تغير المناخ يحدث في حدوث -موجات باردة- بحرية أيضا، مما يؤدي إلى مقتل الحياة البرية

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7968 - 2024 / 5 / 5 - 16:15
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

تم النشر: 15 أبريل 2024 الساعة 9.06 مساءً بتوقيت جرينتش

 نيكولاس بنجامين لوبيتز ، جامعة جيمس كوك ، ديفيد شومان ، جامعة صن شاين كوست

ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

إن التأثيرات المترتبة على ارتفاع حرارة المحيطات عميقة وموثقة جيدا . لكن في بعض الأحيان تؤدي التغيرات في أنماط الرياح والتيارات المحيطية إلى تبريد مياه البحر فجأة.

يمكن أن تنخفض درجات حرارة السطح بسرعة، بمقدار 10 درجات مئوية أو أكثر خلال يوم أو يومين. عندما تستمر هذه الظروف لعدة أيام أو أسابيع، تواجه المنطقة "موجة باردة"، وهي عكس موجات الحرارة البحرية الأكثر شيوعا .

عندما ظهرت "موجة البرد القاتلة" على طول الساحل الجنوبي الشرقي لجنوب إفريقيا في مارس 2021 ، قتلت مئات الحيوانات من 81 نوعا على الأقل. والأكثر إثارة للقلق هو حقيقة أن هذه الوفيات شملت أسماك شيطان البحر الضعيفة وحتى عينات من أسماك القرش الثور المهاجرة القوية. وفي جنوب أفريقيا، سبق أن جرفت الأمواج أسماك قرش الثور وأسماك قرش الحوت وأسماك شيطان البحر ميتة بعد مثل هذه الأحداث الباردة المفاجئة، خاصة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.

كما ذكرنا في مجلة نيتشر كلايمت تشينج /مجلة التغير المناخي ، أصبحت الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى موجات البرد القاتلة هذه شائعة بشكل متزايد على مدى العقود الأربعة الماضية. ومن عجيب المفارقات أن قوة الرياح والتيارات نتيجة لتغير المناخ يمكن أن تؤدي أيضا إلى زيادة احتمال حدوث موجات البرد المحلية القاتلة في أماكن مثل السواحل الشرقية لجنوب إفريقيا وأستراليا، مما قد يعرض حتى الأنواع عالية الحركة مثل أسماك القرش للخطر.

ماذا يحدث هنا؟

يمكن أن تتسبب بعض الرياح والظروف الحالية في تبريد سطح البحر بدلا من دفئه. ويحدث هذا عندما تجبر الرياح والتيارات المياه الساحلية على التحرك بعيدًا عن الشاطئ، والتي يتم استبدالها بعد ذلك من الأسفل بالمياه الباردة القادمة من أعماق المحيط. تُعرف هذه العملية باسم التقلب .

وفي بعض الأماكن، مثل كاليفورنيا على الساحل الغربي للولايات المتحدة، يحدث ارتفاع مياه القاع إلى السطح بانتظام على طول مئات الكيلومترات من الساحل. ولكن يمكن أن يحدث ارتفاع مياه القاع إلى السطح بشكل موسمي على نطاق أصغر أيضا، غالبا على حواف الخلجان على السواحل الشرقية للقارات بسبب تفاعلات الرياح والتيارات والسواحل.

وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن تغير المناخ يسبب تغيرات في الرياح العالمية والأنماط الحالية. لذلك قمنا بدراسة العواقب المحتملة في مواقع معينة، من خلال تحليل بيانات الرياح ودرجات الحرارة طويلة المدى على طول الساحل الجنوبي الشرقي لجنوب أفريقيا والساحل الشرقي لأستراليا.

وكشف هذا عن اتجاه متزايد في عدد الأحداث السنوية لارتفاع مياه القاع إلى السطح على مدار الأربعين عاما الماضية. لقد وجدنا أيضا زيادة في شدة مثل هذه الأحداث المتصاعدة ومدى انخفاض درجات الحرارة في اليوم الأول من كل حدث - وبعبارة أخرى، مدى شدة ومفاجئة هذه الموجات الباردة.

الوفيات الجماعية تستدعي التحقيق
=======================
خلال حدث التقلب الشديد لمياه القاع على طول الساحل الجنوبي الشرقي لجنوب أفريقيا في أذار 2021، مات ما لا يقل عن 260 حيوانا من 81 نوعا. وشملت هذه الأسماك الاستوائية وأسماك القرش والشفنينيات.

للتحقيق في تداعيات الحيوانات البحرية، ألقينا نظرة فاحصة على أسماك القرش الثور. قمنا بوضع علامات على أسماك القرش باستخدام أجهزة تتبع تسجل أيضا العمق ودرجة الحرارة.

