثم الحديث.
ورغم أن أصيلا مدينة قديمة جدا استوطنها الفينيقيون و القرطاجيون ثم الرومان، و كانت من المدن المغربية التي استقبلت الفاتحين المسلمين، فصارت ذات أهمية أكثر من قبل و عاصمة لإحدى الإمارات الإدريسية. مع هذا لم يحتفظ لنا التاريخ بمعالم أو آثار هذه الدول من منشات ذات قيمة عمرانية و فنية كالقصور والمساجد و المعاهد العلمية، كما هو الشأن في المدن المغربية الأخرى. و مرد هذه الظاهرة يرجع إلى سببين:
ـ أن مدينة أصيلا هي الوحيدة من مدن الشمال التي تعرضت للتدمير و الهدم و الإبادة عمرانيا و سكانيا عدة مرات من طرف الغزاة المستعمرين، بل حتى من طرف بعض الحكام المغاربة في بعض الفترات العصيبة من تاريخ المنطقة.
ـ خضوعها لاحتلال برتغالي حاقد لمدة طويلة دمر و أباد خلالها جميع معالمها الإسلامية، معتقدا أن كل ما هو مكتوب باللغة العربية هي نسخ من القران الكريم الذي يحاربونه و يتعبدون بإحراقه و إبادته.

أصيلا عبر العصور القديمة

تكتسي أصيلا أهمية تاريخية كبيرة فهي مدينة غارقة في القدم، لذلك فان اسمها يتغير نطقا ورسما بتغير الحضارات التي مرت عليها، كما نلاحظ أن رسم اسمها يختلف من مرجع لأخر سواء كان عربيا أو أعجميا. و تذكر بعض المراجع التاريخية أن أصيلا كانت تدعى zilis خلال العصر القرطاجي، كما تشير بعض الوثائق التاريخية أن حانون القرطاجي قبل قيامه باستكشاف سواحل المحيط الأطلسي، كان قد شيد 5 مستعمرات قرب مدينة أصيلا على ضفاف واد تهدارت. كما سماها zilis كل من بطليموس الجغرافي المصري الإغريقي، و صاحب المجسطسي التي كانت جغرافيته مرجعا هاما في العصور الوسطى و عصر النهضة، و يقول الأب castellanos بان كلمة أزيلا مشتقة من لفظة زيل البربرية التي تعني الجمال و مع العصور اللاحقة تغير اسمها إلى أصيلا.
إن أكبر شاهد على أزلية أصيلا ذلك النصب الأثري الموجود" بمزورة" ضاحية أصيلا، بل هو أهم منشاة في المغرب تعود إلى ما قبل التاريخ أي إلى العصر الحجري القديم. وقيمته الأركيولوجية تتجلى في حادثة اكتشافه، وقد كان محط إعجاب مختلف الدول القديمة التي استعمرت المغرب، و قد ظلت هذه الدول على جهل تام لأصل أو مصدر هذا النصب فنسجوا عدة خيالات و تكهنات حول هذا النصب الأثري الشامخ الذي صمد في وجه الزمان منتصبا.
و تذكر بعض المصادر التاريخية أن تاريخ أصيلا يرجع إلى 3600 سنة، غير أننا لا نجد إلا بعض التلميحات و الإشارات إليها عبر العصور القديمة، وهذه الإشارات أيضا ما زالت في حاجة للمزيد من البحث و التنقيب من اجل وضع المدينة في إطارها التاريخي القديم و إزالة الغموض و الضبابية عنها.
و مما لا شك فيه أن لموقع أصيلا القريب من البوغاز اثر كبير في تأثرها بكل التيارات الحضرية التي تعاقبت على المنطقة. حيث يبدو من المعطيات التاريخية أن الفينيقيون بدأوا ينشئون محطات تجارية في الشمال الغربي للمغرب كطنجة و لكسوس ( العرائش حاليا). و من الملاحظ هو فراغ أصيلا و نواحيها الفاصلة بين طنجة و العرائش من بقايا فينيقية تدل على استيطانهم ضواحي أصيلا و هذا يدفعنا إلى الاعتقاد أن منطقة أصيلا مازالت في أمس الحاجة للبحث و التنقيب لاكتشاف هذه الصراعات التاريخية.
و حسب المراجع التاريخية انشأ القرطاجيون عدة مستوطنات ساحلية بين أصيلا و العرائش هي gytte و meliza و arambis. و يبدو أن أهل أصيلا كان لهم استعداد للاندماج الاجتماعي و التجاري مع القرطاجيين، فبنيت أفران لصناعة الأدوات الفخارية بمستوطنات الأقواس، فأصبحت هذه المنطقة مركزا سكانيا يصنع أهاليها أدوات فخارية على النمط البونيقي، كما كان سكان الأقواس يقومون بإنتاج القمح و الزيت و السمك و الملح. و أنشئ في هذا العهد طريق معبد يربط طنجة و أصيلا و العرائش لنقل البضائع التجارية و يمكن إتباع نتائج معالم هذه الطريق ابتدءا من الأثريات التي تحف بها المنطقة.
و امتازت في عهد الملوك الموريتانيون بحياة إدارية و اجتماعية جديدة و سكت بها نقود بحروف و لغة بونية فدانت أصيلا بالولاء و الطاعة لبوكود الملك الموريتاني. غير أن سكان أصيلا اتخذوا موقفا معاديا من الملك الموريتاني عندما دخل في صراع مع الدولة الرومانية و التي بدأت تشق طريقها نحو الشمال الغربي للمغرب فكلفها ذلك غاليا. حيث قام الإمبراطور الروماني أوكتافيوس بإجلاء سكان أصيلا إلى اسبانيا، و احل مكانهم سكان من أصول رومانية. فتحولت أصيلا إلى مستوطنة رومانية يتمتع سكانها بحق المواطنة الرومانية و بالحريات و الحقوق الجبائية و القضائية و التجارية التي تتمتع بها الإمبراطورية الرومانية، كما أصبح حاكم المدينة ينتخب من بين سكانها.
و يعتبر موقع زليس المعروف حاليا بالمد شر الجديد بجماعة أحد الغربية على بعد 13 كلم شمال شرق مدينة أصيلا. يعتبر هذا الموقع واحدا من بين المستعمرات الثلاثة التي أحدثها الإمبراطور الروماني أغسطس في شمال المغرب ما بين 33 و25 ق.م، وقد ورد اسمها في النصوص التاريخية تحت اسم ( يوليا كوسطنتيا زليل). تعود أقدم البنايات الأثرية المكتشفة بالموقع إلى القرن الثاني ق. م على الأقل. وتتكون من مجموعة سكنية دمرت حوالي 100 ق. م. أقيمت على أنقاضها بنايات جديدة تؤرخ للفترة الممتدة بين 60 و40 ق. م تعرضت بدورها للهدم فيما بعد. لقد عرفت زليس تطورا معماريا كبيرا ابتداء من القرن الأول م، حيث كشفت التنقيبات الأثرية عن بقايا منازل فوق الهضبة الشمالية، وعن حمامات وقناة مائية في الجنوب الشرقي، وسور يحيط بالمدينة ومسرح مدرج. وخلال منتصف القرن الثالث الميلادي، تم إخلاء المدينة والجلاء عنها لأسباب لا زالت غامضة، غير أنها عرفت مجددا الاستقرار في القرن الرابع الميلادي وأبرز أثاره تتمثل في الحي الصناعي والتجاري وكنيسة ترجع للفترة المسيحية الأولى. كما أن القناة الممتدة بمدينة الأقواس و التي شكلت ميناءا مهما لتصدير المواد الفلاحية من زيتون و تمور وحبوب إلى روما، و على بعد عدة أمتار من هذا الميناء بنيت معامل للخزف. قد يكون هذا الميناء من بناء الرومان و احتلوه مرة ثانية و الجدير بالذكر أن أصيلا خضعت للحكم الروماني زهاء 4 قرون ( من سنة 146 ق.م إلى 429 م ).
إلا أن تاريخ أصيلا يسوده الغموض و الضياع بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الطنجية بعد سنة 476 م، كما أن منطقة أصيلا تنعدم فيها الوثائق التي تثبت استيطان الشعب الوندالي بالمنطقة إلى غاية انهيار دولتهم سنة 533 م على يد القائد البريطاني بليزر ثم صارت مدينة أصيلا تحت حكم القوط بعدما احتلوا مدينة طنجة سنة 610 م إلى 641 م فأصبحت أصيلا تابعة لحكم يوليان الغماري الذي نصب عليها احد الأمراء.
.
أ صيلا إبان و بعد الفتح الإسلامي

