أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - تعبنا من رثاء الاحبة يا كوكب حمزة















المزيد.....

تعبنا من رثاء الاحبة يا كوكب حمزة


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 7988 - 2024 / 5 / 25 - 04:52
المحور: الادب والفن
    


رثاء متأخر جدا!
كوكب حمزة، كوكب الحلة، كوكب القاسم، كوكب البصرة، كوكب العراق، كوكب المغرب، كوكب تونس، كوكب العرب، كوكب الاكراد، كوكب الاشور، والكلدان، والسريان، والارمن والتركمان. كوكب العالم! تجنب العالمية لانها صارت مرتبطة بالعولمة، فالعولمة الرأسمالية صارت كشف الارداف وهز الصدور وتعرية الجسد ومباركة القاتل ونسيان الضحية وبيع الضمير، رغم ان فكره عالمي اممي. فضل الارتباط بالوطن والانسانية وليس العالمية التي قال عنها الممثل العالمي عمر الشريف بعد تجارب قاسية: "العالمية دي كذبة كبيرة ووهم"! وكوكب حمزة عرف ذلك منذ نشأته الاولي، رغم ان الموسيقى عالمية بلغتها ورسالتها، وتأثيرها. ارتبط ارتباطا عجيبا كغيره من فناني الموقف والمبدأ والالتزام الفكري بالوطن والوطنية كونه شيوعيا متبعا قول مثله الاعلى يوسف سلمان فهد: " كنت منتميا لحزب وطني وعندما اصبحت شيوعيا صرت اشعر بمسؤولية اكبر تجاه وطني"! ليس صدفة اذن ان الغالبية العظمى من مبدعي شعبنا في كل المجالات كانوا يحملون نفس الاتجاه ونفس التفكيرحتى غير المنتمين منهم! لقد أسَرني شاعر "بعثي" يوما: "انا مثل "الرگية" قشرتي خضراء، لكن باطني احمر"! وهو يرد على معاكستي: "كيف يمكن لبعثي ان يكتب مثل هذا الشعر الانساني"؟ واضفت بعد رده علي: "ستخسر نفسك اذا بقيت بعثيا ولم تغلب باطنك على قشرتك"! وصدق حدسي! كوكب حمزة لم تصبغه البصرة شيوعيا احمرا، فلقد كانت بيئته، قيمه، افكاره، تصرفاته، سلوكه، اخلاقه، مبادئه، ابداعه، غربته، طيبته، بساطته، تواضعه، كلها كانت شيوعية بالمعنى المفهوم والمتداول عن المناضل المضحي، الزاهد، المكافح، المثابر، الصامد، المواصل والمتواصل ابدا ودون تراجع او تخلي رغم كل الضغوطات، والصعوبات، والتحديات حتى احتمال خسارة الحياة! كان تلميذا، وطالبا، معلما، ومتعلما، مناضلا مدنيا ونصيرا حمل السلاح الى جانب عوده ووضع ريشته في جيب قميصه الى جانب رصاصات بندقيته. انا لم اعايشه، ولم اكن قريبا منه، ولا صديقا حميما، كما يدعي البعض عندما يرحل احد المبدعين. كنت اتجنب الحضور العلني المتكرر لنادي الفنون في البصرة. اقوم بذلك مضطرا، "غصبن علي" كما يقال بالعراقي الفصيح. لاني لم، ولن اثق باي سلطة جاءت بانقلاب عسكري وبدعم من مخابرات اجنبية. كانت جلسة عند مائدة يزداد طولها كلما جاءت مجموعة و"صفت ميزها" الى جوار ماءدتنا فمن لا يريد، خاصة ممن يحبون الظهور، ان يجلس عند مائدة تضم ابو زيتون، طالب غالي، قصي البصري، و.... ونجوم بصرية غيرهم. كان كوكب حمزة يجلس ليس في مقابلي تماما، يراقب هذا الشاب الصغير يجلس بين الاكبر سنا من الشياب. لاحظت في عينيه البراقة حيرة ونظرات مستفهمة! اختفيت بسرعة، وكانني كنت اخشى ان يكون عينا معادية بعينيه الجميلة الواسعه وشعره المسهب الطويل وصوته الرخيم وحركات يده المتكررة على شعره الطويل برقة وكانه يلامس اوتار عوده! بقيت تلك الصورة في ذاكرتي المتعبة!
قبل سنوات كان لي شرف حضور امسية للانصار الشيوعيين العراقيين واصدقائهم. كان هناك بقامته الممشوقة وابتسامته الرقيقه. سمعت صوته فقط قبل ان اراه وسألت صاحبي: هل كوكب حمزة هنا؟! فرد بفرح وافتخار: نعم انه هنا تعال نسلم عليه! تمنعت وقلت انا اعرف ان كوكب لا يحب التباهي. وانسحبت بعد ذلك خجلا من الابطال الذي صنعوا المجد ولا استحق ان اكون بين صفوفهم فاولئك كلهم نجوم ضحت وتضحي من اجل الوطن وانا مريض مغترب منذ فترة طويلة. في اليوم الثاني ذهبت ابحث عن شخص سمعت انه قدم من لندن مع بعض الانصار سالت عنه فجاءني بهدوءه المعتاد وابتسامته الودية قائلا: انا قلت لنفسي لا يمكن ان يسمع بنا ولا ياتي! واخذني الى "مصطبات" جلوس تحولت الى مائدة طويلة على طريقة العراقيين. برد ربيع السويد، اوصيفها عند الاماسي كبحته حرارة اللقاء. وبين كل النجوم كان كوكب يجلس بهدوء رغم كل هالة الحب والاحترام والشهرة التي ترافق ظهوره. نفس النظرات المتسائلة في نادي الفنون نفس الروح الشجية نفس الابتسامة الحبوبة نفس الشخصية الطيوبة، حسب تعبيراته وغنائه! كان بودي النهوض والتوجه اليه والسلام عليه، لكن صوتا هادئا رخيما اتجه نحوي وهو يراقبني من جديد اُبعد زجاجة البيرة التي دفعها احدهم الي: بعدك ما تشرب؟! وقتها فقط فهمت نظراته المتسائلة قبل سنوات طويلة في نادي الفنون في البصرة! فأجبت: ولا ادخن، وانا اشير الى سيجارته الاثيرة بين اصابعه. ضحك بهدوء مترنحا الى الوراء وكأنه نخلة عراقية تداعبها الرياح.
هذا هو الكوكب الجميل الذي غادرنا وقد ضمنا، وسيظل يضمنا ويسحرنا ويشع علينا ما دمنا احياء بصوته الرخيم، بالحانه الجميلة، بابداعاته الاثيرة، بعزفه النابع من الاعماق، بروحيته الخلاقة، واكتشافه للنجوم!
لا ادري لماذا عندما سمعت خبر رحيل الفنان الكبير كوكب حمزة حضرت صورة الفنان رياض احمد، وهو يعانقني بحرارة امام بيتنا وهو يتوسل بصدق: "الله يخليك، رزاق، احچي ويه كوكب بلكي يلحن لي فد اغنية"! معتقدا ان كل ناشط شيوعي هو قيادي كبير في الحزب، وان له سلطة على اعضاء الحزب واصدقائه من الفنانين! فاجأني طلب رياض واحرجني فاجبت: "اولا، انا لا اؤمن بالوصاية على المبدعين، وثانيا انا لست صديقا مقربا لكوكب حمزة، ولا فنانا مثله، لكني اثق بقدرته على اكتشاف الاصوات الواعدة كما فعل مع غيرك!عليك ان تثق بنفسك وقدرتك وصوتك وامكانياتك الفنية، وتطويرها"! واضفت: "اطلب النصيحة من صديقنا صفاء عبدالقادر فهو عازف مقتدر للكمان"! سمعت بعدها ان كوكب قدم له لحنا لاغنية لا اتذكرمنها اليوم الا مطلعها:" لهفة وضنا وشوگ يكبر، سورة وعلى المامش افتر، ياخذني الماي ويردني الماي، لا هدني ولا بيه حدر"! ظل رياض يدندن بها طويلا في لقاءاتنا الشخصية نحن المجموعة الصغيرة التي تشتت في كل بقاع الارض. كان فخورا جدا ان كوكب حمزة قدم له ذاك اللحن، وظل يصر ويأمل ان ذلك سيبفح الطريق امامه وحصل بعد ذلك فعلا، كما يعرف العراقيون الذين احبوا رياض احمد وادائه الحزين الملتاع وابداعه في اداء طور المحمداوي الذي كانت تتغنى، وتندن، وتنعى به امه ايام طفولته، كما ذكر لنا. سيلتقيان الان كوكب حمزة ورياض احمد ويتحاضنان وسيعاتب بعضهما بعضا، ويتبادلان الانخاب و"يشعلان" سجائرهما وينشدان معا: "امشي واگول وصلت والگنطرة بعيدة"، و"سيحدر" بهما "الماي" معا نحو نهر الخلود!
لن تكون بعيدا ابدا كوكبنا المضئ سنسمع صوتك، ونردد الحانك ونشكرك ما حيينا لانك انرت دروب حياتنا بكل فريد من اجمل الاصوات والالحان والعزف الجميل والمقطوعات الموسيقية التي دخلت قلوبنا قبل بيوتنا وتسللت الى اعماق الروح! انت معنا رغم رحيلك وافتقادك فناننا الجميل حتى نلقاك قريبا!



