أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - الأخوان داردين والاقتراب من نفسانية روبير بريسون














المزيد.....

الأخوان داردين والاقتراب من نفسانية روبير بريسون


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7971 - 2024 / 5 / 8 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


تتسم سينما الأخوين داردين بأكثر من ملمح، منها أنهما من رواد ومخترعي الواقعية الاجتماعية الجديدة، والبعض ينسب لهما فضلا في إحياء الواقعية الأوروبية في الخمسينيات والستينيات، وبعيدا عن ذلك يتطرق هذا المقال الي الملمح النفساني المشهدي في افلامهما، وعلاقتهما الواضحة بسينما المخرج الفرنسي العظيم روبير بريسون، فهما يحاولان الاقتراب من المشهدية النفسية المعقدة، وهذا ما فعله بريسون، أهم سيكولوجي في تاريخ السينما، ليأتي بعده جودار الفرنسي وهيتشكوك شارحا النفسيانية الشكلانية.

هذه السيكولوجية البريسونية حاضرة في مشهدية داردين، في افلامهما ستجدها، ولكنها ليست بالحدية والعنفية البريسونية، وليس حتي بالتعقيد وقسوة المونتاج والتمثيل، حتي يتضح لنا أن الأب بريسون له أبناء ولكنهما ليسا مثله بالظبط، بل لديهما شخصية سينمائية واضحة تماما، رغم تأثير الأب عليهما.

نقاط الاختلاف

هناك اختلافات بين الاب والإبنين داردين، فهم يصنعان نفسية بها الكثير من البراح للمشهد، تخفي في الكواليس تفاؤلية منتظرة، وهو ما يتضح في اخر الفيلم وآخر القصة الداردينية السينمائية لتكون الدراما عاملا متفاعلا مع الواقع وصيرورة الحياة بأن الفرح والحب لابد أن يظهرا بعد الازمات والاحباطات والحزن. وهو ما يختلف مع بريسون صاحب الانغلاق النفسي، وحتمية تعقيده الحزين.

الخطاب البريسوني لا يتفاعل الا مع النفسية المتعالية عن الواقع، الانغلاق النفسي، لا يعطي فرصة لانتظار الفرح وانفراج الازمة، وظهور السعادة والحبور، بريسون يصنع فيلما ضد نفسه، ضد الواقع وصيرورة الحياة، انما الرؤية الداردينية تتفاعل مع الواقع والحياة، الاخوان يصنعان فيلما ومشهدية لهما وللعالم و للمشاهد يحاولان القول إن هناك فرصة للحب والفرح مرة أخري.

ونظرا لما سبق ذكره حول التفاعل مع الواقع الدارديني والانغلاق البريسوني، يمكن القول ان الجماليات المشهدية الصارخة، والحيوية الأدبية الحوارية والفنية البصرية، تتجلي في أعمال الأخوين، ويجني عليها بريسون لصالح التكثيف النفسي والفلسفي والفكري، الذي يجهد المشاهد كثيراً، وطول الفيلم، فكل لحظة هي خارج الجماليات وداخل الفكر والملاحظة والتأمل، فداردين انتصرا لصالح الجماليات بشكل واضح ودون ضبابية، بنسبة معقولة وجيدة، مع الاهتمام أيضا بالجانب النفسي والفكري والشاعري بنسب معقولة أيضا.

وبناءً علي ما سبق فيما يتعلق بجماليات داردين وفكرية بريسون، يتضح أن الوضوح الدرامي والخطة الفيلمية، والسيناريو موجودان بشكل كبير في فليمية داردين، ويختفيان لدي بريسون، ففي اعمال الأولين هناك امكانية للتوقع والتفاعل المشهدي وانتظار الانفراجة الاجتماعية والنفسية، بالاضافة الي شعور المشاهد بالتشويق والاثارة، ويسير المشاهد وراء خيط واضح وسهل المتابعة، عكس بريسون الذي لا يتميز بأي مما سبق حيث الجمود، وحدية المشاهد، وكثافة المشاهدة وتعب الملاحظة.

نقاط الاتفاق

ويتفق الاخوان داردين وبريسون في خطاب الكبت كحيلة نفسية تتحول إلي اركان سردية سينمائية مدهشة، ولكن مع فرق التعقيد لصالح بريسون، فالاخوان دردين مازلا يحبوان في سينما الأب بريسون، فالوفاء في التقاليد السينمائية البريسونية للأخوين ليس شاملا، وليس هناك صك عقد بينهم، فالاخوان داردين كما ذكرنا، لديهما شخصيتهما المستقلة رغم انهما يسبحان في البحر البريسوني النفسي المعقد.

ويمكننا القول ان الأخوين داريدن اساتذة في الواقعية ومتأثرين بواقعية الستينيات الاوروبية كما ذكرنا اعلاه، وهذا من حيث التحليل الظاهري لفيلمية الأخوين، وايضا يوضح ذلك، لماذا هما يتفاعلان مع الواقع بعكس بريسون الذي يكبت بشكل مذهل نفسية المشهدية والفيلم والأحداث، لدرجة انه صاحب عقل نفسي داخلي للفيلم وهو عقل يتفاعل مع الذوات المتعالية والافكار النفسية المنغلقة، وفيلم “النشال” خير تجسيد لذلك.

