أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني














المزيد.....

تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7940 - 2024 / 4 / 7 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


أولاً: التحليل
مشكلة نصيف الأحمر، إنّه يعيش في واقعه الاجتماعي، معيشة ضنكة، مرّة، لا تليق بمقامه على اعتباره أديب ومثقف، يُشاعر إليه بالبنان؛ لكنّ الوضع المزري العام الذي يجري في البلد، كالعراق، مختلف جدًا، ربما للظروف الخاصة التي يسري لظاها في فضاء المجتمع العراقي، ككل، هو السبب الرئيس، بحسب تفسير بعض علماء الاجتماع، ومنهم علي الوردي على وجه الخصوص، فيما أشار إليه من تحليلات، لا تخفى على المطلع الضليع.
نصيف الأحمر (سميّ بهذا الاسم، ربما تيمنا بخلف الأحمر الشاعر العربي العبثي، وربما نسبة الى الحزب الشيوعي، وهذا ما نرجحه، فالقاص جعله كرمز) بيته الأول – لا أقول الثاني – أتحاد الأدباء، فهو لا يستطيع أن يفارقه، فليس ثمّة بديل آخر، ولعلّ صاحبنا الأحمر هذا، يُعدّ نفسه أحد الصعاليك، الذين لا تأويهم سوى أرض التسكع كأم رؤوم، فهي المأوى الحقيقي لهم، كردّ فعل لرفض الحياة، كما يقولون عن أنفسهم، بنوع من التباهي.
الرجل هذا هو بطل القصة القصيرة "نصيف الأحمر" بهذا الاسم، التي كتبها القاص سعد السوداني؛ وشخص ثاني يشارك الأحمر في صراع الحياة السائرة باعوجاج في هذا الزمن التعس، أطلق عليه الكاتب أسم حسن الناصري، ويعمل هذا الرجل ضابط برتبة عسكرية، لم يذكرها القاص. نصيف الأحمر شاعر فذّ على ما يبدو، دمث الأخلاق، والظاهر أنّه مُراقب من قبل السلطة الحاكمة، إذ كلما يرى دورية البوليس يلوذ خلف بناية الاتحاد، ويتوارى عن الأنظار، خوفًا من أن يقبضوا عليه، فيكون مصيره السجن، لا محالة، ولمعزة الناصري له، كان متواطئا معه، وحريصًا عليه كُل الحرص.
ولكون المثقف دائمًا ما تجده يُعارض السلطة السياسية، التي تدير دفة الحكم، والسبب كون المثقف الحقيقي لا يخنع فيرتضي بالظلم، والتعسف والاستبداد، والحكومات التي تدير معظم البلدان لا تأتي إلّا عن طريق الثورات، فتجز الاعناق وتريق الدماء، خصوصًا في بلداننا العربية، والمعارض، ولاسيما الأديب الشجاع، يظلّ خائفا مترقبا؛ كما يفعل نصيف الأحمر.
ثانيا: تحليل منطقي أخلاقي
تتوائم أطروحة سعد السوداني في هذا النص، مع المنطق الارسطي، في تفسير لحياة هذا الرجل، الذي حاله تشبه مئات، وربما آلاف الناس، لا سيما من النخب، والموقف الأخلاقي يطلب مننا كبشر، أن نحافظ على سلامتنا، فلا نتهور فنلقي بأديينا إلى التهلكة، بمعنى أن حفظ النفس واجب أخلاقي، والتهور والاستهانة بالنفس تقليل لشأنها، وهو ما ترفضه فلسفة الأخلاق. ذلك نرى بطل القصة أتخذ هذا الموقف عن دراية.
ثالثا: الخلاصة
القصة على بساطتها، واسلوبها السّلس الخالي من الطلاسم، والتفلسف غير المُجدي، تعد قصة ذات مغزى، وفي ذات الوقت تنم عن فكرة – وإن كانت هذه الفكرة بسيطة – لكنها تنسجم مع واقع أخلاقي وإنساني، وتسير ضمن الشروط التي تخضع لها مقتضيات السير القصصي والفني.
رابعًا: نص القصة "نصيف الأحمر"
شوهد لمرات عديدة، بهندامه الرث يجلس على الرصيف المقابل لبوابة أتحاد الأدباء، لكن لم يعرفه أحد، كلما تمر سيارة دورية النجدة أو يسمع صوت صفارة سيارة الإسعاف، ينهض فوراً، يختبئ خلف السدرة أو الكشك الصغير المجاور للمشفى.
توقفت سيارة أجرة عند بوابة المشفى، ترجل منها حسن الناصري يحمل كيساً شفافاً مزدحماً بأوراق وعلب أدوية وأشعة ملونة لفقرات غير منتظمة لظهر مقوس، حانت منه التفاتة نحو شجرة السدرة، نظر إلى الرجل الجالس على الرصيف، صوت منبه الإسعاف المتجهة نحو المشفى أفزع نصيف الأحمر الذي نهض من الرصيف ليختبئ خلف الشجرة ما أثار فضول حسن الذي اتجه من فوره نحو الرجل.
اقترب منه تفحص ملامحه جيداً، صرخ بصوت مسموع :
نصيف الأحمر !! شلونك أبو فهد.
رد نصيف بصعوبة بالغة:
حديد سيدي، بخير ونعمة بفضل الثورة والقيادة.
دهش حسن من رده، تذكر أيام الزنزانة الانفرادية، حين كان نصيف في زنزانة مجاورة.
أبو فهد صديقي، الحال تغير والأمور طيبه....
قاطعه نصيف قائلاً:
طبعا ..طبعا.. البارحة نظفوا السجون من الخونة، والعفو العام بعد يومين.
تحدرت دموع حسن على وجنتيه، وفي محاولة منه لشحذ ذاكرة نصيف المعطوبة، سأله:
نصيف بعدك تكتب شعر؟
طبعا سيدي تحب اسمعك آخر قصيدة كتبتها أمس بعد منتصف الليل.
أكيد ابو فهد، أنت شاعر كبير.
ضحك نصيف من كلمة كبير، قائلاً:
لكن لا تخبرهم بما حصل أمس ليلاً، هههه، تسللت إلى بناية الأتحاد، وقرأت القصيدة هناك، هههههه.
رد حسن :
لم اكن موجود حينها، اقرأها لي أرجوك.
إذن تعال معي إلى هناك.
أسرع نصيف يحث الخطى، تبعه حسن،
انعطف يساراً إلى حيث التمثال، توقف قربه ومن خلفه حسن.
مخاطباً التمثال مشيراً إليه:
يا شهيداً خالداً رغم الطغاة
سوف القاك فقد حان الممات
عندما أكمل قراءة القصيدة، سقط مغشياً عليه.
لم يقو حسن على الوقوف، جلس إلى جوار نصيف، بكى بحرقة، اخرج من جيبه مبلغاً من المال، دسه في جيب سترة نصيف الأحمر، عاد إلى المشفى، وقد انحنى ظهره أكثر من ذي قبل.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسطورة ولعبة الأضداد في (العابد في مرويته الأخيرة)
- السلاسة والانسيابية في نصوص راوية الشاعر
- فلسفة المشاغبة عند القاص كاظم حسوني
- سردية عادل المعموري التي أنصفت المرأة
- القاص كامل الدلفي في (ذاكرة الطباشير)
- النسق السّردي في (أبواق صاخبة) للقاص حسين الرفاعي
- الرمزية والبناء القصصي عند الكاتبة فوز حمزة
- في قصته (دعابل) رياض داخل يهتك أسرار الطفولة
- الرمزية في (تداعيات) الشاعر واثق الجلبي
- تعاطي البوح في نص (ستكون معي) للشاعر حميد الساعدي
- الرمزية الباذخة في نص (وحدهم يعبرون الجسر) للشاعر التونسي ال ...
- تجلي المعاني السامية في نصوص الأديب صابر المعارج
- التمنيّ (في مدينة السلام) نص باسمة العوام
- مصاحبة الذوق بهتك الانفعال في (ذاكرة بين ضفاف دجلة) للقاص كر ...
- حول تقرير كريم جبار الناصري
- الناقد والقاص علي عبد الرضا
- المعنى والرمز في نص(يوم في العاصمة) للشاعر علاء سعود الدليمي
- قصة (آنو) للكاتب علي عبد الرضا: أصل الشرور وفساد الآلهة
- (خيانات متجدّدة) يدفع فاتورتها الشاعر خضير الزبيدي قراءة تأو ...
- (الطريق) رائعة القاص محمد جبر حسن ضنك الواقع وضبابية المصير


المزيد.....




- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني