أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - (كأس الأضاحي)(*) للروائي صلاح عيّال - ضحايا الاستبداد -














المزيد.....

(كأس الأضاحي)(*) للروائي صلاح عيّال - ضحايا الاستبداد -


محمد عبد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 7974 - 2024 / 5 / 11 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


(1) : توطئة
إنْ استطاع الكاتب إقناع المتلقّي أنّه يجد نفسه، أو بعضًا منها، في العمل الإبداعي؛ يكون قد نجح في جرّ قدمه إلى صفحات عمله. فبقدر تفاعل العمل، دنوًّا وابتعادًا، عن الواقع المعاش: أسبابًا ونتائج، يكون تفاعل القارئ، قبولًا أو رفضًا، مع ما يقرأه. وتبقى مسألة الشكل الفني الذي يُقدم به العمل مختلف عليها بين متلقًّ اعتاد السرد التقليدي.. وآخر يرى ضرورة أن يستجيب السرد للمتغيرات التي تطرأ على واقع الشخصيات: عوالمها.. حيواتها، ولا يبقى متحصّنًا بشكله وأساليبه التقليدية. هذا ما نراه.
في روايته (كأس الأضاحي).. يستعير الروائي صلاح عيّال تقنية المخطوط لكتابة روايته، وهي تقنية قديمة ينسحب فيها السارد الرئيس تاركًا مكانه لسارد ضمني هو كاتب المخطوط الذي، غالبًا، ليس له علاقة بالكاتب الذي ينحصر دوره في تقديم المخطوط كما هو. إلا أنّنا في رواية (كأس الأضاحي) لا نرى انسحابًا تامًا للكاتب.. بل هو شاهد يستعيد بعضًا من ذاكرته محاولًا ربط خيوط الحدث ببعضها من خلال اطلاعه على النص الوارد إلى صندوق بريده عبر استعادة المكان والشخصيات والتواريخ. وبذلك ينجح الكاتب، وهو يوثّق كلّ ذلك، في الإمساك بقارئه على مدى (239) صفحة، هي عدد صفحات الرواية.. إضافة إلى انحيازه إلى عالم المهمّشين والضحايا.. وبتقديمه لحكايته، أو حكايتيه كما سنرى، بشكل فني أراده مختلفًا؛ يكون قد حقق كلا الشرطين اللذين نراهما ضروريين لنجاح أي عمل إبداعي.
(2): ضحايا.. أمْ أضاحِ ؟!
بالرجوع إلى معجم المعاني الجامع، وهو معجم عربي عربي إلكتروني، نرى أنّ كلمتي (أضحية) و(ضحيّة) قد تشتركان في معنى المفرد.. إلا أنهما تفترقان في الجمع. ففي حين تجمع الأولى على (أضحيات/ أضاح) وهو، اصطلاحًا، ما يتمّ ذبحه تقربًّا إلى الله تعالى.. تجمع الثانية على (ضحايا).. وهو ما يبذل أو يُضحّى به في سبيل غاية، أو مجنيّ عليه.. بريء يموت ظلمًا! أيّ أنّ الأول يشير إلى معنى مقدّسا، في حين يبقى الثاني مقيّدًا بمفهوم البراءة والظلم وفقًا لطبيعة الفكر السائد.
أمر كهذا لا يخفى على الكاتب وهو يجعله ثريًّا لنصه، على رأي الأستاذ الراحل محمود عبد الوهاب. والسؤال هنا هو: لمَنْ تقدّم هذه القرابين.. وأي كأس يريد لنا الروائي شربه بعد أنْ نجح في جعلنا نتذوّق مرارته؟!
(2) : الاستبداد.. قاسم مشترك
باستلال الوحدة السردية: (انفرطت المسبحة التي خمن السيطرة عليها)، الممتدة بين الصفحات 144-150 من الرواية.. إذ يمكن التعامل معها كنصٍ مستقل، نجد أنفسنا أمام حدثين رئيسين في الرواية. الحدث الأول هو مقتل الفتاة ورود بكلّ تشعّبه وامتداداته.. والثاني هو حكاية (سامي داود سلمان).. ضابط الاستخبارات في بغداد سابقا (قبل 2003)، وسامي الأعور، أو ذو العين الجاحظة، بعد هروبه إلى البصرة.
وإذا كان بالإمكان اعتبار (سامي) قاسمًا مشتركًا بين حدثي الرواية.. فإن القاسم المشترك الآخر هو (الاستبداد) الذي عانت منه كل شخصيات الرواية.. استبداد بكل أنواعه: سياسي، اجتماعي، اقتصادي.. كانت ضحاياه، أو أضحياته كما يسميها المؤلف، الكثير من شخصيات الرواية إنْ لم تكن كلها.
(3) : الاستبداد السياسي
ما يرصده الروائي صلاح عيّال، ويريد تأكيده، هو أنْ لا تغيير حقيقيًّا في الاستبداد وطرائقه قد حصل بعد سنة (2003) التي توصف بأنها سنة التغيير. فالاستبداد السياسي الذي عانت منه زهور لطيف، الطالبة في كلية العلوم التي تنتمي إلى عائلة ذات توجهات يسارية.. وقّع أبوها براءة من الحزب الشيوعي ولم يتنازل عن ماركسيته، وعانى منه سامي نفسه وأخوه طيف تحت ظلّ نظام شمولي ديكتاتوري.. هذا الاستبداد راح ضحيته بعد (2003)، تحت سطوة قوى وتنظيمات تتقاسم مراكز النفوذ، النقيب عباس الذي حقق في مقتل الفتاة ورود، ثم تلقّى أمرًا بغلق التحقيق في القضية قبل نقله إلى شرطة الحدود ومن ثم اغتياله في حادث سير مدبّر.
يتجلّى الاستبداد السياسي كذلك في سلطة الشيخ سعد الدين.. القاتل السابق المنتمي إلى أسرة متهمة بالخيانة، ثم الظهور كرجل دين بعد التغيير! والذي تمكّن، عبر نفوذه، من حرف مسار التحقيق في مقتل الفتاة ورود وإبعاد النقيب عباس عنه، وكذلك محاولته إلصاق التهمة برعد مناحي.. الجندي المفقود في قاعدة سبايكر.
(4) : الاستبداد الاجتماعي
يتجلّى الاستبداد الاجتماعي في العديد الشخصيات النسائية في الرواية:
** جوري: والدة نرجس التي تترك قريتها هربا من استبداد ابن عمها الشيخ الذي مارس نفوذه وسطوته على والدها، ثم عليها، مخالفا حتى العرف العشائري الذي يستمدّ سلطته منه حين أرادها عروسًا دون الأعراف المتبعة. ومن ثم تتبعها لقتلها انتقاما (لكرامته المجروحة) حين فضّلت عليه رجلا آخر.
** نرجس: جعلها قاتل والدتها بثدي واحد بعد أن ظنّ أنه قتلها. ثم عانت استلاب الاسم حين أصبحت (سوسن).. الراقصة الفتية التي تعرض جسدها أمام طالبي المتعة خصوصًا إن كانوا من الناس (الأكابر): التجار والحكومة.. "ابنتي العملة واحدة، ما يهمّنا غير جيوبهم" ص105.. دون أنْ يخرجها ذلك عن دائرة الاتهام بسرقة عقد في دار أحد التجار. بعدها هربت من الحي حين علمت أنّ (أباها) شيخ الغجر "ساوم على فضّ بكارتها، ولكنها لم ترض ولو بعقد نكاح منقطع"ص113.
** رحيق: حبيبة رعد مناحي التي ذهبت (فصلية) لأحد أخوة القتيل.
** ورود: محور الرواية الرئيس الذي تتفرع منه، وتدور حوله، كل الحكايات الأخرى.. ابنة نرجس. وقد تعرضت للاستبداد السياسي والاجتماعي معا تمثل في الشيخ سعد الدين قبل أن يصبح زوجها وبعد أن أصبح، ومن حارسه منذر الأعرج.
(كأس الأضاحي) رواية جريئة، يحسب لكتابها الأستاذ صلاح عيّال محاولة الاقتراب، دون حذر، من القضايا المسكوت عنها في الواقع العراقي. وهي، وإن نهلتْ من التاريخ المعاصر، إلا أنها نجت من فخّ التسجيلية الذي وقعت به بعض الروايات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): كأس الأضاحي / رواية / صلاح عيّال / ط1 / 2024 / دار ألكا.



#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبي لم يمت / أقصوصة
- (سليل الخيال)(*) للروائي إبراهيم سبتي -البحث عن الحياة وسط خ ...
- قطارات القاص خالد مهدي الشمري
- في الطريق إلى سامرّاء
- (خبايا الرماد)(*) .. أمْ أوراق الخبايا (إشارات قارئ)
- لو ...
- البذلة الرمادية / أقصوصة
- رواية (بقايا رغوة)(*) لجهاد الرنتيسي (إشارات أولى لقارئ)
- تحت سماء بلون الرماد
- - المهم.. أنّنا الآن هنا
- الشبّاك .. رؤية باتجاهين رأي في عنونة كتاب (الشبّاك في السبي ...
- الطوفان (قصة قصيرة)
- الرجل المشع / أقصوصة
- الشهداء يعودون غدًا -قصة قصيرة-
- رواية (سبعة أصوات) .. قراءة الأستاذ عبد الكريم الشاعر
- (ما يضمره السرد ويعلنه)(*) للأستاذ ياسين شامل - إشارات قارئ ...
- فندق (قصة قصيرة)
- تحت المطر / قصة قصيرة
- المعطف (قصة قصيرة)
- المتن السردي المفترض في رواية (العاشرة بتوقيت واشنطن)(1) (مل ...


المزيد.....




- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - (كأس الأضاحي)(*) للروائي صلاح عيّال - ضحايا الاستبداد -