تعد أسماك القرش الثور من الأنواع الاستوائية كثيرة الهجرة والتي تميل فقط إلى السفر إلى المناطق التي ترتفع فيها مياه القاع خلال الأشهر الأكثر دفئا. ومع بداية فصل الشتاء، تعود إلى المياه الاستوائية الدافئة.

ولأنهم متنقلون، كان من المفترض أن يكونوا قادرين على تجنب درجات الحرارة المحلية الباردة. فلماذا كانت أسماك القرش الثور من بين الموتى في هذا الحدث الشديد الذي أدى إلى ارتفاع مياه القاع؟

الجري والاختباء لا يكفي
================
تنجو أسماك القرش الثور من الظروف البيئية التي من شأنها أن تقتل معظم الكائنات البحرية الأخرى. على سبيل المثال، غالبا ما يتم العثور عليها على بعد مئات الكيلومترات أعلى الأنهار، حيث لا يمكن لأي كائنات بحرية أخرى أن تغامر.

أظهرت بيانات تتبع أسماك القرش لدينا من كل من جنوب أفريقيا وأستراليا أن أسماك القرش الثور تتجنب بنشاط مناطق ارتفاع مياه القاع إلى السطح أثناء هجراتها الموسمية أعلى وأسفل الساحل، حتى عندما لا يكون ارتفاع مياه القاع شديدا للغاية. وتلجأ بعض أسماك القرش إلى الخلجان الدافئة الضحلة حتى تدفأ المياه مرة أخرى. ويلتصق البعض الآخر بالقرب من السطح حيث يكون الماء أكثر دفئا، ويسبحون بأسرع ما يمكن للخروج من مياه القاع.

ولكن إذا استمرت موجات البرد البحرية في أن تصبح أكثر مفاجأة وشدة، فقد لا يعد الهروب أو الاختباء كافيا حتى بالنسبة لهذه الوحوش القاسية. على سبيل المثال، في الحدث الذي وقع في جنوب أفريقيا والذي تسبب في وفاة أسماك شيطان البحر وأسماك القرش الثور، انخفضت درجات حرارة المياه من 21 درجة مئوية إلى 11.8 درجة مئوية في أقل من 24 ساعة بينما استمر الحدث العام سبعة أيام.

هذا الانخفاض المفاجئ والشديد المقترن بالمدة الطويلة جعل هذا الحدث مميتا بشكل خاص. وإذا استمرت الأحداث المستقبلية في أن تصبح أكثر خطورة، فقد يصبح الموت الجماعي للحياة البحرية مشهدا أكثر شيوعا ــ وخاصة على طول السواحل الشرقية لخطوط العرض الوسطى في العالم.

لا نزال نتعلم كيف سيتطور تغير المناخ
========================
بشكل عام، محيطاتنا ترتفع درجة حرارتها. وتمتد نطاقات الأنواع الاستوائية وشبه الاستوائية نحو القطبين. ولكن في بعض الأنظمة الحالية الرئيسية، قد يؤدي التبريد المفاجئ على المدى القصير إلى جعل الحياة صعبة بالنسبة لمهاجري المناخ، أو حتى قتلهم. خاصة إذا أصبحت أحداث مثل تلك التي وقعت في جنوب أفريقيا أكثر شيوعا. وسيعيش المهاجرون الاستوائيون بشكل متزايد على حافة ما يشعرون بالارتياح فيه في هذه المناطق.

يؤكد عملنا على أن تأثيرات المناخ يمكن أن تكون غير متوقعة أو حتى غير بديهية. وحتى أكثر أشكال الحياة مرونة يمكن أن تكون عرضة لآثارها. وبينما نشهد ارتفاعا في درجات الحرارة بشكل عام، فإن التغيرات في الطقس والأنماط الحالية يمكن أن تسبب أحداثًا شديدة البرودة أيضا.

وهذا يوضح حقا مدى تعقيد تغير المناخ، حيث ستتوسع الأنواع الاستوائية إلى مناطق خطوط العرض الأعلى مع استمرار الاحترار العام، مما يعرضها بعد ذلك لخطر التعرض لأحداث باردة شديدة مفاجئة. وبهذه الطريقة، قد تواجه أنواعا مثل أسماك قرش الثور وأسماك قرش الحوت تحديات كبيرة في هجراتها الموسمية.

إن الحاجة إلى الحد من تأثيراتنا على كوكب الأرض من خلال الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة لم تكن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولم تكن الحاجة إلى البحث في ما قد يخبئه مستقبلنا أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

المصدر:
https://theconversation.com/climate-change-is-causing-marine-coldwaves-too-killing-wildlife-227781
حقوق النشر © 2010–2024
 ©Conversation

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل