أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصر اليوسف - المخابرات العسكرية الأسدية تتابع أمورَ البندورة وتهمِل سلاحَ الطيران















المزيد.....

المخابرات العسكرية الأسدية تتابع أمورَ البندورة وتهمِل سلاحَ الطيران


نصر اليوسف
(Nasr Al-yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7961 - 2024 / 4 / 28 - 03:51
المحور: المجتمع المدني
    


في مقالٍ لي سابق، نشرْتُـه تحت عنوان: "لبؤات آل التاجر وشقاء المواطنين"، تحدثتُ عن ظروف استدعائي إلى "فرع فلسطين" المشؤوم، وهنا أتابع الحديث وأدخل في بعض التفاصيل،،،
بناء على اتفاقٍ مسبق بين صديقي و"العميد الواسطة"، وصلتُ إلى مـقـر الفرع المذكور في الوقت المحدد، وعرّفت نفسي بأني ضيف سيادة العميد (فلان الفلاني). وبعد بضعة دقائق، اصطحبني أحد عناصر الاستعلامات إلى مكتبٍ في الطابق الرابع. دق باب المكتب، ثم فتحه وأدى التحية، فدخلت أنا وانصرف هو.
تبادلت مع "العميد الواسطة" بضع عبارات عادية، وبعد فترة قصيرة، دق البابَ عنصرٌ وأدى التحية، فأشار لي العميد أن أذهب معه.
اصطحبني العنصر إلى مكتبٍ في الطابق الثالث. وهناك سَـلّـمْـتُ مذكرة الاستدعاء لرجل في منتصف الخمسينيات من العمر، يرتدي لباساً مدنياً؛ كما الآخرين. وبعد فترة من التدقيق في دفتر سميك وكبير المساحة، اصطحبني إلى غرفة صغيرةِ المساحة، فيها من الأثاث كرسـيّان وطاولة، وخرج.
بعد فترة من الانتظار، كانت أشبه ما تكون بقرن من الأعمال الشاقة، دخل شابٌّ أسمر الوجه، نحيف الجسم، جلس على أحد الكرسيين، وأمَرَني أن أجلس على الكرسي المقابل، ودفع إلي باستمارة من عدة ورقات، وطلب مني أن أملأها بصدق وأمانة، وحذرني من مغبة التكتم على أية معلومة، وإلا واجهتُ أشياء لا تُـسِـرّ البتة!!!
بينما كنت منهمكا في ملء الفراغات، وفي اختيار أفضل صيغ الإجابات على ما تضمَّنتْه تلك الاستمارة من أسئلة، كان المحقق النحيف، تارة يقف خلفي وينظر إلى ما أكتب، وتارة أخرى يذهب إلى النافذة ويتبادل إيماءات مع آخرين، وتارة يجلس على كرسيّه، وينظر إليّ نظراتٍ ملؤها العدوانية والتحفّـز.
انتهيتُ من ملء الاستمارة وراجعتُها، ثم دفَـعْـتُـها إلى ذلك المخلوق الذي تقطر قسمات وجهه ســمّاً زعافاً...
أخذها وبدأ يقرأ ما كتبت، إلى أن وصل إلى بند الأحزاب التي انتسبت إليها... نظر إليّ والشرر يتطاير من عينيه، ومفاصل فكّـيه تتقلص وتنبسط؛ ثم قال لي بصوت حاد وعالٍ:
ـ هلق أنت نصير في الحزب؟
ـ أي، نعم،،،
ـ من سنة 1972 ولساتك نصير؟
ـ إي والله، هاد اللي صار...
ـ يعني، مانك عضو في أي حزب تاني؟
ـ لا والله يا معلم!!!
تقلصت شفتا ذلك المخلوق، وضاقت عيناه، واتكأ بيده اليسرى على الطاولة، وأبعد اليمنى عن جسده إلى الخلف، وفتح كفه، وصاح بصوت مرتفع:
ـ هلق،،، ما قلت لك لا تكذب ولاك!!!
وقبل أن يصل كفه إلى الهدف، اندفع رجل إلى داخل الغرفة، وصاح بالمحقق:
ـ ولك لاه لاه لاه يا زلمييي... ما قلنا لك هيك!!
اشْـتَـبَـكَـتْ في مداركي مشاعرُ لا يستطيع وصفها إلا الله. خجل، إهانة،، ذلّ،، فرح ٌبالنجاة من كف ذلك الوغد...
ثم طلب الرجل الجديد من ذلك المحقق القميء أن يهدأ، وأخذ منه الاستمارة، وطلب منه أن يتركنا وحيدين. فقال له:
ـ والله يا سيدي نبّــهتو وحذّرتو إنو ما يكذب، ومع ذلك،،، قال شو؟ قال الأخ مانو منظم بأي حزب سياسي غير حزب البعث العربي الإشتراكي.
ثم التفت إلي وقال:
ـ إي شو عليه!! لسّا عندنا وقت كتير، إي والله لطالع منك الخمير والفطير، يا خاين...
أحببت المحقق الجديد، لأنه حماني من ذلك المخلوق الأحمق. وبإشارة حاسمة منه، خرج المحقق الأول المتعطش لإهانة الآخرين، فيما جلس المحقق الجديد مكانه، وكانت لا تفارق محياه بسمة لطيفة جداً، وأشار لي بالجلوس بأدب واضح. ثم قال:
ـ هايا الكر آ بيعرف (هذا الحمار لا يعرف) إنو سيادة العميد موصينا فيك، ولذلك لا تآخذو.
ثم باشر بقراءة أجوبتي بتأنٍ، وتوقف طويلاً عند سيرتي الذاتية. وبعد فترة طويلة من الصمت، قال لي:
ـ ليك يا أستاذ! هلق سيادة العميد طالبك بدو يشوفك قبل ما يطلع من الدوام. ومشان انتمائك السياسي، الحقيقة في عندنا معلومات مؤكدة تثبت غير هيك. بقى بتحب تغير شي قبل ما آخدك لعندو؟
فقلت له:
ـ والله العظيم أنا لا أنتمي إلى أي حزب سياسي...
فضحك، وقال:
ـ بعرف، بعرف،،، بس الشغلة ما بتحتمل التلاعب بالألفاظ... هون مكتوب "الأحزاب السياسية التي انتميت إليها". نحنا منعرف إنك فعلاً حاليا تارك حزب صلاح جديد... بس إنت كنت عضو فيه، ولفترة طويلة. وإذا أصريت على الإنكار، فمهما كانت واسطتك قوية، لا يمكن إلا أن يصدر قرار بالـتّحفُـظ عليك ريثما يتم اتخاذ الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالة،،،
ثم أسهب في شرح الخطوات، موضحا أنها تستغرق فترة طويلة جداً، سأكون خلالها قيد الاعتقال في الفرع، وما يترتب على ذلك من...... إضافة إلى فقدان عملي في موسكو.
ثم سألني ما إذا كنت أريد أن أعيد النظر في إجابتي، فأجبت بالنفي.
فقال لي:
ـ على راحتك،،، تفضل معي لعند سيادة العميد.
أمام مكتب العميد، أشار إلي أن أبقى بجانب الباب، أما هو، فدخل وأغلق الباب خلفه، وبعد حوالي خمس دقائق فتح الباب ودعاني للدخول.
كانت ملامح وجه العميد مختلفة تماما عن تلك التي عرفتها في الصباح. تحدث إلي بنبرة جافة خالية من أي احترام. وقال:
ـ شوف يا نصر،،، الناس اللي حكوا فيك بحترمون، وبحطون على راسي... بس إذا بدك اياني ساعدك، لازم أنت تساعد حالك.
فقلت له:
ـ أنا مستعد يا سيادة العميد، شو بتريد أنا جاهز.
قال:
ـ بدك ما تخبي شي، ولا أي شيء أبداً،،، لإنو "إذا أكلت إنت وجماعة صلاح جديد بندوراية وحدة، نحنا منعرفا"..
هلق روح تغدا وفكّـر مليح،،، والمساء الساعة "ستي" (السادسة) بتجي لهون، وبدي شوف كلام تاني، مختلف....
فرحت كثيرا لأنه لا يزال بإمكاني مغادرة "فرع فلسطين" ومع ذلك بقي صدى كلمات العميد يتردد في ذاكرتي.
"فرع فلسطين" - فرع من فروع المــخــابــــرات العــســــكريـــة. أي أنّ نطاق صلاحياته واهتمامه يجب أن ينحصر ويتركز في حدود القوات المسلحة... ومع ذلك ترى عناصره وعناصر كل فروع المخابرات العـسـكريـة، يراقبون من يأكل البندورة خلال اجتماع سريّ للغاية تَعقدُهُ على بعد آلاف الكيلومترات خليّةُ حزبٍ سياسي. لكن كلَّ أنواع المخابرات الأسدية، بكل فروعها وعناصرها لم يعرفوا كيف تم تجنيد الطيار محمد بسام العدل، وكيف جرت ترتيبات هروبه بطائرة "ميغ 23" الحديثة إلى إسرائيل.
النظامُ الذي بناه حافظ الأسد، لم يكن يوماً مهتماً بشؤون الوطن ولا بشؤون المواطنين، بل ركز ويركز كلَّ اهتمامه على الاستئثار بالسلطة المطلقة والتشبث بها.



