أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - القاص كامل الدلفي في (ذاكرة الطباشير)














المزيد.....

القاص كامل الدلفي في (ذاكرة الطباشير)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7920 - 2024 / 3 / 18 - 18:25
المحور: الادب والفن
    


أهداني الصديق القاص كامل الدلفي مجموعته القصصية الموسومة "ذاكرة الطباشير" وهي المجموعة الثانية للقاص الدلفي، حيث كانت مجموعته الأولى تحت عنوان "طائر القصب" الصادرة عام 2015. و"ذاكرة الطباشير" هذه صادرة عن دار "المحجة البيضاء" في بيروت الطبعة الأولى لسنة 2021، وهي من القطع المتوسط عدد صفحاتها 167 صفحة، مع مدخل، ومقدمة ذكر فيها بأنّه كتب "القصة القصيرة بدافع من موقف ذهني لما وجدته من أن القصة نظام لغوي، وفكري، وثقافي متكامل تتطلب الاحاطة به أن أرتقي بممكناتي التقنية، والثقافية، والنقدية لأمهر بصمتي في عالمه، وأدرك مدى انعكاس حركة الامة الثقافية عن طريقها؛ هذه الاشارة الدقيقة هي دافعي الأول في ممارستي كتابة القصة القصيرة، والتمعن في دقائقها، والسير في دروبها الوعرة".
القاص الدلفي قسّم المجموعة إلى أربعة فصول، الأول: ألواح موجزة من عالم القصة القصيرة جدًا. والفصل الثاني: جدائل الخوص. واما الفصل الثالث فأسماه: أزهار من جمر. والفصل الرابع والأخير فكان: مقام الهذيان.
وحين تجوالي في أروقة المجموعة، تبيّن لي إنّ الطابع العام لأجواء القصص التي عالج الكاتب موضوعاتها، فكان تسوده القتامة والحزن، فضلا عن الدهشة والمفارقة، والواقعية المنتقاة من صميم الواقع الذي يعيشه المجتمع العراقي، بكل أطيافه ومشاربه، وقومياته المتعددة، فكما هو معلوم عن العراق، بأنه بلد يفوح بالتعددية، حيث يسكن فيه الآشوريين، والارمن، والصابئة، والمسيح، والأكراد، والايزيديين، وغير ذلك. فالعراق، بكل هذا الطيف، كان يعيش متحاب متسامح، جنبا الى جنب، كأنه جسد واحد.. حتى دخلت عليه الايادي اللئيمة فجزأته، وجعلته شذر مذر، بهدف تمزيق وحدته، وتفتيت شمله، وزحزحة أمنه القومي، بحسب مخططات مرسومة سلفا.
الواقع هذا المرير، الذي مرّ ويمر به البلد، عالجه وتقصى حقائقه، الكاتب الدلفي برمزية واحترافية، أظهر فيه قابلياته الابداعية، والفنية، وامكاناته الكتابية، والمعرفية، على اعتباره كاتب متميز، وذلك من خلال تصويره للأحداث، والمجريات التي جرت لهذا المجتمع القابع بطابع خاص، ربما يختلف عن بقية المجتمعات الأخرى، حيث هناك الطابع العشائري، والطابع القومي، وهناك بعض البداوة، كون الغالبية العظمى من مكوناته جاءت من الجزيرة العربية، وسكنت معظم المُدن، ومنها بغداد العاصمة.
فمن ذلك قصة قصيرة، عالج فيها كاتبنا الدلفي، واقع معاش كان فيه دور واضح للفقراء، الذين ضنكتهم الحياة المريرة، فسكوا بعض الأماكن التي يسودها البؤس، من الاحياء البسيطة. والقصة هذه تحت عنوان "سوق عريبة"، ويقع هذا السوق في مدينة الثورة – داخل، مدينة الصدر حاليا، وفيه وتعرّض السوق الى عدّة تفجيرات إرهابية، كما تعرّضت بقية المُدن العراقية، الى تفجيرات مماثلة، من قبل أعداء الحياة والانسانية، وهي فترة الاحتلال الامريكي للعراق.
والقصة مؤلمة، رغم قصرها، لكن القاص صورها لنا بلغة سليمة مكثفة، وحاول ضغطها بأشد ما يستطيع، وأنا أراها كلقطة سينمائية، صُورت بحرفية عالية.
كما أن هناك قصة أخرى ألا وهي قصة "تراتيل عبّاد الشمس" ففيها رمز للوّعة والتمرّد، وقصف الواقع بسام الأمل والحلم بالتغيير، وانبثاق فجر جديد يجلو بنوره ظلام الحيرة، واجلاء الضبابية القاتمة عن النفوس المتوثبة الحالمة، المتعطشة للحياة وهي تسمو برجاء مشرق يخرج من بين ركام واقع تعيس، الى اشراقة تغيّر كل ما هو ضبابي لتحيله الى أمل لا ينقطع، وسعادة جياشة تنعش القلب وتسرّ الفؤاد.
وثمة صورة أخرى من صور الخلاص، إلى عالم التطلع وحلم تغيير ذلك الواقع؛ وهو ما شيده الكاتب كصرح شامخ يزهو بالأمل، ويرفل بالمعجز الضارب اطنابه بالسماء للمدّ الغيبي، ذلك المدّ الذي سينتشل الغارقين في بحور اليأس، ويحلمون بالتطلع والخلاص. وهو ما فلسفه القاص الدلفي في أقصوصة "عرّاب"، وفيها رمزية عالية سبر غورها القاص، وأضاف اليها نكهة جمالية.
وفي أقصوصة "الهدوء اللذيذ" عالج القاص موضوعة انكسارات الانسان الداخلية، وطموحه بالوثوب الى اماكن شاسعة، واكثر هدوءً، والحلم بالتطلع الى شمّ نسيم الحرية العابق، بعيدا عن صخب القلق النفسي، وغربة الروح وهي داخل جسد متماسك، لكنّه يشعر بضياع مستتر. وهذا هو ديدن إنسان العصر، الذي يعيش تشعبات الحياة غير المستقرة، حيث الطرق باتت مغلقة والدروب توعد بمستقبل مجهول.
وأخيرا...المجموعة فيها أشياء كثيرة، أعرضت عنها خوف الإطالة والملل.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسق السّردي في (أبواق صاخبة) للقاص حسين الرفاعي
- الرمزية والبناء القصصي عند الكاتبة فوز حمزة
- في قصته (دعابل) رياض داخل يهتك أسرار الطفولة
- الرمزية في (تداعيات) الشاعر واثق الجلبي
- تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي
- الرمزية الباذخة في نص (وحدهم يعبرون الجسر) للشاعر التونسي ال ...
- تجلي المعاني السامية في نصوص الأديب صابر المعارج
- التمنيّ (في مدينة السلام) نص باسمة العوام
- مصاحبة الذوق بهتك الانفعال في (ذاكرة بين ضفاف دجلة) للقاص كر ...
- حول تقرير كريم جبار الناصري
- الناقد والقاص علي عبد الرضا
- المعنى والرمز في نص(يوم في العاصمة) للشاعر علاء سعود الدليمي
- قصة (آنو) للكاتب علي عبد الرضا: أصل الشرور وفساد الآلهة
- (خيانات متجدّدة) يدفع فاتورتها الشاعر خضير الزبيدي قراءة تأو ...
- (الطريق) رائعة القاص محمد جبر حسن ضنك الواقع وضبابية المصير
- الإنسان المسحوق في (يوميات قميص) للقاص كامل الدلفي
- مكلبون داود السلمان والنجاة من الحرب بأعحوبة
- (غواية حلم) للشاعر عدنان جمعة تلاقح المنعى بالوضوح
- (فحيح) رمزية القاص عبد الرزاق السويراوي - قراءة تأويلية -
- الشاعر عبد الحسين العبيدي والتلاعب بمفردات الهمس


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - القاص كامل الدلفي في (ذاكرة الطباشير)