بعد الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا على يد موسى بن نصير سنة 706 م، الذي وجد المغرب في حالة الاضطراب و الفوضى و أكثر مدنه خالية و كلمة البربر متفرقة فدعا الناس للإسلام و الصلاح و إصلاح ذات البين. و أصبحت أصيلا من المدن التي فتحها المسلمون تحت قيادة عقبة بن نافع و استوطنوا بها سنة 712 م، و قد عرفت في عهدهم ازدهارا كبيرا في المجال العمراني و التجاري و الأدبي و صناعة الأسلحة، و استمرت على هذا الحال إلى أن احتلها الانجليز سنة 936 م، فعملوا على تهجير أهلها و قتلهم بعد معارك دامية تحت قيادة قائدهم البيون. و منذ هذه الفترة أصبحت المدينة تعاني أنواعا مختلفة من العقاب نتيجة مقاومة أهلها و دفاعهم المستميت عن مدينتهم، مما جعل الانجليز لا يستطيعون الاستمرار في احتلالها لمدة طويلة فقرروا مغادرتها لأنهم لم ينعموا بالاطمئنان و الهدوء، فادرموا فيها النار و قتلوا أهلها بطريقة وحشية اهتز لها المغرب قاطبة. و قد بقيت أصيلا مخربة مهجورة زهاء 30 سنة. و في سنة 966 م أمر الحكم بن عبد الرحمان خليفة قرطبة بإعادة بنائها و تجديدها، و تركزت أعمال التجديد على طول ساحل المدينة و قد شملت هذه الأعمال جميع ميادين الحياة، فاستعادت المدينة هيبتها و رخاؤها و أصبحت تنعم بالأمن و السلام و التقدم أكثر مما كانت عليه قبل 223 سنة الماضية. و صار أهلها واسعي الثراء وأهل علم و رجال حرب، لكن حكام المدينة لم يذوقوا طعم أعمالهم عندما أصبحوا في مواجهات حربية دامية مع أعدائهم مما دفع أهالي أصيلا إلى هجرتها. فأصبحت خالية من السكان الذين هربوا من و ويلات الحرب المتواصلة و منذ هذه الفترة لم تستعد أصيلة عزتها و كثافة سكانها.



#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصول اضطهاد النساء
- الحركة التجارية في تطوان.. ما بين الماضي و الحاضر الجزء الث ...
- الحركة التجارية في تطوان ....ما بين الماضي و الحاضر الجزء ال ...
- الحركة التجارية في تطوان...ما بين الماضي و الحاضر الجزء الا ...
- المرأﺓ...ﺍﻟﻌمل الجمعوي أية علاقة ...
- الأستاذ التلميذ... أية علاقة ؟!!
- - المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -
- اصيلا ذات مساء


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - أصيلا...في رحاب التاريخ الجزء الأول