أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - محاولة تبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي




محاولة تبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7971 - 2024 / 5 / 8 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دَوْر صندوق النقد الدّولي

تأسَّسَ صندوق النّقد الدّولي في «مؤتمر بريتون وودز» سنة 1944، أي لمّا تأكّدت الولايات المتحدة من هزيمة ألمانيا النّازية، خلال الهجوم السوفييتي المُضاد، الذي انطلق من ستالينغراد، بعد تحريرها، ولم يتوقف سوى في برلين، لما رغبت الولايات المتحدة في وضع حدّ لتقدّم الجيش الأحمر السوفييتي، وكان هدف تأسيس صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي (كان يُسمّى "البنك الدّولي لإعادة الإعمار والتنمية") "تنظيم النظام المالي الدولي... والإشراف على نظام أسعار الصرف وإقراض البلدان التي تواجه مشاكل في تمويل الواردات الضرورية..."

يُعتبر صندوق النقد الدّولي من المنظمات الدّولية الأكثر نفوذا، ويفوق نفوذها منظمة الأمم المتحدة، ويُضاهي نفوذ حلف شمال الأطلسي، مع إن الصندوق لا يمتلك جيشا وأسلحة دمار شامل، ويتمثل دور الصندوق في إقْراض البلدان التي تمر بأزمات اقتصادية، وزاد نفوذه بعد ندوته في مراكش (المغرب – تشرين الأول/اكتوبر 2023) حيث "اتفقت الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة قدرته الإقراضية، مع الحفاظ على التخصيص الحالي للأصوات، الذي يُفضِّل بغالبية ساحقة الاقتصادات الكبرى في الشمال" وفق برقية وكالة رويترز بتاريخ 10 تشرين الأول/اكتوبر 2023، وشدّدت الدّول النافذة على "ضرورة التزام الدّول المُقْتَرِضَة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية بعيدة المدى" وهذا سرّ قُوّة صندوق النقد الدّولي ( والدّول النافذة التي يُمثّل مصالحها) الذي يفرض معايير النيوليبرالية على الدّول الفقيرة المُقتَرِضَة

كانت قُرُوض السنوات الأولى مُوجّهة نحو الدّول الأوروبية لأن معظم البلدان الفقيرة كانت مُسْتَعْمَرَة، وكانت القُرُوض غير مشروطة، وبعد استقلال البلدان المُسْتَعْمَرة استقلالاً شكْلِيّا، من الإستعمار العسكري إلى الإستقلال الإقتصادي ( الإنتقال من الإستعمار إلى الإستعمار الجديد) كانت هذه البلدان في حالة دمار، تفتقر إلى البُنْيَة التّحتية والكهرباء والمياه الجارية والصّرف الصّحّي وإلى مؤسسات الصحة والتعليم، ولم تكن تمتلك التمويلات لاستغلال مواردها (التي استمرت شركات الدّول الإستعمارية في استغلالها) أو لإطلاق أشغال البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، واضطرت إلى الإقتراض من البنك العالمي ومن صندوق النقد الدّولي ومن الدّول الغنية، وشكلت تلك الفترة بداية فرض تنفيذ "إصلاحات مقابل القروض" التي تُسميها الإمبريالية "مساعدة"، وتهدف الشُّرُوط ضمان استرجاع القروض وفوائدها والسيطرة على ثروات تلك البلدان، خصوصًا خلال العقود الخمسة الأخيرة، من خلال الخصخصة وفَرْض مَعايير الدّول الرأسمالية المتقدّمة في بلدان لا تتوفر فيها مقومات الإقتصاد الرأسمالي ولم تبلغ مستوى التطور التكنولوجي للدول الرأسمالية المهيمنة، ومن هذه الشروط والمعايير: زيادة احتياطي النقد الأجنبي، ما يفترض التوجه نحو إنتاج سلع مُعدّة للتصدير وتلبية احتياجات أسواق البلدان الغنية (وليس لتلبية احتياجات المواطنين) وفتح البلاد أمام الإستثمار الأجنبي ( أي الشركات العابرة للقارات) والسياحة الرخيصة، والحد من الإقتراض الدّاخلي، أي توجيه الإدخار المحلي نحو الإستهلاك، وتتضمن الشروط كذلك خفض قيمة العملة المحلية – بذريعة زيادة الصادرات – ورفع القُيُود، أو "تحرير" عمليات الصّرف وخفض الإنفاق الحكومي (أي رواتب الموظفين وتوقف الدّولة عن توظيف العاملين وذوي المؤهلات والفنّيّين) وما إلى ذلك من شروط تُفقِد الدّولة سيادتها وقرارها المُستقل، وزادت الشروط لما سادت النيوليبرالية في بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها، تحت عنوان "برامج الإصلاح الهيكلي" ( أو التّكَيُّف الهيْكلي)، بداية من عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وتضمنت هذه الشروط خصخصة الموارد الطبيعية والأراضي الزراعية والمؤسسات العمومية ( الشركات والخدمات)، ما يُؤَدِّي إلى تقليص دور الدّولة في الإقتصاد، وإعادة تشكيل الإقتصاد بتعميم اقتصاد السّوق واندماجه الكامل في الإقتصاد المُعَوْلَم، مع الإشارة إن هذه الشروط لا تُطبّق على الدول الغنية التي تحتاج أحيانًا إلى قُروض استثنائية وقصيرة المدى.

نَسَف صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، من خلال شروطه، الشركات الحكومية التي كان هدفها رعاية الأسواق وخلق توازن بين العرض والطلب وبين الأسعار والدّخل الحقيقي للمواطنين (تحديد الأسعار)، وشراء إنتاج الفلاحين وإعادة توزيعه على مختلف مناطق البلاد، وإعادة استثمار الأرباح التي تُحقّقها الشركات العمومية التي تستغل الموارد الطبيعية، بدل توزيع الأرباح على المساهمين، كما تفعل الشركات الرأسمالية الخاصّة، وفَرَضَ صندوق النقد الدّولي إلغاء القُيُود التنظيمية، وانسحاب الدّولة من عملية تعديل العرض والطلب وسعر الصرف وبَيْع شركات القطاع العام إلى "المُستثمرين" (أي القطاع الخاص) والشركات الأجنبية، بسعر منخفض، وبضمانات حكومية، وبذلك يتبَيَنُ إن إلغاء القيود التنظيمية لا يخدم سوى مصلحة الشركات العابرة للقارات، من خلال تعديل قانون الضرائب و"تحرير أسواق العمل" أو ما يُسمى "مُرُونة التّشغيل" (أي إلغاء قوانين العمل والمفاوضات الجماعية والحد الأدنى للرواتب وعدم إلزام الشركات بتسديد حصة الحماية الإجتماعية للعاملين، أو تسديد حصة أرباب العمل بواسطة المال العام، ضمن "الحوافز" والتسهيلات المُقدّمة للقطاع الخاص الخ) ويؤدّي ذلك إلى تدهور ظروف العمل وإلغاء (أو خفض) تعويضات التوظيف والفصل والطرد من العمل وجرايات المعاش... كما يفرض الدّائنون وفي مقدّمتهم صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي، "تحرير التجارة"، وتُترجم هذه العبارة إلى إلغاء الحواجز وخفض التعريفات الجمركية على السلع المُستوردة ( التي تدعمها الدّول الغنية، مثل الحبوب والمواد الغذائية) وفرض "الإندماج في الاقتصاد العالمي"، وتؤدّي هذه القرارات (المَفْرُوضة) إلى انهيار الصناعات المحلية لأنها غير قادرة على منافسة الشركات الدّولية التي تتمتع بدعم حكومات الدّول الغنية...

يمكن تلخيص مساوئ شروط صندوق النقد الدّولي والدّائنين الخارجيين في النتائج السلبية لما يُسمّى "تحرير سوق العمل" على العاملين، ونتائج سلبية كثيرة على الإقتصاد وعلى الحياة اليومية للمواطنين، من بينها خفض الضرائب على الثروات وأرباح المصارف والشركات الكبرى التي تُحَوّل أرباحها (من عَرق العاملين المَحلِّيّين) إلى الخارج، بدل إعادة استثمارها في الدّاخل...

إن "الإصلاحات الإقتصادية" المفروضة تستوجب تغييرات سياسية، وتفرض على الحكومات ونواب البرلمان إقرار هذه الشروط التي لم يُكلّفهم المواطنون بإقرارها، وبذلك يكون الدّائنون أعداء للديمقراطية، يفرضون إجراءات ضدّ إرادة المواطنين، كما حصل في بعض البلدان، خلال السنوات القليلة الماضية (منذ سنة 2020) في أوغندا وبنغلاديش وسريلانكا وباكستان ومصر وتونس وغانا والكامرون وغيرها، مما زاد من نسبة البطالة والفقر في هذه البلدان، وفق موقع "فينومينال وورلد" بتاريخ 18 نيسان/أبريل 2024. ووفق ألكساندروس كينتيكيلينيس وتوماس ستابس اللذَيْن نشرا كتابا بعنوان "أَلْف تخفيض: الحماية الإجتماعية في عصر التّقشّف" – نشر مطبعة جامعة أوكسفورد 2024



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّبعون، بتاريخ الرابع من أيا ...
- مفاهيم الإقتصاد السياسي: شروط التنمية المُستدامة ومحاولة توض ...
- فرنسا- أهوَ -انجراف تسلُّطي، استبدادي- أم الوجه الحقيقي للدي ...
- فلسطين تكشف زَيْف ديمقراطية رأس المال
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد التاسع والسّتّون، بتاريخ الساب ...
- غزة، مقبرة المنظمات -الإنسانية- ؟
- مُصْطلحات شائعة - الشمولية، مفهوم ضبابي
- مُقاومة الشعب الفلسطيني جزء من النضال ضد الإمبريالية
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثامن والسّتّون، بتاريخ العشر ...
- بزنس الرياضة – هوامش الألعاب الأولمبية - دَوْرَة باريس 2024
- الإمبريالية الأمريكية خطر على العالم
- تساؤلات مشروعة عن الدّيمقراطية في أوروبا
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّابع والسّتّون، بتاريخ الثا ...
- الموقف من فلسطين معيار الدّيمقراطية
- ألمانيا – بلد شبه الإجماع الرّجعي
- الهند والولايات المتحدة والكيان الصهيوني
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّادس والسّتّون، بتاريخ السا ...
- غزة - فصل جديد من النّكبة
- كينيا نموذج الإقتصاد الطَّرَفِي التّابع
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس والسّتّون، بتاريخ الثلا ...


المزيد.....




- عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح ...
- مراسل RT: الهلال الأحمر العراقي جهز 4 فرق بحث وإنقاذ لإرساله ...
- روغوف: القوات الروسية تخترق الدفاعات الأوكرانية وتتقدم في مق ...
- مانشستر سيتي بطلا للدوري الإنجليزي بعد صراع الجولة الأخيرة م ...
- ++ تغطية مباشرة لسقوط مروحية رئاسية إيرانية ومصير رئيسي ++
- مسؤول مصري: تحسن العلاقات يقفز بأرقام السياحة التركية إلى مص ...
- المتحدث باسم الحكومة الإيرانية: لا توجد أي أنباء جديدة عن مر ...
- الولايات المتحدة تتابع التقارير حول -الهبوط الاضطراري- لمروح ...
- رئيس أذربيجان: أشعر بقلق بالغ حيال حادثة مروحية الرئيس الاير ...
- رئيس باكستان: نشعر بالقلق من أنباء حادث مروحية الرئيس الإيرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - محاولة تبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي