الرمزية في (تداعيات) الشاعر واثق الجلبي

داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7891 - 2024 / 2 / 18 - 12:18
المحور: الادب والفن
    

تُعدَّ الرمزيّة من أهم أدوات الشاعر التي بها يُعبّر عن مكنونات دواخله، وتجليات نفسه (الكلامية والاحتجاجية: بصمت) وبنات أفكاره التي يريد البوح بها، للملأ؛ لكنَّ المخاطر والمحاذير تمنعه من ذلك، بأمر حتمي، بحيث قد تودي بحياته، واستباحة دمه، أو رميه بتهم هو في غنىً عنها. لهذا يلتجئ الشاعر أن يُعبّر عما يجول في خاطره، ويتلجلج في نفسه، من تعابير وشجون، وهموم مكبوتة، تراكمت في داخله، كما تتراكم الاتربة على لوحة جميلة، فشوهت منظرها وأخفت جمالها الأخاذ. وعلى اعتبار أن الشاعر ذا احساس مرهف، وخيال واسع، يلتجئ إلى الرمزية كحل وسطي، ولكي يتخلّص من المسائلة والاستجواب؛ إلّا أنَّ الرمزية، ومن هذا المنطلق، قد وفرت للشاعر مساحة واسعة، واعطته أفق شاسع، وحركة حرّة عميقة، ليعبّر عمّا يجول في خاطره بكامل حريته، فيفضي بمشاعره بدون تكلفة ولا حرج ولا خوفا من رقيب.
الشاعر واثق الجلبي في هذه النصوص التي عنونها بـ (تداعيات) أشتغل على الطابع الرمزي، فطفق يعبّر عمّا يريد برمزية عالية، وأفق فضفاض، ومن دون تكلفة، فراح يصول في مساحة النص بحرية كبيرة، لا خائفا ولا وجلا، وتسير معه المفردات حيث أراد، لاويا عنقها برقة ورفق، كشاعر لا تستعصي عليها معطيات القصيدة، وجُمل الصورة الرمزيّة.
لنقرأ له بعض ذلك، كقوله: (فسّروا القرآن/ ما شئتم فقولوا/ فالمعاني/ ترسمُ الله بقلبي، لتزولوا // الطريق السابع الآن تكلم/ بعد طول الصبر/ سيفٌ ما تّثلم/ طاب غمدُ الشمس/ والبدرُ غفا/ يا ربيعا/ مات من أول لحظة// ما زال حبرا في جسد/ قل هو الله أحد/ ليس يولد/ كان ربا يتجدد). وكل هذه رموز لمعان كبيرة وجميلة، وجليلة في ذاتها، ومعانيها التي نحتها الشاعر بريشة إبداعه، فهي تعابير أخرى، ما وراء المعنى، أي المعنى الحقيقي الذي يريده الشاعر، لا المعنى الظاهر كما قد يفهم البعض.
إذ لا غرو، فالشاعر واثق الجلبي، شاعر متمكن وله أدواته الشعرية الخاصة به، فضلا عن قاموسه الشعري والأدبي بسعة الاطلاع، كذلك المَلكة التي هي جزء هام من تركيبته الخيالية والذهنية، وسعة ادراكاته لما يفضي بها وهو يرسم الصور الشعرية الخلابة بلا تكلفة، وانما تنصاع معه مطواعة وبانسيابية، وهو ما لاحظناه في كثير من قصائده الأخرى.
النصوص الشاعر:
تداعيات
=====
فرصة الإنسان لحظة
كالرياحي
فانتخب مثلهُ عمرا
واسترح
*******
ليس في قلبك قلب
بل قلوبا تتحرق
هكذا عند المنايا
ربما تُدرك زورق
********
ضاع في الليل الظلام
وتخلى
وتجلى
وتحلى
واختفى البئر بيوسف
********
فسّروا القرآن
ما شئتم فقولوا
فالمعاني
ترسمُ الله بقلبي
لتزولوا
*****
السفينة والسكينة
وجه أمي
وبقاياي أبي
وأبي كلي
وإني
منه قلبي ودمي
*******
الطريق السابع الآن تكلم
بعد طول الصبر
سيفٌ ما تّثلم
طاب غمدُ الشمس
والبدرُ غفا
يا ربيعا
مات من أول لحظة
********
مات آدم
ماتت الزوجة بعده
مات شيث
مات إدريس النبي
ودمي
ما زال حبرا في جسد
قل هو الله أحد
ليس يولد
كان ربا يتجدد.

#داود_السلمان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل