أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة الزهراء المرابط - - المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -















المزيد.....

- المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -


فاطمة الزهراء المرابط

الحوار المتمدن-العدد: 1621 - 2006 / 7 / 24 - 12:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إن حاجة الرأسمالية لتحقيق أرباح فائضة، عبر الإجهاز على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة، من نفقات اجتماعية و حد أدنى للأجور من جهة أخرى. جعلت أرباب العمل يشنون هجوما على الحركة العمالية عبر طرد النقابيين و استعمال الفصل 288 من القانون الجنائي و القانون التكميلي للإضراب زيادة على مدونة الشغل الجديدة التي دخلت حيز التطبيق منذ يونيو 2004. لتعمق الوضعية المزرية التي تعيشها الطبقة العاملة المغربية من جراء تجميد الأجور في الوقت الذي تعرف فيه الأسعار ارتفاعا مهولا.
في ظل هذه الوضعية الاقتصادية المتأزمة وجدت المرأة نفسها مجبرة على ولوج سوق الشغل، في بيئة اجتماعية تعتبر المرأة " ضلعا أعوجا " غير قابل للتقويم و أنها ناقصة العقل و عديمة الأهلية، و كرست هذه الأفكار بشتى الوسائل لتحقير المرأة و تكبيلها، و بالتالي تكبيل المجتمع بإظهار الوضع و كأنه محكوم بصراع جنسي و ليس صراع طبقي، باعتبار أن خروج المرأة للعمل و منافسة الرجل هو مصدر العطالة و كل أزمة اجتماعية و اقتصادية و حتى أخلاقية. هذا الفكر الذي نجده حاضرا بقوة بين سطور مدونة الأسرة التي تمنع المرأة من العمل بدون إذن زوجها، رغم أن المادة 9 من قانون الشغل الجديد منحتها هذا الحق، و ذلك بمبرر أن المكان الطبيعي للمرأة هو المنزل و أن العائلة هي الشكل الوحيد للعلاقات الإنسانية و أن سعادتهن تكمن في لعب دور الزوجة المخلصة و الصالحة، بحيث بإمكان الزوج أن يختلق حججا من أجل منع زوجته من العمل. لكن الظروف الاقتصادية و الاجتماعية جعلت المرأة تفرض نفسها على سوق الشغل، الأمر الذي عرضها لأبشع أنواع الاستغلال الرأسمالي بدءا بالحرمان من الحقوق إلى الأجر المتدني إلى التهديد بالطرد كلما تطلب الأمر ذلك. أي كلما لجأت العاملات إلى الإضراب أو المطالبة بحقوقهن مستغلا في ذلك وجود جيش احتياطي من العاطلين و العاطلات. وفي هذا الإطارتقول سيدة عاملة « كنا نعيش أوضاعا مأسوية حيث نشتغل 12 ساعة في اليوم منا من ظل على هذه الوثيرة مدة 10 سنوات في وضعية مزرية تنعدم فيها أبسط الحقوق... من غياب كناش إدارة المعمل و غياب تصريح لدى الضمان الاجتماعي و غياب وسائل التنقل بين المدينة و المنطقة الصناعية بمسافة تزيد عن 8 كلم. إضافة إلى التَضييق على العمل النقابي حيث قامت الإدارة بتحويل أماكن العمل، بالنسبة لأعضاء المكتب النقابي و اتخاذ قرار الطرد في حق البعض. كما أقدمت الإدارة على تسريح ما يفوق 50 عاملا جلهم نساء رافضة صرف أجورهم المستحقة. كما طلبت من فوج آخر إمضاء عقود تحدد وضعيتهم كعمال موسميين، لتختم مسلسل الهجوم بتوقيف نشاط المصنع و تسريح كافة العمال بعد قمع كل الأشكال الاحتجاجية ».
كما أن إضفاء الشرعية على ما يسمى بوكالات التشغيل و السمسرة يفتح الباب على مصراعيه أمام أرباب العمل لاستغلال اليد العاملة النسائية، التي يتم الاستغناء عنها و التخلص منها في وقت الأزمات. خصوصا و أن اليد العاملة النسائية تعتبر ضعيفة التأهيل و عائداتها مكملة، و في مقدمة من يدمجن في القطاعات الهزيلة الأجور ذات الطابع التقليدي كالنسيج و التلفيف و التصبير. لذلك لا غرابة في أن نجد البطالة النسائية في اتساع دائم، خصوصا إذا ما أضفنا حاملات الشواهد و المعطلات و النساء القرويات ضحايا الأمية و