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرب، الغرب، الغرب! هل هو الرب؟!
- لا استثني منكم احدا
- رحلة النواب الاخيرة كانت الى العراق
- وداعا علي العضب
- الباشا نوري السعيد المجرم الذي يمجده المتهالكون
- مظفر النواب: رحلة الشعر وانضال
- التسامح والتعايش الاجتماعي في بصرة الامس. نماذج بسيطة من الذ ...
- صور من التسامح والتعايش الاجتماعي في بصرة الامس
- بس يا وطن
- # المرأة العراقية...عدها حق!
- تومان البصري
- كيف تذبل يا ابو سلام وانت بكل هذه النضارة؟!
- ياحسرة على البصرة!
- مناجاة ام
- عقوبات ترامب على ايران خطر على العراق والمنطقة!
- ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء. مساهمة متواضعة!
- -سائرون-، حائرون، متربصون!
- -سائرون- وتعدد الاراء!
- عذاب القبر
- الغربة اللعينة والذكرى الأليمة!*


المزيد.....




- فنانة مصرية تبكي على الهواء في أول لقاء يجمعها بشقيقتها
- فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح ...
- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
- السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال ...
- ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما ...
- -معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل ...
- طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب ...
- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - تعبنا من رثاء الاحبة يا كوكب حمزة