#نصر_اليوسف (هاشتاغ)       Nasr_Al-yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبؤات -آل التاجر- وشقاء المواطنين
- مَنْ للمستضعفين في عالمنا المعاصر؟
- ولنا في التاريخ عبرة
- ضرب البردعة انتقاماً من الحمار
- بشار الأسد والترديد الببغائي
- لا يوجد خير مطلق، ولا شرّ مطلق!!
- الحرية والكرامة والأرض الموعودة
- معاوية بن أبي سفيان – التاريخ يكتبه المنتصرون
- الحزم أم الحذر؟
- العلمانية بنسختها العربية
- الكورد وتجارب سذاجة الشعوب
- داعش والتحالف الطائفي الصفوي عناق خانق
- الفدرلة في غير أوانها
- سورية تسخين استباقاً للتبريد
- الولايات المتحدة والمأساة السورية قراءة أو تنجيم
- تيار -غد سورية- في الشفافية والصراحة خلاص الجميع
- رأي في الموقف الروسي من المأساة السورية
- من هي أم الولد الحقيقية؟
- في ذكرى النكسة
- ولِيَ رأسُ اللبوة!


المزيد.....




- عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. هل تمثل -تثبيتا لحل الدولتين-؟ ...
- تونس- منظمات وشخصيات معنية بحقوق المهاجرين تحت ضغط السلطات
- الجامعة العربية ترحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المت ...
- بالأرقام.. ما تحتاج معرفته عن الاعتقالات خلال الاحتجاجات الم ...
- حماس: استمرار سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح ينذر بكارثة إن ...
- -الأونروا-: نحو 150 ألف شخص فروا من رفح
- كولومبيا تطالب بإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو
- فتح: حماس تقدم الأسرى لإسرائيل على طبق من ذهب وتل أبيب ترفض ...
- هكذا فشل مخطط إسرائيل لتفكيك الأونروا
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا بإعادة النظر في عضو ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصر اليوسف - المخابرات العسكرية الأسدية تتابع أمورَ البندورة وتهمِل سلاحَ الطيران