أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - علي الحسون هل يكتب الشعر أم ينزف جراحًا؟














المزيد.....

علي الحسون هل يكتب الشعر أم ينزف جراحًا؟


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7943 - 2024 / 4 / 10 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


في عام 1933 ألقى عميد الأدب العربي طه حسين محاضرة في "جمعية الشبان المسيحيين". المحاضرة كانت مخصوصة حول الشاعر الفرنسي بول فاليري. ذكر فيها أن الشاعر فاليري في بداية رحلته نحو عالم الشعر أنه كان يكتب قصائده ولم ينسرها، في صحيفة أو كتاب؛ بل كان يقرأها فحسب لبعض أصدقائه المقربين. وكان أحدهم يلحّ عليه بالنشر لكنه يرفض بشدّة، بذريعة أن قصائده غير صالحة للنشر، لأنها ليست بالمستوى المطلوب. فأستعار منه أحد الأصدقاء، مجموعته لغرض الاطلاع عليها، فما كان منه إلّا يبعث بها إلى أحدى دور النشر لينشرها باسم شاعرها. فما هي إلّا أيام قلائل حتى تنتشر كالنار في الهشيم، وراحت الصحف وبعض وسائل الاعلام تكب عنها وعن شاعرها فاليري، دون علمه، حتى ظهر على الساحة الادبية لتتلاقفه وسائل الإعلام بالحديث عن تجربته وهموم الشعر.
بعد هذه المقدمة نريد أن نقول بأن المبدع، ليس بالضرورة أن يقيّم عمله الفكري والابداعي نفسه، بل الصحيح أنّ ذلك متروك للنقاد وأصحاب الشأن وللقراء؛ فالمسؤولية تقع على عاتق هؤلاء.
أقول هذه الكلمات وبين يديّ قصيدة للشاعر علي الحسون. والحقيقة أنني تعرفت على الشاعر الحسون عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أكثر من عام، ولم أقابله وجه لوجه، الى حين كتابة هذه السطور. لقد قرأت العديد من نتاجه الشعري فيما ينشره ولا أكتم القارئ الكريم سرّا، إذ تذوقت ما يكتبه هذا الرجل، بذائقتي البسيطة، فشعرت بأن هذا الشاعر ليس يكتب الشعر كما يكتبه الكثير، بل أنه ينزف كما تنزف الجراح حين تفتك بها الأسنة، ودليلي على ما أقول هذه القصيدة التي هي الآن بين يديّ، فأنها ممتلئة بالشجن والبوح، ويفوح من بين طياتها عذوبة، لا يتذوقها إلّا من كانت له دراية وعمق نفسي وذوقي بحلاوة الشعر، ويميز بين الشعر العذب الجيد وغيره من الشعر الذي أقل منه روحية، وهو مجرد ابيات لا تعني إلّا البساطة.
في عالم الشعر هنالك البيان والايجاز، والاطناب والانزياح، والجزالة، والمعان السامية، وغير ذلك، مما هو معروف في عالم الشعر؛ لكن المُهم هو الذي يستطيع أن يضع هذه الاشياء في أماكنها، ذلك حينما يريد أن يرسم حروفه على الورق، ويحضر أدواته وقابيلته الابداعية، ساعتها يبان المبدع، المرهف الحسّ عن غيره، ممن تنقصه القابلية على الكتابة، وتعوزه الموهبة؛ لأنّ الشعر ذوق وإحساس، نار تتأجج في الفؤاد.
إن قصيدة علي الحسون الموسومة " وراء بابٍ موصدِ" لهي قصيدة مكتملة من جميع النواحي الفنية، كما أرى حيث تمتاز بقوة تركيبها، واختيار مفرداتها بعناية مركزة من قبل شاعرها، ما يدلّ على امكانيته بصنع الجمال الشعري، عن موهبة وذائقة بلا تكلفة.
وأعتقد أنْ لا غضاضة عليّ حين أصنفها تحت خانة الفلسفة الوجودية، فهي تدعوني إلى مائدة سارتر الرحبة، حيث الوجود، والغوص بحرية وتطلع الانسان، وقد يشاطرني القارئ الكريم هذا؛ والآن لنقرأ معًا القصيدة:
(وراء بابٍ موصدِ)

ما بيـــن مشأمةٍ وبين توعّدِ
يطوى المصيرُ بقبضةِ المتصيّدِ

ما كانَ يؤسفُ بالندامةِ مطلقا
لو كانَ جدبُ القطْرِ قبلَ المولدِ

ها نحنُ جئنا دونَ عتقِ درايةٍ
ورجوعنا يبقى رهين توكّدِ

وتدورُ أهوالُ الخفايا حولنـــــا
فنرى بها أقدارنا بتجسّـــــــدِ

عجبٌ لأمرٍ لا يراعـــــــي حرمةً
يأتي إلينا دونَ سابقِ موعـــــدِ

وضراوةٌ فيمـــــــا نراهُ محمّلاً
لفجيعةٍ تبقى ملاذا للغـــــــدِ

حتّى إذا ما ضاقَ فينا صدرنا
رجعتْ إلينا كلُّ أصوات الصدي

كيفَ القطافُ ،الزهرُ ليس بيانعٍ ؟
فغدا سبيلُ الحزِّ حلَّ تعمّـــدِ

كلُّ الخيوطِ تشابكتْ مع بعضها
فيما الحلولُ تعثّرتْ عن مقصدِ

فقرينةُ الإقناعِ غيـــــرُ سديدةٍ
في جذبها يحذو الدليلُ كمُقعدِ

حبلـــى بماضينا قوافلُ سيرنا
فقــدَ اللّجام بها زمامَ المقودِ

قـــــد نالنا ما نالنا من خدعةٍ
فيهـــــا يضيعُ ثراؤنا بالمكمدِ

وبوادرُ التبجيلِ غير متاحةٍ
وإذا العقول وراء بابٍ موصــدِ

ولزامُ منّا أن نكونَ بصحوةٍ
ومن الظنونِ هناكَ بالمتوسّدِ

قُلبتْ موازين المواقفِ فجأةً
الفجرُ أنحى للرؤى بالمبعدِ

وترى الأماني أذ تلاشى سعيها
كفراشةٍ أعيتْ بنارِ الموقدِ

بين الرؤى نبقى محلَّ حماقةٍ
ومتاهةٍ أعمتْ عيونَ المرشدِ

فيما أمنّا أن نكونَ بحلّةٍ
ونعيشُ أجواءَ البساطةِ بالهدي

فبأي وجهٍ نستظلّ بقاءنا ؟
والفيءُ عدّى لم يعدْ بالمشهدِ

فينا المكوثُ وأن يطولَ مقامهُ
لاشيء يعطي غيرَ جسِّ تمرّدِ

ولقد أذنّا للخلاص رويّةً
يحذو الزمانُ بنا محلّ تبدّدِ

وجدَ الرحيلُ مسوّغاً هل يا ترى ؟
أم نحنُ نمشي دون أيّ تردّدِ

فكأنَّ أوراقَ الخريف ملمّةٌ
دون الخلاص ،الكلُّ غير مخلّدِ



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح الصورة الجمالية لدى الشاعرة منى سبع
- تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني
- الأسطورة ولعبة الأضداد في (العابد في مرويته الأخيرة)
- السلاسة والانسيابية في نصوص راوية الشاعر
- فلسفة المشاغبة عند القاص كاظم حسوني
- سردية عادل المعموري التي أنصفت المرأة
- القاص كامل الدلفي في (ذاكرة الطباشير)
- النسق السّردي في (أبواق صاخبة) للقاص حسين الرفاعي
- الرمزية والبناء القصصي عند الكاتبة فوز حمزة
- في قصته (دعابل) رياض داخل يهتك أسرار الطفولة
- الرمزية في (تداعيات) الشاعر واثق الجلبي
- تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي
- الرمزية الباذخة في نص (وحدهم يعبرون الجسر) للشاعر التونسي ال ...
- تجلي المعاني السامية في نصوص الأديب صابر المعارج
- التمنيّ (في مدينة السلام) نص باسمة العوام
- مصاحبة الذوق بهتك الانفعال في (ذاكرة بين ضفاف دجلة) للقاص كر ...
- حول تقرير كريم جبار الناصري
- الناقد والقاص علي عبد الرضا
- المعنى والرمز في نص(يوم في العاصمة) للشاعر علاء سعود الدليمي
- قصة (آنو) للكاتب علي عبد الرضا: أصل الشرور وفساد الآلهة


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - علي الحسون هل يكتب الشعر أم ينزف جراحًا؟