أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - تحت سماء بلون الرماد














المزيد.....

تحت سماء بلون الرماد


محمد عبد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 7802 - 2023 / 11 / 21 - 00:48
المحور: الادب والفن
    


(أطفال مجهولون).. و(مجهولون أطفال). هكذا كنتُ أقرأ، بلا يدين ولا قدمين، ما خطّته يدٌ عجلى على اللفائف البيض المرصوصة، واحدة جنب الأخرى، خلف خندقٍ طويل لمْ تنتهِ جرّافة، تصدر صوتًا يشبه العويل، من حفره بعد.
أشخاص عديدون، بين مراقب ومنتظر، يقفون وأيديهم معقودة على صدورهم أو خلف ظهورهم، آخرون تستند أكّفهم على خصورهم الضامرة. وفيما الجّرّافة مستمرّة تعمل في طرف الخندق البعيد؛ قفز بعض منهم لتسوية قاع الحفر بأيديهم. ومع أنّهم لم ينتهوا من ذلك، أو يكادوا؛ أشاروا إلى الواقفين في الأعلى لمناولتهم الجثث.
بدأت الأكياس البيض تُصفّ في الخندق الطويل بمسافة قدمٍ، وربما قدمين، بين كيسٍ وآخر. وكما لو أنّهم يودّون الانتهاء سريعًا من عملهم خوفًا من قادم مجهول أو دورة قصفٍ جديدة؛ أشاروا إلى الجّرّافة، وكانت قد اقتربتْ منهم بعد أنْ أنهتْ عملها هناك، للبدء بردم الخندق. وحين أتمّتْ ذلك ابتعدتْ لتسوية أكوام التراب على الأرض المجاورة تاركة كومًا واحدًا لم تجدْ مكانًا تدفعه إليه.
وكَمَنْ ينتظر تركه وحيدًا ليمارس عملًا سرّيًّا أو طقسًا مُحبّبًا؛ كانت الأكفان هناك تُفتح.. تنفض الأيدي والأكفّ المقطوعة التراب عن الوجوه، تمسحها بعناية براحِها محاذرة ما يبدو أنّها جروح غائرة؛ فتبتسم تلك الوجوه وكأنّها قد استفاقتْ مِنْ حلم لذيذ!
يحدث ذلك بين اللفائف البيض التي دُفنتْ قبل قليل. وكما لو كنتُ ما أزال هناك: أراهم يتقاسمون الأعضاء الموزّعة في الأكياس.. يتبادلون بعضها وهم يضحكون. وعندما انتهوا؛ نفضوا الأكياس البيض ثم أعادوها، بعناية، إلى أماكنها في الخندق.
وحين بدأوا يتفقدون أنفسهم أولًا.. ثم بعضهم بعضًا؛ وجدوا أنّ لأحدهم يدًا لا تشبه يده الأخرى، ولآخر قدمًا أطول بكثير من قدمه الثانية وبلون مغاير! مازحوهما قليلًا وهم يضحكون. ثم ابتعدوا، كلّهم، بعد أنْ أشاروا إلى اثنين، وربما ثلاثة منهم، لينضمّوا إليّ حيث كنتُ أقف: عند زاوية جدار منتصب، وحده، بعد قصف شديد تعرّض له المبنى.
استقبلتهم ضاحكًا.. فلم يكن لي يدين لأحتضنهم بهما. وفي فترة الهدوء القصيرة تلك.. كنّا نتعارف، ونتحدث عن الظروف التي أوصلتنا هنا.



#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - المهم.. أنّنا الآن هنا
- الشبّاك .. رؤية باتجاهين رأي في عنونة كتاب (الشبّاك في السبي ...
- الطوفان (قصة قصيرة)
- الرجل المشع / أقصوصة
- الشهداء يعودون غدًا -قصة قصيرة-
- رواية (سبعة أصوات) .. قراءة الأستاذ عبد الكريم الشاعر
- (ما يضمره السرد ويعلنه)(*) للأستاذ ياسين شامل - إشارات قارئ ...
- فندق (قصة قصيرة)
- تحت المطر / قصة قصيرة
- المعطف (قصة قصيرة)
- المتن السردي المفترض في رواية (العاشرة بتوقيت واشنطن)(1) (مل ...
- ( إطلالة شمس ) إطلالة أولى لمعن الموسوي
- جماعة البصرة أواخر القرن العشرين البيان الأول - عربيًا- في ا ...
- الشهيد غضبان عيسى .. تساؤلات الغياب(*)
- ما خاطته أمي وأكمله روّاف(1) مجهول
- ماء البصرة مرة أخرى.. ودائمًا
- القاص عبد الحسين العامر يكتب عن رواية (سبعة أصوات): بعيدًا ع ...
- الكتاب وجمهوره
- إشارات في استراحة محارب
- أمّة نحن.. أمْ حشية قش؟!


المزيد.....




- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك
- مسلسل قيامة عثمان 158 فيديو لاروزا باللغة العربية ومترجمة عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - تحت سماء بلون الرماد