انعدام الخدمات العمومية. هذه الأوضاع التي تلقي بغالبية فقيرات الأحياء الشعبية نحو الأعمال الهامشية، و هي سبب توسع الدعارة و المخدرات و نسونة الفقر. وبالتالي فالنساء العاملات تعشن وضعية جد خاصة في ظل المجتمع الرأسمالي، و خاصة النساء العاملات داخل البيوت كخادمات دون الاعتراف بالقيمة الاجتماعية لمثل هاته الأعمال يعرضهن لاضطهاد و استغلال مضاعف. ومادامت خادمات البيوت مقهورات وفي الغالب فتيات قاصرات و لا يشكلن تركزا عماليا ذي حجم، فإن قدرتهن على التنظيم تكاد تنعدم إنهن فئات الطبقة العاملة الأكثر تضررا. تقول إحدى الخادمات « توفي زوجي تاركا على كاهلي مسوؤلية 3 أطفال.. لم تكن لدي حرفة أعيش منها.. و في نفس الوقت لم يكن لدي أقارب قادرين على تحمل المسوؤلية معي.. فكان الحل الوحيد هو الخدمة في البيوت.. لم أكن اربح الكثير مقارنة مع الساعات الطويلة التي كنت اشتغلها يوميا. إضافة إلى الإهانات التي كنت أتعرض لها من طرف مشغلتي. ومع ذلك كنت أتحمل كل شيء من أجل إطعام أطفالي.. لكن الأعوام تمر و المصاريف تتضاعف وصحتي لم تعد تساعدني على العمل طيلة النهار... اضطررت في البداية إلى توقيف ابنتي الكبرى عن الدراسة و دفعها إلى الخدمة في البيوت.. ثم أرسلت الثانية و الثالثة إلى نفس المصير...». وهكذا نجد بان ظروف الخادمات الشاقة لا يمكنها سوى أن تزداد بشاعة، كلما انتشرت هذه المهنة التي تحول جسد الطفولة إلى سوق بشري للمزايدة و الشراء. خاصة و أنها تستغل ظروف الأسر الفقيرة لتجبرها على الدفع بفلذات كبدها إلى جحيم العمل بعيدا عن المدرسة وعن فضاءات لممارسة طفولة سليمة.
و إذا كان قانون الشغل الجديد قد جاء بعدة تعديلات و التي تم إيهام العمال والعاملات بشكل خاص بكونها في صالحهن، كحق المرأة في إبرام عقد العمل بدون إذن زوجها و منع الأعمال الشاقة و العمل الليلي و تخفيض ساعات العمل فهي في جوهرها فارغة المحتوى ولا تعد إلا درا للرماد في العيون. فمثلا جاء قانون الشغل الجديد بقرار منع النساء من الأعمال الشاقة في المادة 179 و المادة 181 كالعمل في المناجم و الوقاية المدنية و سعاة البريد و كل الأعمال التي تفوق طاقات النساء أو تعرضهن للمخاطر أو مخلة بالآداب. إلا انه لم يوفر أي حماية أو تأمين للنساء العاملات ضحايا حوادث الشغل و أمراضه، و التي تتغاضى الأرقام الرسمية عن إظهارها وذلك بفعل تساهل الدولة مع أرباب العمل فيما يخص حماية اليد العاملة. و يلجا القانون المغربي دائما إلى التعويض دون أن يتناول أسباب الخطر المهني، كما أنه لا يتخذ إجراءات عقابية لقمع أرباب العمل ناهيك عن المخاطر التي تتعرض لها النساء العاملات ليلا، و التي تنص المادة 172 من قانون الشغل الجديد على منع العمل الليلي بالنسبة للنساء لكن على مستوى الواقع نلمس أن المبدأ هو تشغيل النساء ليلا و الإستتناء هو منع العمل الليلي. إذ نجد عاملات مرغمات على العمل في المعامل السرية و في المزارع و القطاعات الغير المنظمة في ظروف مزرية جدا، حيث تنعدم كل شروط الأمن و الحماية إذ لا يوفر أرباب العمل و سائل النقل للعاملات فتضطر النساء إلى الوقوف تحت جنحة الليل في انتظار النقل العمومي، الذي لا يشتغل ليلا باستثناء بعض سيارات الأجرة التي نادرا ما تصل إلى المناطق الصناعية البعيدة التي غالبا ما تبعد عن مركز المدينة. هذا دون أن ننسى أن تكلفة النقل العمومي تتضاعف خلال الليل الأمر الذي يجعل النساء العاملات عرضة للمضايقات و الاعتداءات الجنسية سواء في الخارج أو حتى داخل المعامل. حيث تتعرض العاملات إلى تحرشات جنسية و معاناة نفسية داخل مقر العمل من طرف أرباب العمل أو المراقبين و أحيانا حتى من طرف العاملين، وهي أمور لم تفصح عنها أية جهة مسؤولة والتي غالبا ما تدفع بالكثيرات إلى سلوك طريق الانحراف و الإجرام. وفي هذا الإطار تعترف إحدى العاملات « أبلغ من العمر 27 سنة مستواي الدراسي الإجازة في الآداب العربي اضطررت لظروف مادية إلى البحث عن أي عمل مهما كان خاصة وأني أتواجد في مدينة صغيرة و شهادتي لا توفر لي أي عمل...