|
على أعداء أمريكا أن يجهزوا أنفسهم لا نسحابها من العراق
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن تحول انتماء العروبة إلى أيديولوجيا سياسية تقبع فيها النظم مختبئة خلف ستار من المنظرين القوميين الذي سوقوها للشارع العربي ونحن من مأزق إلى آخر . وأضافت لهم هذه النظم الآن التيار الجهادي كي يتم الالتحام بين كل ما من شأنه أن يحول الانتماء للعروبة بوصفه انتماء طبيعيا بالولادة واللغة وبالاجتماع .إلى خدمة هذه المافيات السلطوية . والأصحاب فرحين الآن بتقرير جميس بيكر وزير خارجية أمريكا الأسبق حول العراق , والذي يوصي بفتح الحوار مع إيران وسورية . في الواقع أن من ساهم في هزيمة أمريكا إن اعتبرناها قد هزمت هي أمريكا نفسها , وليس تجار الدم هؤلاء . ومع ذلك لنقل أن أمريكا هزمت في العراق كنتيجة مرضية ليس للذين يفجرون أنفسهم لأنه لن يكون لهم دورا على طاولة المفاوضات وليس للذين يزغردون لكل هذا الدم بحجة المقاومة . وعلى مبدأ ( نكاية بالطهارة ..) . بل للذين يريدون القضاء أو ترحيل أصدقاء أمريكا من المنطقة . أو على الأقل يطلبون من أصدقاء أمريكا أن يعيدوا النظر بآرائهم . وتعالوا لنفترض أن أمريكا هزمت نهائيا وستخرج من العراق قريبا السؤال : ماذا تخبأ لنا الأطراف التالية : أولا إيران وسورية . وثانيا ما تسمى بالمقاومة العراقية , وثالثا ماذا تخبأ لنا قناة الجزيرة ومن لف لفها من كتاب ومثقفين يحملون وجهة نظرها ؟ ماهو برنامجهم السياسي للعراق ؟ وهل الأمريكان هم من يعيقون برنامج هؤلاء الذي وضعوه للعراق ؟ ماهو شكل الدولة ومضمونها ودستورها ؟ كيف سيحلون القضية الكردية في شمال العراق ؟ كيف سيتخلصون من النفوذ الإيراني ؟ وللتذكير المعركة مع إيران ليست كالمعركة مع أمريكا ! هنا المعركة بنفس الوسائل والأساليب . وسيترحم الشعب العراقي على أمريكا فيما لو استلم الملف العراقي الإيرانيون والسوريون . وكتابهم أيضا . ونتمنى ألا يحدث ذلك ولكن التمني شيء والواقع العنيد الذي في نهاية المطاف يعتمد على موازين القوى على أرض العراق الجريح شيء آخر . ولايعتمد على أيديولوجيي أنساق هزمت وهي في السلطة . لذا دعونا مرة أخرى ألا ننسى أن لجنة بيكر قد أوصت بالحوار مع النظام الإيراني السوري . والتي أوصت ببدء الانسحاب بعد عام 2008 ! هكذا الأمر ببساطة نعلق هزائمنا على انتصارات أنظمة باتت خارج التاريخ ! وعن أي مقاومة تتحدثون ياسادة ؟ المقاومة التي قتلت من العراقيين أكثر مما قتلت من الأمريكان بآلاف المرات ؟ ولإكمال المشهد تعالوا لنرى من هي القوى المرشحة فيما لوخرجت أمريكا من العراق لتبني عراقا ديمقراطيا موحدا ؟ هل هي الإئتلاف الشيعي ؟ أم هيئة علماء المسلمين وقوى العشائر العراقية ؟ أم مخلفات أسامة بن لادن والنظام السوري الإيراني هي التي ستساهم في بناء عراق ديمقراطي . والآن خرجت أمريكا , وقامت أحزاب الجنوب بإعلان انفصالها عن العراق وقيام دولة ولاية الفقيه في هذا الجنوب ماذا ستفعل عندها القوى الأخرى التي تدعم المقاومة العراقية ؟ وكلنا يعرف أن من يهدأ الحكيم وغيره عن الانفصال هم الأمريكان . أم أنكم تعتقدون أن جيش المهدي وميلشيات السنة هي التي ستبني الديمقراطية في العراق ؟ ربما مكتب السيد السيستاني ؟ أما ما يخص شمال العراق مجرد أن تخرج أمريكا مهزومة فإعلان الدولة الكردية فيه أمرا تفرضه حماية الكرد مما سيأتي وليس لأنه مطلبا كرديا حقوقيا . لأن ما يجري الآن من دم سيكون مجرد مزحة فيما لوخرجت أمريكا من العراق مهزومة . العراق ليس فيتنام ياسادة فيتنام كان فيها حزبا شيوعيا يقود مقاومة إنسانية حقيقية وله هيمنة اجتماعية قيمية وأيديولوجية وسياسية في الحياة الفيتنامية . ويؤمن بدولة علمانية حقيقية . والدليل الذي حدث بعد خروج الأمريكان من فيتنام قامت دولة عصرية حقيقية . هل يعتقد هؤلاء أن الميليشيات الشيعية بعد خروج أمريكا ستسمح لبارودة واحدة مما يسمى المقاومة العراقية أن تبقى على حدود المناطق الشيعية ؟ ياسادة أتنم تعرفون أن هذه المقاومة تريد إبادة الشيعة والأكراد قبل الأمريكان . هذا من جهة المقاومة المدعومة من الأطراف السنية ومن خلفها . أما من جهة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران فستسعى ببساطة لقيام عراق موال لإيران وإن لم يكن عراقا كاملا فجنوب العراق على أقل تقدير . الصورة ليست سوداء قاتمة بل هي أكثر من ذلك بكثير فيما لو تركت أمريكا العراق . ونعتقد بأن أمريكا إذا تركت العراق كما أوصى بذلك في أحد مقالاته الدكتور شاكر النابلسي . فإن أمريكا تكون قد مارست الغباء مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة المهزوم وهنا البشاعة في الموضوع . ثم في حال افترضنا أن أمريكا وصلت لاتفاق مع الإيرانيين والسوريين لتشكيل قوات ردع أقليمية ! عندها ستكون التجربة اللبنانية على هذا المستوى حلما بالنسبة للعراقيين . لأن القوات السورية والإيرانية ستدخل منتصرة على أمريكا إلى هذا العراق ولهذا ثمنه الذي أعتقد لن يتخيله أحدا بالمطلق . ولا حتى المزغردين بهزيمة أمريكا . إذا كانت أمريكا وفق فرضية هؤلاء تريد النفط العراقي فإن النظام الإيراني السوري يريد كل العراق وماعليه من نفط وزرع وبشر . مع ذلك نقول ومن باب العقل وإفساح المجال لحل ما : ليقدموا لنا هؤلاء سيناريو لما بعد هزيمة أمريكا كيف سيكون حال العراق ؟ ما الذي يفرحنا نحن قسما من المعارضة السورية في هزيمة أمريكا في العراق . وما الذي سنجنيه من هذه الهزيمة ؟ أعتقد أن أحفادنا سيستمعون لخطاب قسم إصلاحي من السيد الرئيس حافظ بشار الأسد . لأن الوضع في العراق لن ينتهي حتى يأتينا في سورية وريث جديد . لا نتحدث من باب المبالغة وليس من باب الطرفة . بل من باب مأساة شعب ساهمنا جميعا في استمرارها إلى الأبد .
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من عبور الطوائف إلى عبور الوطن
-
سياسة الاختلاف وثقافة الجموع
-
الألمان سرقوا الحمار
-
جبهة الخلاص وإعلان دمشق والمعارضة الكردية
-
السيد نصر الله يرسل ندائه الأخير
-
رأي في المقاومة العراقية
-
العراق 4
-
العراق 3
-
الشارع اللبناني بين الحرية الفردية وعنف الخطاب
-
العراق 2
-
العراق 1
-
الدور الإيراني 2 هواجس التغيير السلمي الديمقراطي في سورية
-
الدور الإيراني 1 هواجس التغيير السلمي الديمقراطي في سورية
-
النص القابض على عنق الوطن 2-2
-
النص القابض على عنق الوطن (1-2
-
اللاعقلانية حضور القول غياب الفعل الخطاب المقاوم نموذجا
-
جبهة الخلاص وإعلان دمشق عود على بدء
-
المعارضة السورية الحاجة إلى تفعيل مؤسسي
-
إشكاليات
-
الماركسية واليسار نوستالجيا متأخرة أم تعبير عن إفلاس؟
المزيد.....
-
بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
-
جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
-
-عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر
...
-
شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
-
-حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر
...
-
متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر
...
-
البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
-
مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا
...
-
قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
-
-قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|