وايضا من نقاط الاتفاق، التعبير السينمائي عبر الفئات المهمشة والتي تعاني من الفقر والقسوة والتحريض الجسدي والنفسي، فكلا من الأخوين دادرين وبريسون استخدموا المعاناة البشرية والفردية والتركيز علي رموز واقعية تعاني الكثير، في المشهدية الفيلمية لكل منهم.

أطياف فرويد في طفولية داردين

الاخوان داردين في فيلم “الطفل صاحب الدراجة”، يقتربان من ساحات الطفولة واسرارها المعقدة، الطفل يبحث عن والده، ويصاب بمرض نفسي يجعله يتألم ويصبح عصابيا، وليس رجلا عصابيا، وهنا نجد الأمر اعنف، والتدمير اكثر.

هذه النفسية العصابية الفرويدية استطاع دردين التعبير عنها بمشهدية مليئة بجماليات التفاصيل وتعبيرات الوجه الطفولي، وبقية اشخاص الفيلم، هذه النزعة التشاؤمية للفيلم تجعل المشاهد يبكي حزنا علي محاولات الطفل الوصول الي والده، ولكنها تخفي نظرة تفاؤلية منتظرة.

الجمع بين التشاؤم والحزن الواضح، والتفاؤلية المنتظرة، هي ابرز مشاهد الخلق السينمائي لداردين، ويلاحظ ان كل مشاهد الانفعالات وحكاية الفيلم، كلها خلق سينمائي جديد، خاصة ان القصة لا يجدها المشاهد معقدة علي الاطلاق، ويصاب بدهشة عند نهاية الفيلم فرغم بساطة القصة الا ان التفاصيل والمشاهد تهز المتفرج بعنف، وتجعله يتابع ماذا يحدث ليس بهدف معرفة اخر القصة، انما قدرة الاخوين داردين علي اخذ المشاهد الي عوالمهما السينمائية، بل خطفهم خطف.

وبالنظر الي السيدة التي اصبحت ترعي هذا الطفل، نجد مشاعرها الامومية تفوق الحد، تعبيرات وجهها تصرخ بحاجتها الي هذه الطفولية المفقودة لديها منذ فترة، ويصل الامر إلى أنها تضحي بعاشقها، لتؤكد انها امرأة فرويد عندما تريد من الرجل الطفل فقط، فهناك مئات الرجال ممكن تحصل عليهم، ولكنها تريد طفلا يعيش معها يشعرها بأنها أم تسعي لرعايته وحبه.

رويدا رويدا يزداد معدل العصابية لدي الطفل، ليصل لمنتهاه بتحول الطفل الي مجرم، ثم تنفرج زواية الاكتئاب الطفولية، الي محبة أسرية، وتبادل الاهتمام بين الإبن الجديد والأم التقليدية.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدمية الحلم بين فيلليني وأنطونيوني
- فلسفة الفيزياء والرياضية في ضوء النموذج الارشادي لتوماس كون
- قراءة تأويلية وجمالية في فيلم”المرآه” لآندرية تاركوفسي
- مبادئ واولويات فلسفة ونظرية مبحث القيم عند احمد عبد الحليم ع ...
- استجابة للواقع ام سرد لتاريخ الفلسفة
- تحليل فلسفي لفيلم “النشال” لروبير بريسون: شوبنهاور ونيتشه وف ...
- ملامح فلسفية وجمالية في أفلام بيلاتار
- الذات العربية تواجه نظيرتها الغربية
- جدليات الانسان والصورة في فلسفة السينما
- دلالات وملامح معرفية وأخلاقية في الخطاب السينمائي
- أربع ملاحظات فلسفية وأدبية في السينما
- ملامح الاغتراب والعزلة في السينما الحقيقية
- دلالات فلسفية في السينما المعاصرة
- الأوجه المتعدة للخطاب الفلسفي : الشر كقناع مستحيل
- العدمية في السينما بين خمسة مخرجين
- الفلسفة كعلاج في افكار الفيلسوف الالماني فريدرك فيلهم نيتشة
- النقد الثقافي المعاصر في افكار زيجمونت بومان
- سينما المشاعر واللعب علي تصوف المشهدية
- جماليات القبح.. وعلاقة المصري بالبيئة المحيطة
- هل كان فوكو سلطوياً ضدّ الإنسان


المزيد.....




- “القط والفار مشكلة” تردد قناة توم وجيري Tom and Jerry لمتابع ...
- فنانة سورية شهيرة ترد على فيديو -خادش- منسوب لها وتتوعد بملا ...
- ينحدر صُناعها من 17 بلدا.. مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن 44 منحة ...
- المغربي أحمد الكبيري: الواقعية في رواياتي تمنحني أجنحة للتخي ...
- ضحك من القلب مع حلقات القط والفار..تردد قناة توم وجيري على ا ...
- مصر.. الأجهزة الأمنية تكشف ملابسات سرقة فيلا الفنانة غادة عب ...
- فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
- مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور) ...
- بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال ...
- الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - الأخوان داردين والاقتراب من نفسانية روبير بريسون