عملت في عدة مقاهي و مطاعم ثم اضطررت إلى البحث عن عمل في مدينة أخرى و بعد طرقات عديدة على أبواب المعامل و الشركات وجدت فرصة عمل بشركة أجنبية للسيارات بثمن مناسب مقابل 12 ساعة في اليوم مع توفير وسيلة النقل وتكوين لمدة أسبوعين لكن بمجرد مرور 3 أشهر على عملي صدمت بتأخر الأجور و أنا متابعة بالكراء و المصاريف اللامنتهية و حتى وسيلة النقل لم تعد منضبطة في مواعيدها الأمر الذي كان يجعلنا تحت جنحة الليل في قارعة الطريق و كأننا نحاول اصطياد العابرين ». و في نفس السياق تقول إحدى العاملات « انحدر من إحدى القرى لجأت إلى العمل في إحدى معامل الخياطة تعرضت بعد 4 أشهر من عملي للطرد و ضرب مبرح من طرف المراقب المسؤول عن سير العمل، أصابني بعاهة في جسدي لمجرد أني دافعت عن شرفي و كرامتي و رفضت تحرشاته الجنسية. و رغم وجود شهود على هذه الحادثة لم يقف أحد إلى جانبي ولم تكن لدي الطاقة للمطالبة بحقي المسلوب، خاصة و أن المراقب كان من أقارب رب العمل و انتهى الأمر إلى سد فمي ببعض الدراهم كتعويض على أساس أن ينتهي الأمر بشكل ودي ». والجدير بالذكر أنه ليس هناك أية مراقبة أو إشارة للانتهاكات التي تتعرض لها النساء العاملات يوما بعد يوم فإلى جانب اعتبار المرأة قوة عمل رخيصة في سوق الإنتاج فهي أيضا تستغل جسديا دون أن تتطرق الجهات الرسمية إلى مثل هذه الوضعية إضافة إلى ما سبق ذكره نصت مدونة الشغل الجديد على ساعات العمل الأسبوعية من 48 إلى 44 ساعة مع تقويمها حسب السنة. طبعا عند قراءتنا الأولى لهذا التعديل سنلمس مدى إيجابيته بالنسبة للعمال لكن من ناحية أخرى إن تخفيض ساعات العمل يليه تخفيض في الأجور و الحرمان من التعويض على الساعات الإضافية و أيام الآحاد و الأعياد و رهن المستخدمين لحاجيات المقاولات و جشع الرأسماليين و إقرار مرونة في الوقت و الجدير بالذكر بأن هذا التعديل لا ينطبق على جميع العمال بل فقط على الذين دخلوا سوق الشغل بعد يونيو 2004 أي تاريخ تطبيق مدونة الشغل الجديد. كما تم تخفيض أيام العمل السنوية بمعدل ستين يوما في السنة في حالة أزمة عابرة أو قوة قاهرة. مع ضمان 50% من أجور العمال بمعنى أنه يتم الأعداد لتخفيض قيمة قوة العمل تحت مبرر الأزمة إلى غير ذلك من المبررات الواهية والتعويض على فقدان العمل بقيمة شهر ونصف على كل سنة من العمل مع وضع سقف زمني لا يتعدى 36 شهرا.
إن كل اضطهاد تتعرض له المرأة العاملة يتطلب الدفاع عن كل المكتسبات التي تمس الحاجيات اليومية للعاملات وكذا النضال من أجل فرض مطالب الشغيلة عموما وفي مقدمتها مطالبهن الخاصة و أنهن مسؤولات على استمرار هذه الأوضاع المزرية. وباختصار جاء قانون الشغل الجديد ليكرس دور المرأة كيد عاملة رخيصة وغير مؤهلة وفي أدنى المراتب وغير محمية من المخاطر و الاستغلال الرأسمالي.



#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصيلا ذات مساء


المزيد.....




- إطلاق أول مسابقة لـ-ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-
- الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قُتلت في غزة منذ بدء ال ...
- -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع ...
- ليدا راشد.. ضحية العنف الطبي في لبنان
- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة الزهراء المرابط - - المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -